فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب حمل الزاد في الغزو

باب حَمْلِ الزَّادِ فِي الْغَزْوِ وَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197]
( باب حمل الزاد في الغزو، وقول الله تعالى) ولأبي ذر: عز وجل بدل قوله تعالى: ( { وتزودوا} ) في سفركم للحج والعمرة ما تكفون به وجوهكم عن المسألة ( { فإن خير الزاد التقوى} )
[البقرة: 197] كان ناس من أهل اليمن يحجّون بلا زاد مظهرين التوكل ثم يسألون الناس فنزلت أي فمن التقوى الكف عن السؤال والإبرام.
وقال بعضهم: تزوّدوا لسفر الدنيا بالطعام وتزوّدوا لسفر الآخرة بالتقوى فإن خير الزاد التقوى.


[ قــ :2846 ... غــ : 2979 ]
- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي -وَحَدَّثَتْنِي أَيْضًا فَاطِمَةُ- عَنْ أَسْمَاءَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "صَنَعْتُ سُفْرَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى الْمَدِينَةِ.
قَالَتْ: فَلَمْ نَجِدْ لِسُفْرَتِهِ وَلاَ لِسِقَائِهِ مَا نَرْبِطُهُمَا بِهِ، فَقُلْتُ لأَبِي بَكْرٍ: وَاللَّهِ مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبِطُ بِهِ إِلاَّ نِطَاقِي.
قَالَ: فَشُقِّيهِ بِاثْنَيْنِ فَارْبِطِيهِ: بِوَاحِدٍ السِّقَاءَ، وَبِالآخَرِ السُّفْرَةَ، فَفَعَلْتُ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ".
[الحديث 2979 - طرفاه في: 3907، 5388] .

وبه قال: ( حدّثنا عبيد بن إسماعيل) بضم العين مصغرًا الهباري الكوفي ( قال: حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة ( عن هشام) هو ابن عروة ( قال: أخبرني) بالإفراد ( أبي) عروة بن الزبير بن العوام ( وحدّثتني) بالإفراد ( أيضًا فاطمة) بنت المنذر زوج هشام كلاهما ( عن أسماء) بنت أبي بكر ( -رضي الله عنها-) وعن أبيها ( قالت: صنعت سفرة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بضم سين سفرة وسكون فائها طعام يتخذه المسافر وأكثر ما يحمل في جلد مستدير فنقل اسم الطعام إلى الجلد وسمي به كما سميت المزادة راوية ( في بيت أبي بكر) -رضي الله عنه- ( حين أراد أن يهاجر) من مكة ( إلى المدينة قالت) : أسماء ( فلم نجد لسفرته ولا لسقائه) بكسر السين ظرف الماء من الجلد ( ما نربطهما به) بالنون وكسر الموحدة كاللاحقة كما في الفرع وأصله.

وهذا موضع الترجمة لأنه يدل على حمل الزاد لأجل السفر، لكنه استشكل لكونه لم يكن سفر غزو.
وأجيب بالقياس عليه.

( فقلت لأبي بكر: والله ما أجد شيئًا أربط به إلاّ نطاقي) بكسر النون ما تشدّ به المرأة وسطها ليرتفع به ثوبها من الأرض عند المهنة أو إزار فيه تكة أو ثوب تلبسه المرأة ثم تشد وسطها بحبل ثم ترسل الأعلى على الأسفل ( قال) لها أبو بكر ( فشقّيه باثنين فاربطيه) وللأصيلي فاربطي ( بواحد السقاء وبالآخر السفرة ففعلت) ذلك بفتح اللام وسكون الفوقية مصحّحًا عليه في الفرع وفي اليونينية ففعلت بسكون اللام وضم الفوقية قال الراوي ( فلذلك سميت) أسماء ( ذات النطاقين) .
وقيل لأنها كانت تجعل نطاقًا على نطاق أو كان لها نطاقان تلبس أحدهما وتحمل في الآخر الزاد، والمحفوظ الأوّل.




[ قــ :847 ... غــ : 980 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: "كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الأَضَاحِيِّ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَةِ".

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( أخبرنا سفيان) بن عيينة ( عن عمرو) بفتح العين هو ابن دينار ( قال: أخبرني) بالإفراد، ولأبي ذر قال عمرو أخبرني ( عطاء) هو ابن أبي رباح ( سمع جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال) : ( كنّا نتزوّد لحوم الأضاحي) بتشديد الياء كما في الفرع ويجوز التخفيف جمع أضحية ما يذبح في يوم عيد الأضحى ( على عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى المدينة) وهذا وإن لم يكن سفر غزو لكن سفر الغزو مقيس عليه، ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: "كنا نتزود".

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف في الأضاحي والأطعمة ومسلم في الأضاحي والنسائي في الحج.




[ قــ :848 ... غــ : 981 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنِي بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ -رضي الله عنه- أَخْبَرَهُ "أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالصَّهْبَاءِ -وَهْيَ أدنى خَيْبَرَ- فَصَلَّوُا الْعَصْرَ، فَدَعَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالأَطْعِمَةِ، وَلَمْ يُؤْتَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلاَّ بِسَوِيقٍ، فَلُكْنَا فَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا، ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا وَصَلَّيْنَا".

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن المثنى) بن عبيد الزمن العنزي البصري قال: ( حدّثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي ( قال: سمعت يحيى) بن سعيد الأنصاري ( قال: أخبرني) بالإفراد ( بشير بن يسار) بضم الموحدة وفتح الشين المعجمة ويسار ضد اليمين الحارثي الأنصاري المدني ( أن سويد بن النعمان) بن مالك الأنصاري ( -رضي الله عنه- أخبره أنه خرج مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام خيبر) في غزوتها سنة سبع وخيبر غير منصرف للتأنيث والعلمية ( حتى إذا كانوا) أي النبي وأصحابه ( بالصهباء) بالمهملة والموحدة والمد ( وهي) أي الصهباء ( من خيبر وهي أدنى خيبر) أي أسفلها ( فصلوا العصر) ( فدعا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالأطعمة فلم يؤت) بالفاء ولأبي ذر: ولم يؤت ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا بسويق) وهو ما يجرش من الشعير والحنطة وغيرهما للزاد ( فلكنا) بضم اللام وسكون الكاف أي مضغنا السويق وأدرناه في الفم ( فأكلنا وشربنا) من الماء أي من رائق السويق ( ثم قام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) إلى صلاة المغرب ( فمضمض) قبل الدخول في الصلاة ( ومضمضنا) كذلك ( وصلينا) نحن والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم نتوضأ.

وموضع الترجمة في قوله: فدعا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالأطعمة ومن قوله إلا بالسويق وتقدم الحديث في باب من مضمض من السويق من كتاب الطهارة.




[ قــ :849 ... غــ : 98 ]
- حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "خَفَّتْ أَزْوَادُ النَّاسِ وَأَمْلَقُوا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نَحْرِ إِبِلِهِمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَلَقِيَهُمْ عُمَرُ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: مَا بَقَاؤُكُمْ بَعْدَ إِبِلِكُمْ؟ فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, مَا بَقَاؤُهُمْ بَعْدَ إِبِلِهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: نَادِ فِي النَّاسِ يَأْتُونَ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، فَدَعَا وَبَرَّكَ
عَلَيْهِم، ثُمَّ دَعَاهُمْ بِأَوْعِيَتِهِمْ فَاحْتَثَى النَّاسُ حَتَّى فَرَغُوا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ".

وبه قال: ( حدّثنا بشر بن مرحوم) بكسر الموحدة وسكون الشين المعجمة ومرحوم بالحاء المهملة جده واسم أبيه عبيس بالعين والسين المهملتين العطار البصري مولى آل معاوية قال: ( حدّثنا حاتم بن إسماعيل) بالحاء المهملة وكسر المثناة الفوقية ابن إسماعيل الكوفي ( عن يزيد بن أبي عبيد) مولى سلمة بن الأكوع ( عن سلمة) بن الأكوع ( -رضي الله عنه- قال: خفت) أي قلت ( أزواد الناس وأملقوا) أي افتقروا وفنيت أزوادهم كذا قرره الزركشي وابن حجر والبرماوي والعيني بورده في المصابيح بأن قبله خفت أزواد الناس ثم الواقع أنها لم تفن بالكلية بدليل أنهم جمعوا أفضل أزوادهم فبرك عليه الصلاة والسلام عليها ( فأتوا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فاستأذنوه ( في نحر إبلهم فأذن لهم) عليه الصلاة والسلام في نحرها ( فلقيهم عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- ( فأخبروه) بذلك ( فقال: ما بقاؤكم بعد) نحر ( إبلكم فدخل عمر) -رضي الله عنه- ( على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: يا رسول الله ما بقاؤهم بعد) نحر ( إبلهم) ؟ أي بقاؤهم يسير لغلبة الهلاك على الرجال، وقول ابن حجر والدماميني تبعًا للزركشي وهذا أخذه عمر -رضي الله عنه- من نهي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن أكل لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر استبقاء لظهورها ليحمل عليها المسلمين ويحمل أزوادهم، تعقبه صاحب اللامع بأن الراجح تحريم الحمر لعينها ( قال) : ولأبي ذر فقال ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ناد في الناس يأتون بفضل أزوادهم) قال ابن حجر: أي هم يأتون ولذلك رفعه وتعقبه العيني فقال: كونه حالاً أوجه على ما لا يخفى ( فدعا) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( وبرك) بتشديد الراء أي دعا بالبركة ( عليه) أي على الطعام ولأبي ذر عن المستملي عليهم على الأزواد ( ثم دعاهم بأوعيتهم فاحتثى الناس) بالحاء المهملة والمثلثة أي أخذوا بالحثيات لكثرته أي حفنوا يأيديهم من ذلك ( حتى فرغوا) من حاجتهم ( ثم قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله) .
إشارة إلى أن ظهور المعجزة يؤيد الرسالة.

ومطابقته للترجمة في قوله: خفت أزواد الناس.