فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إذا شهد شاهد، أو شهود بشيء، وقال آخرون: ما علمنا ذلك، يحكم بقول من شهد

باب إِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ أَوْ شُهُودٌ بِشَىْءٍ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ مَا عَلِمْنَا بذَلِكَ يُحْكَمُ بِقَوْلِ مَنْ شَهِدَ
قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: هَذَا كَمَا أَخْبَرَ بِلاَلٌ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ،.

     وَقَالَ  الْفَضْلُ: لَمْ يُصَلِّ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِشَهَادَةِ بِلاَلٍ.
كَذَلِكَ إِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ لِفُلاَنٍ عَلَى فُلاَنٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَشَهِدَ آخَرَانِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، يُقْضَى بِالزِّيَادِةَ.

هذا ( باب) بالتنوين ( إذا شهد شاهد) بقضية ( أو) شهد ( شهود بشيء فقال) بالفاء ولأبي ذر قال: جماعة ( آخرون ما علمنا ذلك) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: بذلك ( يحكم بقول من شهد) لأنه مثبت فيقدم على النافي ( قال الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي فيما وصله في الحج ( هذا) أي الحكم ( كما أخبر بلال) المؤذن ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى في) جوف ( الكعبة) عام الفتح، ( وقال الفضل) بن العباس ( لم يصلّ) عليه الصلاة والسلام فيها ( فأخذ الناس بشهادة بلال) فرجحوها على رواية الفضل لأن فيها زيادة علم وإطلاق الشهادة على إخبار بلال تجوّز.

وقال الكرماني فإن قلت: ليس هذا من باب ما علمنا بل هما متنافيان لأن أحدهما قال: صلّى، والآخر قال: لم يصلّ؟ وأجاب: بأن قوله لم يصلِّ معناه أنه ما علم أنه صلّى قال ولعلّ الفضل كان مشتغلاً بالدعاء ونحوه فلم يره صلّى فنفاه عملاً بظنه.

( كذلك) الحكم ( إن شهد شاهدان أن لفلان على فلان ألف درهم وشهد آخران بألف وخمسمائة) مثلاً ( يقضي بالزيادة) لأن عدم علم الغير لا يعارض علم من علمه، ولأبي ذر يعطي بدل يقضي فالباء في بالزيادة على هذا ساقطة أو زائدة.


[ قــ :2525 ... غــ : 2640 ]
- حَدَّثَنَا حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: "عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لأَبِي إِهَابِ بْنِ عَزِيزٍ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ وَالَّتِي تَزَوَّجَ.
فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ: مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِي، وَلاَ أَخْبَرْتِنِي.
فَأَرْسَلَ إِلَى آلِ أَبِي إِهَابٍ يَسْأَلُهُمْ فَقَالُوا: مَا عَلِمْنَاه أَرْضَعَتْ صَاحِبَتَنَا.
فَرَكِبَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟ فَفَارَقَهَا وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ".

وبه قال: ( حدّثنا حبّان) بكسر الحاء المهملة وتشديد الموحدة ابن موسى السلمي المروزي قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: ( أخبرنا عمر بن سعيد بن أبي حسين) بضم العين في الأول وكسرها في الثاني وضم حاء حسين النوفلي المكي: ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عبد الله بن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة بالتصغير واسمه زهير التيمي المدني ( عن عقبة بن الحرث) بن عامر بن نوفل المكي صحابي من مسلمة الفتح بقي إلى بعد الخمسين ( أنه تزوّج
ابنة لأبي إهاب بن عزيز)
بكسر همزة إهاب وعزيز بفتح العين المهملة وزايين معجمتين بوزن عظيم، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: عزيز بضم العين وفتح الزاي الأولى، لكن قال في الفتح وتبعه العيني آخره راء فالله أعلم واسم المرأة غنية وهي أم يحيى ( فأتته امرأة) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمها ( فقالت: قد أرضعت) وعند المؤلّف في باب الرحلة في المسألة النازلة من العلم فقالت إني قد أرضعت ( عقبة) بن الحرث ( و) المرأة ( التي تزوّج) بحذف بها الثابتة في رواية عنده في باب الرحلة ( فقال لها عقبة: مما أعلم أنك أرضعتني ولا أخبرتني) بغير مثناة تحتية بعد الفوقية فيهما، وفي رواية بباب الرحلة بإثباتها فيهما وعبر بأعلم المضارع وأخرت الماضي لأن نفي العلم حاصل في الحال بخلاف نفي الإخبار فإنه كان في الماضي لا غير ( فأرسل) عقبة ( إلى آل أبي إهاب يسألهم) أي عن مقالة المرأة، ولأبوي ذر والوقت: فيسألهم ( فقالوا ما علمنا) بحذف الضمير المنصوب ولأبي ذر: ما علمناه ( أرضعت صاحبتنا فركب) عقبة ( إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه ( بالمدينة) أي فيها ( فسأله) أي سأل عقبة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الحكم في هذه الواقعة ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( كيف) تباشرها وتفضي إليها ( وقد قيل) إنك أخوها من الرضاعة إن ذلك بعيد من ذي المروءة والورع ( ففارقها) زاد في الرحلة ففارقها عقبة أي طلّقها احتياطًا وورعًا لا حكمًا بثبوت الرضاع قال ابن بطال: ويدل عليه الاتفاق على أنه لا يجوز شهادة امرأة واحدة في الرضاع إذا شهدت بذلك بعد النكاح، لكن تعقب في دعوى الاتفاق بأن شهادتها وحدها فيه قول جماعة من السلف ونقل عن أحمد حتى المالكية فإن عندهم رواية أنها تقبل وحدها لكن بشرط فشوّ ذلك في الجيران.

( ونكحت) غنية بعد فراق عقبة ( زوجًا غيره) هو ظريب بمعجمة مضمومة وراء مفتوحة آخره موحدة ابن الحرث.

ومطابقة الحديث للترجمة من جهة أمره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالمفارقة تورعًا فجعل كالحكم وإخبارها كالشهادة وعقبة نفى العلم.

وسبق هذا الحديث في باب الرحلة من كتاب العلم.