فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الاستعارة للعروس عند البناء

باب الاِسْتِعَارَةِ لِلْعَرُوسِ عِنْدَ الْبِنَاءِ
( باب الاستعارة للعروس) نعت يستوي فيه الذكر والأُنثى ما داما في أعراسهما ( عند البناء) أي الزفاف، وقال ابن الأثير: الدخول بالزوجة، وقيل له بناء لأنهم كانوا يبنون لمن يتزوّج قبّة ليدخل بها فيها ثم أطلق ذلك على التزويج.


[ قــ :2513 ... غــ : 2628 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنها- وَعَلَيْهَا دِرْعُ قِطْرٍ ثَمَنُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ، فَقَالَتِ: ارْفَعْ بَصَرَكَ إِلَى جَارِيَتِي انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهَا تُزْهَى أَنْ تَلْبَسَهُ فِي الْبَيْتِ.
وَقَدْ كَانَ لِي مِنْهُنَّ دِرْعٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ تُقَيَّنُ بِالْمَدِينَةِ إِلاَّ أَرْسَلَتْ إِلَىَّ تَسْتَعِيرُه".

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا عبد الواحد بن أيمن) بفتح الهمزة وسكون التحتية وبعد الميم المفتوحة نون المخزومي المكّي قال: ( حدّثني) بالإفراد ( أبي) أيمن الحبشي ( قال: دخلت على عائشة -رضي الله عنها- وعليها درع قطر) بكسر الدال وسكون الراء قميص المرأة وقطر بكسر القاف وسكون الطاء ثم راء مع إضافة درع لقطر ضرب من برود اليمن غليظ فيه بعض الخشونة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي قطن بضم القاف وآخره نون والجملة حالية ( ثمن خمسة دراهم) برفع ثمن وجر خمسة في الفرع وأصله وغيرهما من الأصول المعتمدة التي وقفت عليها.
وقال في الفتح: ثمن بالنصب بنزع الخافض وخمسة بالجر على الإضافة أو ثمن خمسة بالرفع فيهما على حذف الضمير أي ثمنه خمسة دراهم ويروى ثمن بضم المثلثة وتشديد الميم المكسورة على صيغة المجهول من الماضي وخمسة بالنصب بنزع الخافض أي قوّم بخمسة دراهم قال: ووقع في رواية ابن شبويه وحده خمسة الدراهم.

( قالت ارفع بصرك إلى جاريتي) قال الحافظ ابن حجر: لم أعرف اسمها ( انظر إليها) بلفظ الأمر ( فإنها تزهى) بضم أوّله وفتح ثالثه تتكبر ( أن تلبسه في البيت) يقال: زهى الرجل إذا تكبر وأعجب بنفسه وهو من الأفعال التي لم ترد إلا مبنية لما لم يسم فاعله وإن كان بمعنى الفاعل مثل عني بالأمر ونتجت الناقة، لكن قال في الفتح: إنه رآه في رواية أبي ذر تزهى بفتح أوّله، وقد حكاها ابن دريد لكن قال الأصمعي: لا يقال بالفتح ( وقد كان لي منهن) أي من الدروع ( درع على عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي في زمنه وأيامه ( فما كانت امرأة تقين) بضم حرف المضارعة وفتح القاف وتشديد التحتية آخره نون مبنيًّا للمفعول أي تزين.
قال صاحب الأفعال: قان الشيء قيانة أصلحه وقيل تجلى على زوجها ( بالمدينة إلا أرسلت إليّ تستعيره) أي ذلك الدرع لأنهم كانوا إذ ذاك في حال ضيق فكان الشيء الخسيس عندهم نفيسًا.

وهذا الحديث تفرّد به البخاري وفيه من الفوائد ما لا يخفى فتأمله.