فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إثم الغادر للبر والفاجر

باب إِثْمِ الْغَادِرِ لِلْبَرِّ وَالْفَاجِرِ
( باب إثم الغادر) الذي يواعد على أمر ولا يفي به ( للبرّ والفاجر) أي سواء كان من برّ لفاجر أو برّ أو من فاجر لبرّ أو فاجر.


[ قــ :3040 ... غــ : 3186 - 3187 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -وَعَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ أَحَدُهُمَا يُنْصَبُ -وَقَالَ الآخَرُ: يُرَى- يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن سليمان) بن مهران ( الأعمش) الكوفي ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة ( عن عبد الله) أي ابن مسعود ( وعن ثابت) قال في الفتح: قائل ذلك هو شعبة بينه مسلم في روايته من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عن ثابت ( عن أنس) كلاهما ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( لكل غادر لواء) أي: علم ( يوم القيامة قال أحدهما) أي أحد الراويين ( بنصب) أي اللواء ( وقال الآخر: يُرى يوم القيامة يعرف به) .
ولمسلم من طريق غندر عن شبعة يقال: هذه غدرة فلان.




[ قــ :3041 ... غــ : 3188 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ بن زَيد عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: "سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُنْصَبُ يوم القيامة بِغَدْرَتِهِ".
[الحديث 3188 - أطرافه في: 6177، 6178، 6966، 7111] .

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: ( حدّثنا حماد) ولأبي ذر: حماد بن زيد ( عن أيوب) السختياني ( عن نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( لكل غادر لواء ينصب) زاد أبو ذر: يوم القيامة ( لغدرته) باللام وفتح الغين المعجمة أي لأجل غدرته في الدنيا أو بقدرها، ولأبي ذر وابن عساكر: بغدرته بالموحدة بدل اللام أي بسبب غدرته والمراد شهرته في القيامة بصفة الغدر ليذمه أهل الموقف وفيه غلظ تحريم الغدر لا سيما من صاحب الولاية العامة لأن غدره يتعدى ضرره وقيل المراد نهي الرعية عن الغدر بالإمام فلا تخرج عليه.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الفتن ومسلم في المغازي.




[ قــ :304 ... غــ : 3189 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: لاَ هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا.
.

     وَقَالَ  يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهْوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهْوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ: لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهُ.
فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ الإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ.
قَالَ: إِلاَّ الإِذْخِرَ".

وبه قال: ( حدّثنا عليّ بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد ( عن منصور) هو ابن المعتمر السلمي الكوفي ( عن مجاهد) بن جبر الإمام في التفسير ( عن طاوس) هو ابن كيسان اليماني ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم فتح مكة) :
( لا هجرة) من مكة إلى المدينة بعد الفتح لأن مكة صارت دار إسلام ( ولكن) لكم طريق في تحصيل الفضائل وهو ( جهاد) في سبيل الله ( ونية) في كل شيء من الخير ( وإذا استنفرتم فانفروا) بكسر الفاء أي إذا طلبكم الإمام للخروج إلى الجهاد فاخرجوا.

( وقال) عليه الصلاة والسلام: ( يوم فتح مكة: وإن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض) ولم يحرمه الناس ( فهو حرام بحرمة الله) زاد أبو ذر في رواية الكشميهني: إلى يوم القيامة ( وأنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي) القتال فيه ( إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد) بالرفع ويجوز الجزم أي لا يقطع ( شوكه) غير المؤذي والتعبير بالشوك يدل على منع قطع سائر الأشجار بالطريق الأولى ( ولا ينفر صيده) فإن نفره عصى ( ولا يلتقط) أحد ( لقطته إلا من عرفها) أبدًا ولا يتملكها فخالفت لقطة سائر البلاد بهذا ( ولا يختلى) بضم أوله وسكون المعجمة أي لا يجز ( خلاه) مقصور حشيشة الرطب ( فقال العباس: يا رسول الله إلاَّ الإذخر؟) النبت الذكي الرائحة المعروف ( فإنه لقينهم) حدادهم وصائغهم ( ولبيوتهم) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: وبيوتهم أي لسقف بيوتهم جيلاً بعد جيل ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( إلاَّ الإذخر) .
وهذا محمول على أنه أوحي إليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الحال باستثناء الإذخر وتخصيصه من العموم أو أوحي إليه قبل ذلك أنه إن طلب أحد استثناء شيء فاستثن أو أنه اجتهد في الجميع قاله النووي.

وهذا الحديث قد سبق في العلم والحج وغيرهما.

وهذا آخر كتاب الجهاد نجزت كتابته على يد مؤلفه في ثامن عشر جمادى الآخرة سنة تسع وتسعمائة أعاننا الله تعالى على التكميل وجعله خالصًا لوجهه ونفع به جيلاً بعد جيل بمنّه وكرمه آمين.