فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب في العتق وفضله

باب في العتقِ وفضلهِ
وَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِى يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} [البلد: 13 - 15] .

( بسم الله الرحمن الرحيم) .

( باب في العتق وفضله) ولأبي ذر: ما جاء في العتق بسم الله الرحمن الرحيم، وله عن المستملي كتاب العتق بسم الله الرحمن الرحيم ولم يقل باب، وللنسفي كتاب في العتق باب ما جاء في العتق وفضله والعتق بمعنى الإعتاق وهو إزالة الرقّ عن الآدمي، ( وقوله تعالى) بالرفع في اليونينية على الاستئناف وبالجر عطفًا على المجرور السابق ( {فك رقبة) برفع الكاف وخفض رقبة ( {أو إطعام}) بوزن إكرام وهذه قراءة نافع وابن عامر وعاصم وحمزة على جعل فك خبر مبتدأ مضافًا إلى رقبة وإطعام مصدرًا ولأبي ذر {فك رقبة} فعلاً ماضيًا ورقبة مفعوله أو أطعم فعلاً ماضيًا، والمراد بفك الرقبة تخليصها من الرق من باب تسمية الشيء باسم بعضه وإنما خصّت بالذكر إشارة إلى أن حكم السيد عليه كالغل في رقبته فإذا عتق فك من عنقه ( {في يوم) المراد مطلق الزمان ليلاً كان أو نهارًا ( {ذي مسغبة}) مجاعة ( {يتيمًا}) نصب بأطعم أو بالمصدر لأنه يعمل عمل فعله ( {ذا مقربة}) [البلد: 13] صفة ليتيمًا أي قرابة.


[ قــ :2408 ... غــ : 2517 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِى وَاقِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِى سَعِيدٌ ابْنُ مَرْجَانَةَ صَاحِبُ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ: لِى أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ.
قَالَ: سَعِيدٌ ابْنُ مَرْجَانَةَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَى عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ، فَعَمَدَ عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ - رضى الله عنهما - إِلَى عَبْدٍ لَهُ

قَدْ أَعْطَاهُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَشَرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ - أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ - فَأَعْتَقَهُ".
[الحديث 2517 - طرفه في: 6715] .

وبه قال: ( حدّثنا أحمد بن يونس) هو أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي اليربوعي قال: ( حدّثنا عاصم بن محمد) أي ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العمري المدني -رضي الله عنهم- ( قال: حدثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( واقد بن محمد) بالقاف ابن زيد أخو عاصم الراوي عنه ( قال: حدّثني) بالإفراد ( سعيد ابن مرجانة) بفتح الميم وسكون الراء بعدها جيم وهو سعيد بن عبد الله ومرجانة أمه وليس له في البخاري سوى هذا الحديث ( صاحب علي بن حسين) ولأبي ذر: صاحب علي بن الحسين بالتعريف عليهما السلام هو زين العابدين بن حسين بن علي بن أبي طالب ( قال: قال لي أبو هريرة -رضي الله عنه-، قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( أيما رجل) بالجر في اليونينية وغيرها وقال الكرماني وبالرفع على البدلية وكلمة أي للشرط دخلت عليها ما، وللإسماعيلي من طريق عاصم بن علي عن عاصم بن محمد كمسلم والنسائي من طريق إسماعيل بن أبي حكيم عن سعيد بن مرجانة: أيما مسلم ( أعتق امرأً مسلمًا استنقذ الله) أي خلص الله ( بكل عضو منه عضوًا منه من النار) زاد في كفّارات الإيمان: حتى فرجه بفرجه وخصّ الفرج بالذكر لأنه محل أكبر الكبائر بعد الشرك، قال الخطابي: ويستحب عند بعض العلماء أن لا يكون العبد المعتق ناقص العضو بالعور أو الشلل ونحوهما، بل يكون سليمًا ليكون معتقه قد نال الموعود في عتق أعضائه كلها من النار بإعتاقه إياه من الرقّ في الدنيا قال: وربما كان نقصان الأعضاء زيادة في الثمن كالخصي إذا صلح لما لا يصلح له غيره من حفظ الحريم وغيره انتهى ففيه إشارة إلى أنه يغتفر النقص المجبور بالمنفعة ولا شك أن في عتق الخصي فضيلة لكن الكامل أولى.

( قال سعيد بن مرجانة) بالسند السابق: ( فانطلقت إلى) ولأبي ذر: به أي بالحديث إلى ( علي بن حسين) ولأبي ذر ابن الحسين ولمسلم فانطلقت حتى سمعت الحديث من أبي هريرة فذكرته لعلي زاد أحمد وأبو عوانة من طريق إسماعيل بن أبي حكيم عن سعيد بن مرجانة فقال علي بن الحسين أنت سمعت هذا من أبي هريرة فقال: نعم ( فعمد) بفتح الميم أي قصد ( علي بن حسين -رضي الله عنهما-) ولأبي ذر ابن الحسين ( إلى عبد له) اسمه مطرف كما عند أحمد وأبي عوانة وأبي نعيم في مستخرجيهما على مسلم ( قد أعطاه به) أي في مقابلة العبد ( عبد الله بن جعفر) أي ابن أبي طالب وهو ابن عمّ والد علي بن الحسين ( عشرة ألاف درهم أو ألف دينار فأعتقه) وفي رواية إسماعيل عند مسلم فقال: اذهب فأنت حرّ لوجه الله تعالى، والشك من الراوي وفيه إشارة إلى أن الدينار إذ ذاك بعشر دراهم.

وأخرجه المؤلّف أيضًا في كفارات الإيمان ومسلم في العتق وكذا النسائي والترمذي.