فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الوصايا وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وصية الرجل مكتوبة عنده»

كتاب الوصايا
( كتاب الوصايا) .
جمع وصية وهي لغة الإيصال من وصى الشيء بكذا أوصله به لأن الموصي وصل خير دنياه بخير عقباه، وشرعًا تبرع بحق مضاف إلى ما بعد الموت ليس بتدبير ولا تعليق عتق وإن التحقا بها حكمًا في حسابهما من الثلث كالتبرع المنجز في مرض الموت أو الملحق به.


باب الْوَصَايَا، وَقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَصِيَّةُ الرَّجُلِ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ»
وَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ * فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} جَنَفًا: مَيْلاً.
مُتَجَانِفٌ: مَائِلٌ.

( بسم الله الرحمن الرحيم) .
( باب) حكم ( الوصايا) وقدّم النسفيّ في روايته البسملة على لفظ كتاب ( و) باب ( قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وصية الرجل مكتوبة عنده) التقييد بالرجل خرج مخرج الغالب، وإلا فلا فرق في الوصية الصحيحة بين الرجل والمرأة، لكن قال الحافظ ابن حجر: إنه لم يقف على هذا الحديث باللفظ المذكور فكأنه رواه بالمعنى فإن المرء هو الرجل، ( و) باب ( قول الله تعالى) : ولأبي ذر: وقال الله عز وجل: ( { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت} ) أي حضرت أسبابه وظهرت أماراته { إن ترك خيرًا} مالاً، وقيل: مالاً كثيرًا لما روي عن علي -رضي الله عنه- أن مولى له أراد أن يوصي وله سبعمائة درهم فمنعه، وقال الله تعالى: ( { إن ترك خيرًا} ) والخير هو المال الكثير ( { الوصية} ) مرفوع بكتب وتذكير فعلها على تأويل أن يوصي أو الإيصاء ( { للوالدين والأقربين بالمعروف} ) بالعدل فلا يفضل الغنى ولا يتجاوز الثلث ( { حقًّا على المتقين} ) مصدر مؤكد أي حق حقًّا أي واجبًا ( { فمن بدّله} ) أي بدل ما ذكر من الوصية ( { بعدما سمعه} ) وصل إليه ( { فإنما إثمه على الذين يبدّلونه} ) ووقع
أجر الميت على الله ( { إن الله سميع} ) للوصية ( { عليم} ) بما بدل منها فيجازي المبدل بغير حق، وهذا الحكم كان في بدء الإسلام قبل نزول آية المواريث فلما نزلت نسختها وصارت المواريث المقررة فريضة من الله يأخذها أهلها حتمًا من غير وصية ولا تحمل ما نيّة الوصي، وفي حديث عمرو بن خارجة في السنن مرفوعًا "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" ( { فمن خاف من موصٍ} ) أي توقع وعلم ( { جنفًا أو إثمًا} ) بأن تعمد الجور في وصيته فزاد على الثلث ( { فأصلح بينهم} ) بين الموصي لهم بردّ ما زاد ( { فلا إثم عليه} ) في هذا التبديل لأنه تبديل باطل إلى حق بخلاف الأوّل ( { إن الله غفور رحيم} ) [البقرة: 180 و181 و182] حيث لم يجعل على عباده حرجًا في الدين، وقال البخاري مفسرًا لقوله ( جنفًا) أي ( ميلاً) رواه الطبري عن عطاء بإسناد صحيح ( متجانف) : أي ( مائل) .
ولغير أبي ذر كما في فتح الباري: متمايل، وسقط لأبي ذر من قوله: { والأقربين} إلى الآخر، وقال بعد قوله: ( { للوالدين} ) إلى { جنفًا} وللنسفيّ كما في الفتح الآية، وفي نسخة { والأقربين بالمعروف} إلى قوله: { إن الله غفور رحيم} .


[ قــ :2613 ... غــ : 2738 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَىْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ».

تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك) الإمام ( عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما) وسقط لأبي ذر عبد الله ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( ما) أي ليس ( حق امرئ) رجل ( مسلم) أو ذمي، ولمسلم عن أيوب عن نافع "ما حق امرئ يؤمن بالوصية" قال ابن عبد البر: فسّره ابن عيينة أي يؤمن بأنها حق ( له شيء) صفة لامرئ، وعند البيهقي "له مال" بدل "شيء" حال كونه ( يوصي فيه) صفة لشيء حال كونه "يبيت ليلتين" صفة أخرى لامرئ ومفعول يبيت محذوف تقديره آمنًا أو ذاكرًا أو موعوكًا، وعند البيهقي ليلة أو ليلتين، ولمسلم والنسائي ثلاث ليالٍ، والاختلاف دالٌّ على التقريب لا التحديد والمبتدأ الذي هو ما حق محصور في خبره المقدّر بعد "إلا" من قوله: ( إلاّ ووصيته) أي ما حقه إلا المبيت ووصيته ( مكتوبة عنده) .
مشهود بها فإن الغالب إنما يكتب العدول قال الله تعالى: { شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم} [المائدة: 106] ولأن أكثر الناس لا يحسن الكتابة فلا دلالة فيه على اعتماد الخط، ونقل في المصابيح: فيما إذا وجدت وصية بخط الميت من غير إشهاد في تَرِكته ويعرف أنها خطه بشهادة عدلين عن الباجي أنها لا يثبت شيء منها لأنه قد يكتب ولا يعزم.
رواه ابن القاسم في المجموعة والعتبية ولم يحكِ ابن عرفة فيها خلافًا، والواو في ووصيته اللحال، قال في العدة: ويحتمل أن يكون خبر المبتدأ يبيت بتأويله بالمصدر تقديره ما حقه بيتوتة ليلتين
إلا وهو بهذه الصفة، وهذا معنى قوله في المصابيح أن يبيت ليلتين ارتفع بعد حذف أن مثل قوله تعالى: { ومن آياته يريكم البرق} [الروم: 24] وقال في الفتح ونحوه، وتعقبه العيني فقال هذا قياس فاسد وفيه تغيير المعنى أيضًا، وإنما قدر أن في قوله تعالى: { يريكم البرق} لأنه في موضع الابتداء لأن قولها { ومن آياته} في موضع الخبر والفعل لا يقع مبتدأ فتقدر أن فيه حتى يكون في معنى المصدر فيصح حينئذٍ وقوعه مبتدأ فمن له ذوق في العربية يفهم هذا ويعلم تغيير المعنى فيما قال انتهى ولم يجب عن ذلك في انتقاض الاعتراض بشيء بل بيض له ككثير من الاعتراضات التي أوردها العيني عليه لكن يدل لما قالوه رواية النسائي من طريق فضيل بن عياض عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر حين قال فيها: أن يبيت، فصرح بأن المصدرية والتعبير بالمسلم جرى على الغالب وإلاّ فالذمي كذلك فإن الكفار مخاطبون بالفروع.

فإن قلت: الوصية شرعت زيادة في العمل الصالح والكافر لا عمل له بعد الموت: أجيب: بأنهم نظروا إلى أن الوصية كالإعتاق وهو صحيح من الذمي والحربي أو التعبير بالمسلم من الخطاب المسمى عند البيانيين بالتهييج أي الذي يمتثل أمر الله ويجتنب نواهيه إنما هو المسلم ففيه إشعار بنفي الإسلام عن تارك ذلك.
وقال الشافعي فيما حكاه النووي: معنى الحديث ما الحزم والاحتياط للمسلم إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده، وروى البيهقي في المعرفة مما قرأته فيها عن الشافعي أيضًا أنه قال في قوله: ما حق امرئ يحتمل ما لامرئ أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده، ويحتمل ما المعروف في الأخلاق إلا هذا لا من وجه الفرض انتهى.

وقد أجمع على الأمر بها، لكن مذهب الأربعة أنها مندوبة لا واجبة ولا دلالة في حديث الباب لمن قال بالوجوب وكيف، وفي رواية مسلم من طريق عبيد الله بن عمر وأيوب يريد أن يوصي فيه فجعل ذلك متعلقًا بإرادته.

سلمنا أنه يدل على الوجوب لكن صرفه عن ذلك أدلة أخرى كقوله تعالى فيما قاله السهيلي: { من بعد وصية يوصي بها أو دين} [النساء: 11و12] فإنه نكر الوصية كما نكر الدين، ولو كانت الوصية واجبة لقال من بعد الوصية.
نعم، روى ابن عون عن نافع عن ابن عمر الحديث بلفظ: لا يحل لامرئ مسلم، وقال المنذري: إنها تؤيد القول بالوجوب، لكن لم يتابع ابن عون على هذه الوصية، وقد قال المنذري إنها شاذة، نعم تجب الوصية على من عليه حق لله كزكاة وحج أو حق لآدمي بلا شهود بخلاف ما إذا كان به شهود فلا تجب، وهل الحكم كذلك في اليسير التي جرت العادة بردّه مع القرب فيه كلام لبعضهم مال فيه إلى أن مثل هذا لا تجب الوصية فيه على التضييق والفور مراعاة للشفقة.

وهذا الحديث رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

( تابعه) أي تابع مالكًا في أصل الحديث ( محمد بن مسلم) الطائفي فيما رواه الدارقطني في الإفراد ( عن عمرو) هو ابن دينار ( عن ابن عمر) -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .




[ قــ :614 ... غــ : 739 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ خَتَنِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخِي جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَ: "مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَمًا وَلاَ دِينَارًا وَلاَ عَبْدًا وَلاَ أَمَةً وَلاَ شَيْئًا، إِلاَّ بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ وَسِلاَحَهُ وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً".
[الحديث 739 - أطرافه في: 873، 91، 3098، 4461] .

وبه قال: ( حدّثنا إبراهيم بن الحرث) البغدادي سكن نيسابور قال: ( حدّثنا يحيى بن أبي بكير) بضم الموحدة مصغرًا العبدي الكوفي الكرماني لا ابن بكير المصري قال: ( حدّثنا زهير بن معاوية) بضم الزاي وفتح الهاء مصغرًا ( الجعفي) قال: ( حدّثنا أبو إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي ( عن عمرو بن الحرث) بن أبي ضرار الخزاعي ( ختن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بفتح الخاء المعجمة والمثناة الفوقية والجر وصف لعمرو أو عطف بيان أو بدل وهو كل ما كان من قبل المرأة مثل الأب والأخ ( أخي جويرية بنت الحرث) أم المؤمنين -رضي الله عنها- وأخي بالجر عطفًا على المجرور السابق أنه ( قال) ( ما ترك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عند موته درهمًا ولا دينارًا ولا عبدًا ولا أمة) في الرقّ ( ولا شيئًا) من عطف العام على الخاص ولأبي ذر عن الكشميهني ولا شاة قال ابن حجر والأوّل أصح وزاد مسلم وأبو داود والنسائي ولا بعيرًا ( إلا بغلته البيضاء وسلاحه) الذي أعده للحرب كالسيوف ( وأرضًا جعلها صدقة) .
قال ابن التين فيما نقله العيني هي فدك والتي بخيبر وإنما تصدّق بها في صحته وأخبر بالحكم عند وفاته، وإليه أشارت عائشة -رضي الله عنها- بقولها في حديثها الذي رواه مسلم وغيره المذكور ولا أوصى بشيء.
قال الكرماني: الضمير في قوله وجعلها راجع إلى الثلاث أي البغلة والسلاح والأرض لا إلى الأرض فقط.

ومطابقة الحديث للترجمة من حيث أن فيه التصدّق بما ذكر وحكمه حكم الوقف وهو في معنى الوصية لبقائها بعد الموت، قاله العيني.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الخمس والجهاد والمغازي والنسائي في الأحباس.




[ قــ :615 ... غــ : 740 ]
- حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مَالِكٌ حَدَّثَنَا هُوَ ابنُ مِغْوَلٍ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ قَالَ: "سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى -رضي الله عنهما-: هَلْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْصَى؟ فَقَالَ: لاَ.
فَقُلْتُ: كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ أَوْ أُمِرُوا بِالْوَصِيَّةِ؟ قَالَ: أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ".
[الحديث 740 - طرفاه في: 4460، 50] .

وبه قال: ( حدّثنا خلاد بن يحيى) بن صفوان أبو محمد السلمي الكوفي قال: ( حدّثنا مالك) زاد أبو ذر عن المستملي والكشميهني هو ابن مغول بكسر الميم وسكون الغين المعجمة وفتح الواو آخره لام البجلي الكوفي وهذه الزيادة من قول المؤلّف.
قال الكرماني: لو لم يقلها كان افتراء على شيخه إذ الشيخ لم ينسبه بل قال مالك فقط قال: ( حدّثنا طلحة بن مصرف) بضم الميم وفتح الصاد المهملة وكسر الراء المشدّدة آخره فاء اليامي من بني يام من همدان ( قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى) اسمه علقمة ( -رضي الله عنهما- هل كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أوصى؟ فقال: لا) لم يوصِ وصية خاصة فالنفي ليس للعموم لأنه أثبت بعد ذلك أنه أوصى بكتاب الله والمراد أنه لم يوصِ بما يتعلق بالمال قال طلحة: ( فقلت) لابن أبي أوفى أي لما فهم منه عموم النفي ( كيف كتب على الناس الوصية) في قوله تعالى: { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت} [البقرة: 180] الآية ( أو أمروا بالوصية) ؟ مبنيًّا للمفعول في أمروا ككتب والشك من الراوي ( قال) : في الجواب ( أوصى بكتاب الله) أي بالتمسك به والعمل بمقتضاه واقتصر على الوصية بكتاب الله لكونه أعظم وأهم ولأن فيه تبيان كل شيء إما بطريق النص وإما بطريق الاستنباط فإن اتبعوا ما في الكتاب عملوا بكل ما أمرهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- به لقوله تعالى: { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7] وأما ما صح في مسلم وغيره أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أوصى عند موته بثلاث: لا يبقين بجزيرة العرب دينان، وفي لفظ: أخرجوا اليهود من جزيرة العرب، وقوله أجيزوا الوفد بما كنت أجيزهم به، ولم يذكر الراوي الثالثة وغير ذلك، فالظاهر أن ابن أبي أوفى لم يرد نفيه؛ قاله في الفتح.

ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: فكيف كتب على الناس إلخ ... والحديث أخرجه في المغازي وفضائل القرآن ومسلم في الوصايا وكذا الترمذي والنسائي وابن ماجه.




[ قــ :616 ... غــ : 741 ]
- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ: "ذَكَرُوا عِنْدَ عَائِشَةَ أَنَّ عَلِيًّا -رضي الله عنهما- كَانَ وَصِيًّا، فَقَالَتْ: مَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ وَقَدْ كُنْتُ مُسْنِدَتَهُ إِلَى صَدْرِي -أَوْ قَالَتْ: حَجْرِي- فَدَعَا بِالطَّسْتِ، فَلَقَدِ انْخَنَثَ فِي حَجْرِي فَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَمَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ"؟ [الحديث 741 - طرفه في: 4459] .

وبه قال: ( حدّثنا عمرو بن زرارة) بفتح العين وسكون الميم وزرارة بضم الزاي وتخفيف الراء الأولى ابن واقد الكلابي النيسابوري قال: ( أخبرنا إسماعيل) بن علية ( عن ابن عون) عبد الله ( عن إبراهيم) النخعي ( عن الأسود) بن يزيد خال إبراهيم أنه ( قال: ذكروا عند عائشة أن عليًّا -رضي الله عنهما- كان وصيًّا) عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أوصى له بالخلافة في مرض موته ( فقالت) : ردًّا عليهم ( متى أوصى إليه) بها ( وقد كنت مسندته) خبر كان بلفظ اسم الفاعل من الإسناد ( إلى صدري أو قالت حجري) بفتح الحاء والشك من الراوي ( فدعا بالطست فلقد انخنث) بنون ساكنة فخاء فنون فمثلثة مفتوحات أي
انثنى ومال لاسترخاء أعضائه الشريفة ( في حجري) عند فراق الحياة ( فما شعرت أنه قد مات فمتى أوصى إليه) ؟ بالخلافة فنفت ذلك مستندة إلى ملازمتها له إلى أن مات ولم يقع منه شيء من ذلك.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في المغازي ومسلم في الوصايا والنسائي في الطهارة والوصايا وابن ماجه في الجنائز.