فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من أتاه سهم غرب فقتله

باب مَنْ أَتَاهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَقَتَلَهُ
( باب من أتاه سهم غرب فقتله) بفتح الغين المعجمة وسكون الراء آخره موحدة منوّنًا كسهم صفة له قال أبو عبيد وغيره أي لا يعرف راميه أو لا يعرف من أين أتى أو جاء على غير قصد من راميه وعن أبي زيد فيما حكاه الهروي إن جاء من حيث لا يعرف فهو بالتنوين والإسكان وإن عرف راميه لكن أصاب من لم يقصد فهو بالإضافة وفتح الراء، وأنكر ابن قتيبة السكون ونسبه لقول العامة وجوّز الفتح إضافة سهم لغرب.


[ قــ :2681 ... غــ : 2809 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ وَهْيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلاَ تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ -وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ- فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ.
قَالَ: يَا أُمَّ حَارِثَةَ، إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الأَعْلَى".
[الحديث 2809 - أطرافه في: 3982، 6550، 6567] .

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن عبد الله) هو محمد بن يحيى بن عبد الله الذهلي كما جزم به الكلاباذي وتبعه غيره وقد نسبه المؤلّف إلى جده قال: ( حدّثنا حسين بن محمد) بضم الحاء وفتح السين ( أبو أحمد) بن بهرام التميمي المروذي سكن بغداد قال: ( حدّثنا شيبان) بفتح المعجمة أبو معاوية النحوي ( عن قتادة) بن دعامة أنه قال: ( حدّثنا أنس بن مالك أن أم الربيع) بضم الراء وفتح الموحدة وتشديد التحتية المكسورة ( بنت البراء) بنصب بنت وتخفيف راء البراء وهذا وهم والصواب المعروف أن الربيع بنت النضر بن ضمضم عمة أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم، وقال ابن الأثير في جامعه: إنه الذي وقع في كتب النسب والمغازي وأسماء الصحابة.
قال ابن حجر: وليس
هذا بقادح في صحة الحديث ولا في ضبط رواته.
( وهي أم حارثة بن سراقة) بضم السين المهملة وتخفيف الراء والقاف وحارثة بالحاء المهملة والمثلثة الأنصاري ( أتت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالت: يا نبي الله ألا تحدّثني عن حارثة) ؟ بضم المثلثة من تحدّثني ( وكان قتل يوم) وقعة ( بدر أصابه سهم غرب) بتنوين سهم وغرب مع سكون الراء، ولأبي ذر: غرب بفتح الراء.
قال ابن قتيبة: وهو الأجود لكنه ذكره مع إضافة سهم لغرب وقد مرّ مع غيره أوّلاً، ( فإن كان في الجنة صبرت) قال ابن المنير: إنما شكت فيه لأن العدوّ لم يقتله قصدًّا وكأنها فهمت أن الشهيد هو الذي يقتل قصدًا لأنه الأغلب، فنزلت الكلام على الغالب حتى بيّن لها الرسول العموم ( وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء) .

نقل الحافظ ابن حجر وتبعه العيني عن الخطابي ما نصه: أقرّها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على هذا فيؤخذ منه الجواز ثم تعقباه بأن ذلك كان قبل تحريم النوح فلا دلالة فيه فإن تحريمه كان في غزوة أُحُد، وهذه القصة كانت عقب غزوة بدر وفي هذا نظر لا يخفى فإنها لم تقل اجتهدت عليه في النوح ولا يلزم من الاجتهاد في البكاء النوح وليس فيما نقلاه عن الخطابي ما يفهم ذلك، بل قوله أقرّها على هذا إشارة إلى البكاء المذكور في الحديث، ولا ريب أن البكاء على الميت قبل الدفن وبعده جائز اتفاقًا فليتأمل.

( قال) عليه الصلاة والسلام ( يا أم حارثة، إنها جنان) أي درجات ( في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى) فرجعت وهي تضحك وتقول: بخ بخ لك يا حارثة والضمير في قوله إنها مبهم يفسره ما بعده كقولهم: هي العرب تقول ما تشاء، ويجوز أن يكون الضمير للشأن، وجنان مبتدأ والتنكير فيه للتعظيم والمراد بذلك التفخيم والتعظيم.

( بسم الله الرحمن الرحيم) وسقطت البسملة لأبي ذر.