فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم، وعصاه، وسيفه وقدحه، وخاتمه، وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يذكر قسمته، ومن شعره، ونعله، وآنيته مما يتبرك أصحابه وغيرهم بعد وفاته

باب مَا ذُكِرَ مِنْ دِرْعِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَصَاهُ وَسَيْفِهِ وَقَدَحِهِ وَخَاتَمِهِ وَمَا اسْتَعْمَلَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ قِسْمَتُهُ وَمِنْ شَعَرِهِ وَنَعْلِهِ وَآنِيَتِهِ مِمَّا تَبَرَّكُ أَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ
( باب ما ذكر من درع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بكسر الدال وسكون الراء ( وعصاه وسيفه وقدحه وخاتمه وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يذكر قسمته) أي على سبيل قسمة الصدقات ويذكر بضم التحتية وفتح الكاف، ولأبي ذر: ما لم تذكر بإسقاط من وتذكر بالفوقية بدل التحتية وكذا للكشميهني لكنه بالتحتية بدل الفوقية ( ومن شعره) بفتح العين ( ونعله) بسكونها ( وآنيته مما يبرك) بفتح التحتية والموحدة والراء المشددة، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: مما يتبرك بزيادة فوقية بعد التحتية من باب التفعل من البركة وحذف العائد للعلم به.
وقال الحافظ ابن حجر ولأبي ذر عن شيخيه يعني الحموي والمستملي شرك بالشين المعجمة من الشركة.
قال الباجي: وهو ظاهر لقوله
قبله مما لم يذكر قسمته وله عن الكشميهني مما يتبرك به ( أصحابه) فزاد لفظة فيه ( وغيرهم بعد وفاته) .


[ قــ :2966 ... غــ : 3106 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ "أَنَّ أَبَا بَكْرٍ -رضي الله عنه- لَمَّا اسْتُخْلِفَ بَعَثَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، وَكَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ وَخَتَمَهُ بخاتم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, وَكَانَ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلاَثَةَ أَسْطُرٍ: مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولُ سَطْرٌ، وَاللَّهِ سَطْرٌ".

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن عبد الله) هو ابن المثنى بن عبد الله ( الأنصاري) البصري ( قال: حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( أبي) عبد الله ( عن ثمامة) بضم المثلثة وبميمين بينهما ألف ابن عبد الله بن أنس قاضي البصرة ( عن) جده ( أنس) ولأبي ذر حدّثنا أنس ( أن أبا بكر) الصديق ( -رضي الله عنه- لما استخلف) بضم الفوقية مبنيًّا للمفعول ( بعثه إلى البحرين) تثنية بحر بلد مشهور بين البصرة وعمان، وكان الأصل أن يقول بعثني لكنه من باب الالتفات من الغائب إلى الحاضر ( وكتب له هذا الكتاب) أي كتاب فريضة الصدقة السابق ذكره في باب زكاة الغنم ولشهرته عندهم أطلق، وأشار إليه بقوله: هذا الكتاب.
ولفظه في الباب المذكور أن أبا بكر كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين: بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على المسلمين والتي أمر الله بها رسوله فمن سُئِلَها من المسلمين على وجهها فليعطها ومن سُئِلَ فوقها فلا يعط في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم في كل خمس شاة الحديث بطوله مما يخرج سياقه كله عن غرض الاختصار لا سيما وليس المراد إلا قوله ( وختمه) أي وختم أبو بكر الكتاب المذكور ( بخاتم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ، وسقط قوله بخاتم النبي الخ للحموي والمستملي، ( وكان نقش الخاتم ثلاثة أسطر: محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر) .
وزاد في اللباس أن هذا الخاتم كان في يد أبي بكر وفي يد عمر بعده وأنه سقط من يد عثمان وهو جالس على بئر أريس.




[ قــ :967 ... غــ : 3107 ]
- حَدَّثَنِا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ قَالَ: أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسٌ نَعْلَيْنِ جَرْدَاوَيْنِ لَهُمَا قِبَالاَنِ، فَحَدَّثَنِي ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ بَعْدُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمَا نَعْلاَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
[الحديث 3107 - طرفاه في: 5857، 5858] .

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا ( عبد الله بن محمد) هو ابن أبي شيبة قال: ( حدّثنا محمد بن عبد الله) مكبرًا ( الأسدي) بفتح الهمزة والسين المهملة أبو أحمد الزبيري الكوفي قال: ( حدّثنا عيسى بن طهمان) بفتح الطاء المهملة وسكون الهاء الجشمي بضم الجيم وفتح الشين المعجمة البصري نزيل الكوفة ( قال: أخرج إلينا أنس) هو ابن مالك ( نعلين جرداوين) بفتح الجيم وسكون الراء تثنية جرداء مؤنث الأجرد أي خلقين بحيث لم يبق عليهما شعر ولأبي ذر وابن عساكر جرداوتين بالمثناة الفوقية بعد الواو وقبل التحتية والقياس الأول كحمراوين ( لهما) ولأبي ذر عن الكشميهني لها ( قبالان) بكسر القاف تثنية قبال وهو زمام النعل وهو السير الذي يكون بين
الأصبعين قال ابن طهمان ( فحدّثني ثابت البناني) بضم الموحدة ( بعد) أي بعد أن كان أنس أخرج إلينا نعلين ( عن أنس أنهما نعلا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .
وكأنه رأى النعلين مع أن ولم يعلمه أنهما نعلاه عليه الصلاة والسلام فحدّثه بذلك ثابت عن أنس.

وهذا الحديث يأتي إن شاء الله تعالى في اللباس.




[ قــ :968 ... غــ : 3108 ]
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: "أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ -رضي الله عنها- كِسَاءً مُلَبَّدًا .

     وَقَالَتْ : فِي هَذَا نُزِعَ رُوحُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَزَادَ سُلَيْمَانُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ إِزَارًا غَلِيظًا مِمَّا يُصْنَعُ بِالْيَمَنِ، وَكِسَاءً مِنْ هَذِهِ الَّتِي يَدْعُونَهَا الْمُلَبَّدَةَ".
[الحديث 3108 - طرفه في: 5818] .

وبه قال: ( حدّثنا) ولغير أبي ذر: حدّثني ( محمد بن بشار) بالموحدة المفتوحة والشين المعجمة المشددة العبدي البصري الملقب ببندار قال: ( حدّثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي قال: ( حدّثنا أيوب) السختياني ( عن حميد بن هلال) العدوي أبي نصر البصري ولأبي ذر من غير اليونينية حدّثنا حميد بن هلال ( عن أبي بردة) بن أبي موسى الأشعري أنه ( قال: أخرجت إلينا عائشة -رضي الله عنها- كساء) من صوف ( ملبدًا) مرقعًا ( وقالت: في هذا نزع) بضم النون وكسر الزاي ( روح النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وكان لبسه عليه الصلاة والسلام له تواضعًا أو اتفاقًا لا عن قصد إذ كان يلبس ما وجد.

وهذا الحديث أخرجه في اللباس أيضًا وكذا مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه.

( وزاد سليمان) هو ابن المغيرة القيسي البصري ( عن حميد عن أبي بردة) على رواية أيوب عن حميد بن هلال عن أبي بردة مما وصله مسلم عن شيبان بن فروخ عن سليمان بن المغيرة ( قال: أخرجت إلينا عائشة إزارًا غليظًا مما يصنع باليمن وكساء من هذه التي يدعونها) بالمثناة التحتية ولأبي ذر تدعونها ولمسلم التي يسمونها ( الملبدة) بضم الميم وفتح اللام والموحدة المشددة.




[ قــ :969 ... غــ : 3109 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- "أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انْكَسَرَ فَاتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ.
قَالَ عَاصِمٌ: رَأَيْتُ الْقَدَحَ وَشَرِبْتُ فِيهِ".
[الحديث 3109 - طرفه في: 5638] .

وبه قال: ( حدّثنا عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة العتكي المروزي ( عن أبي حمزة) بالحاء المهملة والزاي محمد بن ميمون اليشكري ( عن عاصم) هو ابن سليمان الأحول ( عن ابن سيرين) محمد ( عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، أن قدح النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انكسر فاتخذ مكان الشعب) بفتح الشين المعجمة أي الصدع والشق ( سلسلة من فضة) وفاعل اتخذ أنس أو النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجزم بالأوّل بعضهم لقوله في رواية فجعلت مكان الشعب سلسلة.
قال في الفتح: ولا حجة فيه
لاحتمال أن يكون فجعلت بضم الجيم على البناء للمجهول فرجع إلى الاحتمال لإبهام الجاعل ولأبي ذر فاتخذ مبنيًّا سلسلة بالرفع نائبًا عن الفاعل.

( قال عاصم) الأحول ( رأيت القدح) المذكور ( وشربت فيه) أي تبركًا به عليه الصلاة والسلام.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الأشربة.




[ قــ :970 ... غــ : 3110 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ كَثِيرٍ حَدَّثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِيِّ حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ حَدَّثَهُ "أَنَّهُمْ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ مِنْ عِنْدِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ مَقْتَلَ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ لَقِيَهُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَقَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ إِلَىَّ مِنْ حَاجَةٍ تَأْمُرُنِي بِهَا؟ فَقُلْتُ لَهُ: لاَ.
فَقَالَ: فَهَلْ أَنْتَ مُعْطِيَّ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ، وَايْمُ اللَّهِ لَئِنْ أَعْطَيْتَنِيهِ لاَ يُخْلَصُ إِلَيْهِمْ أَبَدًا حَتَّى تُبْلَغَ نَفْسِي، إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ عَلَى فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ عَلَى مِنْبَرِهِ هَذَا -وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُحْتَلِمٌ- فَقَالَ: إِنَّ فَاطِمَةَ مِنِّي، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا.
ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ قَالَ: حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي، وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلاَلاً وَلاَ أُحِلُّ حَرَامًا، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لاَ تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ أَبَدًا".

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن محمد) أبو عبد الله ( الجرمي) بفتح الجيم وسكون الراء الكوفي قال: ( حدّثنا يعقوب بن إبراهيم) بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري قال: ( حدّثنا أبي) إبراهيم ( أن الوليد بن كثير) بالمثلثة المخزومي ( حدّثه عن محمد بن عمرو بن حلحلة) بفتح العين وسكون الميم وحلحلة بفتح الحاءين المهملتين وسكون اللام الأولى ( الدؤلي) بدال مهملة مضمومة فهمزة مفتوحة ولأبي ذر عن الكشميهني الديلي بكسر الدال وسكون التحتية من غير همز وصوّبه عياض ( حدّثه أن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( حدّثه أن علي بن حسين) هو زين العابدين ( حدّثه أنهم حين قدموا المدينة) النبوية ( من عند يزيد بن معاوية مقتل) أبيه ( حسين بن علي رحمة الله عليه) في عاشوراء سنة إحدى وستين ( لقيه المسور بن مخرمة) بكسر الميم وسكون السين المهملة ومخرمة بفتحها وسكون الخاء المعجمة ولهما صحبة ( فقال له) : أي المسور لزين العابدين ( هل لك إليّ من حاجة تأمرني بها؟) قال زين العابدين ( فقلت له: لا.
فقال)
المسور: ( فهل أنت معطي) بضم الميم وسكون العين وكسر الطاء المهملتين وتشديد التحتية أي هل أنت معطي ( سيف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ، إياي، ولعل هذا السيف ذو الفقار، وفي مرآة الزمان أنه عليه الصلاة والسلام وهبه لعليّ قبل موته ثم انتقل إلى آله، وأراد المسور بذلك صيانة سيف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لئلا يأخذه من لا يعرف قدره كما قال ( فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه) أي
يأخذونه منك بالقوة والاستيلاء ( وايم الله لئن أعطيتنيه لا يخلص) بضم حرف المضارعة وفتح اللام مبنيًّا للمفعول أي لا يصل السيف ( إليهم) ولابن عساكر: إليه أي لا يصل إلى السيف أحدًا ( أبدًا حتى تبلغ نفسي) بضم الفوقية وفتح اللام أي تقبض روحي.
( إن عليّ بن أبي طالب خطب ابنة أبي جهل) جويرة تصغير جارية أو جميلة بفتح الجيم ( على فاطمة عليها السلام فسمعت) بسكون العين ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذٍ محتلم) ولأبي ذر عن الحموي والكشميهني المحتلم ( فقال) عليه الصلاة والسلام:
( إن فاطمة مني) أي بضعة مني ( وأنا أتخوف أن تفتن في دينها) .
بسبب الغيرة قوله تفتن بضم أوله وفتح ثالثه ( ثم ذكر) عليه الصلاة والسلام ( صهرًا له من بني عبد شمس) وأراد به العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس وكان زوج ابنته زينب قبل البعثة ( فأثنى عليه) خيرًا ( في مصاهرته إياه قال: حدّثني.
فصدقني)
بتخفيف الدال في حديثه ( ووعدني) أي أن يرسل إليّ زينب ( وفى لي) بما وعدني ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فوفاني بالنون بدل اللام: ( وإني لست أحرم حلالاً ولا أحل حرامًا ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبنت عدوّ الله أبدًا) .
فيه إشارة إلى إباحة نكاح بنت أبي جهل لعليّ -رضي الله عنه- ولكن نهى عن الجمع بينها وبين ابنته فاطمة -رضي الله عنها- لأن ذلك يؤذيها وأذاها يؤذيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وخوف الفتنة عليها بسبب الغيرة فيكون من جملة محرمات النكاح الجمع بين بنت نبي الله عليه الصلاة والسلام وبنت عدوّ الله.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الفضائل ويأتي إن شاء الله تعالى في النكاح.




[ قــ :971 ... غــ : 3111 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ مُنْذِرٍ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: "لَوْ كَانَ عَلِيٌّ -رضي الله عنه- ذَاكِرًا عُثْمَانَ -رضي الله عنه- ذَكَرَهُ يَوْمَ جَاءَهُ نَاسٌ فَشَكَوْا سُعَاةَ عُثْمَانَ، فَقَالَ لِي عَلِيٌّ: اذْهَبْ إِلَى عُثْمَانَ فَأَخْبِرْهُ أَنَّهَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَمُرْ سُعَاتَكَ يَعْمَلُونَ فِيهَا.
فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ: أَغْنِهَا عَنَّا.
فَأَتَيْتُ بِهَا عَلِيًّا فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: ضَعْهَا حَيْثُ أَخَذْتَهَا".
[الحديث 3111 - طرفه في: 311] .

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن محمد بن سوقة) بضم السين المهملة وسكون الواو وفتح القاف أي بكر الكوفي الثقة العابد ( عن منذر) بضم الميم وسكون النون وكسر الذال المعجمة ابن يعلى الثوري الكوفي ( عن ابن الحنفية) محمد بن علي بن أبي طالب أنه ( قال: لو كان علي -رضي الله عنه- ذاكرًا عثمان) أي ابن عفان ( رضي الله عنه) وروى ابن أبي شيبة من وجه آخر عن محمد بن سوقة حدّثني منذر قال: كنا عند ابن الحنفية فنال بعض القوم من عثمان فقال: مه.
فقلنا له: أكان أبوك يسب عثمان؟ فقال: لو كان ذاكرًا عثمان أي بسوء.
كما زاده الإسماعيلي وجواب لو قوله ( ذكره يوم جاءه ناس فشكوا سعاة عثمان) عماله على الزكاة ولم يقف الحافظ ابن حجر على تعيين الشاكي ولا المشكو ( فقال لي علي: اذهب إلى عثمان فأخبره
أنها)
أي الصحيفة التي أرسل بها إلى عثمان ( صدقة رسول الله) أي مكتوب فيها مصارف صدقة رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فمر سعاتك يعملون فيها) أي بما فيها ولأبي ذر يعملوا بحذف النون ولابن عساكر وأبي ذر بها بدل فيها أي بهذه الصحيفة قال ابن الحنفية ( فأتيته بها فقال: أغنها) بقطع الهمزة المفتوحة وسكون الغين المعجمة وكسر النون أي اصرفها ( عنا) وإنما ردها لأنه كان عنده نظيرها ( فأتيت بها عليًّا فأخبرته فقال: ضعها حيث أخذتها) .




[ قــ :971 ... غــ : 311 ]
- وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُنْذِرًا الثَّوْرِيَّ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبِي، خُذْ هَذَا الْكِتَابَ فَاذْهَبْ بِهِ إِلَى عُثْمَانَ، فَإِنَّ فِيهِ أَمْرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالصَّدَقَةِ".

( قال) : ولأبي ذر: وقال ( الحميدي) عبد الله بن الزبير شيخ المؤلّف ( حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا محمد بن سوقة قال: سمعت منذرًا الثوري عن ابن الحنفية قال: أرسلني أبي) عليّ بن أبي طالب ( خذ هذا الكتاب فاذهب به إلى عثمان، فإن فيه أمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الصدقة) .
ولأبي ذر عن الكشميهني: بالصدقة بالموحدة بدل في، وأراد المؤلّف بإيراد هذا بيان تصريح سفيان بالتحديث ومحمد بن سوقة بسماعه من منذر.

وقد ترجم المؤلّف لأشياء ذكر بعضها دون بعض فمما ذكره ولم يخرج له حديثًا الدرع، ويحتمل أنه أراد أن يكتب حديث عائشة أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- توفي ودرعه مرهونة فلم يتفق له ذلك وقد سبق في البيوع ومن ذلك العصا ولعله قصد كتابة حديث ابن عباس أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يستلم الركن بمحجن وقد مضى في الحج ومن ذلك الشعر وفيه حديث أنس السابق في الطهارة في قول ابن سيرين عندنا شعر من شعر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وذكره للقدح يدل على ما عداه من آنيته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.