فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قتل المشرك النائم

باب قَتْلِ النَّائِمِ الْمُشْرِكِ
( باب قتل النائم المشرك) .


[ قــ :2888 ... غــ : 3022 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَهْطًا مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى أَبِي رَافِعٍ لِيَقْتُلُوهُ، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَدَخَلَ حِصْنَهُمْ، قَالَ: فَدَخَلْتُ فِي مَرْبِطِ دَوَابَّ لَهُمْ، قَالَ: وَأَغْلَقُوا بَابَ الْحِصْنِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ فَقَدُوا حِمَارًا لَهُمْ فَخَرَجُوا يَطْلُبُونَهُ، فَخَرَجْتُ فِيمَنْ خَرَجَ أُرِيهِمْ أَنَّنِي أَطْلُبُهُ مَعَهُمْ، فَوَجَدُوا الْحِمَارَ، فَدَخَلُوا وَدَخَلْتُ، وَأَغْلَقُوا بَابَ الْحِصْنِ لَيْلاً، فَوَضَعُوا الْمَفَاتِيحَ فِي كَوَّةٍ حَيْثُ أَرَاهَا، فَلَمَّا نَامُوا أَخَذْتُ الْمَفَاتِيحَ فَفَتَحْتُ بَابَ الْحِصْنِ، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ، فَأَجَابَنِي، فَتَعَمَّدْتُ الصَّوْتَ فَضَرَبْتُهُ، فَصَاحَ، فَخَرَجْتُ، ثُمَّ جِئْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ كَأَنِّي مُغِيثٌ فَقُلْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ -وَغَيَّرْتُ صَوْتِي- فَقَالَ: مَا لَكَ لأُمِّكَ الْوَيْلُ، قُلْتُ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: لاَ أَدْرِي مَنْ دَخَلَ عَلَىَّ فَضَرَبَنِي، قَالَ: فَوَضَعْتُ سَيْفِي فِي بَطْنِهِ، ثُمَّ تَحَامَلْتُ عَلَيْهِ حَتَّى قَرَعَ الْعَظْمَ، ثُمَّ خَرَجْتُ وَأَنَا دَهِشٌ، فَأَتَيْتُ سُلَّمًا لَهُمْ لأَنْزِلَ مِنْهُ فَوَقَعْتُ، فَوُثِئَتْ رِجْلِي، فَخَرَجْتُ إِلَى أَصْحَابِي فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِبَارِحٍ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ، فَمَا بَرِحْتُ حَتَّى سَمِعْتُ نَعَايَا أَبِي رَافِعٍ تَاجِرِ أَهْلِ الْحِجَازِ.
قَالَ: فَقُمْتُ وَمَا بِي قَلَبَةٌ، حَتَّى أَتَيْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرْنَاهُ".
[الحديث 3022 - أطرافه في: 3023، 4038، 4039، 4040] .

وبه قال: ( حدّثنا عليّ بن مسلم) بكسر اللام الخفيفة ابن سعيد الطوسي قال: ( حدّثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة) ميمون الهمداني الكوفي القاضي ( قال: حدّثني) بالإفراد ( أبي) زكريا الأعمى ( عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي ( عن البراء بن عازب) الأنصاري ( -رضي الله عنهما- قال: بعث رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي في رمضان سنة ست أو في ذي الحجة سنة خمس أو في آخر سنة أربع ( رهطًا) ما بين الثلاثة إلى التسعة من الرجال ( من الأنصار إلى أبي رافع) عبد الله أو سلام بن أبي الحقيق بضم الحاء المهملة وفتح القاف الأولى اليهودي وكان قد حزب الأحزاب على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( ليقتلوه) بسبب ذلك، ( فانطلق رجل منهم) هو عبد الله بن عتيك بفتح العين المهملة وكسر المثناة الفوقية الأنصاري ( فدخل حصنهم) بخيبر أو بأرض الحجاز وجمع بينهما بأن يكون حصنهم كان قريبًا من خيبر في طرف أرض الحجاز ( قال) : عبد الله بن عتيك ( فدخلت في مربط)
بفتح الميم وكسر الموحدة ( دواب لهم قال وأغلقوا باب الحصن ثم إنهم فقدوا) بفتح القاف ( حمارًا لهم فخرجوا يطلبونه فخرجت فيمن خرج أريهم) بضم الهمزة وكسر الراء من الإراءة ( أنني) بفتح الهمزة والنون الأولى المشدّدة وكسر الثانية، ولأبي ذر: أني بنون واحدة مكسورة مشددة ( أطلبه معهم، فوجدوا الحمار فدخلوا ودخلت) معهم ( وأغلقوا باب الحصن ليلاً فوضعوا المفاتيح في كوّة) بفتح الكاف وضمها وتشديد الواو ثقب في جدار البيت ( حيث أراها) بفتح الهمزة ( فلما ناموا أخذت المفاتيح ففتحت باب) مكان من ( الحصن) الذي فيه أبو رافع ( ثم دخلت عليه فقلت: يا أبا رافع) لأتحقق أنه هو خوفًا من أن أقتل غيره ممن لا غرض لي في قتله ( فأجابني فتعمدت الصوت) أي اعتمدت جهة الصوت لأن الموضع كان مظلمًا ( فضربته) عند وصولي إليه ( فصاح فخرجت) من عنده ( ثم جئت ثم رجعت) إليه ولأبي ذر: فخرجت ثم رجعت ( كأني مغيث) له ( فقلت: يا أبا رافع -وغيّرت صوتي- فقال: ما لك) ؟ ما استفهامية مبتدأ وخبره لك ( لأمك الويل) القياس أن يقول: على أمك الويل وذكر الأم لإرادة الاختصاص ( قلت: ما شأنك؟ قال: لا أدري من دخل عليّ فضربني.
قال: فوضعت سيفي في بطنه ثم تحاملت عليه)
أي تكلفته على مشقة ( حتى قرع العظم) أي أصابه ( ثم خرجت وأنا دهش) بفتح الدال وكسر الهاء صفة مشبهة أي متحير والجملة حالية، وهذا يقتضي أن الفاعل لذلك كله عبد الله بن عتيك، لكن عند ابن هشام عن الزهري عن كعب بن مالك أنه خرج إليه خمسة نفر: عبد الله بن عتيك، ومسعود بن سنان، وعبد الله بن أنيس، وأبو قتادة الحرث بن ربعي، وخزاعي بن أسود حليف لهم من أسلم، وأمّر عليهم عبد الله بن عتيك، وأنهم لما دخلوا عليه ابتدروه بأسيافهم وأن عبد الله بن أنيس تحامل عليه بسيفه في بطنه حتى أنفذه وهو يقول: قطني قطني أي حسبي، لكن ما في البخاري أصح.

قال أبو عبد الله بن عتيك ( فأتيت سُلّمًا لهم) بضم السين وفتح اللام المشددة ( لأنزل منه) بفتح الهمزة ( فوقعت فوثئت) بضم الواو وكسر المثلثة وهمزة مفتوحة مبنيًّا للمفعول أي أصاب عظم ( رجلي) شيء لا يبلغ الكسر كأنه فك وإنما وقع من الدرجة لأنه كان ضعيف البصر، ( فخرجت إلى أصحابي فقلت) : لهم ( ما أنا ببارح) بموحدتين فألف فراء فحاء مهملة أي بذاهب ( حتى أسمع الناعية) بالنون وكسر العين أي المخبرة بموته، ولأبي ذر: الواعية بالواو بدل النون أي الصارخة التي تندب القتيل والوعي الصوت ( فما برحت حتى سمعت نعايا أبي رافع) بفتح النون والعين وبعد المثناة التحتية ألف وقول الخطابي كذا روي وحقه نعاء أبا رافع أي انعوا أبا رافع كقولهم دراك بمعنى أدرك، تعقبه في المصابيح فقال: هذا قدح في الرواية الصحيحة بوهم يقع في الخاطر فالنعايا هنا جمع نعيّ كصفي وصفايا والنعيّ خبر الموت أي فما برحت حتى سمعت الأخبار مصرّحة بموت أبي رافع ( تاجر أهل الحجاز) فيه قبول قول الواحد في الوفاة بقرائن الأحوال ولو كان القائل كافرًا لمحكم القرينة لا القول ( قال قمت وما بي قلبة) بالقاف واللام الموحدة المفتوحات أي ما بقي علّة أو داء تقلب له رجلي لتعالج ( حتى أتينا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبرناه) بموت أبي رافع.

فإن قلت: من أين تؤخذ المطابقة بين الترجمة والحديث؟ أجيب: بأنه إنما قصد أبا رافع وهو نائم وإنما أيقظه ليعلم مكانه بصوته فكان حكمه حكم النائم لأنه حينئذٍ استمر على خبال نومه لأنه بعد أن ضربه لم يفر من مكانه ولا تحوّل من مضجعه حتى عاد إليه فقتله على أنه قد صرّح في الحديث الآتي بأنه قتله في حالة النوم اهـ.

وفي الحديث جواز التجسس على المشركين وجواز قتل المشرك بغير دعوة إذا كان قد بلغته قبل ذلك وقتله إذا كان نائمًا مع تحقق استمراره على الكفر واليأس من فلاحه بالوحي أو بالقرائن الدالّة على ذلك، وأخرج الحديث المؤلّف أيضًا مختصرًا هنا وفي المغازي.




[ قــ :889 ... غــ : 303 ]
- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَي يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَهْطًا مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى أَبِي رَافِعٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلاً فَقَتَلَهُ وَهْوَ نَائِمٌ".

وبه قال: ( حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر: حدّثني ( عبد الله بن محمد) المسندي قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني ( يحيى بن آدم) هو ابن سليمان القرشي المخزومي الكوفي قال: ( حدّثنا يحيى بن أبي زائدة) هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة وسقط لفظ يحيى لأبي ذر ( عن أبيه) زكريا ( عن أبي إسحاق) السبيعي الكوفي ( عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما- قال: بعث رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رهطًا) بفتح الراء وسكون الهاء ( من الأنصار إلى أبي رافع فدخل عليه عبد الله بن عتيك) بالعين المهملة ( بيته) الذي هو فيه من الحصن، وللحموي والمستملي بيته بتشديد المثناة التحتية المفتوحة بعد الموحدة من التبييت أي حال كونه قد بيته ( ليلاً فقتله وهو نائم) صرّح بأن ابن عتيك هو الذي قتله وأنه كان نائمًا كما نبّه عليه قريبًا.