فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الكذب في الحرب

باب الْكَذِبِ فِي الْحَرْبِ

[ قــ :2896 ... غــ : 3031 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا -يَعْنِي النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-- قَدْ عَنَّانَا وَسَأَلَنَا الصَّدَقَةَ.
قَالَ: وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ.
قَالَ: فَإِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ فَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُهُ.
قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُ حَتَّى اسْتَمْكَنَ مِنْهُ فَقَتَلَهُ".

( باب) حكم ( الكذب في الحرب) .

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) البلخي قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( من لكعب بن الأشرف) بالشين المعجمة اليهودي القرظي ( فإنه قد آذى الله ورسوله) أي آذى رسول الله وأذاه لرسول الله هو أذى الله لأنه لا يرضى به ( قال محمد بن مسلمة) بفتح الميم واللام
الأنصاري ( أتحب أن أقتله) ؟ بهمزة الاستفهام وأن مصدرية أي أتحب قتله ( يا رسول الله.
قال)
: ( نعم) زاد في رواية الباب اللاحق قال: فائذن لي فأقول قال قد فعلت، وبهذه الزيادة تحصل المطابقة بين الحديث والترجمة فإنه يدخل فيه الإذن في الكذب تصريحًا وتلويحًا.

( قال) جابر ( فأتاه) أي فأتى محمد بن مسلمة كعبًا ( فقال) له: ( إن هذا يعني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد عنانا) بفتح العين والنون المشدّدة أتعبنا بما كلفنا به من الأوامر والنواهي التي فيها تعب لكنه في مرضاة الله وهذا من التعريض الجائز ( وسألنا الصدقة) بفتح اللام والصدقة مفعول ثانٍ أي طلبها منّا ليضعها مواضعها ( قال) كعب: ( وأيضًا والله) بعد ذلك ( لتملنه) .
بفتح اللام والفوقية والميم وضم اللام المشدّدة أي تزيد ملالتكم وتتضجرون منه أكثر وأزيد من ذلك وسقط لأبي ذر لتملنه ( قال) محمد بن مسلمة: ( فإنا قد اتبعناه فنكره أن ندعه حتى ننظر إليه ما يصير أمره قال فلم يزل) محمد بن مسلمة ( يكلمه حتى استمكن منه فقتله) في السنة الثالثة من الهجرة وجاء برأسه إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفيه تجويز الكذب في الحرب تعريضًا وهل يجوز تصريحًا؟ نعم تضمنت الزيادة المنبّه عليها آنفًا التصريح وأصرح منها ما في الترمذي من حديث أسماء بنت يزيد مرفوعًا: لا يحل الكذب إلا في ثلاث تحديث الرجل امرأته ليرضيها والكذب في الحرب وفي الإصلاح بين الناس.
قال النووي: الظاهر إباحة حقيقية الكذب في الأمور الثلاثة لكن التعريض أولى.
وهذا الحديث قد مرّ في باب رهن السلاح.