فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من أفاض على رأسه ثلاثا

باب مَنْ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثًا
( باب من أفاض) الماء في الغسل ( على رأسه ثلاثًا) .


[ قــ :250 ... غــ : 254 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَمَّا أَنَا فَأُفِيضُ عَلَى رَأْسِي ثَلاَثًا» وَأَشَارَ بِيَدَيْهِ كِلْتَيْهِمَا.


وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين ( قال: حدّثنا زهير) أي ابن معاوية الجعفي ( عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي بفتح السين ( قال: حدّثني) بالإفراد ( سليمان بن صرد) بضم الصاد وفتح الراء آخره دال مهملات من أفاضل الصحابة نزيل الكوفة، المتوفى سنة خمس وستين ( قال: حدّثني) بالإفراد ( جبير بن مطعم) بضم الجيم وكسر العين القرشي، المتوفى بالمدينة سنة أربع وخمسين له في البخاري تسعة أحاديث ( قال) :
( قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أما أنا) بفتح الهمزة وتشديد الميم ( فأفيض) بضم الهمزة ( على رأسي ثلاثًا) أي ثلاث أكف وعند أحمد فآخذ ملء كفي فأصب على رأسي، ( وأشار) عليه الصلاة والسلام ( بيديه) الاثنتين ( كلتيهما) وللكشميهني كلاهما بالألف بالنظر إلى اللفظ دون المعنى وفي بعض الروايات فيما حكاه ابن التين كلتاهما وهما على لغة لزوم الألف عند إضافتها للضمير كما في الظاهر كما قال:
إنّ أباها وأبا أباها ... قد بلغا في المجد غايتاها
وقسيم أما محذوف يدل عليه السياق، ففي مسلم من طريق أبي الأحوص عن أبي إسحاق أن
الصحابة تماروا في صفة الغسل عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال عليه الصلاة والسلام: أما أنا فأفيض أي وأما غيري فلا يفيض أو فلا أعلم حاله قال الحافظ ابن حجر كالكرماني، وتعقبه العيني بأنه لا يحتاج إلى تقدير شيء من حيث روي من طريق لأجل حديث آخر في بابه من طريق آخر، وبأن أما هنا حرف شرط وتفصيل وتوكيد، وإذا كانت للتوكيد فلا تحتاج إلى التقسيم ولا أن يقال إنه محذوف اهـ.

وفي الحديث أن الإفاضة ثلاثًا باليدين على الرأس وألحق به أصحابنا سائر الجسد قياسًا على الرأس وعلى أعضاء الوضوء وهو أولى بالتثلث من الوضوء، فإن الوضوء مبني على التخفيف مع تكراره.
ورواته الخمسة ما بين كوفي ومدني وفيه التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة، وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.




[ قــ :51 ... غــ : 55 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مِخْوَلِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُفْرِغُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثًا.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد وللأصيلي حدّثنا ( محمد بن بشار) بفتح الموحدة وتشديد الشين المعجمة الملقب ببندار وليس هو يسارًا بمثناة تحتية ومهملة مخففة وليس في الصحيحين محمد بن بشار وغيره ( قال: حدّثنا غندر) محمد بن جعفر ( قال: حدّثنا شعبة) ابن الحجاج ( عن مخول بن راشد) بكسر الميم وسكون المعجمة، ولابن عساكر مخوّل بضم الميم وتشديد الواو المفتوحة، وكذا ضبطه الحاكم كما عزاه في هامش فرع اليونينية لعياض النهدي بالنون الكوفي، ( عن محمد بن علي) أبي جعفر الباقر ( عن جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنه أنه ( قال) :

( كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يفرغ) بضم الياء آخره غين معجمة من الإفراغ ( على رأسه ثلاثًا) أي ثلاث غرفات وللإسماعيلي أظنه من غسل الجنابة.

ورواة هذا الحديث الستة ما بين بصري وكوفي ومدني، وفيه التحديث بصيغة الإفراد والجمع والعنعنة وليس لمخول في البخاري غير هذا الحديث، وأخرجه النسائي في الطهارة أيضًا.




[ قــ :5 ... غــ : 56 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَامٍ قال: حدثني أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ: قَالَ لِي جَابِرٌ: أَتَانِي ابْنُ عَمِّكَ -يُعَرِّضُ بِالْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ- قَالَ: كَيْفَ الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ؟ فَقُلْتُ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْخُذُ ثَلاَثَةَ أَكُفٍّ وَيُفِيضُهَا عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ.
فَقَالَ لِي الْحَسَنُ: إِنِّي رَجُلٌ كَثِيرُ الشَّعَرِ، فَقُلْتُ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْثَرَ مِنْكَ شَعَرًا.


وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين ( قال: حدّثنا معمر بن يحيى) بفتح الميمين وسكون العين في أكثر الروايات، وجزم به المزي وللقابسي معمر بضم الميم الأولى وتشديد الثانية على وزن محمد، وجزم به الحاكم، وجوّز الغساني الوجهين ( ابن سام) بالمهملة وتخفيف الميم ( قال: حدّثني) بالإفراد وللأصيلي حدّثنا ( أبو جعفر) محمد بن علي الباقر ( قال: قال لي جابر) الصحابي زاد الأصيلي ابن عبد الله ( أتاني ابن عمك) أي ابن عم أبيك ففيه تجوّز لأنه ابن أخي والده علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب حال كونه أي جابر ( يعرض بالحسن بن محمد ابن الحنفية) زوج علي تزوجها بعد فاطمة الزهراء فولدت له محمدًا هذا فاشتهر بها والتعريض غير التصريح، وفي الاصطلاح هو كناية سيقت لموصوف غير مذكور، وفي الكشاف أن تذكر شيئًا تدل به على شيء لم تذكره، وسقطت الموحدة من قوله بالحسن لابن عساكر ( قال) أي الحسن: ( كيف الغسل من الجنابة) فيه إشعار بأن سؤاله كان في غيبة أبي جعفر فهو غير سؤال أبي جعفر السابق.
قال جابر: ( فقلت) له:
( كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يأخذ ثلاثة أكف) كذا في رواية كريمة بالتاء ولغيرها ثلاث أكف جمع كف يذكر ويؤنث فيجوز دخول التاء وتركه، والمواد به يأخذ كل مرة كفين لأن الكف اسم جنس فيجوز حمله على الاثنين، ويدل له رواية إسحاق السابقة وأشار بيديه فيحمل اللاحق على السابق ( ويفيضها) بالواو أي ثلاثة الأكف، وللكشميهني والأصيلي فيفيضها ( على رأسه) وسقط لأبي ذر على رأسه، وفي قوله كان الدالة على الاستمرار ملازمته عليه الصلاة والسلام على ثلاثة أكف في غسل الرأس، وأنه يجزئ وإن كان كثير الشعر ( ثم يفيض) الماء بعد رأسه ( على سائر جسده) فمفعوله محذوف ولا يعود إلى ما سبق في المعطوف عليه وهو ثلاثة أكف، ويكون قرينته العطف لأن الثلاثة لا تكفي الجسد غالبًا قال جابر ( فقال لي الحسن) بن محمد ابن الحنفية: ( إني رجل كثير الشعر) أي لا يكفيني الثلاث.

قال جابر: ( فقلت كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أكثر منك شعرًا) وقد كفاه ذلك.
فالزيادة على ما كفاه عليه الصلاة والسلام تنطع، وقد يكون مثاره الوسواس من الشيطان فلا يلتفت إليه.


فإن قلت: السؤال هنا وقع عن الكيفية لقوله كيف الغسل كما هو في الحديث السابق؟ أجاب في الفتح: بأنه عن الكمية كما أشعر به قوله في الجواب يكفيك صاع، وتعقبه العيني بأن لفظة كيف في السؤال السابق مطوية اختصارًا لأن السؤال في الموضعين عن حالة الغسل وصفته، والجواب في الموضعين بالكمية لأن هناك قال يكفيك صاع، وهنا قال ثلاثة أكف وكل منهما كم.

ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين بصري وكوفي ومدني وفيه التحديث بالجمع والإفراد والقول.