فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة، والمؤمنات إذا عصين الله، وتجريدهن

باب إِذَا اضْطَرَّ الرَّجُلُ إِلَى النَّظَرِ فِي شُعُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمُؤْمِنَاتِ إِذَا عَصَيْنَ اللَّهَ، وَتَجْرِيدِهِنَّ
هذا ( باب) بالتنوين ( إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة) بضم طاء اضطر كما في اليونينية وجواب إذا محذوف تقديره يجوز للضرورة ( و) إذا اضطر الرجل إلى النظر إلى ( المؤمنات إذا عصين الله و) إذا اضطر أيضًا إلى ( تجريدهنّ) من الثياب.


[ قــ :2942 ... غــ : 3081 ]
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ الطَّائِفِيُّ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَ عُثْمَانِيًّا، فَقَالَ لاِبْنِ عَطِيَّةَ وَكَانَ عَلَوِيًّا: إِنِّي لأَعْلَمُ مَا الَّذِي جَرَّأَ صَاحِبَكَ عَلَى الدِّمَاءِ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالزُّبَيْرَ فَقَالَ: ائْتُوا رَوْضَةَ كَذَا، وَتَجِدُونَ بِهَا امْرَأَةً أَعْطَاهَا حَاطِبٌ كِتَابًا.
فَقُلْنَا: الْكِتَابَ.
قَالَتْ: لَمْ يُعْطِنِي.
فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ أَوْ لأُجَرِّدَنَّكِ.
فَأَخْرَجَتْ مِنْ حُجْزَتِهَا.
فَأَرْسَلَ إِلَى حَاطِبٍ.
فَقَالَ: لاَ تَعْجَلْ، وَاللَّهِ مَا كَفَرْتُ وَلاَ ازْدَدْتُ لِلإِسْلاَمِ إِلاَّ حُبًّا، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلاَّ وَلَهُ بِمَكَّةَ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِي أَحَدٌ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا.
فَصَدَّقَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَإِنَّهُ قَدْ نَافَقَ.
فَقَالَ: ومَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ.
فَهَذَا الَّذِي جَرَّأَهُ".

وبه قال: ( حدّثنا) ولغير أبي ذر حدّثني بالإفراد ( محمد بن عبد الله بن حوشب) بفتح الحاء المهملة وسكون الواو وفتح الشين المعجمة آخره موحدة مصروف ( الطائفي) قال: ( حدّثنا هشيم) بضم الهاء وفتح المعجمة ابن بشير الواسطي قال: ( أخبرنا حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين ابن عبد الرحمن السلمي ( عن سعد بن عبيدة) بسكون عين الأول وتصغير الثاني أبي حمزة السلمي ( عن أبي عبد الرحمن) عبد الله السلمي ( وكان) أي أبو عبد الرحمن ( عثمانيًّا) يقدم عثمان بن عفان على
عليّ بن أبي طالب في الفضل كما هو مذهب الأكثرين ( فقال لابن عطية) : حبان بكسر الحاء المهملة وتشديد الموحدة ( وكان) أي ابن عطية ( علويًّا) يقدم عليًّا على عثمان في الفضل كما هو مذهب قوم من أهل السُّنَّة بالكوفة ( إني لأعلم ما الذي جرأ) بالجيم المفتوحة والراء المشددة والهمزة أي جسر ( صاحبك) عليًّا ( على الدماء) وهذه العبارة فيها سوء أدب، فقد كان عليّ -رضي الله عنه- على أعلى درجات الفضل والعلم لا يقتل أحدًا إلا باستحقاق ( سمعته يقول: بعثني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والزبير) بن العوّام -رضي الله عنه- ( فقال) :
( ائتوا روضة كذا) ، هي روضة خاخ كما في باب الجاسوسية ( وتجدون بها امرأة) اسمها سارة بالسين المهملة والراء ( أعطاها حاطب) بالحاء والطاء المهملتين ابن أبي بلتعة ( كتابًا) ( فأتينا الروضة) المذكورة ( فقلنا) : لها هات ( الكتاب) الذي أعطاه لك حاطب ( قالت: لم يعطني) حاطب كتابًا ( فقلنا: لتخرجن) بلام مفتوحة للتأكيد وضم الفوقية وكسر الراء والجيم وتشديد النون أي لتخرجن الكتاب ( أو لأجردنك) من ثيابك وأو بمعنى إلا في الاستثناء ولأجردنك نصب بأن المقدرة يعني لتخرجن الكتاب إلا أن تجردي كما في قوله: لأقلتنك أو تسلم أي إلا أن تسلم، وهذا مطابق لما في الترجمة من قوله وتجريدهن ولما كانت هذه المرأة ذات عهد كان حكمها حكم أهل الذمة.
( فأخرجت من حجزتها) بضم الحاء المهملة وإسكان الجيم وبالزاي معقد إزارها الكتاب، وفي باب الجاسوس فأخرجته من عقاصها وهي شعورها المضفورة، وهذا مناسب لقوله في الترجمة إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة لأنه من لازم رؤيتهم لإخراج الكتاب من عقاصها نظرهم إلى شعرها ولا تنافي بين قوله هنا من حجزتها وقوله الآخر عقاصها لاحتمال أن تكون أخرجته أوّلاً من حجزتها ثم أخفته في عقاصها أو بالعكس أو كانت عقيقتها طويلة بحيث تصل إلى حجزتها فربطته في عقيصتها وغرزته في حجزتها.
زاد في باب الجاسوس فأتينا به رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فأرسل) عليه الصلاة والسلام ( الى حاطب) فلما حضر قال له يا حاطب: "ما هذا"؟ ( فقال) : يا رسول الله ( لا تعجل) أي عليّ ( والله ما كفرت) بعد إسلامي ( ولا ازددت للإسلام إلا حبًّا ولم يكن أحد من أصحابك إلا وله بمكة من يدفع الله به عن أهله وماله ولم يكن لي أحد فأحببت أن أتخذ عندهم يدًا) كلمة أن مصدرية في محل نصب مفعول أحببت ( فصدقه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قال)
: ولأبي ذر فقال ( عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- يا رسول الله ( دعني أضرب عنقه) بجزم أضرب ( فإنه قد نافق) قال ذلك لأنه والى كفار قريش وباطنهم وإنما فعل ذلك حاطب متأوّلاً في غير ضرر وقد علم الله منه صدق نيته فنجّاه من ذلك.
( فقال) عليه الصلاة والسلام: ( ما) ولأبوي الوقت وذر وما ( يدريك لعل الله اطّلع على أهل بدر) فقال: ( اعملوا ما شئتم) .
أي: فقد غفرت ذنوبكم السالفة وتأهلتم أن يغفر لكم ذنوب مستأنفة إن وقعت منكم ومعنى الترجّي كما قاله النووي راجع إلى عمر -رضي الله عنه- لأن وقوع هذا الأمر محقق عند
النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
( فهذا) أي قوله: اعملوا ما شئتم ( الذي جرّأه) .
أي جسر عليًّا -رضي الله عنه- على الدماء.

وهذا الحديث قد مرّ في باب الجاسوس من غير هذه الطريق بدون قول أبي عبد الرحمن السلمي لابن عطية.