فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الشروط في البيوع

باب الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ
( باب الشروط في البيع) ولأبي ذر في البيوع بالجمع.


[ قــ :2595 ... غــ : 2717 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةََ-رضي الله عنها- أَخْبَرَتْهُ: "أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ عَائِشَةَ تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا، وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا، قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَيَكُونَ وَلاَؤُكِ لِي فَعَلْتُ.
فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا فَأَبَوْا وَقَالُوا: إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ وَيَكُونَ لَنَا وَلاَؤُكِ.
فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهَا: ابْتَاعِي فَأَعْتِقِي، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ".

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر في نسخة: أخبرنا ( عبد الله بن مسلمة) بن قعنب الحرثي القعنبي قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ولأبي ذر حدّثنا ليث ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن عروة) بن الزبير ( أن عائشة -رضي الله عنها- أخبرته أن بريرة جاءت عائشة تستعينها في كتابتها ولم تكن) بريرة ( قضت) لمواليها ( من كتابتها شيئًا) وكانت كاتبتهم على تسع أواق في كل عام أوقية ( قالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك) بكسر الكاف أي مواليك ( فإن أحبّوا أن أقضي عنك كتابتك) وأعتقك ( ويكون) بالنصب عطفًا على السابق ( ولاؤك) الذي هو سبب الإرث ( لي فعلت) ذلك ( فذكرت ذلك) الذي قالته عائشة ( بريرة إلى أهلها) ولأبي ذر لأهلها ( فأبوا) امتنعوا ( وقالوا: إن
شاءت أن تحتسب عليك)
بكسر الكاف ( فلتفعل ويكون) بالنصب عطفًا على المنصوب السابق ( لنا ولاؤك، فذكرت ذلك لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال لها) :
( ابتاعيـ) ها ( فأعتقيـ) ـها بهمزة قطع وحذف الضمير المنصوب في الموضعين للعلم به ( فإنما الولاء لمن أعتق) .
وفيه دليل لقول الشافعي في القديم إنه يصح بيع رقبة المكاتب ويملكه المشتري مكاتبًا ويعتق بأداء النجوم إليه والولاء له أما على الجديد فلا يصح.

وترجمة المؤلّف هنا مطلقة تحتمل جواز الاشتراط في البيع وعدم الجواز ومذهب الشافعية لا يجوز بيع وشرط كبيع بشرط بيع أو قرض للنهي عنه في حديث أبي داود وغيره إلا في ست عشرة مسألة.

أولها: شرط الرهن.

ثانيها: الكفيل المعين لثمن في الذمة للحاجة إليهما في معاملة من لا يرضى إلا بهما ولا بدّ من كون الرهن غير المبيع فإن شرط رهنه بالثمن أو غيره بطل البيع لاشتماله على شرط رهن ما لم يملكه بعد.

ثالثها: الإشهاد لقوله تعالى: { وأشهدوا إذا تبايعتم} .

رابعها: الخيار.

خامسها: الأجل المعين.

سادسها: العتق للمبيع في الأصح لأن عائشة -رضي الله عنها- اشترت بريرة بشرط العتق والولاء ولم ينكر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الولاء لهم بقوله ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله إلى آخره ولأن استعقاب البيع العتق عهد في شراء القريب فاحتمل شرطه والثاني البطلان كما لو شرط بيعه أو هبته، وقيل يصح البيع ويبطل الشرط.

سابعها: شرط الولاء لغير المشتري مع العتق في أضعف القولين فيصح البيع ويبطل الشرط لظاهر حديث بريرة والأصح بطلانهما لما تقرر في الشرع من أن الولاء لمن أعتق، وأما قوله لعائشة:
واشترطي لهم الولاء فأجيب عنه بأن الشرط لم يقع في العقد وبأنه خاص بقضية عائشة وبأن لهم بمعنى عليهم.

ثامنها: البراءة من العيوب في المبيع.

تاسعها: نقله من مكان البائع لأنه تصريح بمقتضى العقد.

عاشرها وحادي عاشرها: قطع الثمار أو تبقيتها بعد الصلاح.

ثاني عشرها: أن يعمل فيه البائع عملاً معلومًا كأن باع ثوبًا بشرط أن يخيطه في أضعف الأقوال وهو في المعنى بيع وإجارة يوزع المسمى عليها باعتبار القيمة، وقيل يبطل الشرط ويصح البيع بما يقابل المبيع من المسمى والأصح بطلانهما لاشتمال البيع على شرط عمل فيما لم يملكه بعد.

ثالث عشرها: أن يشترط كون العبد فيه وصف مقصود.

رابع عشرها: أن لا يسلم المبيع حتى يستوفي الثمن.

خامس عشرها: الردّ بالعيب.

سادس عشرها: خيار الرؤية فيما إذا باع ما لم يره على القول بصحته للحاجة إلى ذلك وهذا الحديث قد سبق في البيع والعتق وغيرهما.