فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب يحلف المدعى عليه حيثما وجبت عليه اليمين، ولا يصرف من موضع إلى غيره

باب يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَلاَ يُصْرَفُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى غَيْرِهِ قَضَى مَرْوَانُ بِالْيَمِينِ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَلَى الْمِنْبَرِ
فَقَالَ: أَحْلِفُ لَهُ مَكَانِي، فَجَعَلَ زَيْدٌ يَحْلِفُ، وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَجَعَلَ مَرْوَانُ يَعْجَبُ مِنْهُ.

وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ» وَلَمْ يَخُصَّ مَكَانًا دُونَ مَكَانٍ.

هذا ( باب) بالتنوين ( يحلف المدعى عليه حيثما وجبت عليه اليمين ولا يصرف من موضع الى غيره) للتغليظ وجوبًا، وهذا قول الحنفية فلا يغلظ عندهم بمكان كالتحليف في المسجد ولا بزمان كالتحليف في يوم الجمعة قالوا لأن ذلك زيادة على النص.
وقال الحنابلة واللفظ للمرداوي في تنقيحه: ولا تغلظ إلا فيما له خطر كجناية وطلاق إن قلنا يحلف فيهما.
وقال الشافعية: تغلظ ندبًا ولو لم يطلب الخصم تغليظها لا بتكرير الأيمان لاختصاصه باللعان والقسامة ووجوبه فيهما ولا بالجمع لاختصاصه باللعان بل بتعديد أسماء الله تعالى وصفاته وبالزمان والمكان سواء كان المحلوف عليه مالاً أم غيره كالقود والعتق والحدّ والولاء والوكالة والوصاية والولادة، لكن استثنى من المال أقل من عشرين دينارًا أو مائتي درهم فلا تغليظ في ذلك إلا أن يراه القاضي لجراءة في الحالف فله ذلك بناء على الأصح أن التغليظ لا يتوقف على طلب الخصم.

( قضى مروان) بن الحكم الأموي وكان وإلي المدينة من جهة معاوية بن أبي سفيان فيما وصله في الموطأ ( باليمين على زيد بن ثابت على المنبر) لما اختصم هو وعبد الله بن مطيع إليه في دار ( فقال) أي زيد: ( أحلف له مكاني) زاد في الموطأ فقال مروان: لا والله إلا عند مقاطع الحقوق ( فجعل زيد
يحلف)
أن حقه لحق ( وأبى أن يحلف على المنبر، فجعل مروان يعجب منه) أي من زيد.
قال الشافعي: لو لم يعرف زيد أن اليمين عند المنبر سنّة لأنكر ذلك على مروان كما أنكر عليه مبايعة الصكوك وهو احترز منه تهيبًا وتعظيمًا للمنبر.
قال الشافعي: ورأيت مطرفًا بصنعاء يحلف على المصحف وذلك عندي حسن.

( وقال النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : فيما تقدم موصولاً في حديث الأشعث ( شاهداك أو يمينه) قال المؤلّف: تفقهًا منه ( فلم) بالفاء ولأبوي الوقت وذر ولم ( يخص) عليه الصلاة والسلام ( مكانًا دون مكان) واعترض عليه بأنه ترجم لليمين بعد العصر فأثبت التغليظ بالزمان ونفاه هنا بالمكان.
وأجيب: بأنه لا يلزم من ترجمته اليمين بعد العصر تغليظ اليمين بالزمان ولم يصرح هناك بشيء من النفي والإثبات.


[ قــ :2556 ... غــ : 2673 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالاً لَقِيَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ».

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري بكسر الميم وسكون النون وفتح القاف قال:
( حدّثنا عبد الواحد) بن زياد العبدي مولاهم البصري ( عن الأعمش) سليمان بن مهران ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة ( عن ابن مسعود) عبد الله ( -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( من حلف على يمين) أي على شيء مما يحلف عليه سمي المحلوف عليه يمينًا لتلبسه باليمين ( ليقتطع بها) أي باليمين ( مالاً) ليس له ( لقي الله) عز وجل يوم القيامة ( وهو عليه غضبان) أي يعامله معاملة المغضوب عليه.

وهذا الحديث قد سبق قريبًا ولم تظهر لي المطابقة بينه وبين ما ترجم له فالله يوفق للصواب.

نعم، قال شيخ الإسلام زكريا: مطابقته من حيث أنه لم يقيد الحكم بمكان.