فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال

باب غَزْوِ النِّسَاءِ وَقِتَالِهِنَّ مَعَ الرِّجَالِ

[ قــ :2752 ... غــ : 2880 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِنَّ تَنْقُزَانِ الْقِرَبَ -وَقَالَ غَيْرُهُ: تَنْقُلاَنِ الْقِرَبَ- عَلَى مُتُونِهِمَا ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلآنِهَا ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِه فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ".
[الحديث 2880 - أطرافه في: 2902، 3811، 4064] .

( باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال) .

وبه قال: ( حدّثنا أبو معمر) بفتح الميمين بينهما مهملة ساكنة عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج ميسرة المقعد التميمي المنقري مولاهم البصري قال: ( حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد التنوري قال: ( حدّثنا عبد العزيز) بن صهيب ( عن أنس -رضي الله عنه-) أنه ( قال: لما كان يوم أُحُد انهزم الناس عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .
وثبت -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم يبق معه من أصحابه إلا اثنا عشر رجلاً وكان سبب الهزيمة اشتغالهم بغنيمة الكفّار لما هزمهم المسلمون كما سيأتي إن شاء الله تعالى في المغازي ( قال) أنس: ( ولقد رأيت
عائشة بنت أبي بكر)
الصديق ( وأم سليم) هي أم أنس ( وإنهما لمشمرتان) بكسر الميم الثانية المشددة ( أرى) أبصر ( خدم سوقهما) بفتح الخاء المعجمة والدال المهملة خلاخيلهما وقيل سمي الخلخال خدمة لأنه ربما كان من سيور مركب فيها الذهب والفضة والخدمة في الأصل السير والمخدم موضع الخلخال من الساق، ولعل رؤيته لذلك كانت من غير قصد للنظر أو قبل الحجاب ( تنقزان القرب) بفتح حرف المضارعة وسكون النون وضم القاف وبعد الزاي ألف فنون، والنقز الوثب وهو لازم أي تثبان وتقفزان من سرعة السير والقرب بالنصب واستبعد لأن تنقز غير متعدٍّ وأوله بعضهم على نزع الخافض أي تثبان بالقرب، وقرأه بعضهم بالرفع على أنه مبتدأ خبره على متونهما والجملة حالية وضبط آخر تنقزان بضم حرف المضارعة من أنقز فعداه بالهمزة أي تحركان القرب لشدة عدوهما ويصح نصب القرب على هذا الوجه، وأعربه البدر الدماميني على أنه مفعول باسم فاعل منصوب على الحال محذوف أي تنقزان جاعلتين القرب أو ناقلتين القرب على متونهما قال وحذف العامل لدلالة الكلام عليه ( -وقال غيره) أي غير أبي معمر وهو جعفر بن مهران عن عبد الوارث ( تنقلان القرب-) باللام بدل الزاي ( على متونهما) أي ظهورهما ولا إشكال في النصب على هذه الرواية كما لا يخفى ( ثم تفرغانه) بضم حرف المضارعة من أفرغ أي تفرغان الماء الذي في القرب ( في أفواه القوم ثم ترجعان فتملآنها ثم تجيئان فتفرغانها) أي القرب ولأبي ذر: فتفرغانه أي الماء ( في أفواه القوم) قال ابن المنير: بوب على قتالهن وليس هو في الحديث فإما أن يريد أن إعانتهن للغزاة غزو وإما أن يريد أنهن ما ثبتن للمداواة ولسقي الجرحى إلا وهن يدافعن عن أنفسهن وهو الغالب فأضاف إليهن القتال لذلك؛ انتهى.

ويؤيد الأول حديث ابن عباس عند مسلم كان يغزو بهن فيداوين الجرحى، ويؤيد الثاني:
حديث أنس عند مسلم أيضًا أن أم سليم اتخذت خنجرًا يوم حنين فقالت اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه، وقد روي أن أم سليم كانت تسبق الشجعان في الجهاد وثبتت يوم حنين والأقدام قد تزلزلت والصفوف قد انتقضت والمنايا فغرت فاها فالتفت إليها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفي يدها خنجر فقالت: يا رسول الله أقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك كما يقتل هؤلاء الذين يحاربون فليسوا بشرّ منهم؟ فقال: "يا أم سليم إن الله قد كفى وأحسن".
وقد قاتل نساء قريش يوم اليرموك حين دهمتهم جموع الروم وخالطوا عسكر المسلمين يضربن النساء يومئذٍ بالسيوف وذلك في خلافة عمر.

وحديث الباب أخرجه أيضًا في فضل أبي طلحة وفي المغازي ومسلم في المغازي.