فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب أمان النساء وجوارهن

باب أَمَانِ النِّسَاءِ وَجِوَارِهِنَّ
( باب أمان النساء وجوارهن) بكسر الجيم والمراد هنا الإجارة.


[ قــ :3026 ... غــ : 3171 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ ابْنَةِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ ابْنَةَ أَبِي طَالِبٍ تَقُولُ: "ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ فَقُلْتُ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ فَصَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ ابْنُ أُمِّي عَلِيٌّ أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلاً قَدْ أَجَرْتُهُ؛ فُلاَنُ بْنُ هُبَيْرَةَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ.
قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ وَذَلِكَ ضُحًى".

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك) الإمام ( عن أبي النضر) بفتح النون وسكون الضاد المعجمة سالم بن أبي أمية ( مولى عمر بن عبيد الله) القرشي المدني ( أن أبا مرّة) بضم الميم وتشديد الراء يزيد ( مولى أم هانئ) بالهمزة فاختة ( ابنة) ولأبي ذر: بنت ( أبي طالب) ويقال مولى عقيل بن أبي طالب مدني مشهور بكنيته ( أخبره) ولأبي ذر: أنه أخبره ( أنه سمع أم هانئ ابنة) ولأبي ذر: بنت ( أبي طالب تقول: ذهبت إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام الفتح) وهو بمكة ( فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته) -رضي الله عنها- ( تستره فسلمت عليه فقال) :
( من هذه؟ فقلت: أنا أم هانئ بنت أبي طالب فقال: مرحبًا) أي أتيت سعة ( بأم هانئ) بحرف الجر ( فلما فرغ من غسله) بضم المعجمة ولأبي ذر: من غسله بفتحها ( فام فصلّى ثمان) بفتح النون ولأبي ذر: ثماني بكسر النون وبتحتية بعدها مفتوحة ( ركعات ملتحفًا في ثوب واحد فقلت: يا رسول الله زعم ابن أمي عليّ) هو ابن طالب وكان أخاها من الأب والأم ( أنه قاتل رجلاً) اسم فاعل لا فعل ماض ( قد أجرته) بهمزة مقصورة أي أمنته ( فلان ابن هبيرة) رفع فلان خبر مبتدأ محذوف أي هو فلان.
ولأبي ذر: فلان ابن بالنصب بدلاً من رجلاً أو بدلاً من الضمير المنصوب وهبيرة بضم الهاء وفتح الموحدة وسكون التحتية وبالراء.
وهبيرة: هو ابن أبي وهب المخزومي وهو زوج أم هانئ وابنه يسمى جعدة.
قال ابن عبد البر: لم يكن لهبيرة ابن يسمى جعدة من غير أم هانئ فكيف كان عليّ يقصد قتل ابن أخته؟ وقال الزبير بن بكار: فلان ابن هبيرة هو الحرث بن هشام المخزومي.

( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ) أي أمّنا من أمنتيه أو أن أمانك لذلك الرجل كأماننا له فلا يصح لعليّ قتله.

وفيه جواز أمان المرأة وإن من أمنته حرم قتله، وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد.
وعن سحنون وابن الماجشون: هو إلى الإمام إن أجازه جاز وإن ردّه ردّ.
وقال في المصابيح لقائل أن يقول: إن كانت الإجارة منها يعني من أم هانئ نافذة فقد فات الأمر ونفذ الحكم فلا يوافق قوله عليه الصلاة والسلام قد أجرنا من أجرتِ لأنه يكون تحصيلاً للحاصل، فهذا يدل على أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو الذي أجار ولولا تنفيذه لما نفذ جوارها.
وهل تنفيذ الجوار على القول بأنه موقوف إجارة مؤتنفة أو لا؟ هي قاعدة اختلف فيها كتنفيذ الورثة وصية المورث بما زاد عن الثلث، فقيل ابتداء عطية منهم فيشترط شروط العطية من الجوز وغيره، وقيل لا يشترط ذلك والتنفيذ ليس ابتداء عطية، وانظر ما في أمان الآحاد من المسلمين إذا عقدوه لأهل مدينة عظيمة مثل أن تؤمن امرأة أهل القسطنطينية هل يجب على الإمام تنفيذ ذلك أو إنما ينفذ تأمينهم للآحاد؟ يبحث فيه عن النص غير أن المتأخرين أجازوا للآحاد إعطاء الأمان، وقالوا مطلقًا ومقيدًا قبل الفتح وبعده هكذا في الصبح الصادع.

( قالت أم هانئ: وذلك) ولابن عساكر: وذاك ( ضحى) .

وهذا الحديث قد سبق في باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به في أوائل كتاب الصلاة.