فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إضمار الخيل للسبق

باب إِضْمَارِ الْخَيْلِ لِلسَّبْقِ
( باب إضمار الخيل للسبق) أي إهزالها لأجل السبق وسبقت كيفية ذلك في الباب السابق.


[ قــ :2742 ... غــ : 2869 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنه-: "أَنَّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ، وَكَانَ أَمَدُهَا مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ سَابَقَ بِهَا".
قَالَ أَبُو عَبْدُ اللهِ: { فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ} [الحديد: 19] .

وبه قال: ( حدّثنا أحمد بن يونس) نسبه لجده واسم أبيه عبد الله اليربوعيّ الكوفي قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن نافع عن عبد الله) هو ابن عمر ( -رضي الله عنه-) وعن أبيه ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سابق) أي بنفسه أو أمر أو أباح المسابقة ( بين الخيل التي لم تضمر) بتشديد الميم المفتوحة ( وكان أمدها) أي غايتها ( من الثنية) المعروة بثنية الوداع ( إلى مسجد بني زريق) بضم الزاي بعدها راء مفتوحة ( وأن عبد الله بن عمر كان سابق بها) .
أي بالخيل التي لم تضمر وفيه دليل على أن المراد بالمسابقة بين الخيل مركوبة وليس المراد إرسال الفرسين ليجريا بأنفسهما.

( قال أبو عبد الله) : البخاري تبعًا لأبي عبيدة في المجاز ( أمدًا) أي غاية.
( { فطال عليهم الأمد} ) وهذا مما اتفق عليه أهل اللغة وقد سقط قوله قال أبو عبد الله إلخ في رواية الحموي والكشميهني، وقد أورد ابن بطال هنا سؤالاً وهو كيف ترجم على إضمار الخيل؟ وذكر أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سابق بين الخيل التي لم تضمر، وأجاب بأنه أشار بطرف من الحديث إلى بقيته وأحال على سائره لأن تمام الحديث: أنه عليه الصلاة والسلام سابق بين الخيل التي أضمرت وبين الخيل التي لم تضمر، وتعقبه ابن المنير فقال: إنما كان البخاري يترجم على الشيء من الجهة العامة لما قد يكون ثابتًا ولما قد يكون منفيًّا فمعنى قوله باب إضمار الخيل للسبق أي هل هو شرط أو لا فبيّن أنه ليس بشرط لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سابق بها مضمرة وغير مضمرة وهذا أقعد لمقاصد البخاري من قول الشارح، إنما ذكر طرفًا من الحديث ليدل على تمامه لأن لقائل أن يقول إذا لم يكن بدٌّ من الاختصار فذكر الطرف المطابق للترجمة أولى في البيان لا سيما والطرف المطابق هو أول الحديث، إذ أوله عن ابن عمر سابق النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين الخيل التي أضمرت من الحفياء إلى ثنية الوداع ثم ذكر الخيل التي لم تضمر كما ساق في هذه الترجمة فحمله على تأويلها لا يعترض عليه.
قال ابن حجر: ولا منافاة بين كلامه وكلام ابن بطال بل أفاد النكتة في الاقتصار.