فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما يقول إذا رجع من الغزو؟

باب مَا يَقُولُ إِذَا رَجَعَ مِنَ الْغَزْوِ
( باب ما يقول) الغازي ( إذا رجع من الغزو) .


[ قــ :2945 ... غــ : 3084 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنه-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا قَفَلَ كَبَّرَ ثَلاَثًا قَالَ: آيِبُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، حَامِدُونَ، لِرَبِّنَا سَاجِدُونَ.
صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ".

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: ( حدّثنا جويرية) بضم الجيم مصغرًا ابن أسماء الضبعي البصري ( عن نافع) مولى ابن عمر ( عن عبد الله) بن عمر ( -رضي الله عنه-) وعن أبيه ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا قفل) بالقاف والفاء واللام المفتوحات أي رجع من غزوة ( كبّر ثلاثًا قال) :
( آيبون) بمدّ الهمزة أي نحن راجعون إلى الله ( إن شاء الله) نحن ( تائبون) إليه تعالى نحن ( عابدون) نحن ( حامدون لربنا) نحن ( ساجدون) والجار والمجرور يتعلق بحامدون أو بساجدون أو بهما أو بالصفات الأربعة المتقدمة أو بالخمسة على طريق التنازع، وقول ابن بطال: إن المشيئة لا تتعلق بقوله أيبون لوقوع الإياب وإنما تتعلق بباقي الكلام الذي بعد والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد تقرر عنده أنه لا يزال تائبًا عابدًا ساجدًا! لكن هذا هو أدب الأنبياء عليهم السلام يظهرون الافتقار إلى الله تعالى مبالغة في شكره وإن علموا حقيقة مقامهم الشريف عنده، وأنهم آمنون مما يخافه غيرهم.
تعقبه ابن المنير فقال: الظاهر أن المشيئة إنما علق عليها الإياب خاصة.
وقوله قد وقع فلا تعلق وهم لأن الإياب المقصود إنما هو الرجوع الموصل إلى نفس الوطن وهو مستقبل بعد فلا يصح أن يعلق النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقية الأفعال على المشيئة لأنه قد حمد الله تعالى ناجزًا وعبده دائمًا والعمل الناجز لا ينبغي تعليقه على المشيئة ولو صلّى إنسان الظهر فقال: صلّيت إن شاء الله لكان غلطًا منه لأن الله قد أمره أن يصلّي وصلّى فلا تشكيك في معلوم وبعض الفوقية لا يقول حججت ولكن يقول وصلت إلى مكة وهذا تنطع أجمع السلف على خلافه.
( صدق الله وعده) فيما وعد به من إظهار دينه ( ونصر عبده) ، محمدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على أعدائه ( وهزم الأحزاب) الذين تحزبوا في غزوة الخندق لحربه عليه الصلاة والسلام فاللام للعهد أو كل من تحزّب من الكفار لحربه فتكون جنسية وفي قوله ( وحده) نفي السبب فناء في المسبب.

وهذا الحديث قد سبق في باب التكبير إذا علا شرفًا من كتاب الجهاد.




[ قــ :946 ... غــ : 3085 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَقْفَلَهُ مِنْ عُسْفَانَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَقَدْ أَرْدَفَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ، فَعَثَرَتْ نَاقَتُهُ فَصُرِعَا جَمِيعًا، فَاقْتَحَمَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ.
قَالَ: عَلَيْكَ الْمَرْأَةَ.
فَقَلَبَ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِهِ وَأَتَاهَا فَأَلْقَاهَا عَلَيْهَا، وَأَصْلَحَ لَهُمَا مَرْكَبَهُمَا
فَرَكِبَا، وَاكْتَنَفْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ: آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ.
فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ".

وبه قال: ( حدّثنا أبو معمر) بميمين مفتوحتين بينهما عين مهملة ساكنة عبد الله بن عمرو المنقري المقعد قال: ( حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد التنوري ( قال: حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا ( يحيى بن أبي إسحاق) مولى الحضارمة ( عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-) أنه ( قال: كنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مقفله) بفتح الميم وسكون القاف وفتح الفاء أي مرجعه ( من عسفان) بضم العين وسكون السين المهملتين موضع على مرحلتين من مكة ( ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على راحلته) أي ناقته ( وقد أردف صفية بنت حيي فعثرت ناقته فصرعا) أي فوقعا ( جميعًا) قال الحافظ الدمياطي: ذكر عسفان مع قصة صفية وهم وإنما هو عند مقفله من خيبر لأن غزوة عسفان إلى بني لحيان كانت في سنة ست وغزوة خيبر كانت في سنة سبع، وإرداف صفية مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ووقوعهما كان فيها ( فاقتحم) بالفاء والقاف والحاء المهملة أي رمى نفسه ( أبو طلحة) زيد بن سهل الأنصاري زاد في الطريق الآتي عن بعيره ( فقال: يا رسول الله جعلني الله فداءك) بكسر الفاء وبالهمزة ممدودًا ( قال) عليه الصلاة والسلام له:
( عليك المرأة) بالنصب أي الزم المرأة ( فقلب) أبو طلحة ( ثوبًا على وجهه) حتى لا ينظر إلى صفية ( وأتاها فألقاها) أي الخميصة التي ألقاها على وجهه المسماة بالثوب ولأبي ذر فألقاه أي الثوب ( عليها) أي على صفية فسترها عن الأعين ( وأصلح لهما مركبهما) بفتح الكاف ( فركبا واكتنفنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي أحطنا به ( فلما أشرفنا) أي اطّلعنا ( على المدينة قال) عليه السلام: نحن ( آيبون) ، راجعون إلى الله نحن ( تائبون) ، إليه نحن ( عابدون لربنا) ، نحن ( حامدون) .
وسقط من هذه الرواية قوله في السابقة ساجدون ( فلم يزل يقول ذلك حتى دخل المدينة) شكرًا لله تعالى وتعليمًا لأمته.




[ قــ :947 ... غــ : 3086 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ "عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه أَنَّهُ أَقْبَلَ هُوَ وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَمَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَفِيَّةُ يرْدِفَهَا عَلَى رَاحِلَتِهِ.
فَلَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَثَرَتِ الدَّابَّةَ فَصُرِعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمَرْأَةُ، وَإِنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَالَ أَحْسِبُ قَالَ: اقْتَحَمَ عَنْ بَعِيرِهِ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، هَلْ أَصَابَكَ مِنْ شَىْءٍ؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ الْمَرْأَةِ.
فَأَلْقَى أَبُو طَلْحَةَ ثَوْبَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَصَدَ قَصْدَهَا، فَأَلْقَى ثَوْبَهُ عَلَيْهَا، فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ، فَشَدَّ لَهُمَا عَلَى رَاحِلَتِهِمَا فَرَكِبَا، فَسَارُوا، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ -أَوْ قَالَ أَشْرَفُوا عَلَى الْمَدِينَةِ- قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ.
فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُهَا حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ".

وبه قال: ( حدّثنا علي) هو ابن المديني قال: ( حدّثنا بشر بن المفضل) بكسر الموحدة وسكون الشين المعجمة ابن لاحق الرقاشي بقاف ومعجمة البصري قال: ( حدّثنا يحيى بن أبي إسحاق) مولى
الحضارمة ولأبي ذر عن يحيى بن أبي إسحاق ( عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه أقبل هو وأبو طلحة مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي من غزوة خيبر ( ومع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صفية) بنت حيي ( مردفها) ولأبوي ذر والوقت: يردفها بالتحتية بدل الميم ( على راحلته) أي ناقته ( فلما كانوا) ولأبي ذر كان ( ببعض الطريق عثرت الناقة) ولأبي ذر والأصيلي الدابة بدل الناقة ( فصرع) بضم الصاد المهملة أي وقع ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والمرأة) بالرفع عطفًا على النبي ويجوز النصب أي مع المرأة ( وإن أبا طلحة) بكسر همزة إن ( قال: أحسب) أي أظن ( قال: اقتحم عن بعيره) أي رمى بنفسه عنه ( فأتى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) سقط قوله فأتى إلخ لأبي ذر ( فقال: يا نبي الله جعلني الله فداءك هل أصابك من شيء) ؟ حرف الجر زائد ( قال) :
( لا ولكن عليك المرأة) أي الزمها وانظر في أمرها ولغير أبي ذر بالمرأة جار ومجرور ( فألقى أبو طلحة ثوبه على وجهه فقصد قصدها) أي نحا نحوها ( فألقى ثوبه عليها) ليسترها ( فقامت المرأة) صفية ( فشدّ لهما) أبو طلحة ( على راحلتهما فركبا) النبي عليه السلام وصفية ( فساروا) هما ومن معهما ( حتى إذا كانوا بظهر المدينة) بفتح الطاء المعجمة وسكون الهاء أي بظاهرها ( أو قال أشرفوا على المدينة) بالشك من الراوي ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( آيبون، تائبون، عابدون لربنا، حامدون) ( فلم يزل يقولها حتى دخل المدينة) وسقط أيضًا قوله ساجدون.

وهذا الحديث من هذه الطريق ثابت في رواية الكشميهني ساقط من رواية غيره.