فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب اسم الفرس والحمار

باب اسْمِ الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ
( باب اسم الفرس والحمار) أي مشروعية تسميتها كغيرهما من الدواب بأسماء تخصها لتميزها عن غيرها من جنسها.


[ قــ :2726 ... غــ : 2854 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ "أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَخَلَّفَ أَبُو قَتَادَةَ مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ وَهْوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَرَأَوْا حِمَارًا وَحْشِيًّا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، فَلَمَّا رَأَوْهُ تَرَكُوهُ حَتَّى رَآهُ أَبُو قَتَادَةَ، فَرَكِبَ فَرَسًا لَهُ يُقَالُ لَهُ الْجَرَادَةُ، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ فَأَبَوْا، فَتَنَاوَلَهُ، فَحَمَلَ فَعَقَرَهُ، ثُمَّ أَكَلَ فَأَكَلُوا، فَنَدِمُوا، فَلَمَّا أَدْرَكُوهُ قَالَ: هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَىْءٌ؟ قَالَ: مَعَنَا رِجْلُهُ، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَكَلَهَا".

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن أبي بكر) المقدمي ( قال: حدّثنا فضيل بن سليمان عن أبي حازم) بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار ( عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه) أبي قتادة الحرث بن ربعي الأنصاري ( أنه خرج مع النبي) ولأبي ذر: مع رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) عام الحديبية ( فتخلف أبو قتادة مع بعض أصحابه وهم محرمون) بالعمرة ( وهو غير محرم) لأنه عليه الصلاة والسلام بعثه لكشف حال عدوّ لهم بجهة الساحل ( فرأوا حمارًا وحشيًّا) ولأبي ذر: حمار وحش ( قبل أن يراه) أبو قتادة ( فلما رأوه تركوه حتى رآه أبو قتادة، فركب فرسًا له يقال له) بالتذكير ولأبي ذر: لها ( الجرادة) بفتح الجيم والراء المخففة والفرس واحد الخيل والجمع أفراس الذكر والأنثى فيه سواء وأصله التأنيث.

وروى أبو داود من حديث أبي هريرة أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يسمي الأنثى من الخيل فرسة.

قالوا: ولا يقال لها فرسة.
نعم حكى ابن جني والفراء فرسة وتصغير الفرس فريس، وإن أردت الأنثى خاصة لم تقل إلا فريسة بالهاء والجمع أفراس وفروس ولفظها مشتق من الأفراس كأنها تفترس الأرض لسرعة مشيها، وللفرس كنى منها: أبو شجاع وأبو مدرك والحجر الأنثى من الخيل.
قال في القاموس: وبالهاء لحن، وقال بعضهم: لم يدخلوا فيه الهاء لأنه اسم لا يشركها فيه الذكر والجمع أحجار وحجور، لكن روى ابن عدي في الكامل من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا: "ليس في حجرة ولا بغلة زكاة".
وهذا يدل على أنه يقال حجرة بالهاء.

( فسألهم) أي سأل أبو قتادة أصحابه المحرمين ( أن يناولوه سوطه فأبوا) أن يناولوه ( فتناوله فحمل) أبو قتادة على الحمار ( فعقره، ثم أكل) منه ( فأكلوا، فقدموا) بالقاف، ولأبي ذر في نسخة
وأبي الوقت والأصيلي: فندموا النون بدل القاف من الندامة أي ندموا على أكله لكونهم محرمين ( فلما أدركوه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكان قد سبقهم وسألوه عن حكم أكله ( قال) :
( هل معكم منه شيء؟ قال: معنا رجله فأخذها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأكلها) .

وهذا الحديث قد سبق بمعناه في الحج بدون تسمية فرس أبي قتادة، ووقع في سيرة ابن هشام أن اسمها الحزوة بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي بعدها واو، والذي في الصحيح هو الصحيح أو يكون لها اسمان.




[ قــ :77 ... غــ : 855 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا أُبَىُّ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: "كَانَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَائِطِنَا فَرَسٌ يُقَالُ لَهُ اللُّحَيْفُ" قَالَ أَبُو عَبْدُ اللهِ:.

     وَقَالَ  بَعَضُهُمْ "اللُّخَيْفِ".

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله بن جعفر) المديني قال: ( حدّثنا معن بن عيسى) بفتح الميم وسكون العين المهملة آخره نون القزاز بالقاف وتشديد الزاي الأولى المدني ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد ( أُبي بن عباس بن سهل) بضم الهمزة وفتح الموحدة وتشديد التحتية وعباس بالموحدة آخره سين مهملة وسهل بفتح السين المهملة وسكون الهاء ابن سعد الساعدي ( عن أبيه عن جده) أنه ( قال: كان للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حائطنا) بستاننا ( فرس يقال له اللحيف) بضم اللام وفتح الحاء المهملة وسكون التحتية بعدها فاء مصغرًا وضبطه بعضهم بفتح أوله وكسر ثانيه على وزن رغيف ورجحه الدمياطي وجزم به الهروي وقال: سمي به لطول ذنبه فعيل بمعنى فاعل كأنه يلحف الأرض بذنبه، وزاد أبو ذر والوقت والأصيلي هنا قال أبو عبد الله: أي البخاري.
وقال بعضهم: اللخيف أي بضم اللام وفتح الخاء المعجمة قال عياض: وبالأول ضبطناه عن عامة شيوخنا، وبالثاني عن أبي الحسين اللغوي، وقيل لا وجه لضبطه بالخاء المعجمة.
وفي النهاية أنه روي بالجيم بدل الخاء المعجمة، وعند ابن الجوزي بالنون بدل اللام من النحافة.

وهذا الحديث من إفراد المؤلّف.




[ قــ :78 ... غــ : 856 ]
- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ آدَمَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ مُعَاذٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ، فَقَالَ: يَا مُعَاذُ، هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ؟ قَالَ: لاَ تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا".
[الحديث 856 - أطرافه في: 5967، 667، 6500، 7373] .

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه المروزي ( أنه سمع يحيى بن آدم) بن سليمان القرشي الكوفيّ قال: ( حدّثنا أبو الأحوص) هو سلام بتشديد اللام ابن سليم الحنفيّ الكوفيّ وعليه يدل كلام المزي أو هو عمار بن زريق وبه جزم ابن حجر لإخراج النسائي الحديث وصرح فيه به، وجزم الكرماني بالأول وتبعه العيني وقال: لا يصلح أن يكون هو عمارًا لأنه مما انفرد به مسلم ولم يخرج له البخاري ( عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي ( عن عمرو بن ميمون) بفتح العين وسكون الميم الأودي بفتح الهمزة وسكون الواو وبالدال المهملة ( عن معاذ) هو ابن جبل الأنصاري ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: كنت ردف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بكسر الراء وسكون الدال أي راكبًا خلفه ( على حمار) له عليه الصلاة والسلام ( يقال له: عفير) ، بضم العين المهملة وفتح الفاء وبعد التحتية الساكنة راء تصغير أعفر أخرجوه عن بناء أصله كما قالوا سويد في تصغير أسود مأخوذ من العفرة وهي حمرة يخالطها بياض، ووهم عياض في ضبطه له بالغين المعجمة وهو غير الحمار الآخر الذي يقال له يعفور، وابن عبدوس حيث قال: إنهما واحد فإن عفيرًا أهداه المقوقس له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويعفورًا أهداه فروة بن عمرو، وقيل بالعكس ( فقال) :
( يا معاذ هل) ولأبي ذر: وهل ( تدري حق الله) كذا بإسقاط ما في الفرع وغيره في نسخة ما حق الله ( على عباده وما حق العباد على الله) ( قلت الله ورسوله أعلم.
قال)
: عليه الصلاة والسلام ( فإن حق الله على العباد أن يعبدوه) وللكشميهني أن يعبدوا بحذف المفعول ( ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد) بالنصب عطفًا على فإن حق الله ولأبي ذر: حق العباد ( على الله) بالرفع على الاستئناف فضلاً منه ( أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقلت يا رسول الله أفلا) أي قلت ذلك فلا ( أبشر به الناس) ؟ فالمعطوف عليه مقدر بعد الهمزة ( قال: لا تبشرهم) بذلك ( فيتكلوا) بتشديد المثناة الفوقية من الاتكال، وللكشميهني: فينكلوا بالنون الساكنة وكسر الكاف من النكول.
وفي اليونينية بضم الكاف لا غير.

ومطابقة الحديث للترجمة في قوله على حمار يقال له: عفير، لأن الحمار اسم جنس سمي ليتميز به عن غيره، والحديث أخرجه أيضًا في الرقاق، لكنه لم يسم فيه الحمار.




[ قــ :79 ... غــ : 857 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "كَانَ فَزَعٌ بِالْمَدِينَةِ، فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَسًا لَنَا يُقَالُ لَهُ مَنْدُوبٌ فَقَالَ: مَا رَأَيْنَا مِنْ فَزَعٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا".

وبه قال: (حدّثنا محمد بن بشار) بموحدة فمعجمة مشددة قال: (حدّثنا غندر) هو محمد بن جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (سمعت قتادة) بن دعامة (عن أنس بن مالك) -رضي الله عنه- أنه (قال: كان فزع) أي خوف (بالمدينة) أي ليلاً (فاستعار النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فرسًا لنا) لا ينافي قوله فيما سبق أنه لأبي طلحة لأنه زوج أمه (يقال له: مندوب) بغير ألف ولام وكان بطيء المشي (فقال):
حين استبرأ الخبر ورجع (ما رأينا من فزع وإن وجدناه أي الفرس (لبحرًا) شبه جريه لما كان كثيرًا بالبحر لكثرة مائه وعدم انقطاعه، وقال الخطابي: إن هنا نافية واللام في لبحرًا بمعنى إلا أي ما وجدناه إلا بحرًا والعرب تقول: إن زيد لعاقل أي ما بزيد إلاّ عاقل.

ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة، وقد كان للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أربعة وعشرون فرسًا لكل واحدة منها اسم مخصوص بعينه ويميزه عن غيره من جنسه وكان له بغلة تسمى: دلدل، وناقة تسمى القصواء، وأخرى تسمى العضباء.
وغير ذلك.