فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين

باب وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ مَا سَأَلَ هَوَازِنُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-بِرَضَاعِهِ فِيهِمْ- فَتَحَلَّلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ, وَمَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعِدُ النَّاسَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنَ الْفَىْءِ وَالأَنْفَالِ مِنَ الْخُمُسِ، وَمَا أَعْطَى الأَنْصَارَ، وَمَا أَعْطَى جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ تَمْرَ خَيْبَرَ
( باب) بالتنوين ولابن عساكر قال أبو عبد الله أي البخاري باب بالتنوين أيضًا وفي بعض الأصول وهو لأبي ذر باب بالتنوين كذلك قال: ( ومن الدليل على أن الخمس) من الغنيمة ( لنوائب المسلمين) التي تحدث لهم ( ما سأل هوازن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) برفع هوازن على الفاعلية ونصب النبي على المفعولية ( برضاعه) بفتح الراء أي بسبب رضاعه ( فيهم) لأن حليمة السعدية مرضعته منهم والمراد قبيلة هوازن وأطلقها على بعضهم مجازًا ( فتحلل) عليه الصلاة والسلام ( من المسلمين) أي استحل من الغانمين ما كان خصهم مما غنموه منهم والواو في قوله ومن الدليل.
قال في فتح الباري: عطف على الترجمة التي قبل ثمانية أبواب حيث قال الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ وقال هنا لنوائب المسلمين، وقال بعد باب ومن الدليل على أن الخمس للإمام، والجمع بين هذه
التراجم أن الخمس لنوائب المسلمين وإلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع تولّي قسمته أن يأخذ منه ما يحتاج إليه بقدر كفايته والحكم بعده كذلك يتولى الإمام ما كان يتولاه وتعقبه العيني بأنه لا وجه لدعوى هذا العطف البعيد المتخلل بين المعطوف والمعطوف عليه أبواب بأحاديثها وليست هذه بواو العطف بل مثل هذا يأتي كثيرًا بدون أن يكون معطوفًا على شيء وتسمى هذه واو الاستفتاح وهو المسموع عن الأسانيد الكبار اهـ.

( و) من الدليل أيضًا على أن الخمس لنوائب المسلمين ( ما كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعد الناس أن يعطيهم من الفيء) وهو ما حصل بغير قتال ( والأنفال من الخمس) جمع نفل بتحريك الفاء أكثر من إسكانها وهو أن يشترط الأمير زيادة على سهم الغنيمة لمن يستعين به فيما فيه نكاية زائدة في العدوّ أو توقع ظفر أو دفع سوء ليقدم على طليعة بشرط الحاجة إليه وليس لقدره ضبط بل يجتهد فيه بقدر العمل وهو من خمس الخمس، وكذا يكون النفل لمن صدر منه في الحرب أثر محمود كمبارزة وحسن إقدام زيادة على سهمه بحسب ما يليق بالحال ( و) من الدليل أيضًا ( ما أعطى) عليه السلام ( الأنصار وما أعطى جابر بن عبد الله) الأنصاري ( تمر خيبر) بالمثناة الفوقية وسكون الميم.

3131 و 3132 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: وَزَعَمَ عُرْوَةُ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَىَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيَ وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ -وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ- فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلاَّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمُسْلِمِينَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلاَءِ قَدْ جَاؤُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُطَيِّبَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ.
فَقَالَ النَّاسُ قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّا لاَ نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ، فَرَجَعَ النَّاسُ.
فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا فَأَذِنُوا.
فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنَا عَنْ سَبْيِ هَوَازِنَ".

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن عفير) اسم أبيه كثير ونسبه لجده عفير بضم العين مصغرًا لشهرته به ( قال: حدّثني) بالإفراد ( الليث) بن سعد الإمام ( قال: حدّثني) بالإفراد أيضًا ( عقيل) بضم العين ابن خالد ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه ( قال: وزعم عروة) بن الزبير بن العوام والواو في وزعم قال في الفتح عطف على قصة الحديبية ولم أدرك وجهه وفي كتاب
الأحكام عن موسى بن عقبة قال ابن شهاب: حدّثني عروة بن الزبير ( أن مروان بن الحكم) لم يصح له سماع من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا صحبة ( ومسور) ولأبي ذر: والمسور ( بن مخرمة) له ولأبيه صحبة لكنه إنما قدم وهو صغير مع أبيه بعد الفتح ( أخبره أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال حين جاء وفد هوازن) حال كونهم ( مسلمين فسألوه أن يردّ إليهم أموالهم وسبيهم) وعند الواقدي كان فيهم أبو برقان السعدي فقال: يا رسول الله إن في هذه الحظائر إلا أمهاتك وخالاتك وحواضنك ومرضعاتك فامنن علينا منَّ الله عليك.
وفي شعر زهير بن صرد مما رويناه في المعجم الصغير للطبراني:
أمنن على نسوة قد كنت ترضعها ... إذ فوك تملؤه من محضها الدرر
( فقال لهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أحب الحديث إليّ) أحب مبتدأ خبره قوله: ( أصدقه فاختاروا) أن أرد إليكم ( إحدى الطائفتين إما السبي وإما المال وقد كنت استأنيت) أي انتظرت ( بهم وقد كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انتظرهم) ولغير الكشميهني انتظر آخرهم ( بضع عشرة ليلة) لم يقسم السبي وتركه بالجعرانة ( حين قفل) أي رجع ( من الطائف) إلى الجعرانة وقسم الغنائم بها وكان توجه إلى الطائف فحاصرها ثم رجع عنها فجاءه وفد هوازن بعد ذلك فبين لهم أنه أخر القسم ليحضروا فأبطؤوا ( فلما تبين لهم) أي ظهر لوفد هوازن ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غير رادّ إليهم إلا إحدى الطائفتين) المال أو السبي ( قالوا فإنا نختار سبينا.
فقام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المسلمين فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال)
:
( أما بعد؛ فإن إخوانكم) وفد هوازن ( هؤلاء قد جاؤونا) حال كونهم ( تائبين، وإني قد رأيت أن أردّ إليهم سبيهم من أحب أن يطيب) بضم أوله وفتح الطاء وتشديد التحتية المكسورة أي يطيب نفسه بدفع السبي مجانًا من غير عوض ( فليفعل) جواب الشرط ( ومن أحب منكم أن يكون على حظه) من السبي ( حتى نعطيه إياه) أي عوضه ( من أول ما يفيء الله علينا فليفعل) بضم حرف المضارعة من أفاء ( فقال الناس: قد طيبنا ذلك يا رسول الله لهم) .
ولأبي ذر: قد طيبنا ذلك لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي لأجله ( فقال لهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنّا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم) أراد بذلك التقصي عن أمرهم استطابة لنفوسهم ( فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم ثم رجعوا إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبروه أنهم قد طيبوا) ذلك ( فأذنوا) بالفاء ولأبي ذر وأذنوا أي له عليه الصلاة والسلام أن يردّ السبي إليهم.
قال ابن شهاب: ( فهذا الذي بلغنا عن سبي هوازن) .

وهذا الحديث قد مرّ في الوكالة والعتق.


[ قــ :2991 ... غــ : 3133 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ عَاصِمٍ الْكُلَيْنِيُّ -وَأَنَا لِحَدِيثِ الْقَاسِمِ أَحْفَظُ- عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ: "كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى، فَأُتِيَ ذَكَرَ دَجَاجَةً وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِي، فَدَعَاهُ لِلطَّعَامِ
فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ فَحَلَفْتُ أن لاَ آكُلُ.
فَقَالَ: هَلُمَّ فَلأُحَدِّثْكُمْ عَنْ ذَلكَ: إِنِّي أَتَيْتُ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ.
وَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَهْبِ إِبِلٍ فَسَأَلَ عَنَّا فَقَالَ: أَيْنَ النَّفَرُ الأَشْعَرِيُّونَ؟ فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قُلْنَا: مَا صَنَعْنَا؟ لاَ يُبَارَكُ لَنَا.
فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا: إِنَّا سَأَلْنَاكَ أَنْ تَحْمِلَنَا، فَحَلَفْتَ أَنْ لاَ تَحْمِلَنَا، أَفَنَسِيتَ؟ قَالَ: لَسْتُ أَنَا حَمَلْتُكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلاَّ أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا".
[الحديث 3133 - أطرافه في: 4385، 4415، 5517، 5518، 6623، 6649، 6678، 6680، 6718، 6719، 6721، 7555] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن عبد الوهاب) أبو محمد الحجبي قال: ( حدّثنا حماد) هو ابن زيد قال: ( حدّثنا أيوب) السختياني ( عن أبي قلابة) بكسر القاف عبد الله بن زيد الجرمي ( قال) : أي أيوب ( وحدّثني) بالإفراد ( القاسم بن عاصم الكليبي) بضم الكاف مصغرًا ( وأنا لحديث القاسم أحفظ) من حديث أبي قلابة ( عن زهدم) بفتح الزاي وسكون الهاء وبعد الدال المهملة المفتوحة ميم ابن مضرب الأزدي الجرمي أنه ( قال: كنا عند أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري ( فأتى) بفتح الهمزة والفوقية بلفظ الماضي من الإتيان، ( ذكر دجاجة) بكسر الذال المعجمة وسكون الكاف دجاجة بالجر والتنوين على الإضافة، وعزاه في الفتح لأبي ذر والنسفيّ، وللأصلي فأتي بضم الهمزة مبنيًا للمفعول ذكر بفتحات دجاجة بالتنوين والنصب على المفعولية وكان الراوي لم يستحضر اللفظ كله وحفظ منه لفظ دجاجة وفي النذور فأتي بطعام فيه دجاج وهو المراد.
( وعنده رجل) لم يسم ( من بني تيم الله) بفتح الفوقية وسكون التحتية نسبة إلى بطن من بني بكر بن عبد مناة بن كنانة ومعنى تيم الله عبد الله ( أحمر) اللون ( كأنه من الموالي) أي من سبي الروم ( فدعاه للطعام فقال: إني رأيته يأكل شيئًا) من النجاسة ( فقذرته) بكسر الذال المعجمة أي فكرهته ( فحلفت لا آكل) ولأبي ذر: أن لا آكل ( فقال) أبو موسى: ( هلم فلأحدثكم) بجزم المثلثة وكسر اللام ولأبي ذر وابن عساكر: فأحدثكم بإسقاط اللام ( عن ذلك) أي عن الطريق في حل اليمين ( إني أتيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في نفر من الأشعريين) من الرجال ما بين الثلاثة إلى العشرة ( نستحمله أي نطلب منه أن يحملنا ويحمل أثقالنا على الإبل في غزوة تبوك فقال) عليه الصلاة والسلام:
( والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم وأتي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بضم همزة أتي مبنيًا للمفعول ( بنهب إبل) غنيمة ( فسأل عنا فقال: أين النفر الأشعريون) أي فأتينا ( فأمر لنا بخمس ذود) بالإضافة وفتح الذال المعجمة ما بين الثنتين إلى التسعة أو ما بين الثلاث إلى العشرة من الإبل ( غرّ الذرى) بضم الغين المعجمة وتشديد الراء والذرى بضم الذال المعجمة وفتح الراء أي ذوي الأسنمة البيض من سمنهن وكثرة شحومهن ( فلما انطلقنا قلنا: ما صنعنا لا يبارك لنا) فيما أعطانا ( فرجعنا
إليه)
عليه الصلاة والسلام ( فقلنا) : يا رسول الله ( إنا سألناك أن تحملنا فحلفت أن لا تحملنا) بفتح اللام ( أفنسيت) بهمزة الاستفهام الاستخباري ( قال) عليه الصلاة والسلام:
( لست أنا حملتكم ولكن الله حملكم) يحتمل أنه أراد إزالة المنّة عليهم بإضافة النعمة إلى الله تعالى ولو لم يكن له صنع في ذلك لم يحسن إيراد قوله: ( وإني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين) أي محلوف يمين، والمراد ما شأنه أن يكون محلوفًا عليه وإلا فهو قبل اليمين ليس محلوفًا عليه.
ولمسلم على أمر بدل قوله على يمين ( فأرى غيرها خيرًا منها) أي من الخصلة المحلوف عليها ( إلا أتيت الذي هو خير) أي منها ( وتحللتها) بالكفارة.

ومناسبته للترجمة من جهة أنهم سألوه فلم يجدوا ما يحملهم عليه ثم حضر من الغنائم فحملهم منها وهو محمول على أنه حملهم على ما يختص بالخمس إذا كان له التصرف بالتنجيز من غير تعليق فكذا له التصرف بتنجيز ما علق.

وأخرجه أيضًا في التوحيد والنذور والذبائح والكفارات والمغازي ومسلم في الأيمان والنذور والترمذي في الأطعمة والنسائي في الصيد والنذور.




[ قــ :99 ... غــ : 3134 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ قِبَلَ نَجْدٍ فَغَنِمُوا إِبِلاً كَثِيرًا، فَكَانَتْ سُهمَانُهُمُ اثْنَىْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا".
[الحديث 3134 - طرفه في: 4338] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك) الإمام ( عن نافع عن
ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث سرية فيها عبد الله بن عمر)
سقط لغير أبي ذر
ابن عمر ( قبل نجد) بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهتها ( فغنموا إبلاً كثيرًا) وللأصيلي كثيرة
وزاد مسلم وغنمًا ( فكانت سهامهم) ولأبي ذر عن الكشميهني: سهمانهم بضم السين وسكون الهاء جمع سهم أي نصيب كل واحد ( اثني عشر بعيرًا) ولأبي الوقت وابن عساكر: اثنا عشر على لغة من يجعل المثنى بالألف مطلقًا ( أو أحد عشر بعيرًا) بالشك من الراوي ( ونفلوا) بضم النون مبنيًا للمفعول أي أعطى كل واحد منهم زيادة على السهم المستحق له ( بعيرًا بعيرًا) .
وفي رواية ابن إسحاق عند أبي داود أن التنفيل كان من الأمير والقسم من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وظاهر رواية الليث عن نافع عند مسلم أن ذلك صدر من أمير الجيش وأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان مقررًا لذلك ومجيزًا له لأنه قال فيه ولم يغيره النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وتقريره بمنزلة فعله، واختلف هل النفل يكون من أصل الغنيمة أو من أربعة أخماسها أو من خُمس الخمس؟ والأصح عند أصحابنا أنه من خمس الخمس وحكاه النووي عن مالك وأبي حنيفة.




[ قــ :993 ... غــ : 3135 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ
عُمَرَ - رضي الله عنهما "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنَ السَّرَايَا لأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً سِوَى قِسْمِ عَامَّةِ الْجَيْشِ".

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) هو ابن عبد الله بن بكير المخزومي ونسبه لجده قال:
( أخبرنا الليث) بن سعد الإمام ( عن عقيل) بضم العين ابن خالد ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن سالم) هو ابن عمر ( عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) :
( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان ينفل) بضم أوّله وفتح النون وتشديد الفاء مكسورة، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ينتفل بفتح أوّله وسكون النون وفوقية مفتوحة وتخفيف الفاء ( بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم) بفتح القاف بخط الدمياطي وبكسرها عن ابن مالك وسكون المهملة ( عامة الجيش) أي من خمس خمس الغنيمة، وقد صح في الترمذي وغيره أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان ينفل في البداءة الربع وفي الرجعة الثلث، والبداءة السرية التي يبعثها الإمام قبل دخوله دار الحرب مقدمة له، والرجعة التي يأمرها بالرجوع بعد توجه الجيش لدارنا ونقص في البداءة لأنهم مستريحون إذ لم يطل بهم السفر ولأن الكفار في غفلة ولأن الإمام من ورائهم يستظهرون به والرجعة بخلافها في كل ذلك.

وحديث الباب هذا أخرجه مسلم في المغازي وأبو داود في الجهاد.




[ قــ :994 ... غــ : 3136 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى -رضي الله عنه- قَالَ: "بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ، فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ -أَنَا وَأَخَوَانِ لِي أَنَا أَصْغَرُهُمْ: أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ وَالآخَرُ أَبُو رُهْمٍ- إِمَّا قَالَ فِي بِضْعٍ وَإِمَّا قَالَ فِي ثَلاَثَةٍ وَخَمْسِينَ أَوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِي، فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ، وَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابَهُ عِنْدَهُ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَنَا هَا هُنَا، وَأَمَرَنَا بِالإِقَامَةِ، فَأَقِيمُوا مَعَنَا.
فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا، فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَأَسْهَمَ لَنَا -أَوْ قَالَ: فَأَعْطَانَا- مِنْهَا , وَمَا قَسَمَ لأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ مِنْهَا شَيْئًا، إِلاَّ لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ، إِلاَّ أَصْحَابَ سَفِينَتِنَا مَعَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ، قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ".
[الحديث 3136 - أطرافه في: 3876، 430، 433] .

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن العلاء) بفتح العين والمد الهمداني الكوفي قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة قال: ( حدّثنا بريد بن عبد الله) بضم الموحدة وفتح الراء ( عن) جده ( أبي بردة) عامر أو الحرث ( عن) أبيه ( أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: بلغنا مخرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة مرفوع على الفاعلية ( ونحن باليمن) الواو للحال ( فخرجنا) حال كوننا ( مهاجرين إليه أنا وأخوان لي أنا أصغرهم أحدهما أبو بردة) اسمه
عامر بن قيس الأشعري ( والآخر أبو رهم) بضم الراء وبعد الهاء الساكنة ميم اسمه مجدي بفتح الميم وسكون الجيم وكسر الدال المهملة وتشديد التحتية أو مجيلة بفتح الميم وكسر الجيم وسكون التحتية ثم لام ثم هاء ( إما قال في بضع) بكسر الموحدة ( وإما قال في ثلاثة وخمسين أو اثنين وخمسين رجلاً من قومي) من الأشعريين ( فركبنا سفينة فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي) أصحمة ( بالحبشة ووافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده) أي بأرض الحبشة ( فقال جعفر: إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعثنا هاهنا) بفتح المثلثة ( وأمرنا بالإقامة فأقيموا معنا) بفتح العين ( فأقمنا معه حتى قدمنا جميعًا فوافقنا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بسكون القاف ( حين افتتح خيبر فأسهم لنا) أي من غنيمتها ( أو قال فأعطانا منها وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئًا إلا لمن شهد معه) عليه الصلاة والسلام ( إلا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه) فإنه عليه الصلاة والسلام ( قسم لهم معهم) أي مع من شهد الفتح والاستثناء الأول منقطع والثاني متصل والإخراج فيه من الجملة الأولى.

قال ابن المنير: وظاهر هذا الحديث عدم المطابقة لما ترجم به فإن الظاهر كونه عليه الصلاة والسلام قسم لأصحاب السفينة من أصحاب الغنيمة مع الغانمين وإن كانوا غائبين تخصيصًا لهم لا من الخمس إذ لو كان منه لم تظهر الخصوصية والحديث ناطق بها ووجه المطابقة أنه إذا جاز أن يجتهد الإمام في أربعة أخماس الغانمين فلأن يجوز اجتهاده في الخمس الذي لا يستحقه معين بطريق الأولى.
وقال السفاقسي: يحتمل أن يكون أعطاهم برضا بقية الجيش.
اهـ.

قال في الفتح: وبهذا جزم موسى بن عقبة في مغازيه، وعند البيهقي أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل أن يسهم لهم كلم المسلمين فأشركوهم، وجزم أبو عبيد في كتاب الأموال بأنه أعطاهم من الخمس وهو الموافق للترجمة.
وقال البيضاوي: إنما أسهم لهم لأنهم وردوا عليه قبل حيازة الغنيمة.

قال الطيبي: وهذا من قول من قال إنه أعطاهم من الخمس الذي هو حقه دون حقوق من شهد الوقعة لأن قوله فأسهم يقتضي القسمة من نفس الغنيمة وما يعطى من الخمس ليس بسهم، وأيضًا الاستثناء في قوله إلا أصحاب سفينتنا يقتضي إثبات القسمة لهم والقسمة لا تكون من الخمس ولأن سياق كلام أبي موسى وارد على الافتخار والمباهاة فيستدعي اختصاصهم بما لي لأحد غيرهم.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا مقطعًا في الخمس وهجرة الحبشة والمغازي ومسلم في الفضائل.




[ قــ :995 ... غــ : 3137 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرًا -رضي الله عنه- قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَوْ قَدْ جَاءَنا مَالُ الْبَحْرَيْنِ لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا.
فَلَمْ يَجِئْ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ مُنَادِيًا فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنَا فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا.
فَحَثَا لِي ثَلاَثًا.
وَجَعَلَ سُفْيَانُ يَحْثُو بِكَفَّيْهِ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ لَنَا: هَكَذَا قَالَ لَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ.
.

     وَقَالَ  مَرَّةً فَأَتَيْتُ
أَبَا بَكْرٍ فَسَأَلْتُ فَلَمْ يُعْطِنِي ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَلَمْ يُعْطِنِي، ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقُلْتُ: سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي ثُمَّ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي، ثُمَّ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي، فَإِمَّا أَنْ تُعْطِيَنِي وَإِمَّا أَنْ تَبْخَلَ عَنِّي.
قَالَ: قُلْتَ تَبْخَلُ عَلَىَّ، مَا مَنَعْتُكَ مِنْ مَرَّةٍ إِلاَّ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكَ".
قَالَ سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرٍ فَحَثَا لِي حَثْيَةً.

     وَقَالَ : عُدَّهَا، فَوَجَدْتُهَا خَمْسَمِائَةٍ فَقَالَ: خُذْ مِثْلَهَا مَرَّتَيْنِ".
.

     وَقَالَ  -يَعْنِي ابْنَ الْمُنْكَدِرِ- وَأَىُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ.

وبه قال: ( حدّثنا علي) هو ابن المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( قال: حدّثنا محمد بن المنكدر) بن عبد الله بن الهدير بالتصغير التيمي المدني ( سمع جابرًا) الأنصاري ( -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لو قد جاءني) بالإفراد، ولأبي ذر: جاءنا بالجمع ولابن عساكر: جاء ( مال البحرين) أي من جهة الجزية ( لقد أعطيتك) وسقط لأبي ذر لقد وللحموي والمستملي أعطيك بضم الهمزة وكسر الطاء وحذف الفوقية ( هكذا وهكذا وهكذا) ثلاثًا ( فلم يجيء) مال البحرين ( حتى قبض النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلما جاء مال البحرين) من عند العلاء بن الحضرمي ( أمر أبو بكر) -رضي الله عنه- ( مناديًا) قيل إنه بلال ( فنادى من كان له عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دين أو عدة) بكسر العين وتخفيف الدال المهملة أي وعد ( فليأتنا) نفِ له به ( فأتيته فقلت: إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لي كذا وكذا فحثا لي) بالمهملة والمثلثة أبو بكر -رضي الله عنه- ( ثلاثًا وجعل سفيان) بن عيينة ( يحثو بكفيه) بالتثنية ( جميعًا) هذا يقتضي أن الحثية ما يؤخذ باليدين جميعًا والذي قاله أهل اللغة أن الحثية ما يملأ الكف والحفنة ما يملأ الكفّين لكن ذكر الهروي أن الحثية والحفنة بمعنى وهذا الحديث شاهد لذلك.

( ثم قال لنا) سفيان بالسند السابق: ( هكذا قال لنا ابن المنكدر) محمد، ( وقال) أي سفيان أيضًا بالسند السابق ( مرة فأتيت أبا بكر فسألت) بحذف ضمير المفعول ولأبي الوقت فسألته ( فلم يعطني ثم أتيته فلم يعطني ثم أتيته الثالثة فقلت: سألتك فلم تعطني ثم سألتك فلم تعطني ثم سألتك فلم تعطني) ثلاثًا ( فإما أن تعطيني وإما أن تبخل) بفتح أوّله وسكون الموحدة ( عني) أي من جهتي ولأبي الوقت من غير اليونينية عليّ ( قال) : أي أبو بكر -رضي الله عنه- ( قلت) : بتاء المخاطبة لجابر ( تبخل عليّ) ولأبي ذر وابن عساكر: عني ( ما منعتك) أي من العطاء ( من مرة إلاّ وأنا أريد أن أعطيك) ومنعه هذا لعله لئلا يحرص على الطلب أو لئلا يزدحم الناس عليه فلم يقصد المنع الكلي.

( قال سفيان) بن عيينة بالسند السابق ( وحدّثنا عمرو) بفتح العين ابن دينار ( عن محمد بن علي) أْي ابن الحسين بن علي ( عن جابر) -رضي الله عنه- ( فحثى لي) أي أبو بكر -رضي الله عنه- ( حثية) بفتح الحاء من حثى يحثي ويجوز حثوة من حثا يحثو وهما لغتان ( وقال: عدّها) أي فعددتها ( فوجدتها خمسمائة قال: فخذ مثلها مرتين) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: مثليها بالتثنية.
قال
سفيان ( وقال يعني ابن المنكدر: وأي داء أدوأ من البخل) وهذا يشعر بأنه من كلام ابن المنكدر، لكن في مسند الحميدي عن سفيان في هذا الحديث وقال ابن المنكدر في حديثه ففيه اتصال ذلك إلى أبي بكر، وأدوأ بالهمز على الصواب أي أقبح والمحدّثون يروونه أدوى بغير همز وهو من دوى إذا كان به مرض في جوفه فيحمل على أنهم سهلوا الهمزة.

وهذا الحديث قد سبق بعضه في الهبة وغيرها.




[ قــ :996 ... غــ : 3138 ]
- حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا قُرَّةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: "بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْسِمُ غَنِيمَةً بِالْجِعْرَانَةِ إِذْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: اعْدِلْ.
قَالَ: لَقَدْ شَقِيتَ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ".

وبه قال: ( حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي الأزدي مولاهم قال: ( حدّثنا قرّة بن خالد) السدوسي وسقط لغير أبوي ذر والوقت ابن خالد قال: ( حدّثنا عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله) الأنصاري ( -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: بينما) بالميم ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقسم غنيمة بالجعرانة) بكسر الجيم وسكون العين وهذه القسمة كانت غنيمة هوازن وجواب بينما قوله: ( اذ قال له رجل) هو ذو الخويصرة التميمي ( اعدل فقال له) :
( شقيت وإن لم أعدل) بفتح الشين المعجمة والفوقية أي ضللت أنت أيها التابع إذا كنت لا أعدل لكونك تابعًا ومقتديًا بمن لا يعدل أو حيث تعتقد في نبيك هذا القول لأنه لا يصدر عن مؤمن، لكن لا يلائمه حينئذ قوله: إن لم أعدل إلا أن يقدر له جواب محذوف، ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر قال: شقيت بحذف فاء فقال ولفظ له وزيادة لقد وضم تاء شقيت، ومعناه ظاهر ولا محذور فيه والشرط لا يستلزم الوقوع لأنه ليس ممن لا يعدل حتى يحصل له الشقاء بل هو عادل فلا يشقى حاشاه الله مما يكره.