فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قبول هدية الصيد

باب قَبُولِ هَدِيَّةِ الصَّيْدِ.

وَقَبِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَبِي قَتَادَةَ عَضُدَ الصَّيْدِ
( باب) جواز ( قبول هدية) صائد ( الصيد وقبل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أبي قتادة عضد الصيد) سبق موصولاً قبل الباب السابق.


[ قــ :2460 ... غــ : 2572 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغَبُوا، فَأَدْرَكْتُهَا فَأَخَذْتُهَا، فَأَتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ فَذَبَحَهَا وَبَعَثَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِوَرِكِهَا -أَوْ فَخِذَيْهَا قَالَ: فَخِذَيْهَا لاَ شَكَّ فِيهِ- فَقَبِلَهُ.
قُلْتُ: وَأَكَلَ مِنْهُ؟ قَالَ وَأَكَلَ مِنْهُ.
ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: قَبِلَهُ".
[الحديث 2572 - طرفاه في: 5489، 5535] .

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الازدي الواشحي بالمعجمة ثم المهملة البصري قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن هشام بن زيد بن أنس بن مالك) الأنصاري ( عن أنس -رضي الله عنه-) أنه ( قال أنفجنا) بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الفاء وسكون الجيم أي أثرنا ونفرنا ( أرنبًا) من موضعه ( بمرّ الظهران) بفتح الميم وتشديد الراء والظاء المعجمة وهو على مثال تثنية ظهر من العلم المضاف.
والمضاف إليه فالإعراب للأوّل وهو مرّ والثاني مجرورًا أبدًا بالإضافة موضع طريق من مكة، والأرنب واحد الأرانب اسم جنس يطلق على الذكر والأُنثى ( فسعى القوم) نحوه ليصطادوه ( فلغبوا) بفتح الغين المعجمة، ولأبي ذر: فلغبوا بكسرها والأوّل أفصح، بل أنكر بعضهم الكسر وللكشميهني: فتعبوا وهو معنى لغبوا أي أعيوا.
قال أنس: ( فأدركتها) أي الأرنب ( فأخذتها فأتيت بها أبا طلحة) زوج أم أنس واسمها أم سليم ( فذبحها وبعث بها) وفي رواية أبي داود أنه بعث بها مع أنس ( إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وسقط لأبي ذر لفظ بها ( بوركها) بفتح الواو وكسر الراء ويجوز كسر الواو

وسكون الراء ما فوق الفخذ مع الإفراد فيهما ( أو فخذيها) بكسر الخاء وفتح الذال المعجمتين مثنى والشك من الراوي ( قال) شعبة: ( فخذيها لا شك فيه) قال ابن بطال: وقول شعبة فخذيها لا شك فيه دليل على أنه شك في الفخذين أولاً ثم استيقن ( فقبله) بفتح القاف وكسر الموحدة أي قبل المبعوث إليه ( قلت: وأكل منه) عليه الصلاة والسلام؟ ( قال: وأكل منه ثم قال بعد) أي بعد القول بالأكل ( قبله) فشك في الأكل واستيقن القبول فجزم به آخرًا.

وهذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم في الذبائح، وأبو داود في الأطعمة، والترمذي والنسائي وابن ماجه في الصيد.


باب قَبُولِ الْهَدِيَّةِ
( باب قبول الهدية) كذا ثبت في رواية أبي ذر وسقط لغيره قال: في الفتح وهو الصواب.


[ قــ :461 ... غــ : 573 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ -رضي الله عنهم-: "أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِمَارًا وَحْشِيًّا -وَهْوَ بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ- فَرَدَّ عَلَيْهِ.
فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ: أَمَا إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلاَّ أَنَّا حُرُمٌ".

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أُويس: ( قال: حدّثني) بالإفراد ( مالك) هو ابن أنس الإمام ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن عبيد الله) بضم العين ( ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس عن الصعب) بالصاد والعين الساكنة المهملتين ( ابن جثامة) بفتح الجيم وتشديد المثلثة ( -رضي الله عنهم- أنه) أي الصعب ( أهدى لرسول الله حمارًا وحشيًّا وهو بالأبواء) بفتح الهمزة وسكون الموحدة والمد اسم قرية من الفرع من أعمال المدينة بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً ( أو بودّان) بفتح الواو وتشديد الدال المهملة آخره نون موضع أقرب إلى الجحفة من الأبواء والشك من الراوي ( فردّ عليه) بحذف الضمير المفعول ( فلما رأى) عليه الصلاة والسلام ( ما في وجهه) أي وجه الصعب من الكراهة لردّه هديته عليه ( قال) عليه الصلاة والسلام تطييبًا لقلبه:
( أما) بفتح الهمزة وتخفيف الميم ( إنّا لم نردّه) بتشديد الدال على الإدغام وضمها وفتحها والوجهان في الفرع وأصله هنا والصواب الأول كآخر المضاعف من كل مضاعف مجزوم اتصل به ضمير المذكر مراعاة للواو التي توجبها ضمة الهاء بعدها ولم يحفظ سيبويه في نحوه إلا ذلك وصرّح ابن الحاجب وغيره أنه مذهب البصريين، وللكشميهني وحده: لم نردّده بفك الإدغام فالدال الأولى مضمومة والثانية مجزومة ( عليك) وللحموي والمستملي إليك بالهمزة بدل العين لعلة من العلل ( إلا أنا حُرُم) أي محرمون، وإنما ردّه عليه لأنه ظن أنه صيد له.


ومباحث هذا الحديث سبقت في الحج، ومراد المؤلّف منه هنا قوله لم نرده عليك إلا أنا حُرُم لأن مفهومه أنه لو لم يكن محرمًا لقبله.