فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه

باب مَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْخُمُسِ وَنَحْوِهِ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
( باب ما كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعطي المؤلّفة قلوبهم) وهم من أسلم ونيته ضعيفة أو كان يتوقع بإعطائه إسلام نظرائه ( وغيرهم) ممن تظهر له المصلحة في إعطائه ( من الخمس ونحوه) الخراج والفيء والجزية ( رواه) أي ما ذكر ( عبد الله بن زيد) الأنصاري المازني في حديثه الطويل المروي موصولاً في المغازي ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .


[ قــ :3001 ... غــ : 3143 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى.
قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ الْعَطَاءَ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ هَذَا الْفَىْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ.
فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى تُوُفِّيَ".

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي قال: ( حدّثنا الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير) بن العوّام ( أن حكيم بن حزام) بحاء مهملة فزاي معجمة وكان من المؤلّفة ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: سألت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأعطاني ثم سألته فأعطاني) مرتين ( ثم قال لي) :
( يا حكيم إن هذا المال خضر) بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: خضرة بالتأنيث باعتبار الأنواع أو تقديره كالفاكهة الخضرة ( حلو) بالتذكير فشبه المال في الرغبة فيه بها فإن الأخضر مرغوب فيه من حيث النظر والحلو من حيث الذوق فإذا اجتمعا
زادا في الرغبة ( فمن أخذه) ممن يدفعه ( بسخاوة نفس) منشرحًا بدفعه فالسخاوة راجعة إلى المعطي أو ترجع إلى الآخذ أي من أخذه بغير حرص وطمع ( بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس) بأن تعرض له ( لم يبارك له فيه.
وكان كالذي)
به الجوع الكاذب ( يأكل ولا يشبع) ويسمى بجوع الكلب كلما ازداد أكلاً ازداد جوعًا ( واليد العليا) بضم العين مقصورًا المنفقة أو المتعففة ( خير من اليد السفلى) الآخذة.

( قال حكيم: فقلت يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزًأ أحدًا) بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح الزاي آخره همزة أي لا أنقص مال أحد بالأخذ منه ( بعدك) أي بعد سؤالك أو غيرك ( شيئًا حتى أفارق الدنيا) وإنما امتنع من الأخذ مطلقًا وإن كان مباركًا لسعة الصدر مع عدم الإشراف مبالغة في الاحتراز إذ مقتضى الجبلة الإشراف والحرص والنفس شرافة ومن حام حول الحمى يوشك أن يواقعه، ( فكان) بالفاء ولابن عساكر وكان ( أبو بكر) الصديق -رضي الله عنه- ( يدعو حكيمًا ليعطيه العطاء فيأبى) أي يمتنع ( أن يقبل منه شيئًا ثم إن عمر) -رضي الله عنه- ( دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل) زاد أبو ذر عن الكشميهني منه ( فقال) : أي عمر ( يا معشر المسلمين إني أعرض عليه حقه الذي قسم الله له من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه) وإنما فعل ذلك عمر ليبرئ ساحته بالإشهاد عليه ( فلم يرزأ حكيم أحدًا من الناس) زاد أبو ذر عن الكشميهني شيئًا ( بعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى توفي) -رضي الله عنه-.




[ قــ :300 ... غــ : 3144 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ "أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَ عَلَىَّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَفِيَ بِهِ.
قَالَ: وَأَصَابَ عُمَرُ جَارِيَتَيْنِ مِنْ سَبْيِ حُنَيْنٍ فَوَضَعَهُمَا فِي بَعْضِ بُيُوتِ مَكَّةَ، قَالَ فَمَنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى سَبْيِ حُنَيْنٍ، فَجَعَلُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ انْظُرْ مَا هَذَا؟ فَقَالَ: مَنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى السَّبْيِ؛ قَالَ: اذْهَبْ فَأَرْسِلِ الْجَارِيَتَيْنِ.
قَالَ نَافِعٌ: وَلَمْ يَعْتَمِرْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْجِعْرَانَةِ، وَلَوِ اعْتَمَرَ لَمْ يَخْفَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ".

وَزَادَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.

     وَقَالَ : "مِنَ الْخُمُسِ".

وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي النَّذْرِ وَلَمْ يَقُلْ "يَوْمَ".

وبه قال: ( حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي قال: ( حدّثنا حماد بن زيد) هو ابن درهم ( عن أيوب) السختياني ( عن نافع) مولى ابن عمر ( أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا رسول الله) كذا رواه حماد عن أيوب عن نافع مرسلاً لم يذكر ابن عمر ويأتي في المغازي أن البخاري نقل أن بعضهم رواه عن حماد موصولاً ( إنه كان عليّ اعتكاف يوم) ولا منافاة بين ما في كتاب الاعتكاف أنه نذر ليلة لجواز اجتماع نذرهما ( في الجاهلية) قبل الإسلام وفي رواية جرير بن حازم عند مسلم أن سؤاله لذلك وقع بالجعرانة بعد أن رجع من الطائف ( فأمره) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
( أن يفي به) بالاعتكاف ( قال) : أي نافع ( وأصاب عمر) -رضي الله عنه- ( جاريتين) لم يسميا ( من سبي حنين فوضعهما في بعض بيوت مكة قال) : أي نافع فيما أرسله ( فمنّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على سبي حنين) أي أطلقهم ( فجعلوا يسعون في السكك فقال عمر) لابنه: ( يا عبد الله انظر ما هذا) أي فنظر وسأل عن سبب سعيهم في السكك ( فقال) : ولأبي ذر قال: ( منّ) أي أطلق ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على السبي) وفي رواية ابن عيينة عند الإسماعيلي قلت ما هذا؟ قالوا: السبي أسلموا فأرسلهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قال) : أي عمر لابنه ( اذهب فأرسل الجاريتين) بهمزة قطع في فأرسل ويستفاد منه العمل بخبر الواحد ( قال نافع) : مولى ابن عمر ( ولم يعتمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الجعرانة) بسكون العين كذا رواه أبو النعمان مرسلاً ووصله مسلم وابن خزيمة ( ولو اعتمر) عليه السلام منها ( لم يخف على عبد الله) قال السفاقسي الذي ذكره جماعة أنه اعتمر من الجعرانة حين فرغ من حنين والطائف وليس في قول نافع حجة لأن ابن عمر لم يحدّث بكل شيء علمه ولا كل ما علمه حدث به نافعًا ولا كل ما حدث به نافعًا حفظه نافع.

( وزاد جرير بن حازم عن أيوب) السختياني ( عن نافع عن ابن عمر قال) : ولأبي ذر وقال: ( من الخمس) أي كانت الجاريتان من الخمس وهذا موصول، لكن قال الدارقطني: حماد أثبت من جرير في أيوب.

( ورواه) أي حديث الاعتكاف ( معمر) بميمين مفتوحتين بينهما عين مهملة ساكنة ابن راشد ( عن أيوب) السختياني ( عن نافع عن ابن عمر في) حديث ( النذر ولم يقل) فيه ( يوم) بالجر والتنوين على الحكاية ولأبي ذر يوم بالنصب على الظرفية.




[ قــ :3003 ... غــ : 3145 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ -رضي الله عنه- قَالَ: "أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْمًا وَمَنَعَ آخَرِينَ، فَكَأَنَّهُمْ عَتَبُوا عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي أُعْطِي قَوْمًا أَخَافُ ظَلَعَهُمْ وَجَزَعَهُمْ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالْغِنَى، مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ، مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُمْرَ النَّعَمِ".
زَادَ أَبُو عَاصِمٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: "حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُتِيَ بِمَالٍ -أَوْ بِسَبْيٍ- فَقَسَمَهُ ... بِهَذَا".

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري قال: ( حدّثنا جرير بن حازم) بالحاء المهملة والزاي قال: ( حدّثنا الحسن) البصري ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عمرو بن تغلب) بفتح العين وإسكان الميم وتغلب بمثناة فوقية مفتوحة فغين معجمة ساكنة وبعد اللام المكسورة موحدة غير منصرف ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: أعطى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قومًا ومنه آخرين فكأنهم عتبوا عليه) قال الخليل: حقيقة العتاب مخاطبة الإدلال ومذاكرة الموحدة ( فقال) عليه السلام:
( إني أعطي قومًا أخاف ضلعهم) بفتح الضاد المعجمة واللام أي مرض قلوبهم وضعف يقينهم كذا في الفرع بالضاد الساقطة، وفي بعض الأصول بالظاء المعجمة والمشالة وهو الذي في اليونينية وكذا ذكره في النهاية في باب الظاء مع اللام وقال: أي ميلهم عن الحق وضعف إيمانهم
ثم قال وقيل إن المائل بالضاد ( وجزعهم) بالجيم والزاي ( وأكل) أي أفوّض ( أقوامًا إلى ما جعل الله في قلوبهم من الخير والغنى) بكسر الغين المعجمة مقصورًا ضد الفقر ولأبي ذر عن الحموي والمستملي والغناء بفتح الغين المعجمة ممدودًا الكفاية ( منهم عمرو بن تغلب فقال عمرو بن تغلب: ما أحب أن لي بكلمة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي التي قالها في حقه وهي إدخاله في أهل الخير والغنى ( حمر النعم) بفتح النون واحد الأنعام الراعية وأكثر ما يقع على الإبل والحمر بضم الحاء المهملة والميم الساكنة والباء في بكلمة للبدلية.
وهذا الحديث مر في كتاب الجمعة.

( زاد) ولغير أبي ذر وزاد ( أبو عاصم) الضحاك النبيل شيخ المؤلّف مما سبق في أواخر الجمعة موصولاً عن محمد بن معمر عن أبي عاصم ( عن جرير) هو ابن حازم أنه ( قال: سمعت الحسن) البصري ( يقول: حدّثنا عمرو بن تغلب أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتي) بضم الهمزة وكسر الفوقية ( بمال أو بسبي) بفتح السين المهملة وسكون الموحدة ولأبي ذر عن الكشميهني بشيء بالشين المعجمة والتحتية والهمزة وهو أشمل ( فقسمه بهذا) الذي ذكر.




[ قــ :3004 ... غــ : 3146 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنِّي أُعْطِي قُرَيْشًا أَتَأَلَّفُهُمْ، لأَنَّهُمْ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ».
[الحديث 3146 - أطرافه في: 3147، 358، 3778، 3793، 4331، 433، 4333، 4334، 4337، 5860، 676، 7441] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن قتادة) بن دعامة ( عن أنس -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إني أعطي قريشًا أتألفهم) أي أطلب إلفهم ( لأنهم حديث عهد بجاهلية) أي قريب عهد بكفر، قال في المصابيح قيل: وصوابه حديثو عهد.
وأجاب بأنه يقدر له موصوف مفرد لفظًا دال على الجمع معنى كفريق ونحوه.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في مناقب قريش وفي المغازي.




[ قــ :3005 ... غــ : 3147 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ مَا أَفَاءَ، فَطَفِقَ يُعْطِي رِجَالاً مِنْ قُرَيْشٍ الْمِائَةَ مِنَ الإِبِلِ، فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَدَعُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ.
قَالَ أَنَسٌ: فَحُدِّثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَقَالَتِهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَى الأَنْصَارِ فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، وَلَمْ يَدْعُ مَعَهُمْ أَحَدًا غَيْرَهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَاءَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: مَا كَانَ حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ؟ قَالَ لَهُ فُقَهَاؤُهُمْ أَمَّا ذَوُو آرَائِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا،.
وَأَمَّا أُنَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْطِي قُرَيْشًا
وَيَتْرُكُ الأَنْصَارَ، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنِّي لأُعْطِي رِجَالاً حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِكُفْرٍ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ، وَتَرْجِعُوا إِلَى رِحَالِكُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَوَاللَّهِ مَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ.
قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ رَضِينَا.
فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً شَدِيدَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْحَوْضِ.
قَالَ أَنَسٌ: فَلَمْ نَصْبِرْ".

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: ( حدّثنا الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ولأبي ذر عن الزهري ( قال: أخبرني) بالإفراد ( أنس بن مالك أن ناسًا من الأنصار قالوا لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : وسقطت التصلية لأبي ذر ( حين) ولأبي ذر عن الكشميهني حيث ( أفاء الله على رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وسقطت التصلية لأبي ذر كالسابقة ( من أموال هوازن ما أفاء فطفق) بكسر الفاء الثانية أي أخذ ( يعطي رجالاً من قريش المائة من الإبل) يتألفهم وهم فيما ذكره ابن إسحاق أبو سفيان وابنه معاوية وحكيم بن حزام والحرث بن الحرث بن كلدة والحرث بن هشام وسهل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى والعلاء بن حارثة الثقفي وعيينة بن حصن وصفوان بن أمية والأقرع بن حابس ومالك بن عوف النصري ( فقالوا: يغفر الله لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وسقطت التصلية أيضًا لأبي ذر ( يعطي قريشًا ويدعنا وسيوفنا تقطر من دمائهم قال أنس: فحدّث) بضم الحاء مبنيًّا للمفعول أي أخبر ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمقالتهم) وعند ابن إسحاق أن الذي أخبر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمقالتهم سعد بن عبادة ( فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم) جلد تم دباغه ( ولم يدع) بسكون الدال ( معهم أحدًا غيرهم فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) لهم:
( ما كان حديث بلغني عنكم) قال له فقهاؤهم: أي أصحاب الفهم منهم ( أما ذوو رأينا) بسكون الهمزة أي أصحاب رأينا الذين مرجع أمورنا إليهم وفي اليونينية أرائنا بالهمزة قبل الراء ممدودًا ( فلم يقولوا شيئًا) ، من ذلك ( وأما أناس منا حديثة أسنانهم) رفع بحديثه أي شبان لم يدروا الصواب ( فقالوا: يغفر الله لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعطي قريشًا ويترك الأنصار وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إني أعطي) ولابن عساكر وأبي ذر ( لأعطي رجالاً حديث عهدهم) بتنوين حديث بغير إضافة ولأبي ذر وابن عساكر حديثي عهد ( بكفر) بمثناة تحتية ساكنة بعد المثلثة مضاف للاحقه وفيه شاهد لسيبويه على إجازة مثل مررت برجل حسن وجهه بإضافة حسن إلى وجه وغيره يخالفه في ذلك والمسألة مقررة في كتب العربية بأدلتها قاله في المصابيح ( أما) بفتح الهمزة وتخفيف الميم ( ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعون) ولأبي ذر وترجعوا بحذف النون علامة للنصب ( إلى رحالكم) جمع رحل ما يسكنه الشخص أو ما يستصحبه من المتاع ( برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وسقطت التصلية لأبي ذر ( فوالله ما تنقلبون به) وهو رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( خير مما ينقلبون به) من المال وما موصول مبتدأ خبره خير ( قالوا: بلى يا رسول الله قد رضينا.
فقال)
عليه الصلاة والسلام: ( لهم
إنكم سترون بعدي أثرة شديدة)
بضم الهمزة وسكون المثلثة وبفتحهما لأبي ذر وبالوجهين قيده الجياني وبفتحهما الأصيلي أي سترون بعدي استقلال الأمراء بالأموال وحرمانكم منها ( فاصبروا حتى تلقوا الله) يوم القيامة ( ورسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الحوض) فتظفروا بالثواب الجزيل على الصبر ( قال أنس: فلم نصبر) وسقطت التصلية أيضًا لأبي ذر.

وهذا الحديث قد أخرجه المؤلّف أيضًا في غزوة حنين من أربعة أوجه.




[ قــ :3006 ... غــ : 3148 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ النَّاسُ مُقْبِلاً مِنْ حُنَيْنٍ عَلِقَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَعْطُونِي رِدَائِي، فَلَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُونَنِي بَخِيلاً وَلاَ كَذُوبًا وَلاَ جَبَانًا".

وبه قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي) بضم الهمزة وفتح الواو مصغرًا قال: ( حدّثنا إبراهيم بن سعد) أي ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ( عن صالح) هو ابن كيسان ( عن ابن شهاب) الزهري أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عمر بن محمد بن جبير بن مطعم أن) أباه ( محمد بن جبير قال: أخبرني) بالإفراد أبي ( جبير بن مطعم) -رضي الله عنه- ( أنه بينا) بغير ميم ( هو مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومعه الناس) حال كونه ( مقبلاً) ولابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني مقفله بفتح الميم وسكون القاف وفتح الفاء واللام أي زمان رجوعه ( من) غزوة ( حنين علقت رسول الله) بكسر لام علقت مخففة ونصب لام رسول الله على المفعولية ولابن عساكر برسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأعراب) حال كونهم ( يسألونه) أن يعطيهم من الغنيمة ( حتى اضطروه) أي ألجؤوه ( إلى سمرة) شجرة لها نور أصفر ( فخطفت رداءه) بكسر الطاء المهملة الشجرة على سبيل المجاز أو الأعراب ( فوقف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) : ولأبي ذر ثم قال:
( أعطوني ردائي فلو كان عدد هذه العضاه) بكسر العين المهملة وبعد الضاد المعجمة ألف فهاء وقفًا ووصلاً شجر عظيم له شوك ( نعمًا) بفتح النون والعين إبلاً أو والبقر ( لقسمته بينكم ثم لا تجدوني) ولأبي ذر لا تجدونني بنونين على الأصل ( بخيلاً ولا كذوبًا ولا جبانًا) .

وهذا الحديث سبق في باب الشجاعة في الحرب.




[ قــ :3007 ... غــ : 3149 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ
جَذْبَتِهِ ثُمَّ قَالَ: مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ.
فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ".
[الحديث 3149 - طرفاه في: 5809، 6088] .

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير المصري قال: ( حدّثنا مالك) الإمام ( عن إسحاق بن عبد الله) بن أبي طلحة الأنصاري ( عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-) أنه قال: ( كنت أمشي مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعليه برد) بضم الموحدة وسكون الراء نوع من الثياب معروف والواو للحال وفي رواية الأوزاعي وعليه رداء ( نجراني) بفتح النون وسكون الجيم نسبة إلى نجران بلد باليمن ( غليظ الحاشية فأدركه أعرابي) من أهل البادية لم يسم ( فجذبه) بجيم فذال معجمة فموحدة ( جذبة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي ناحية عاتقه الشريف وهو ما بين المنكب والعنق ( قد أثرت به حاشية الرداء) وفي رواية همام حتى انشق البرد وذهبت حاشيته في عنقه ( من شدة جذبته ثم قال: مر لي) وفي رواية الأوزاعي أعطني ( من مال الله الذي عندك فالتفت إليه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فضحك ثم أمر له بعطاء) .
وفيه مزيد حلمه عليه الصلاة والسلام وصبره على الأذى في النفس والمال والتجاوز عمن يريد تألفه على الإسلام وغير ذلك مما يأتي إن شاء الله تعالى في اللباس والأدب.




[ قــ :3008 ... غــ : 3150 ]
- حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ: "لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُنَاسًا فِي الْقِسْمَةِ: فَأَعْطَى الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ.
وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ.
وَأَعْطَى أُنَاسًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ فَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْقِسْمَةِ.
قَالَ رَجُلٌ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا عُدِلَ فِيهَا وَمَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ.
فَقُلْتُ وَاللَّهِ لأُخْبِرَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟ رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى.
قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ".
[الحديث 3150 - أطرافه في: 3405، 4335، 4336، 6059، 6100، 691، 6336] .

وبه قال: ( حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) قال: ( حدّثنا جرير) بفتح الجيم بن عبد الحميد ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة ( عن عبد الله) بن مسعود ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: لما كان يوم حنين آثر) بمدّ الهمزة أي خص ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أناسًا في القسمة) بالزيادة ( فأعطى) بيان للقسمة المذكورة ولأبوي ذر والوقت أعطى ( الأقرع بن حابس) بالحاء المهملة والموحدة والسين المهملة المجاشعي أحد المؤلّف قلوبهم ( مائة من الإبل وأعطى عيينة) بن حصن الفزاري ( مثل ذلك) أي مائة ( وأعطى أناسًا) آخرين ( من أشراف العرب فآثرهم) بالفاء ولأبي ذر وابن عساكر وآثرهم ( يومئذٍ في القسمة) على غيرهم ( قال رجل) هو معتب بن قشير المنافق فيما ذكره الواقدي ( والله إن هذه القسمة) ولأبي الوقت لقسمة ( ما عدل فيها) بضم العين وكسر الدال ( وما أريد بها) أي بهذه القسمة ( وجه الله) بالرفع نائبًا عن الفاعل قال ابن مسعود
( فقلت، والله لأخبرن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأتيته فأخبرته فقال) عليه الصلاة والسلام: ( فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم ينقل أنه عليه الصلاة والسلام عاقبه فيحتمل كما قاله المازري أنه لم يفهم منه الطعن في النبوّة وإنما نسبه لترك العدل في القسمة فلعله لم يعاقبه لأنه لم يثبت عليه ذلك وإنما نقل عنه واحد وبشهادة واحد لا يراق الدم ( رحم الله موسى) النبي ( قد أوذي بأكثر من هذا) الذي أوذيت ( فصبر) .

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في المغازي ومسلم في الزكاة.




[ قــ :3009 ... غــ : 3151 ]
- حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَسْمَاءَ بْنتِ أَبِي بَكْرٍ -رضي الله عنهما- قَالَتْ: "كُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَأْسِي.
وَهْيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَىْ فَرْسَخٍ".

وَقَالَ أَبُو ضَمْرَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ أَرْضًا مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ".
[الحديث 3151 - طرفه في: 54] .

وبه قال: ( حدّثنا محمود بن غيلان) بفتح الغين المعجمة قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة قال: ( حدّثنا هشام قال: أخبرني) بالإفراد ( أبي) عروة بن الزبير بن العوّام ( عن أسماء ابنة) ولأبي ذر بنت ( أبي بكر -رضي الله عنهما-) أنها ( قالت: كنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه) أي أعطاه ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على رأسي) متعلق بأنقل ( وهي) ولأبي الوقت وهي أي الأرض التي أقطعه ( مني على ثلثي فرسخ) بتثنية ثلث.
( وقال أبو ضمرة) : بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم أنس بن عياض ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أقطع الزبير أرضًا من أموال بني النضير) وهذا التعليق المرسل لم يجد ابن حجر -رحمه الله- من وصله وفائدة ذكره هنا أن أبا ضمرة خالف أبا أسامة في وصله فأرسله وتعيين الأرض المذكورة وأنها مما أفاء الله على رسوله من أموال بني النضير.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في النكاح مطوّلاً وكذا مسلم وأخرجه النسائي في عشرة النساء.




[ قــ :3010 ... غــ : 315 ]
- حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- "أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَجْلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا ظَهَرَ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ الْيَهُودَ مِنْهَا.
وَكَانَتِ الأَرْضُ -لَمَّا ظَهَرَ عَلَيْهَا- لِلْيَهُودِ وَلِلرَّسُولِ وَلِلْمُسْلِمِينَ.
فَسَأَلَ الْيَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَتْرُكَهُمْ عَلَى أَنْ يَكْفُوا الْعَمَلَ وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: نترككُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا.
فَأُقِرُّوا، حَتَّى أَجْلاَهُمْ عُمَرُ فِي إِمَارَتِهِ إِلَى تَيْمَاءَ وَأَرِيحَاء".

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر والأصيلي حدّثنا ( أحمد بن المقدام) بكسر الميم الأولى قال: ( حدّثنا الفضيل بن سليمان) بضم الفاء مصغرًا النميري البصري قال ( حدّثنا موسى بن عقبة) صاحب المغازي ( قال: أخبرني) بالإفراد ( نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب أجلى اليهود والنصارى) بالجيم أي أخرجهم ( من أرض الحجاز) لقوله عليه الصلاة والسلام لا يبقين دينان بجزيرة العرب ولم يخرجهم الصديق لاشتغاله بقتال أهل الردة أو لم يبلغه الخبر ( وكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما ظهر على أهل خيبر) ولابن عساكر على أرض خيبر ( أراد أن يخرج اليهود منها وكانت الأرض لما ظهر عليها) بفتح أكثرها قبل أن يسأله اليهود أن يصالحوه بأن ينزلوا عن الأرض ( لليهود وللرسول) ولأبي الوقت وابن عساكر لما ظهر عليها لله وللرسول ( وللمسلمين) وهو محمول على أنه بعد أن صالحهم كانت لله فلم يبق لليهود فيها حق ( فسأل اليهود رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يتركهم على أن يكفوا العمل) بفتح الياء وسكون الكاف وتخفيف الفاء من يكفوا ( ولهم نصف الثمر) بالمثلثة وفتح الميم ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( نقركم) من التقرير ولأبي ذر نترككم ( على ذلك ما شئنا فأقروا) على ذلك ( حتى أجلاهم عمر في إمارته إلى تيماء) بفتح الفوقية وسكون التحتية قربة على البحر من بلاد طيئ ( أريحا) بفتح الهمزة وكسر الراء وبالحاء المهملة مقصورًا قرية بالشام، ولأبي ذر أو ريحًا بزيادة الألف للشك.

وقد سبق الحديث في كتاب المزارعة ومطابقته لما ترجم به هنا من حيث إنه ذكر فيها جهات قد علم من مكان آخر أنها كانت جهات عطاء فبهذا الطريق تدخل تحت الترجمة قاله ابن المنير رحمه الله تعالى.