فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: الرهن مركوب ومحلوب

باب الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ
وَقَالَ مُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ: تُرْكَبُ الضَّالَّةُ بِقَدْرِ عَلَفِهَا، وَتُحْلَبُ بِقَدْرِ عَلَفِهَا.
وَالرَّهْنُ مِثْلُهُ.

هذا ( باب) بالتنوين ( الرهن مركوب ومحلوب) أي يجوز إذا كان ظهرًا يركب أو من ذوات الدر يحلب، وهذا لفظ حديث أخرجه الحاكم وصححه على شرط الشيخين.
( وقال: منيرة) هو ابن مقسم بكسر الميم وسكون القاف مما وصله سعيد بن منصور ( عن إبراهيم) النخعي ( تركب الضالة) ما ضل من البهائم ذكر كان أو أنثى ( بقدر علفها وتحلب بقدر علفها) وفي نسخة لأبي ذر عن الكشميهني: عملها.
قال في الفتح: والأول أصوب ( والرهن) أي المرهون ( مثله) في الحكم المذكور يعني يركب ويحلب بقدر العلف وهذا وصله سعيد بن منصور أيضًا.


[ قــ :2403 ... غــ : 2511 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «الرَّهْنُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ، وَيُشْرَبُ لَبَنُ الدَّرِّ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا».
[الحديث 2511 - طرفه في: 2512] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا زكريا) بن أبي زائدة ( عن عامر) هو الشعبي ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أنه كان يقول) :
( الرهن) أي الظهر المرهون ( يركب) بضم أوله وفتح ثالثه مبنيًّا للمفعول ( بنفقته) أي يركب وينفق عليه ( ويشرب لبن الدر إذا كان مرهونًا) .
بفتح الدال المهملة وتشديد الراء.
قال الكرماني وتبعه العيني وغيره مصدر بمعنى الدارّة أي ذات الضرع، وقال الحافظ ابن حجر: هو من إضافة الشيء إلى نفسه، وتعقبه العيني بأن إضافة الشيء إلى نفسه لا تصح إلا إذا وقع في الظاهر فيؤوّل، وإذا كان المراد بالدر الدارّة فلا يكون من إضافة الشيء إلى نفسه لأن اللبن غير الدارة، واحتج به الإمام حيث قال: يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن إذا قام بمصلحته ولو لم يأذن له المالك وأجمع الجمهور على أن المرتهن لا ينتفع من الرهن بشيء.

قال ابن عبد البر: هذا الحديث عند جمهور الفقهاء يردّه أصول مجمع عليها وآثار ثابتة لا يختلف في صحتها ويدل على نسخه، حديث ابن عمر أي القاضي في أبواب المظالم لا تحلب ماشية امرئ بغير إذنه انتهى.

وقال إمامنا الشافعي: يشبه أن يكون المراد من رهن ذات در وظهر لم يمنع الراهن من درّها وظهرها فهي محلوبة ومركوبة له كما كانت قبل الرهن انتهى.

فيجوز للراهن انتفاع لا ينقص المرهون كركوب وسكنى واستخدام ولبس وإنزاء فحل لا ينقصانه وقال الحنفية ومالك وأحمد في رواية عنه: ليس للراهن ذلك لأنه ينافي حكم الرهن وهو الحبس الدائم، واحتج الطحاوي في شرح الآثار: بأن هذا الحديث مجمل لم يبين فيه من الذي يركب ويشرب اللبن فمن أين جاز لهم أن يجعلوه للراهن دون أنس يجعلوه للمرتهن إلا أن يعاونه دليل من كتاب أو سُنّة أو إجماع قال: ومع ذلك فقد روى هشيم هذا الحديث بلفظ: إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها وثمن الذي يشرب وعلى الذي يشرب نفقتها ويركب، فدلّ هذا الحديث أن المعنيّ بالركوب وشرب اللبن في الحديث الأوّل هو المرتهن لا الراهن فجعل ذلك له وجعلت النفقة عليه بدلاً مما يتعوض منه مما ذكرنا وكان هذا عندنا في الوقت الذي كان الربا مباحًا فلما حرم الربا حرمت أشكاله، وردت الأشياء المأخوذة إلى أبدالها المساوية لها وحرم بيع اللبن في الضرع فدخل في ذلك النهي عن النفقة التي يملك بها المنفق لبنًا في الضرع وتلك النفقة غير موقوف على مقدارها واللبن أيضًا كذلك فارتفع بنسخ الربا أن تجب النفقة على المرتهن بالمنافع التي تجب له عوضًا منها، وباللبن الذي يحتلبه ويشربه.
وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال والتاريخ في هذا متعذر والله أعلم.




[ قــ :404 ... غــ : 51 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الرَّهْنُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِى يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ».

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن مقاتل) أبو الحسن الكسائي المروزي نزيل بغداد ثم مكة قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: ( أخبرنا زكريا) بن أبي زائدة ( عن الشعبي) بفتح الشين المعجمة وسكون العين المهملة وكسر الموحدة عامر ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال: رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( الرهن) ولأبوي الوقت وذر قال: رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الظهر ( يركب بنفقته إذا كان مرهونًا ولبن الدر) أي ذات الضرع ( يشرب بنفقته إذا كان مرهونًا) أي يركبه الراهن ويشرب اللبن لأن له رقبتها أو المراد المرتهن وهذا الأخير قول أحمد كما مرّ في السابق، واحتج له في المغني بأن نفقة الحيوان واجبة وللمرتهن فيه حق وقد أمكنه استيفاء حقه من نماء الرهن والنيابة عن المالك فيما وجب عليه واستيفاء ذلك من منافعه فجاز ذلك كما يجوز للمرأة أخذ مؤونتها من مال زوجها عند امتناعه بغير إذنه ( وعلى الذي يركب) الظهر ( ويشرب) لبن الدارّة ( النفقة) عليها وكذا مؤونة المرهون غيرهما التي يبقى بها كنفقة العبد ويبقى الأشجار والكروم وتجفيف الثمار وأجرة الإصطبل والبيت الذي يحفظ فيه

المتاع المرهون إذا لم يتبرع بذلك المرتهن، وحكى الإمام المتولي وجهين في أن هذه المؤن هل يجبر عليها الراهن حتى يقوم بها من خالص ماله وجهان أصحهما الإجبار حفظًا للوثيقة، وأما المؤن التي تتعلق بالمداواة كالفصد والحجامة والمعالجة بالأدوية والمراهم فلا تجب عليه.