فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب البشارة في الفتوح

باب الْبِشَارَةِ فِي الْفُتُوحِ
( باب) مشروعية ( البشارة في الفتوح) .


[ قــ :2938 ... غــ : 3076 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسٌ قَالَ: قَالَ لِي جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه-: "قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَلاَ تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ؟ وَكَانَ بَيْتًا فِيهِ خَثْعَمُ يُسَمَّى كَعْبَةَ الْيَمَانِيَةَ.
فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنْ أَحْمَسَ -وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ- فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنِّي لاَ أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ فِي صَدْرِي حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِي صَدْرِي، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا.
فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُبَشِّرُهُ، فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ لِرَسُولِ اللهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ.
فَبَارَكَ عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ".
.

     وَقَالَ  مُسَدَّدٌ: "بَيْتٌ فِي خَثْعَمَ".

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن المثنى) العنزي قال: ( حدّثنا يحيى) القطان قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن خالد الأحمسي البجلي الكوفي ( قال: حدّثني) بالإفراد ( قيس) هو ابن أبي حازم ( قال: قال لي جرير بن عبد الله) البجلي ( -رضي الله عنه- قال لي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ألا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام ومعناها العرض والتحضيض وتختص بالجملة الفعلية ( تريحني)
من الإراحة بالراء والحاء المهملة ( من ذي الخلصة) بالخاء المعجمة واللام والصاد المهملة المفتوحات ( وكان بيتًا فيه خثعم) بفتح الخاء المعجمة وسكون المثلثة وفتح العين المهملة قبيلة من اليمن ( يسمى كعبة اليمانية) بخفض التاء لأبي ذر وتخفيف الياء على المشهور لأن الألف بدل من إحدى ياءي النسب، وهو من إضافة الموصوف إلى الصقة وقدر فيه البصريون حذفًا تقديره كعبة الجهة اليمانية، وطلب ذلك عليه الصلاة والسلام لأنه كان فيه صنم يعبدونه من دون الله اسمه الخلصة.
قال جرير: ( فانطلقت) أي قبل وفاته عليه الصلاة والسلام بشهرين ( في خمسين ومائة من) رجال ( أحمس) بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة وبعد الميم المفتوحة سين مهملة قبيلة جرير ( -وكانوا أصحاب خيل- فأخبرت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إني لا أثبت على الخيل فضرب) عليه الصلاة والسلام ( في صدري) بيده الشريفة لأن فيه القلب ( حتى رأيت أثر أصابعه في صدري فقال) : ( اللهم ثبّته) ، فلم يسقط بعد ذلك عن فرس ( واجعله هاديًا) إشارة إلى قوة التكميل وإلى قوة الكمال بقوله ( مهديًّا) بفتح الميم وهو من باب التقديم والتأخير لأنه لا يكون هاديًا لغيره إلا لغيره إلا بعد أن يهتدي هو فيكون مهديًّا ( فانطلق) جرير ( إليها) أي إلى ذي الخلصة ( فكسرها وحرقها) بتشديد الراء ( فأرسل إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حصين بن ربيعة ويكنى أبا أرطأة الأحمسي ( يبشره) من الأحوال المقدّرة وهذا موضع الترجمة ( فقال رسول جرير) : حصين ( يا رسول الله) ولأبي ذر لرسول الله يا رسول الله ( والذي بعثك بالحق ما جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجرب) شبّهها حين ذهب سقفها وكسوتها فصارت سوداء من الإحراق بالجمل الذي زال شعره ونقص جلده من الجرب وصار إلى الهزال ( فبارك) عليه الصلاة والسلام ( على خيل أحمس و) على ( رجالها) أي دعا بالبركة لها ( خمس مرات.
قال)
ولأبي ذر وقال ( مسدد) هو ابن مسرهد في روايته لهذا الحديث عن يحيى القطان بالإسناد المذكور آنفًا بدل قوله في رواية محمد بن المثنى بيتًا فيه خثعم ( بيت في خثعم) .
وصوّب هذه الرواية محققو الحفاظ ويؤيد ذلك ما رواه أحمد في مسنده عن يحيى بلفظ بيتًا لخثعم.

وحديث الباب قد مرّ في باب حرق الدور والنخيل من كتاب الجهاد قريبًا.