فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة

باب الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

[ قــ :2721 ... غــ : 2849 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
[الحديث 2849 - طرفه في: 3644] .

هذا ( باب) بالتنوين ( الخيل معقود في نواصيها الخير) أي لازم لها ( إلى يوم القيامة) .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي قال: ( حدّثنا مالك) الإمام ( عن رافع) مولى ابن عمر ( عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) لفظ عام والمراد به الخصوص أي الخيل الغازية في سبيل الله لقوله في الحديث الآخر: الخيل لثلاثة أو المراد جنس الخيل أي أنها بصدد أن يكون فيها الخير فأما من ارتبطها لعمل غير صالح فحصول الوزر لطريان ذلك الأمر العارض.
ولأبي ذر: معقود في نواصيها الخير فأثبت لفظة معقود كالإسماعيلي من رواية عبد الله عن مالك عن نافع وسقطت في الموطأ كرواية غير أبي ذر وكذا في مسلم من رواية مالك أيضًا.
ومعنى معقود ملازم لها كأنه معقود فيها.
قال في شرح المشكاة: ويجوز أن يكون الخير المفسر بالأجر والغنيمة أي في الحديث الآتي في الباب اللاحق استعارة مكنية لأن الخير ليس بشيء محسوس حتى تعقد عليه الناصية لكنه شبّهه لظهوره وملازمته بشيء محسوس معقود يحل على مكان مرتفع فنسب الخير إلى لازم المشبه به وذكر الناصية تجريد للاستعارة، والحاصل أنهم يدخلون المعقول في المحسوس ويحكمون عليه بما يحكم به المحسوس مبالغة في اللزوم والمراد بالناصية هنا الشعر المسترسل من مقدم الفرس، وقد يكنى بالناصية عن جميع ذات الفرس.
قال الولي ابن العراقي: ويمكن أنه أشير بذكر الناصية إلى أن الخير إنما هو في مقدمها للإقدام به على العدوّ دون مؤخرها لما فيه من الإشارة إلى الإدبار.

وفي الحديث كما قاله القاضي عياض مع وجيز لفظه من البلاغة والعذوبة ما لا مزيد عليه في الحسن مع الجناس الذي بين الخيل والخير، وقال ابن عبد البر: فيه تفضيل الخيل على سائر الدواب لأنه عليه الصلاة والسلام لم يأتِ عنه في غيرها مثل هذا القول.

وروى النسائي عن أنس لم يكن أحب إلى رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد النساء من الخيل، وفي طبقات ابن سعد عن عريب بضم المهملة المليكي أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئل عن قوله تعالى: { الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرًّا وعلانيةً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}
[البقرة: 274] .
من هم؟ قال عليه الصلاة والسلام: "هم أصحاب الخيل" ثم قال: "إن المنفق على الخيل كباسط يده بالصدقة لا يقبضها وأبوالها وأرواثها كذكي المسك يوم القيامة".
ويروى أن الفرس إذا التقت الفئتان تقول: سبوح قدوس ربّ الملائكة والروح، وهو أشد الدواب عدوا وفي طبعه الخيلاء في مشيه والسرور بنفسه والمحب لصاحبه، وربما عمر الفرس إلى تسعين سنة.

وحديث الباب أخرجه مسلم أيضًا في المغازي.




[ قــ :7 ... غــ : 850 ]
- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنٍ وَابْنِ أَبِي السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْجَعْدِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
قَالَ سُلَيْمَانُ عَنْ شُعْبَةَ: "عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ".
تَابَعَهُ مُسَدَّدٌ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ: "عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ".
[الحديث 850 - أطرافه في: 85، 3119، 3643] .

وبه قال: ( حدّثنا حفص بن عمر) بن الحرث الحوضي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين ابن عبد الرحمن السلمي ( وابن أبي السفر) بفتح السين المهملة والفاء سعيد كلاهما ( عن الشعبي) عامر بن شراحيل ( عن عروة بن الجعد) بفتح الجيم وسكون العين المهملة البارقي الأزدي ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( الخيل) أي المعدّة للجهاد في سبيل الله أو جنس الخيل ( معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) .

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الجهاد والخُمس وعلامات النبوة ومسلم في المغازي والترمذي في الجهاد والنسائي في الخيل وابن ماجه في الجهاد.

( قال سليمان) أي ابن حرب شيخ المؤلّف مما رواه أبو نعيم في مستخرجه موصولاً مخالفًا لحفص بن عمر شيخ المؤلّف أيضًا ( عن شعبة) بن الحجاج أنه قال في روايته أي عن حصين وابن أبي السفر عن الشعبي ( عن عروة بن أبي الجعد) فزاد لفظ أبي بين ابن والجعد على رواية حفص وليس مراده أن شعبة يروي عن عروة كيف وشعبة لم يدركه وإنما مراده أن شعبة قال في روايته عروة بن أبي الجعد كما مرّ.

( تابعه) أي تابع سليمان بن حرب على زيادة أبي ( مسدد) هو ابن مسرهد أحد شيوخ المؤلّف أيضًا مما هو موصول في مسند مسدّد ( عن هشيم) بالتصغير هو ابن بشير بوزن عظيم السلمي الواسطي ( عن حصين) هو ابن عبد الرحمن السابق ( عن الشعبي عن عروة بن أبي الجعد) .
فأثبت لفظ أبي وصوّبه ابن المديني.
وذكر ابن أبي حاتم أن اسم أبي الجعد سعد، وسيكون لي عودة إلى زيادة كلام في هذا في علامات النبوّة إن شاء الله تعالى بعون الله ومنّه وقوّته.




[ قــ :73 ... غــ : 851 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْبَرَكَةُ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ».
[الحديث 851 - طرفه في: 3645] .

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد البصري قال: ( حدّثنا يحيى بن سعيد) القطان ( عن شعبة) بن الحجاج ( عن أبي التياح) بفتح الفوقية والتحتية المشددة وبعد الألف حاء مهملة يزيد بن حميد الضبعي ( عن أنس بن مالك) -رضي الله عنه- أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( البركة) حاصلة ( في نواصي الخيل) وعند الإسماعيلي: البركة تنزل في نواصي الخيل فصرّح فيه بما يتعلق به الجار والمجرور ولم يقل في هذا الحديث إلى يوم القيامة، وقد يراد بالبركة هنا الزيادة بما يكون من نسلها والكسب عليها والمغانم والأجر.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في علامات النبوّة ومسلم في المغازي والنسائي في الخيل.