فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الجعائل والحملان في السبيل

باب الْجَعَائِلِ وَالْحُمْلاَنِ فِي السَّبِيلِ
( باب الجعائل) بالجيم والعين المفتوحتين جمع جعيلة ما يجعله القاعد من الأجرة لمن يغزو عنه ( والحملان) بضم الحاء المهملة وسكون الميم مجرور عطفًا على سابقه مصدر كالحمل ( في السبيل) أي سبيل الله وهو الجهاد.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ:.

قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ: الْغَزْوُ.
قَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُعِينَكَ بِطَائِفَةٍ مِنْ مَالِي.
قُلْتُ: أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيَّ.
قَالَ: إِنَّ غِنَاكَ لَكَ، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالِي فِي هَذَا الْوَجْهِ.
.

     وَقَالَ  عُمَرُ: إِنَّ نَاسًا يَأْخُذُونَ مِنْ هَذَا الْمَالِ لِيُجَاهِدُوا، ثُمَّ لاَ يُجَاهِدُونَ، فَمَنْ فَعَلَهُ فَنَحْنُ أَحَقُّ بِمَالِهِ حَتَّى نَأْخُذَ
مِنْهُ مَا أَخَذَ.
.

     وَقَالَ  طَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ: إِذَا دُفِعَ إِلَيْكَ شَىْءٌ تَخْرُجُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ وَضَعْهُ عِنْدَ أَهْلِكَ.

( وقال مجاهد) هو ابن جبر ضد الكسر المفسر التابعي مما وصله المؤلّف في غزوة الفتح بمعناه ( قلت لابن عمر) بن الخطاب ( الغزو) أريد بالرفع كما في الفرع مبتدأ خبره محذوف، ولأبي ذر عن الكشميهني: أتغزو بالنون المفتوحة وضم الزاي بعدها واو، وفي بعض الأصول الغزو بالنصب مفعولاً بفعل محذوف أي أريد الغزو، وقول ابن حجر على الإغراء والتقدير عليك الغزو، وتعقبه العيني بأنه لا يستقيم ولا يصح معناه لأن مجاهدًا يخبر عن نفسه أنه يريد الغزو لا أنه يطلب من ابن عمر ذلك ويدل له قوله ( قال) ابن عمر: ( إني أحب أن أعينك بطائفة من مالي.
قلت: أوسع الله عليّ.
قال: إن غناك لك، وإني أحب أن يكون من مالي في هذا الوجه)
.
فيه أنه لا يكره إعانة المغازي بنحو فرس.
نعم اختلف فيما إذا آجر الغازي نفسه أو فرسه في الغزو فجوّزه الشافعية وكره المالكية وكذا الحنفية لكنهم استثنوا ما إذا كان بالمسلمين ضعف وليس في بيت المال شيء وإن أعان بعضهم بعضًا جاز لا على وجه البدل.

( وقال عمر) بن الخطاب مما وصله ابن أبي شيبة وكذا المؤلّف في تاريخه من هذا الوجه ( إن ناسًا يأخذون من هذا المال ليجاهدوا) نصب بلام كي بحذف النون ( ثم لا يجاهدون فمن فعله) أي الأخذ ولم يجاهد ولأبي ذر فمن فعل ( فنحن أحق بماله حتى نأخذ منه ما أخذ) أي الذي أخذه وفيه أن كل من أخذ شيئًا من بيت المال على عمل إذا أهمل العمل ردّ ما أخذ بالقضاء وكذلك الأخذ منه على عمل لا يتهيأ له.

( وقال طاوس ومجاهد: إذا دفع إليك شيء) يضم الدال مبنيًّا للمفعول ( تخرج به في سببل الله فاصنع به ما شئت) مما يتعلق بسبيل الله ( وضعه) أي حتى الوضع ( عند أهلك) .
فإنه أيضًا من تعلقاته.


[ قــ :2837 ... غــ : 2970 ]
- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ، فَقَالَ زَيْدٌ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: "قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه-: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَرَأَيْتُهُ يُبَاعُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آشْتَرِيهِ؟ فَقَالَ: لاَ تَشْتَرِهِ وَلاَ تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ".

وبه قال: ( حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( قال: سمعت مالك بن أنس) الأصبحي إمام دار الهجرة ( سأل زيد بن أسلم فقال زيد: سمعت أبي) أسلم مولى عمر بن الخطاب ( يقول: قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: حملت على فرس في سبيل الله) أي ملكه وعند المؤلّف أنه أعطاها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليحمل عليها فحمل عليها رجل الحديث قال عمر ( فرأيته) أي الفرس ( يباع فسألت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آشتريه) بهمزة استفهام ممدودة ( فقال) :
( لا تشتره) بحذف الياء قبل الهاء جزمًا على النهي ( ولا تعد) أي لا ترجع ( في صدقتك) .

ومطابقة هذا الحديث للترجمة من حيث أن الفرس الذي حمل عليه في سبيل الله كان حملانًا ولم يكن حبسًا إذ لو كان حبسًا لم يجز بيعه.




[ قــ :838 ... غــ : 971 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما- "أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهُ فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: لاَ تَبْتَعْهُ وَلاَ تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ".

وبه قال: ( حدثنا إسماعيل) بن أبي أويس ( قال: حدّثني) بالإفراد ( مالك) الإمام ( عن نافع عن عبد الله بن عمر) ولأبي ذر عن ابن عمر ( -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب) سقط في رواية أبي ذر ابن الخطاب ( حمل على فرس في سبيل الله فوجده يباع) بضم أوله مبنيًّا للمفعول ( فأراد أن يبتاعه) أي يشتريه ( فسأل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) :
( لا تبتعه) بسكون الموحدة وجزم العين على النهي أي لا تشتره ( ولا تعد في صدقتك) .




[ قــ :839 ... غــ : 97 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ وَلَكِنْ لاَ أَجِدُ حَمُولَةً، وَلاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ، وَيَشُقُّ عَلَىَّ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي قَاتَلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقُتِلْتُ ثُمَّ أُحْيِيتُ، ثُمَّ قُتِلْتُ ثُمَّ أُحْيِيتُ».

وبه قال: (حدثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى بن سعيد) القطان (عن يحيى بن سعيد الأنصاري قال: حدّثني) بالإفراد (أبو صالح) ذكوان الزيات (قال: سمعت أبا هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(لولا أن أشق على أمتي) لأن أنفسهم لا تطيب بالتخلف ولا يقدرون على التأهب لعجزهم عن آلة السفر (ما تخرفت عن سرية)، هي القطعة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدوّ (ولكن لا أجد حمولة) هي التي يحمل عليها من كبار الإبل (ولا أجد ما أحملهم عليه وبشق علي أن يتخلفوا عني، ولوددت أي والله لوددت (أني قاتلت في سبيل الله فقتلت ثم أحييت، ثم قتلت ثم أحييت).

بالبناء للمفعول في الأربعة وتمنّيه عليه الصلاة والسلام ذلك للحرص منه على الوصول إلى أعلى درجات الشاكرين بدلاً لنفسه في مرضاة ربه وإعلاء كلمته ورغبته في الازدياد من الثواب ولتتأسى به أمته.



باب الأَجِيرِ
وَقَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ: يُقْسَمُ لِلأَجِيرِ مِنَ الْمَغْنَمِ.

وَأَخَذَ عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ فَرَسًا عَلَى النِّصْفِ فَبَلَغَ سَهْمُ الْفَرَسِ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ، فَأَخَذَ مِائَتَيْنِ وَأَعْطَى صَاحِبَهُ مِائَتَيْنِ.

( باب الأجير) في الغزو هل يسهم له أم لا.
( وقال الحسن) البصري ( وابن سيرين) محمد مما وصله عبد الرزاق عنهما بمعناه ( يقسم للأجير من المغنم) خصّه الشافعية بالأجير لغير الجهاد كسياسة الدواب وحفظ الأمتعة ونحوهما مع القتال لأنه شهد الواقعة وتبين بقتاله أنه لم يقصد بخروجه محض غير الجهاد بخلاف ما إذا لم يقاتل ومحل ذلك في أجير وردت الإجارة على عينه فإن وردت على ذمته أعطي وإن لم يقاتل سواء تعلقت بمدة معينة أم لا.
أما الأجير للجهاد فإن كان ذميًّا فله الأجرة دون السهم والرضخ إذ لم يحضر مجاهدًا لإعراضه عنه بالإجارة أو مسلمًا فلا أجرة له لبطلان إجارته له لأنه بحضوره الصف يتعين عليه وهل يستحق السهم فيه وجهان في الروضة وأصلها أحدهما نعم لشهود الوقعة والثاني لا وبه قطع البغوي سواء قاتل أم لا إذ لم يحضر مجاهدًا لإعراضه عنه بالإجارة وكلام الرافعي يقتضي ترجيحه.
وقال المالكية والحنفية إذا استؤجر لأن يقاتل لا يسهم له.

( وأخذ عطية بن قيس) الكلاعي الحمصي أو الدمشقي المتوفى سنة عشر ومائة ( فرسًا) لم يسم صاحب الفرس ( على النصف) مما يخص غيرها من الكراع وقت القسمة ( فبلغ سهم الفرس أربعمائة دينار، فأخذ مائتين وأعطى صاحبه) النصف ( مائتين) .
وقد وافقه على ذلك الأوزاعي وأحمد خلافًا للأئمة الثلاثة، وقد زاد المستملي هنا باب استعارة الفرس في الغزو قال الحافظ ابن حجر وهو خطأ لأنه يستلزم أن يخلو باب الأجير من حديث مرفوع ولا مناسبة بينه وبين حديث يعلى بن أمية اهـ.


[ قــ :839 ... غــ : 973 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنه- قَالَ: "غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَزْوَةَ تَبُوكَ فَحَمَلْتُ عَلَى بَكْرٍ، فَهْوَ أَوْثَقُ أَعْمَالِي فِي نَفْسِي، فَاسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا فَقَاتَلَ رَجُلاً فَعَضَّ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ فِيهِ وَنَزَعَ ثَنِيَّتَهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَهْدَرَهَا فَقَالَ: أَيَدْفَعُ يَدَهُ إِلَيْكَ فَتَقْضَمُهَا كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ؟
وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا ( سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ( عن عطاء) هو ابن أبي رباح ( عن صفوان بن يعلى عن أبيه) يعلى بن أمية ( -رضي الله عنه- قال: غزوت مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غزوة تبوك فحملت على بكر) فتيّ الإبل ( فهو أوثق أعمالي في نفسي) بالمثلثة قبل القاف وأعمالي بالعين المهملة وللحموي أوفق أحمالي بالفاء، بدل المثلثة والحاء المهملة بدل العين وللمستملي أوثق أجمالي بالمثلثة وبالجيم وصوب البرماوي الأولى ( فاستأجرت أجيرًا) لم يسم وفي رواية أبي داود آذن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الغزو وأنا شيخ ليس لي خادم فالتمست أجيرًا يكفيني وأجرى له سهمين فوجدت رجلاً فلما دنا الرحيل أتاني فقال: ما أدري ما السهمان فسم لي شيئًا كان السهم أو لم يكن؟ فسميت له
ثلاثة دنانير ( فقاتل) الأجير ( رجلاً) هو يعلى بن أمية نفسه ( فعض أحدهما الأخر) في مسلم أن العاض هو يعلى بن أمية ( فانتزع) المعضوض ( يده من فيه) من في العاض ( ونزع ثنيته) واحدة الثنايا من الأسنان ( فأتى) العاض الذي نزعت ثنيته ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأهدرها) أي أسقطها ( فقال) : بالفاء، ولأبي ذر: وقال:
( أيدفع يده إليك فتقضمها) بفتح المثناة الفوقية والضاد المعجمة من القضم وهو الأكل بأطراف الأسنان يقال قضمت الدابة بالكسر تقضم بالفتح ( كما يقضم الفحل) بالحاء المهملة لا الفجل بالجيم والغرض منه قوله فاستأجرت أجيرًا.



باب مَا قِيلَ فِي لِوَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
( باب ما قيل في لواء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) اللواء بكسر اللام والمد الراية وهي العلم أيضًا أو هو غيرها وهي ثوب يجعل في طرف الرمح ويخلى كهيئته تصفقه الرياح والعلم يعقد أو هو دونها أو هو العلم الضخم وعلى التفرقة قوم كالترمذي، ويؤيده حديث ابن عباس المروي عنده وأحمد: كانت راية رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سوداء ولواؤه أبيض، ومثله عند الطبراني عن بريدة.
وعند ابن عدي عن أبي هريرة وزاد: مكتوب فِه: لا إله إلا الله محمد رسول الله وهو ظاهر في التغاير، والذي صرح به غير واحد من أهل اللغة ترادفهما فلعل التفرقة بينهما عرفية وقد كانت الراية يمسكها رئيس الجيش ثم صارت تحمل على رأسه، وأما العلم العلامة لمحل الأمير ومعه حيث دار وكان اسم رايته عليه الصلاة والسلام العقاب.


[ قــ :839 ... غــ : 974 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: حَدَّثَنا اللَّيْثُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيُّ: "أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ الأَنْصَارِيَّ -رضي الله عنه-وَكَانَ صَاحِبَ لِوَاءِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-- أَرَادَ الْحَجَّ فَرَجَّلَ".

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن أبي مريم) بكسر العين هو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم الجمحي ( قال: حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا ( الليث) بن سعيد الإمام ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي ( عن ابن شهاب) الزهري ( قال: أخبرني) بالإفراد ( ثعلبة بن أبي مالك) عبد الله المدني ( القرظي أن قيس بن سعد) أي ابن عبادة ( الأنصاري) الصحابي ابن الصحابي سيد الخزرج ابن سيدهم ( -رضي الله عنه-: وكان صاحب لواء رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) جملة معترضة بين اسم أن وخبرها وهو قوله ( أراد الحج فرجل) بتشديد الجيم لا بالحاء المهملة أي سرح شعر رأسه قبل أن يحرم بالحج فمفعول رجل محذوف.
وهذا طرف من حديث أخرجه الإسماعيلي وتمامه: فرجَّل أحد شقي رأسه فقام غلام له فقلد هديه فنظر قيس فإذا هديه قد قلد فأهلّ بالحج ولم يرجل شق رأسه الآخر، وإنما اقتصر على هذا القدر الذي ساقه لأنه موقوف وليس من غرضه وإنما أراد منه أن قيسًا
كان صاحب لوائه عليه الصلاة والسلام أي الذي يختص بالخزرج من الأنصار، وقد كان عليه الصلاة والسلام يدفع إلى كل رئيس قبيلة لواء يقاتلون تحته.
نعم قوله وكان صاحب لوائه مرفوع لأنه لا يتقرر في ذلك إلا بإذنه عليه الصلاة والسلام.




[ قــ :839 ... غــ : 975 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سعيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ -رضي الله عنه- قَالَ: "كَانَ عَلِيٌّ -رضي الله عنه- تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي خَيْبَرَ، وَكَانَ بِهِ رَمَدٌ، فَقَالَ: أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَخَرَجَ عَلِيٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِي فَتَحَهَا فِي صَبَاحِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ -أَوْ قَالَ: لَيَأْخُذَنَّ- غَدًا رَجُلٌ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، أَوْ قَالَ: يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ.
فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِيٍّ وَمَا نَرْجُوهُ.
فَقَالُوا: هَذَا عَلِيٌّ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ".
[الحديث 975 - طرفاه في: 3701، 409] .

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) ولأبي ذر قتيبة بن سعيد قال: ( حدّثنا حاتم بن إسماعيل) بالحاء المهملة الكوفي سكن المدينة ( عن يزيد بن أبي عبيد) بضم العين وفتح الموحدة مولى سلمة ( عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- قال: كان علي) هو ابن أبي طالب ( -رضي الله عنه- تخلف عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في) غزوة ( خيبر وكان به رمد فقال: أنا أتخلف عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ؟ يعني لأجل الرمد والهمزة في أنا للاستفهام مقدرة أو ملفوظة للإنكار كأنه أنكر على نفسه تخلفه ( فخرج عليّ فلحق بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بخيبر أو في أثناء الطريق ( فلما كان مساء الليلة التي فتحها في صباحها فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لأُعطين الراية) بضم الهمزة وفي اليونينية لأعطين بفتحها ( أو قال) : ( ليأخذن) شك الراوي ولأبي ذر أو ليأخذن فأسقط لفظ قال ( غدا رجل) بالرفع على الفاعلية وللحموي والمستملي رجلاً بالنصب مفعول لأعطين ( يحبه الله ورسوله) ( أو قال) : ( يحب الله ورسوله يفتح الله عليه) خيبر ( فإذا نحن بعليّ) قد حضر ( وما نرجوه) أي بقدومه في ذلك الوقت للرمد الذي به ( فقالوا) للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( هذا علي) قد حضر ( فأعطاه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الراية ( ففتح الله عليه) خيبر، والغرض منه قوله: "لأعطين الراية غدًا رجلاً يحبه الله" فإنه يشعر بأن الراية لم تكن خاصة بشخص بعينه بل كان يعطيها في كل غزوة لمن يريد.