فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب

باب مَا يُصِيبُ مِنَ الطَّعَامِ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ
( باب) حكم ( ما يصيب) المجاهد ( من الطعام في أرض الحرب) .


[ قــ :3011 ... غــ : 3153 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "كُنَّا مُحَاصِرِينَ قَصْرَ خَيْبَرَ، فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ، فَنَزَوْتُ لآخُذَهُ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ".
[الحديث 3153 - طرفه في: 5508] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن حميد بن هلال) العدوي البصري ( عن عبد الله بن مغفل) بضم الميم وفتح الغين المعجمة والفاء المشددة ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: كنا محاصرين قصر خيبر فرمى إنسان) لم يقف الحافظ ابن حجر على اسمه ( بجراب) بكسر الجيم لا بفتحها وما ألطف قول القائل لا تكسر القصعة ولا تفتح الجراب وحكى ابن التين اللغتين وقال القزاز بالفتح وعاء من جلود وبالكسر جراب الركية وهو ما حولها من أعلاها إلى أسفلها ( فيه شحم) بمعجمة مفتوحة فمهملة ساكنة ( فنزوت) بنون فزاي
مفتوحتين فواو ساكنة أي وثبت مسرعًا ( لآخذه فالتفت فإذا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاستحيبت منه عليه الصلاة والسلام) لكونه اطلع على حرصي عليه ويوقيرًا له وإعراضًا عن خوارم المروءة.
وموضع الاستدلال منه كونه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم ينكر عليه، بل في مسلم ما يدل على رضاه عليه الصلاة والسلام لأن فيه أنه تبسم لمرآه، بل صرح في رواية أبي داود الطيالسي حيث قال عليه الصلاة والسلام في آخره: "هو لك" وكأنه عرف شدة حاجته إليه فسوّغ له الاستئثار به قاله في الفتح.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في المغازي والذبائح ومسلم في المغازي وأبو داود في الجهاد والنسائي في الذبائح.




[ قــ :301 ... غــ : 3154 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: "كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ، فَنَأْكُلُهُ وَلاَ نَرْفَعُهُ".

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا حماد بن زيد عن أيوب) السختياني ( عن نافع عن ابن عمر) ولأبوي ذر والوقت أن ابن عمر -رضي الله عنهما- ( قال: كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب) زاد أبو نعيم من رواية يونس بن محمد وأحمد بن إبراهيم عند الإسماعيلي كلاهما عن حماد بن زيد والفواكه، وعند الإسماعيلي من طريق ابن المبارك عن حماد بن زيد كنا نصيب العسل والسمن في المغازي ( فنأكله ولا نرفعه) إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو لا نحمله للإدخار.




[ قــ :3013 ... غــ : 3155 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى -رضي الله عنهما- يَقُولُ: "أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ لَيَالِيَ خَيْبَرَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ وَقَعْنَا فِي الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ فَانْتَحَرْنَاهَا، فَلَمَّا غَلَتِ الْقُدُورُ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اكْفَئُوا الْقُدُورَ فَلاَ تَطْعَمُوا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ شَيْئًا".

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَقُلْنَا إِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ.
قَالَ:.

     وَقَالَ  آخَرُونَ حَرَّمَهَا الْبَتَّةَ.

وَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَ: حَرَّمَهَا الْبَتَّةَ.
[الحديث 3155 - أطرافه في: 40، 4، 44، 556]
وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري قال: ( حدّثنا عبد الواحد) بن زياد العبدي البصري قال: ( حدّثنا الشيباني) بفتح الشين المعجمة وسكون التحتية بعدها موحدة سليمان بن أبي سليمان الكوفي ( قال: سمعت ابن أبي أوفى) عبد الله ( -رضي الله عنهما- يقول: أصابتنا مجاعة) جوع شديد ( ليالي خيبر فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها) وفي رواية البراء وابن أبي أوفى في المغازي فأصابوا حمرًا فطبخوها ( فلما غلت القدور نادى منادي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أبو طلحة ( اكفئوا) بفتح الهمزة وسكون الكاف وكسر الفاء وبهمزة ولابن عساكر أن اكفئوا أي أميلوا
( القدور) ليراق ما فيها ( فلا تطعموا) بفتح أوله وثالثه أي فلا تذوقوا ( من لحوم الحمر شيئًا.
قال عبد الله)
هو ابن أبي أوفى ( فقلنا) أي بعض الصحابة ( إنما نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي عنها ( لأنها لم تخمس) بضم أوّله وفتح ثالثه المشدد أي لم يؤخذ منها الخمس ( قال، وقال آخرون) : من الصحابة ( حرمها) عليه السلام ( البتة) أي قطعًا من البت وهو القطع والنصب على المصدرية قال الشيباني: ( وسألت سعيد بن جبير فقال: حرمها البتة) وذكر الواقدي أن عدة الحمر التي ذبحوها كانت عشرين أو ثلاثين كذا رواه بالشك.

وسيأتي ما وقع من اختلاف الصحابة في علة النهي عن لحم الحمر إن شاء الله تعالى واستفيد من هذه الأحاديث إباحة أكل الغانمين قبل اختيار التملك وقبل رجوعهم لعمران الإسلام ما يوجد من القوت والأدم والفاكهة ونحوها مما يعتاد أكله للآدمي عمومًا كاللحم والشحم والعلف للدواب شعيرًا وتبنًا لما ذكر، ولحديث أبي داود والحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري عن عبد الله بن أبي أوفى قال: أصبنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بخيبر طعامًا فكان كل واحد منا يأخذ منه قدر كفايته، والمعنى فيه عزته بدار الحرب غالبًا لإحراز أهله له عنا فجعله الشارع مباحًا ولأنه قد يفسد وقد يتعذر نقله وقد تزيد مؤونة نقله عليه سواء كان معه طعام يكفيه أم لا لعموم الأحاديث ويتزودون منه لقطع المسافة التي بين أيديهم بقدر الحاجة ولو كانوا أغنياء عنه نعم لو أكل فوق حاجته لزم قيمته كما صرح به في الروضة.
قال الزركشي: وكذا ينبغي أن يقال به في علف الدواب لا الفانيذ والسكر والأدوية التي تندر الحاجة إليها ولا انتفاع بمركوب وملبوس من الغنيمة فلو خالف لزمته الأجرة كما تلزمه القيمة إذا أتلف بعض الأعيان، فإن احتاج إلى ملبوس لبرد أو حر ألبسه الإمام بالأجرة مدة حاجته ثم يرده إلى المغنم أو حسبه عليه من سهمه وله القتال بالسلاح بلا أجرة للضرورة إليه ويرده إلى المغنم بعد زوالها فإن لم تكن ضرورة لم يجز له استعماله.

والحديث الأخير أخرجه أيضًا في المغازي ومسلم في الذبائح والنسائي في الصيد وابن ماجه في الذبائح.