فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمساكين وإيثار النبي صلى الله عليه وسلم أهل الصفة والأرامل، حين سألته فاطمة، وشكت إليه الطحن والرحى: أن يخدمها من السبي، فوكلها إلى الله

باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِنَوَائِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمَسَاكِين وَإِيثَارِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهْلَ الصُّفَّةِ وَالأَرَامِلَ
حِينَ سَأَلَتْهُ فَاطِمَةُ وَشَكَتْ إِلَيْهِ الطَّحْنَ وَالرَّحَى أَنْ يُخْدِمَهَا مِنَ السَّبْيِ، فَوَكَلَهَا إِلَى اللَّهِ.

( باب الدليل على أن الخمس) من الغنيمة ( لنوائب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وهي ما ينزل به من المهمات والحوادث ( والمساكين) أي لأجلهم ( و) لأجل ( إيثار النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أهل الصفة) نصب مفعول المضاف لفاعله ( والأرامل) عطف على أهل الصفة جمع أرمل الرجل الذي لا امرأة له والأرملة المرأة التي لا زوج لها ( حين سألته) عليه الصلاة والسلام بنته ( فاطمة) الزهراء ( وشكت إليه الطحن) أي شدة ما تقاسيه منه وللكشميهني الطحين بكسر الحاء ثم تحتية ساكنة بعدها ( و) شدة مقالبة ( الرحى أن يخدمها) بضم الياء من الإخدام أي يعطيها خادمًا ( من السبي) الذي حضر عنده ( فوكلها) بتخفيف الكاف أي فوض أمرها ( إلى الله) .


[ قــ :2972 ... غــ : 3113 ]
- حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى أخبرَنا عَلِيٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنَ الرَّحَى مِمَّا تَطْحَنُه، فَبَلَغَهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُتِيَ بِسَبْيٍ، فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَلَمْ تُوَافِقْهُ، فَذَكَرَتْ لِعَائِشَةَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لَهُ، فَأَتَانَا وَقَدْ دَخَلْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْنَا لِنَقُومَ فَقَالَ: عَلَى مَكَانِكُمَا، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي، فَقَالَ: أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَاني؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ".
[الحديث 3113 - أطرافه في: 3705، 5361، 5362، 6318] .

وبه قال: ( حدّثنا بدل بن المحبر) بفتح الموحدة والدال المهملة المخففة والمحبر بضم الميم وفتح الحاء المهملة وفتح الموحدة المشددة قال: ( أخبرنا شعبة) بن الحجاج قال: ( أخبرني) بالإفراد ( الحكم) بن عتيبة ( قال: سمعت ابن أبي ليلى) عبد الرحمن ( حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا ( عليّ) هو ابن أبي طالب -رضي الله عنه- ( أن فاطمة عليها السلام اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحن) وفي مسلم ما تلقى من الرحى في يدها ( فبلغها أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتي بسبي) بضم الهمزة.
قال ابن الأثير: السبي النهب وأخذ الناس عبيدًا: ( فأتته تسأله خادمًا) عبدًا أو جارية ( فلم توافقه) ، أي تصادفه ولم تجتمع به ولمسلم فلم تجده فلقيت عائشة ( فذكرت لعائشة، فجاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذكرت ذلك عائشة له فأتانا) عليه السلام ( و) الحال أنا ( قد دخلنا) ولأبي ذر عن الكشميهني أخذنا ( مضاجعنا فذهبنا لنقوم) أي لأن نقوم ( فقال) :
( على مكانكما) أي الزماه ولمسلم فقعد بيننا ( حتى وجدت برد قدميه) بالتثنية، ولأبي ذر عن الكشميهني قدمه ( على صدري) وحتى غاية لمقدّر أي دخل عليه السلام في مضجعنا حتى ( فقال: ألا أدلكما على خير مما سألتماه) ولابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني سألتماني وأسند الضمير إليهما والسائل إنما هو فاطمة فقط لأن سؤالها كان برضاه ( إذا أخذتما مضاجعكما فكبّرا الله أربعًا وثلاثين واحمدا ثلاثًا وثلاثين وسبحا ثلاثًا وثلاثين) ، بكسر الموحدة في الموضعين وفتح الميم ( فإن) ثواب ( ذلك) في الآخرة ( خير لكما مما سألتماه) .
من فائدة الخادم خدمة الطحن ونحوه ولابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني سألتما بحذف الضمير.

فإن قلت: لا مطابقة بين الترجمة والحديث لأنه لم يذكر فيه أهل الصفة ولا الأرامل؟ أجيب بأنه أشار بذلك إلى ما ورد في بعض طرق الحديث كعادته، فعند الإمام أحمد من وجه آخر عن عليّ في هذهِ القصة مطوّلاً وفيه: والله لا أعطيكم وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم من الجوع لا أجد ما أنفق عليهم ولكني أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم اهـ.

وحديث الباب أخرجه أيضًا في فضائل عليّ وفي النفقات والدعوات ومسلم في الدعوات.