فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الغسل بالصاع ونحوه

باب الْغُسْلِ بِالصَّاعِ وَنَحْوِهِ
( باب الغسل بالصاع) أي بالماء الذي هو قدر ملء الصاع ( ونحوه) من الأواني التي تسع ما يسع الصاع وهو خمسة أرطال وثلث على مذهب الحجازيين احتجاجًا بحديث الفرق، فإن تفسيره ثلاثة آصع، والمراد بالرطل البغدادي وهو ما رجحه النووي مائة وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم، وأنا احتجاج العراقيين لأن الصاع ثمانية أرطال بحديث مجاهد، دخلنا على عائشة فأتي بعس أي قدح عظيم فقالت عائشة: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يغتسل بمثله، قال مجاهد: فحزرته ثمانية أرطال إلى تسعة إلى عشرة فلا يقابل بما اشتهر بالمدينة، وتداولوه في معايشهم وتوارثوا ذلك خلفًا عن سلف كما أخرجه مالك لأبي يوسف حين قدم المدينة.
وقال له: هذا صاع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فوجده أبو يوسف خمسة أرطال وثلثًا، فرجع إلى قول مالك.
فلا يترك نقل هؤلاء الدين لا يجوز تواطؤهم على الكذب إلى خبر واحد يحتمل التأويل لأنه حزر والحزر لا يؤمن فيه الغلط.


[ قــ :247 ... غــ : 251 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ دَخَلْتُ أَنَا وَأَخُو عَائِشَةَ عَلَى عَائِشَةَ فَسَأَلَهَا أَخُوهَا عَنْ غُسْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَعَتْ بِإِنَاءٍ نَحْوًا مِنْ صَاعٍ فَاغْتَسَلَتْ وَأَفَاضَتْ عَلَى رَأْسِهَا، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا حِجَابٌ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَبَهْزٌ وَالْجُدِّيُّ عَنْ شُعْبَةَ: قَدْرِ صَاعٍ.

وبه قال: ( حدّثنا) بالجمع ولأبوي ذر والوقت حدّثني ( عبد الله بن محمد) الجعفي المسندي بضم الميم ( قال: حدّثني) بالإفراد، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر حدّثنا: ( عبد الصمد) بن عبد الوارث التنوري ( قال: حدّثني) بالإفراد ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر حدّثنا ( شعبة) بن الحجاج ( قال: حدّثني) بالإفراد ( أبو بكر بن حفص) أي ابن عمر بن سعد بن أبي وقاص ( قال: سمعت أبا سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف حال كونه ( يقول دخلت أنا وأخو عائشة) رضي الله عنها من الرضاعة كما صرح به مسلم في صحيحه وهو عبد الله بن يزيد البصري كما عند مسلم في الجنائز في حديث غير هذا، واختاره النووي وغيره أو هو كثير بن عبيد الله الكوفي رضيعها أيضًا كما في الأدب المفرد للمؤلف وسنن أبي داود، وليس عبد الرحمن بن

أبي بكر ولا الطفيل بن عبد الله أخاها، لأمها، وعطف على الضمير المرفوع المتصل بضمير منفصل وهو أنا لأنه لا يحسن العطف على المرفوع المتصل بارزًا كان أو مستترًا إلا بعد توكيده بمنفصل ( على عائشة) رضي الله عنها ( فسألها أخوها) المذكور ( عن) كيفية ( غسل النبي) بفتح الغين كما في الفرع، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فدعت بإناء نحو) بالجرّ منوّنًا صفة لإناء، ولكريمة نحوًا بالنصب نعت للمجرور باعتبار المحل أو بإضمار أعني ( من صاع فاغتسلت وأفاضت على رأسها وبيننا وبينها حجاب) يستر أسافل بدنها مما لا يحل للمحرم بفتح الميم الأولى النظر إليه لا أعاليه الجائز له النظر إليها ليريا عملها في رأسها وأعالي بدنها، وإلاّ لم يكن لاغتسالها بحضرة أخيها وابن أُختها أم كلثوم من الرضاعة معنى، وفي فعلها ذلك دلالة على استحباب التعليم بالفعل لأنه أوقع في النفس من القول وأدل عليه.
وهذا الحديث سباعي الإسناد وفيه التحديث والسماع والسؤال.


( قال أبو عبد الله) المؤلف ( قال) ولابن عساكر والأصيلي، وقال ( يزيد بن هارون) بإسقاط قال أبو عبد الله وزيادة واو العطف في تاليه وطريقه مروية في مستخرجي أبي نعيم وأبي عوانة ( وبهز) بفتح الموحدة وسكون الهاء آخره زاي ابن أسد الإمام الحجة البصري، المتوفى بمرو في بضع وتسعين ومائة وطريقه مروية عند الإسماعيلي، ( والجُدِّي) بضم الجيم وتشديد الدال المكسورة نسبة لجدة ساحل البحر من جهة مكة المشرفة واسمه عبد الملك بن إبراهيم نزيل البصرة، المتوفى سنة خمس ومائتين الثلاثة رووه ( عن شعبة) بن الحجاج المذكور ( قدر صاع) بدل قوه نحوًا ممن صاع، وقدر بالنصب كما في اليونينية وبالجرّ على الحكاية.




[ قــ :48 ... غــ : 5 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ وَأَبُوهُ، وَعِنْدَهُ قَوْمٌ فَسَأَلُوهُ عَنِ الْغُسْلِ، فَقَالَ: يَكْفِيكَ صَاعٌ.
فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يَكْفِينِي.
فَقَالَ جَابِرٌ كَانَ يَكْفِي مَنْ هُوَ أَوْفَى مِنْكَ شَعَرًا وَخَيْرٌ مِنْكَ.
ثُمَّ أَمَّنَا فِي ثَوْبٍ.
[الحديث 5 - طرفاه في: 55، 56] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد قال: حدّثنا يحيى بن آدم) الكوفي، المتوفى سنة ثلاث ومائتين ( قال: حدّثنا) ولابن عساكر أخبرنا ( زهير) بضم الزاي ابن معاوية الكوفي ثم الجزري ( عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي بفتح السين الكوفي ( قال: حدّثنا أبو جعفر) الباقر محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ( أنه كان عند جابر بن عبد الله هو وأبوه) عليّ بن الحسين ( وعنده) أي عند جابر ( قوم فسألوه عن الغسل) السائل هو أبو جعفر كما في مسند إسحاق بن راهويه ( فقال) جابر ( يكفيك صاع: فقال رجل) هو الحسن بن محمد ابن الحنفية خولة بنت جعفر، المتوفى سنة مائة ونحوها ( ما يكفيني، فقال جابر: كان يكفي من هو أوفى) أي أكثر ( منك شعرًا وخير منك) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وخير بالرفع عطفًا على أوفى المخبر به عن هو، وللأصيلي وخيرًا بالنصب

عطفًا على الموصول المصوب بيكفي ( ثم أمّنا) جابر رضي الله عنه ( في ثوب) واحد ليس عليه غيره.

واستنبط من هذا الحديث كراهية الإسراف في استعمال الماء وأكثر رواته كوفيون وفيه التحديث والعنعنة والسؤال والجواب وأخرجه النسائي.




[ قــ :49 ... غــ : 53 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَيْمُونَةَ كَانَا يَغْتَسِلاَنِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ أَخِيرًا: "عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ" وَالصَّحِيحُ مَا رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ.

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين ( قال: حدّثنا ابن عيينة) سفيان ( عن عمرو) بفتح العين أي ابن دينار ( عن جابر بن زيد) أبي الشعثاء الأزدي البصري، المتوفى سنة ثلاث ومائة ( عن ابن عباس) رضي الله عنهما ( أن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- و) أم المؤمنين ( ميمونة كانا يغتسلان من) ولأبي الوقت في ( إناء واحد) من الجنابة.

فإن قلت: ما وجه تعلق هذا الحديث بهذا الباب: أجيب بأن المراد بالإناء الفرق المذكور أو لكونه كان معهودًا عندهم أنه الذي يسع الصاع أو أكثر فلم يحتج إلى التعريف، أو أن في الحديث اختصارًا، وكان في تمامه ما يدل عليه كما في حديث عائشة ولا يخفى ما في الثلاثة من التعسف.

ورواته الخمسة ما بين كوفي وبصري ومكي وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه مسلم والترمذي وابن ماجة.

( قال أبو عبد الله) أي البخاري ( كان ابن عيينة) سفيان ( يقول أخيرًا) من عمره ( عن ابن عباس عن ميمونة) رضي الله عنهم، فجعل الحديث من مسندها ورجحه الإسماعيلي بكون ابن عباس لا يطلع على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حالة اغتساله معها، وهو يدل على أن ابن عباس أخذه عنها، ( والصحيح) من الروايتين ( ما رواه أبو نعيم) الفضل بن دكين أنه من مسند ابن عباس لا من مسندها وهو الذي صححه الدارقطني.