فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الصلح في الدية

باب الصُّلْحِ فِي الدِّيَةِ
( باب الصلح في الدّية) .


[ قــ :2583 ... غــ : 2703 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ الرُّبَيِّعَ -وَهْيَ ابْنَةُ النَّضْرِ- كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا الأَرْشَ وَطَلَبُوا الْعَفْوَ , فَأَبَوْا.
فَأَتَوُا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَهُمْ بِالْقِصَاصِ.
فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا.
فَقَالَ: يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ.
فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَعَفَوْا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ
اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ» زَادَ الْفَزَارِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ: "فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَقَبِلُوا الأَرْشَ".
[الحديث 2703 - أطرافه في: 2806، 4499، 4500، 4611، 6894] .

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن عبد الله) بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك ( الأنصاري) البصري قاضيها ( قال: حدّثني) بالإفراد ( حميد) الطويل ( أن أنسًا) هو ابن مالك -رضي الله عنه- ( حدّثهم أن الربيع) بضم الراء وفتح الموحدة وكسر المثناة التحتية المشددة آخره عين مهملة ( وهي ابنة النضر) بفتح النون وسكون الضاد المعجمة الأنصارية عمة أنس بن مالك ( كسرت ثنية جارية) أي شابة لا رقيقة ولم تسم ( فطلبوا) أي قوم الجارية ( الأرش وطلبوا) منهم أيضًا ( العفو) عن الربيع ( فأبوا) أي امتنع قوم الجارية فلم يرضوا أخذ الأرش منهم ولا بالعفو عنها ( فأتوا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وتخاصموا بين يديه ( فأمرهم) ولأبي ذر فأمر بحذف ضمير النصب ( بالقصاص، فقال أنس بن النضر) وهو عمّ أنس بن مالك المستشهد يوم أحد المنزل فيه قوله تعالى: { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} [الأحزاب: 23] ( أتكسر ثنية الربيع يا رسول الله لا و) الله ( الذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها) قال البيضاوي: لم يرد به الردّ على الرسول والإنكار لحكمه: وإنما قاله توقعًا ورجاءً من فضله تعالى أن يرضي خصمها ويلقي في قلبه أن يعفو عنها ابتغاء مرضاته.
وقال شارح المشكاة لا في قوله لا والذي بعثك ليس ردًّا للحكم بل نفي لوقوعه، وقوله لا تكسر إخبار عن عدم الوقوع وذلك لما كان له عند الله من القرب والزلفى والثقة بفضل الله ولطفه في حقه أنه لا يخيبه بل يلهمهم العفو يدل عليه قوله في رواية مسلم ولا والله لا يقتص منها أبدًا أو أنه لم يكن يعرف أن كتاب الله القصاص على التعيين بل ظن التخيير لهم بين القصاص والدّية أو أراد الاستشفع به -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إليهم ( فقال) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي قال:
( يا أنس كتاب الله القصاص) برفعهما على الابتداء والخبر والمعنى حكم الكتاب على حذف المضاف وأشار به إلى نحو قوله تعالى: { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} [البقرة: 194] وقوله: { والسنّ بالسنّ} [المائدة: 45] إن قلنا شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد له نسخ في شرعنا.
قال في المصابيح كالتنقيح: ويروى كتاب الله بالنصب على الإغراء أي عليكم كتاب الله القصاص بالرفع مبتدأ حذف خبره أي القصاص واجب أو مستحق أو نحو ذلك ( فرضي القوم وعفوا) عن الربيع فتركوا القصاص ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرّه) في قسمه وهو ضدّ الحنث وجعله من زمرة المخلصين وأولياء الله المطيعين.

( زاد الفزاري) بفتح الفاء وتخفيف الزاي والراء مروان بن معاوية الكوفي سكن مكة فيما وصله المؤلّف في سورة المائدة ( عن حميد) الطويل ( عن أنس فرضي القوم وقبلوا الأرش) .

وهذا موضع الترجمة لأن قبول الأرش عوض القصاص لم يكن إلا بالصلح.

وهذا الحديث أخرجه في التفسير والدّيات ومسلم والنسائي وأبو داود وابن ماجة.