فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب دعوة اليهود والنصارى، وعلى ما يقاتلون عليه، وما كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى، وقيصر، والدعوة قبل القتال

باب دَعْوَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ، وَعَلَى مَا يُقَاتَلُونَ عَلَيْهِ؟ وَمَا كَتَبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَالدَّعْوَةِ قَبْلَ الْقِتَالِ
( باب دعوة اليهودي والنصراني) أي إلى الإسلام، ولأبي ذر: دعوة اليهود والنصارى ( على ما يقاتلون عليه) ؟ بفتح الفوقية من يقاتلون ( و) بيان ( ما كتب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى كسرى) ملك الفرس ( وقيصر) ، ملك الروم ومعنى قيصر البقير في لغتهم لأن أمه لما أتاها الطلق به ماتت فبقر بطنها عنه فخرج حيًّا وكان يفتخر بذلك لأنه لم يخرج من فرج ( و) بيان ( الدعوة) إلى الإسلام ( قبل القتال) .


[ قــ :2809 ... غــ : 2938 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا -رضي الله عنه- يَقُولُ: "لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ قِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لاَ يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَخْتُومًا، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِهِ، وَنَقَشَ فِيهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ".

وبه قال: ( حدّثنا علي بن الجعد) بفتح الجيم وسكون العين المهملة ابن عبيد الجوهري الهاشمي مولاهم البغدادي قال: ( أخبرنا شعبة) بن الحجاج ( عن قتادة) بن دعامة أنه ( قال: سمعت أنسًا -رضي الله عنه- يقول: لما أراد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يكتب إلى) أهل ( الروم قيل له: إنهم لا يقرؤون كتابًا إلا أن يكون مختومًا) كراهية أن يقرأ كتابهم غيرهم وروى من كرامة الكتاب ختمه.
وعن ابن المقفع: من كتب إلى أخيه كتابًا ولم يختمه فقد استخف به.
( فاتخذ خاتمًا) أي فأمر أن يصنع له خاتم ( من فضة) سنة ست ( فكأني أنظر إلى بياضه في) خنصر ( يده) اليسرى كما في مسلم أو اليمنى كما في الترمذي ( ونقش فيه محمد رسول الله) ثلاثة أسطر محمد سطر ورسول سطر والله سطر لكن لم تكن كتابته على الترتيب العادي فإن ضرورة الاحتياج إلى أن يختم به تقتضي أن تكون الأحرف المنقوشة مقلوبة ليخرج الختم مستويًا، ولعل مراد المؤلّف من الحديث قوله لما أراد أن يكتب لأنه يدل على أنه قد كتب، وهو الذي ذكره ابن عباس في حديث طويل.




[ قــ :810 ... غــ : 939 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى، فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ يَدْفَعُهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى.
فَلَمَّا قَرَأَهُ كِسْرَى خَرَّقَهُ، فَحَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ".

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد الأيلي ( عن ابن شهاب) الزهري أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عبيد الله) بتصغير عبد ( ابن عبد الله بن عتبة) بن مسعود ( أن عبد الله بن عباس) -رضي الله عنهما- ( أخبره أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث بكتابه) مع عبد الله بن حذافة السهمي ( إلى كسرى فأمره) أي أمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابن حذافة ( أن يدفعه إلى عظيم البحرين) المنذر بن ساوى بفتح السين
المهملة والواو وكان من تحت يد كسرى والبحرين تثنية بحر موضع بين البصرة وعمان وعبر بعظيم دون ملك لأنه لا ملك ولا سلطنة للكفار ( يدفعه عظيم البحرين إلى كسرى) فذهب به إلى عظيم البحرين فدفعه إليه ثم دفعه عظيم البحرين إلى كسرى، ( فلما قرأه كسرى خرقه) بتشديد الراء بعد الخاء المعجمة وفي طريق صالح عن ابن شهاب عند المؤلّف في كتاب العلم مزقه بدل خرقه قال ابن شهاب: ( فحسبت أن سعيد بن المسيب قال) : لما مزقه وبلغ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غضب ( فدعا عليهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن) أي بأن ( يمزقوا) أي بالتمزيق ( كل ممزق) .
بفتح الزاي فيهما أي يفرقوا كل نوع من التفريق فسلط على كسرى ابنه شيرويه فقتله بأن مزق بطنه سنة سبع فتمزق ملكه كل ممزق وزال من جميع الأرض واضمحل بدعوته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وفي هذا الحديث الدعاء إلى الإسلام بالكلام والكتابة وأن الكتابة تقوم مقام النطق، وقد اختلف في اشتراط الدعاء قبل القتال، ومذهب الشافعية وجوب عرض الإسلام أوّلاً على الكفار بأن ندعوهم إليه إن علمنا أنه لم تبلغهم الدعوة وإلاّ استحب.