فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من قاد دابة غيره في الحرب

باب مَنْ قَادَ دَابَّةَ غَيْرِهِ فِي الْحَرْبِ
( باب من قاد دابّة غيره في الحرب) .


[ قــ :2737 ... غــ : 2864 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: "قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رضي الله عنه-: أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَفِرَّ، إِنَّ هَوَازِنَ كَانُوا قَوْمًا رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا لَقِينَاهُمْ حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ فَانْهَزَمُوا، فَأَقْبَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْغَنَائِمِ، فَاسْتَقْبَلُونَا بِالسِّهَامِ، فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يَفِرَّ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّهُ لَعَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِلِجَامِهَا وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ".
[الحديث 2864 - أطرافه في: 2874، 2930، 3042، 4315، 4316، 4317] .

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: ( حدّثنا سهل بن يوسف) الأنماطي ( عن شعبة) بن الحجاج ( عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي أنه قال: ( قال رجل) في رواية عند المؤلّف في غزوة حنين أنه من قيس ( للبراء بن عازب -رضي الله عنه-: أفررتم) وفي باب بغلة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والمغازي أوليتم ( عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم) وقعة ( حنين) ؟ وكانت لستِّ خلت من شوّال سنة ثمان ( قال: لكن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يفر) ، بتشديد نون لكن أي نحن فررنا، ولكن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يفر وحذف لأنه لم يرد أن يصرح بفرارهم، ومعلوم من حال نبينا وغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عدم الفرار لفرط إقدامهم وشجاعتهم وثقتهم بوعد الله في رغبتهم في الشهادة ولم يثبت عن أحد منهم أنه فر، ومن قال ذلك في النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قتل ولم يستتب عند مالك.
( إن هوازن) وهي قبيلة كبيرة من العرب ينسبون إلى هوازن بن منصور ( كانوا قومًا رماة) جمع رام ( وإنا لما لقيناهم حملنا
عليهم فانهزموا فأقبل المسلمون على الغنائم واستقبلونا)
أي هوازن ولأبي ذرّ فاستقبلونا بالفاء بدل الواو ( بالسهام فأما رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم يفر) ، أي فأما نحن فقد فررنا، وأما رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم يفر فبيّن شعبة أن فرار من فر لم يكن على نيّة الاستمرار في الفرار، وإنما انكشفوا من وقع السهام والفرار المتوعد عليه هو أن ينوي عدم العود وأما من تحيز إلى فئة أو كان فرارًا لكثرة عدد العدو بأن كان ضعفهم أو أكثر أو نوى العود إذا أمكنه فليس داخلاً في الوعيد، ( فلقد رأيته) عليه الصلاة والسلام ( وإنه لعلى بغلته البيضاء) ، التي أهداها له ملك أيلة أو فروة الجذامي ( وإن أبا سفيان) بن الحرث بن عبد المطلب ( آخذ بلجامها والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( أنا النبي لا كذب) ، أي أنا النبي والنبي لا يكذب فلست بكاذب فيما أقول حتى أنهزم وأنا متيقن أن الذي وعدني الله به من النصر حق فلا يجوز عليّ لفرار، وقوله لا كذب بسكون الباء.
وحكى ابن التين عن بعض أهل العلم أنه كان يقوله بفتح الباء ليخرجه عن الوزن.
قال في المصابيح: وهذا تغيير للرواية الثابتة بمجرد خيال يقوم في النفس، وقد سبق ما يدفع كون هذا شعرًا فلا حاجة إلى إخراج الكلام عما هو عليه في الرواية "أنا ابن عبد المطلب" انتسب إلى جده لشهرة عبد المطلب بين الناس لما رزق من نباهة الذكر وطول العمر بخلاف عبد الله أبيه فإنه مات شابًّا أو لأنه اشتهر أنه يخرج من ذرية عبد المطلب من يدعو إلى الله ويهدي الله الخلق به وأنه خاتم الأنبياء فانتسب إليه ليتذكر ذلك من كان يعرفه.