فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إذا وهب هبة فقبضها الآخر ولم يقل قبلت

باب إِذَا وَهَبَ هِبَةً فَقَبَضَهَا الآخَرُ وَلَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ
هذا ( باب) بالتنوين ( إذا وهب) رجل ( هبة فقبضها الآخر) الموهوب له ( ولم يقل قبلت) جازت، واشترط الشافعية الإيجاب والقبول فيها كسائر التمليكات بخلاف صحة الإبراء والعتق والطلاق بلا قبول لأنها إسقاط، ويستثنى من اعتبار ذلك الهبة الضمنية كان قال لغيره: أعتق عبدك عني ففعل فإنه يدخل في ملكه هبة ويعتق عنه ولا يشترط القبول ولا يشترط الإيجاب والقبول في

الهدية والصدقة ولو في غير المطعوم، بل يكفي البعث من المملك والقبض من التملك كما جرى عليه الناس في الإعصار، ولهذا كانوا يبعثونهما على أيدي الصبيان الذين لا تصح عقولهم.

فإن قيل: كان هذا إباحة لا هدية أجيب: بأنه لو كان إباحة ما تصرفوا فيه تصرف الملاك ومعلوم أنه ليس كذلك.


[ قــ :2487 ... غــ : 2600 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: هَلَكْتُ، فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ بِأَهْلِي فِي رَمَضَانَ.
قَالَ: أتَجِدُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لاَ.
قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لاَ.
قَالَ: فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لاَ.
قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِعَرَقٍ -وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ- فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: اذْهَبْ بِهَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ.
قَالَ: عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا.
ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ".

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن محبوب) أبو عبد الله البصري البناني قال: ( حدّثنا عبد الواحد) بن زياد قال: ( حدّثنا معمر) هو ابن راشد ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن حميد بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: جاء رجل) سلمة بن صخر أو سلمان بن صخر أو أعرابي ( إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: هلكت) فعلت ما هو سبب لهلاكي ( فقال) عليه الصلاة والسلام:
( وما ذاك) ولأحمد: وما الذي أهلكك؟ ( قال: وقعت بأهلي) أي وطئت امرأتي ( في رمضان) نهارًا ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( تجد) ولأبي ذر: أتجد ( رقبة) المراد الوجود الشرعي ليدخل فيه القدرة بالشراء ونحوه ويخرج عنه مالك الرقبة المحتاج إليها بطريق شرعي ( قال) الرجل: ( لا) أجد رقبة ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( فهل تستطبع أن تصوم شهرين متتابعين) ؟ ( قال) الرجل: ( لا) أستطيع ذلك ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( فتستطيع أن تطعم ستين مسكينًا) ( قال) الرجل ( لا) أستطيع ( قال: فجاء رجل من الأنصار) قال في مقدمة فتح الباري: لم يسمِّ وإن صحّ أن المحترق سلمة بن صخر فالرجل هو فروة بن عمرو البياضي ( بعرق) بفتح العين والراء المهملتين قال أبو هريرة أو الزهري أو غيره ( والعرق المكتل) بكسر الميم وسكون الكاف وفتح المثناة الفوقية وهو الزنبيل ( فيه تمر) زاد ابن أبي حفصة عند أحمد فيه خمسة عشر صاعًا.
وعند ابن خزيمة من حديث عائشة فأتى بعرق فيه عشرون صاعًا.
وعند مسدد من مرسل عطاء فأمر له ببعضه وهو يجمع بين الروايات فمن قال: عشرون أراد أصل ما كان فيه ومن قال: خمسة عشر أراد قدر ما تقع به الكفارة ( قال) عليه الصلاة والسلام ( اذهب بهذا) العرق ( فتصدق به) بالجزم على الأمر ( فقال) الرجل أتصدق به ( على) ناس
( أحوج منّا يا رسول الله و) الله ( الذي بعثك بالحق ما بين لابتيها) بغير همزة أي حرّتي المدينة المكتنفتين بها ( أهل بيت أحوج منّا.
قال)
عليه الصلاة والسلام، ولأبوي ذر والوقت: ثم قال: ( اذهب فأطعمه أهلك) من تلزمك نفقته أو زوجتك وكان من مال الصدقة والكفارة باقية في ذمته كما سبق تقريره في الصيام قال في الفتح: والغرض منه هنا أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعطى الرجل التمر فقبضه ولم يقل قبلت ثم قال: اذهب فأطعمه أهلك ولمن اشترط القبول أن يجيب عن هذا بأنها واقعة عين فلا حجة فيها ولم يصرّح فيها بذكر القبول ولا بنفيه.