فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما يتعوذ من الجبن

باب مَا يُتَعَوَّذُ مِنَ الْجُبْنِ

[ قــ :2694 ... غــ : 2822 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ الأَوْدِيَّ قَالَ: "كَانَ سَعْدٌ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُ الْمُعَلِّمُ الْغِلْمَانَ الْكِتَابَةَ وَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُنَّ دُبُرَ الصَّلاَةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.
فَحَدَّثْتُ بِهِ مُصْعَبًا فَصَدَّقَهُ".
[الحديث 2822 - أطرافه في: 6365، 6370، 6374، 6390] .

( باب ما يتعوذ) بضم أوله مبنيًّا للمفعول أي بيان التعوّذ ( من الجبن) وهو ضد الشجاعة.

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري قال: ( حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري قال: ( حدّثنا عبد الملك بن عمير) بضم العين مصغرًا ابن سويد الكوفي القرشي بفتح الفاء والراء ثم مهملة نسبة إلى فرس له سابق ( قال: سمعت عمرو بن ميمون الأودي) بفتح الهمزة وسكون الواو وبالدال المهملة نسبة إلى أود بن معن في باهلة ( قال: كان سعيد) هو ابن أبي وقاص أحد العشرة ( يُعلم بنيه هؤلاء الكلمات كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة ويقول: إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يتعوذ منهن) بالميم وفي بعض الأصول بهم ( دبر الصلاة) : بعد السلام منها.

( اللهم إني أعوذ بك من الجبن) وهو ضد الشجاعة ( وأعوذ بك أن أردّ إلى أرذل العمر) ، هو الخرف أي يعود كهيئته الأولى في زمن الطفولية سخيف العقل قليل الفهم أو هو أردؤه وهو حال الهرم والضعف عن أداء الفرائض وعن خدمة نفسه فيكون كلاًّ على أهله مستثقلاً بينهم يتمنون موته وإن لم يكن له أهل فالمصيبة أعظم.
( وأعوذ بك من فتنة الدنيا) ، زاد في باب: التعوذ من البخل من رواية آم عن شعبة عن عبد الملك عن مصعب عن سعد "وأعوذ بك من فتنة الدنيا" يعني فتنة الدجال، وحكى الكرماني أن هذا من زيادات شعبة بن الحجاج.
قال ابن حجر: وليس كما قال فقد بيّن يحيى بن بكير عن شعبة أنه من كلام عبد الملك بن عمير راوي الخبر أخرجه الإسماعيلي من طريقه، وفي إطلاق الدنيا على الدجال إشارة إلى أن فتنته أعظم الفتن الكائنة في الدنيا ( وأعوذ بك من عذاب القبر) الواقع أن الكفار ومن شاء الله من الموحدين بمطارق من حديد يسمعه خلق الله كلهم إلا الجن والإنس أعاذنا الله من ذلك ومن سائر المهالك بمنّه وكرمه، والإضافة هنا من إضافة المظروف إلى ظرفه فهو على تقدير في أيٍّ من عذاب القبر.
قال عبد الملك بن عمير: ( فحدّثت به) أي بهذا الحديث ( مصعبًا) بضم الميم وسكون الصاد المهملة وفتح العين بعدها موحدة ابن سعد بن أبي وقاص ( فصدقه) .

ومطابقة الحديث للترجمة واضحة وإنما استعاذ من الجبن لأنه يؤدي إلى عذاب الآخرة كما قاله المهلب لأنه يفر من قرنه في الزحف فيدخل تحت الوعيد فمن ولى فقد باء بغضب من الله، وربما
يفتن في دينه فيرتد بجبن أدركه وخوف على مهجته من الأسر والعبودية.
ثبتنا الله على دينه القويم.

وهذا الحديث أخرجه الترمذي في الدعوات، والنسائي في الاستعاذة.




[ قــ :695 ... غــ : 83 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ, وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ.
وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ.
وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ".
[الحديث 83 - أطرافه في: 6367، 6371] .

وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: حدّثنا معتمر) بكسر الميم الثانية (قال: سمعت أبي) سليمان بن طرخان التيمي (قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه).
يقول: (كان النبي) ولأبي ذر: رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):
(اللهم إني أعوذ بك من العجز) هو ذهاب القدرة (والكسل) بفتح السين وفي اليونينية بسكونها وهو القعود عن الشيء مع القدرة على عمله إيثارًا لراحة البدن على التعب (والجبن) وهو الخور من تعاطي الحرب ونحوها خوفًا على المهجة (والهرم) هو الزيادة في كبر السن المؤدي إلى ضعف الأعضاء وتساقط القوة.
قال ابن المنير: فيه دليل على أن الغرائز قد تتبدال من خير إلى شر ومن شر إلى خير، ولولا ذلك لما صح تعوذ الجبان من الجبن (وأعوذ بك من فتنة المحيا) أن نفتتن بالدنيا ونشتغل بها عن الآخرة وأعظمها والعياذ بالله تعالى أمر الخاتمة عند الموت أو هي فتنة الدجال كما مرّ في تفسير عبد الملك بن عمير (والممات) قيل المراد فتنة القبر كسؤال الملكين ونحو ذلك، والمراد من شر ذلك وإلاّ فأصل السؤال واقع لا محالة فلا يدعى برفعه.
وفي الحديث إنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريبًا من فتنة الدجال فيكون عذاب القبر مسببًا عن ذلك والسبب غير المسبب، وقيل: المراد الفتنة قبيل الموت وأضيفت إلى الموت لقربها منه فعلى هذا تكون فتنة المحيا قبل ذلك.
(وأعوذ بك من عذاب القبر) فيه دليل لأهل السُّنّة على إثبات عذاب القبر، وقد قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتعوذ من جميع ما ذكر تشريعًا لأمته ليبيّن لهم المهم من الأدعية.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الدعوات، وكذا مسلم، وأخرجه النسائي في الاستعاذة وأبو داود في الصلاة.