فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب البيعة في الحرب أن لا يفروا، وقال بعضهم: على الموت

باب الْبَيْعَةِ فِي الْحَرْبِ أَنْ لاَ يَفِرُّوا،.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ: عَلَى الْمَوْتِ
لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] .

( باب البيعة في الحرب) على ( أن لا يفروا وقال بعضهم على الموت) أي على أن لا يفروا ولو ماتوا ( لقوله تعالى) : ولأبي ذر: عز وجل بدل قوله تعالى: ( { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك} ) يوم الحديبية بيعة الرضوان ( { تحت الشجرة} ) [الفتح: 18] .
السمرة أو أم غيلان وهم يومئذ ألف وخمسمائة وأربعون رجلاً وقد أخبر سلمة بن الأكوع وهو من بايع تحت الشجرة أنه بايع على الموت وليس المراد أن يقع الموت ولا بدّ بل عدم الفرار ولو ماتوا.


[ قــ :2827 ... غــ : 2958 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- "رَجَعْنَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَمَا اجْتَمَعَ مِنَّا اثْنَانِ عَلَى الشَّجَرَةِ الَّتِي بَايَعْنَا تَحْتَهَا، كَانَتْ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ.
فَسَأَلْتُ نَافِعًا: عَلَى أَىِّ شَىْءٍ بَايَعَهُمْ، عَلَى الْمَوْتِ؟ قَالَ: لاَ، بَايَعَهُمْ عَلَى الصَّبْرِ".

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري التبوذكي قال: ( حدّثنا جويرية) بضم الجيم مصغرًا جارية ابن أسماء الضبعي البصري ( عن نافع) مولى ابن عمر ( قال: قال عمر) ابن الخطاب ( -رضي الله عنهما- رجعنا من العام المقبل) ، الذي بعد صلح الحديبية إليها ( فما اجتمع منا اثنان على الشجرة النبي بايعنا تحتها) أي ما وافق منا رجلان على هذه الشجرة أنها هي التي وقعت المبايعة تحتها بل خفي مكانها أو اشتبهت عليهم لئلا يحصل بها افتتان لما وقع تحتها من الخير فلو بقيت لما أمن من
تعظيم الجهال لها حتى ربما يفضي بهم إلى اعتقاد أنها تضر وتنفع فكان في إخفائها رحمة، وإلى ذلك أشار ابن عمر بقوله: ( كانت رحمة من الله) .
قال جويرية ( فسألت) ولأبي ذر عن الكشميهني: فسألنا ( نافعًا) مولى ابن عمر ( على أيّ شيء بايعهم) عليه السلام ( على الموت) فهمزة الاستفهام مقدرة ( قال: لا.
بايعهم)
ولأبي ذر عن الكشميهني بل بايعهم ( على الصبر) أي على الثبات وعدم الفرار سواء أفضى بهم ذلك إلى الموت أم لا.




[ قــ :88 ... غــ : 959 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "لَمَّا كَانَ زَمَنَ الْحَرَّةِ أَتَاهُ آتٍ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ حَنْظَلَةَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى الْمَوْتِ.
فَقَالَ: لاَ أُبَايِعُ عَلَى هَذَا أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
[الحديث 959 - طرفه في: 4167] .

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي وسقط عند أبي ذر ابن إسماعيل قال: ( حدّثنا وهيب) بضم الواو مصغرًا ابن خالد قال: ( حدثنا عمرو بن يحيى) بفتح العين وسكون الميم الأنصاري المدني ( عن عباد بن تميم) بفتح العين وتشديد الموحدة ابن زيد بن عاصم ( عن) عمه ( عبد الله بن زيد) الأنصاري المدني ( -رضي الله عنه- قال: لما كان زمن الحرة) بفتح الحاء وتشديد الراء أي زمن وقعة الحرة وهي حرة زهرة أو واقم بالمدينة سنة ثلاث وستين، وسببها أن عبد الله بن حنظلة وغيره من أهل المدينة وفدوا إلى يزيد بن معاوية فرأوا منه ما لا يصلح فرجعوا إلى المدينة فخلعوه وبايعوا عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه-، فأرسل يزيد بن مسلم بن عقبة فأوقع بأهل المدينة وقعة عظيمة قتل من وجوه الناس ألفًا وسبعمائة ومن أخلاط الناس عشرة آلاف سوى النساء والصبيان ( أتاه آتِ فقال له: إن ابن حنظلة) هو عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الذي يعرف أبوه بغسيل الملائكة وكان أميرًا على الأنصار ( يبايع الناس على الموت فقال) عبد الله بن زيد ( لا أبايع على هذا أحدًا بعد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) والفرق أنه عليه الصلاة والسلام يستحق على كل مسلم أن يفديه بنفسه بخلاف غيره، وهل يجوز لأحد أن يستهدف عن أحد لقصد وقايته أو يكون ذلك من إلقاء اليد إلى التهلكة؟ تردد فيه ابن المنير قال: لا خلاف أنه لا يؤثر أحد أحدًا بنفسه لو كان في مخمصة ومع أحدهما قوت نفسه خاصة قاله في المصابيح.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في المغازي وكذا مسلم.




[ قــ :89 ... غــ : 960 ]
- حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "بَايَعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ عَدَلْتُ إِلَى ظِلِّ الشَّجَرَةِ، فَلَمَّا خَفَّ النَّاسُ قَالَ يَا ابْنَ الأَكْوَعِ أَلاَ تُبَايِعُ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَأَيْضًا.
فَبَايَعْتُهُ الثَّانِيَةَ.
فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ، عَلَى أَىِّ
شَىْءٍ، كُنْتُمْ تُبَايِعُونَ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: عَلَى الْمَوْتِ".
[الحديث 960 - أطرافه في: 4169، 706، 708] .

وبه قال: ( حدّثنا المكي بن إبراهيم) بن بشير بن فرقد الحنظلي التميمي قال: ( حدّثنا يزيد بن أبي عبيد) مولى سلمة بن الأكوع ( عن سلمة) بن الأكوع سنان بن عبد الله ( -رضي الله عنه- قال: بايعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بيعة الرضوان بالحديبية تحت الشجرة ( ثم عدلت إلى ظل الشجرة) المعهودة، ولأبي ذر: إلى ظل شجرة ( فلما خفّ الناس قال) : عليه الصلاة والسلام:
( يا ابن الأكوع ألا تبايع) ؟ ( قال: قلت: قد بايعت يا رسول الله، قال) : ( و) بايع ( أيضًا) مرة أخرى ( فبايعته الثانية) .
وإنما بايعه مرة ثانية لأنه كان شجاعًا بذّالاً لنفسه فأكد عليه العقد احتياطًا حتى يكون بذله لنفسه عن رضًا متأكد وفيه دليل على أن إعادة لفظ النكاح وغيره ليس فسخًا للعقد الأول خلافًا لبعض الشافعية قاله ابن المنير.
قال يزيد بن أبي عبيد ( فقلت له) : أي لسلمة بن الأكوع ( يا أبا مسلم) ، وهي كنية سلمة ( على أيّ شيء كنتم تبايعون يومئذ؟ قال) : كنا نبايع ( على الموت) أي على أن لا نفر ولو متنا.

وفي هذا الحديث الثلاثي التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلّف أيضًا في المغازي والترمذي والنسائي في السير.




[ قــ :830 ... غــ : 961 ]
- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا -رضي الله عنه- يَقُولُ: كَانَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ تَقُولُ:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا حَيِينَا أَبَدَا
فَأَجَابَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَهْ، فَأَكْرِمِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ".

وبه قال: ( حدّثنا حفص بن عمر) بن الحرث الحوضي البصري قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن حميد) الطويل ( قال: سمعت أنسًا -رضي الله عنه- يقول: كانت الأنصار يوم) حفر ( الخندق تقول:
نحن الذين بايعوا محمدًا ... على الجهاد ما حيينا أبدا)

وفي بعض الأصول كما نبّه عليه البرماوي نحن الذي بغير نون وهو على حدّ: { وخضتم كالذي خاضوا} [التوبة: 69] .
وسبق في باب حفر الخندق بلفظ: على الإسلام بدل قوله هنا على الجهاد وهو الموزون ( فأجابهم) متمثلاً بقول ابن رواحة يحرضهم على العمل ( فقال) ولغير أبي ذر فأجابهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال:
( اللهم) لكن قال الداودي إنما قال ابن رواحة لا هم بغير ألف ولا لام فأتى به بعض الرواة على المعنى وليس بموزون ولا هو رجز ( لا عيش) يعتبر أو يبقى ( إلاّ عيش الآخرة فأكرم الأنصار والمهاجرة) .

ومطابقته للترجمة من قوله على الجهاد ما حيينا أبدًا فإن معناه يؤول إلى أنهم لا يفرون عنه في الحرب أصلاً.

96 و 963 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ مُجَاشِعٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَا وَأَخِي فَقُلْتُ: بَايِعْنَا عَلَى الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: مَضَتِ الْهِجْرَةُ لأَهْلِهَا.
فَقُلْتُ: عَلاَمَ تُبَايِعُنَا؟ قَالَ: عَلَى الإِسْلاَمِ وَالْجِهَادِ".
[الحديث 96 - أطرافه في: 3078، 4305، 4307] .
[الحديث 963 - أطرافه في: 3079، 4306، 4308] .

وبه قال: ( حدّثنا إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه أنه ( سمع محمد بن فضيل) بضم الفاء تصغير فضل بن غزوان الكوفي ( عن عاصم) هو ابن سليمان الأحول ( عن أبي عثمان) عبد الرحمن النهدي بالنون البصري ( عن مجاشع) بضم الميم وتخفيف الجيم وكسر الشين المعجمة آخره عين مهملة ابن مسعود السلمي بضم السين قتل يوم الجمل ( -رضي الله عنه- قال: أتيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بعد الفتح ( أنا وأخي) مجالد بضم الميم وتخفيف الجيم وكسر اللام آخره دال مهملة ابن مسعود قال مجاشع ( فقلت) : يا رسول الله ( بايعنا) بكسر المثناة التحتية وسكون العين ( على الهجرة.
فقال)
: عليه الصلاة والسلام:
( مضت الهجرة) أي حكمها ( لأهلها) الذين هاجروا قبل الفتح فلا هجرة بعده ولكن جهاد ونية ( فقلت) : يا رسول الله ( علام) بحذف الألف وإبقاء الفتحة دليلاً عليها كفيم للفرق بين الاستفهام والخبر ولأبي ذر قلت علاما بإسقاط الفاء قبل القاف وإثبات الألف بعد الميم أي على أي شيء ( تبايعنا؟ قال) : عليه الصلاة والسلام أبايعكم ( على الإسلام والجهاد) إذا احتيج إليه، وقد كان قبل من بايع قبل الفتح لزمه الجهاد أبدًا ما عاش إلا لعذر ومن أسلم بعده فله أن يجاهد وله التخلف عنه بنية صالحة إلا إن احتيج كنزول عدوّ فيلزم كل أحد.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في المغازي والجهاد ومسلم في المغازي.