فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء، آمين فوافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه

باب إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ "آمِينَ" وَالْمَلاَئِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ
هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه ( إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء آمين فوافقت إحداهما) أي إحدى الكلمتين ( الأخرى) في وقت التأمين أو في الخشوع والإخلاص ( غفر له ما تقدم من ذنبه) .
وسقط آمين الثانية ولفظ باب لأبي ذر وهو أولى لأنه يلزم من إثباته وجود ترجمة بغير حديث وكون الأحاديث التالية لا تعلق لها به، فالظاهر أنه بالسند السابق عن أبي اليمان عن شعيب عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ومن جملة ترجمة الملائكة، وقد ساق الإسماعيلي حديث يتعاقبون الخ.
ثم قال: وبهذا الإسناد إذا قال أحدكم ( آمين) فلو قال البخاري: وبهذا الإسناد أو وبه لزال الإشكال.


[ قــ :3078 ... غــ : 3224 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "حَشَوْتُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وِسَادَةً فِيهَا تَمَاثِيلُ كَأَنَّهَا نُمْرُقَةٌ، فَجَاءَ فَقَامَ بَيْنَ النَّاسِ وَجَعَلَ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ، فَقُلْتُ: مَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا بَالُ هَذِهِ؟ قُلْتُ: وِسَادَةٌ جَعَلْتُهَا لَكَ لِتَضْطَجِعَ عَلَيْهَا.
قَالَ: أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ الْمَلاَئِكَةَ لاَ تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ؟ وَأَنَّ مَنْ صَنَعَ الصُّورَةَ يُعَذَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ".

وبه قال: ( حدّثنا محمد) هو ابن سلام قال: ( أخبرنا) ولأبي ذر: حدّثنا ( مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة ابن يزيد قال: ( أخبرنا ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز ( عن إسماعيل بن أمية) بضم الهمزة وفتح الميم وتشديد التحتية ابن عمرو بن سعيد بن العاصي الأموي القرشي المكي ( أن نافعًا حدثه أن القاسم بن محمد) أي ابن أبي بكر الصديق ( حدّثه عن) عمته ( عائشة -رضي الله عنها-) أنها ( قالت: حشوت للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسادة) بكسر الواو مخدة ( فيها تماثيل) جمع تمثال أي صورة حيوان أو غيره ( كأنها نمرقة) بضم النون والراء بينهما ميم ساكنة وبالقاف وسادة صغيرة ( فجاء) عليه الصلاة والسلام ( فقام بين البابين) ولأبي ذر عن الحموي بين الناس ( وجعل
يتغير وجهه فقلت: ما لنا يا رسول الله؟)
أي ما الذي فعلناه حتى تغير وجهك ( قال) :
( ما بال هذه الوسادة؟) أي ما شأنها فيها تماثيل ( قالت) : ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني قلت ( وسادة جعلتها لك لتضطجع عليها.
قال)
عليه الصلاة والسلام: ( أما علمت أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة) لكونها معصية فاحشة وفيها مضاهاة لخلق الله تعالى وهؤلاء الملائكة غير الحفظة لأنهم لا يفارقون المكلفين ( وإن من صنع الصورة) الحيوانية ( يعذب يوم القيامة) فهو من الكبائر لهذا التوعد العظيم ( يقول) : أي الله تعالى لهم استهزاء بهم وتعجيزًا لهم ولأبي ذر فيقول ( أحيوا) بفتح الهمزة ( ما خلقتم) .




[ قــ :3079 ... غــ : 35 ]
- حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةُ تَمَاثِيلَ».
[الحديث 35 - أطرافه في: 36، 33، 400، 5949، 5958] .

وبه قال: ( حدّثنا ابن مقاتل) محمد المروزي قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: ( أخبرنا معمر) هو ابن راشد ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن عبيد الله بن عبد الله) بتصغير الأول ابن عتبة بن مسعود ( أنه سمع ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: سمعت أبا طلحة) زيد بن سهل الأنصاري ( يقول: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( لا تدخل الملائكة) غير الحفظة ( بيتًا فيه كلب) يحرم اقتناؤه أو أعم قيل وامتناعهم من الدخول لأكله النجاسة وقبح رائحته ( ولا صورة تماثيل) .
من إضافة العام إلى الخاص.
قال النووي: الأظهر أن الحكم عام في كل كلب وكل صورة وأنهم يمتنعون من الجميع لإطلاق الحديث ولأن الجرو الذي كان في بيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تحت السرير كان له فيه عذر ظاهر لأنه لم يعلم به، ومع هذا امتنع جبريل من دخول البيت وعلله بالجرو.

( تنبيه) :
قال الدارقطني: لم يذكر الأوزاعي ابن عباس في إسناده يعني حيث روى هذا الحديث عن الزهري عن عبيد الله والقول قول من أثبته قال: ورواه سالم أبو النضر عن عبيد الله بن عبد الله نحو رواية الأوزاعي.
قال الحافظ ابن حجر: هو عند الترمذي والنسائي من طريق أبي النضر عن عبيد الله بن عبد الله قال: دخلت على أبي طلحة نحوه، وأخرج النسائي رواية الأوزاعي فأثبت ابن عباس تارة وأسقطه أخرى ورجح رواية من أثبته اهـ.
واختار ابن الصلاح الحكم للناقصة.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في بدء الخلق والمغازي واللباس ومسلم في اللباس والترمذي في الاستئذان والنسائي في الصد وابن ماجه في اللباس.




[ قــ :3080 ... غــ : 36 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الأَشَجِّ حَدَّثَهُ أَنَّ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ -رضي الله عنه- حَدَّثَهُ -وَمَعَ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عُبَيْدُ اللَّهِ الْخَوْلاَنِيُّ الَّذِي كَانَ فِي حَجْرِ مَيْمُونَةَ -رضي الله عنها- زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-- حَدَّثَهُمَا زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ.
قَالَ بُسْرٌ: فَمَرِضَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ، فَعُدْنَاهُ، فَإِذَا نَحْنُ فِي بَيْتِهِ بِسِتْرٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ، فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ الْخَوْلاَنِيِّ: أَلَمْ يُحَدِّثْنَا فِي التَّصَاوِيرِ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ قَالَ: «إِلاَّ رَقْمٌ فِي ثَوْبٍ» أَلاَ سَمِعْتَهُ؟ قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: بَلَى قَدْ ذَكَرَهُ".

وبه قال: ( حدّثنا أحمد) هو ابن صالح المصري كما جزم به أبو نعيم قال: ( حدّثنا ابن وهب) عبد الله المصري قال: ( أخبرنا عمرو) بفتح العين هو ابن الحرث المصري ( أن بكير بن الأشج) بضم الموحدة وفتح الكاف مصغرًا والأشج بفتح الهمزة والشين المعجمة وبالجيم المشددة ( حدّثه أن بسر بن سعيد) بضم الموحدة وسكون المهملة وسعيد بكسر العين مولى الحضرمي من أهل المدينة ( حدّثه أن زيد بن خالد الجهني) الصحابيّ ( -رضي الله عنه- حدّثه ومع بسر بن سعيد) المذكور ( عبيد الله) بضم العين ابن الأسود ( الخولاني الذي كان في حجر ميمونة -رضي الله عنها- زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حدّثهما زيد بن خالد) الجهني ( أن أبا طلحة) زيدًا ( حدّثه أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( لا تدخل الملاتكة بيتًا فيه صورة) حيوانية أو غيرها ( قال بسر) : المذكور ( فمرض زيد بن خالد) ، الجهني -رضي الله عنه- ( فعدناه، فإذا نحن في بيته بستر) بكسر السين ( فيه تصاوير، فقلت لعبيد الله الخولاني: ألم يحدّثنا) أي زيد بن خالد ( في التصاوير) أي عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن الملائكة لا تدخل بيتًا تكون فيه ( فقال) عبيد الله الخولاني: ( أنه) أي زيدًا ( قال: إلاّ رقم) بفتح الراء وسكون القاف إلا نقش ووشي ( في ثوب ألا) بالتخفيف ( سمعته؟) استفهام ( قلت: لا) .
لم أسمعه ( قال: بلى) قد سمعته ( قد ذكره) .
أي الحديث ولأبي ذر ذكر بإسقاط ضمير المفعول ومفهومه جواز ما كان رقمًا في ثوب والجمهور كما قاله النووي على تحريم اتخاذ المصر فيه صورة حيوان مما يلبس ثوب أو عمامة أو ستر معلق ونحو ذلك مما لا يعد ممتهنًا، فإن كان في بساط يداس ومخدة وسادة ونحوهما مما يمتهن فليس بحرام لكن يمنع دخول ملائكة الرحمة ذلك البيت، ولا فرق في هذا كله بين ماله ظل وما لا ظل له.
وقال بعض السلف: إنما ينهي عما كان له ظل ولا بأس بالصورة التي ليس لها ظل وهذا مذهب باطل فإن الستر الذي أنكر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يشك فيه أحد أنه مذموم وليس لصورته ظل.
وقال الزهري: النهي في الصورة على العموم وكذلك استعمال ما هي فيه ودخول البيت الذي هي فيه سواء كانت رقمًا في ثوب أو غير رقم، وسواء كانت في حائط أو ثوب أو بساط ممتهن أو غير ممتهن عملاً بظاهر الأحاديث لا سيما حديث النمرقة.
قال النووي: وهذا مذهب قوي اهـ.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف ومسلم وأبو داود في اللباس والنسائي في الزينة.




[ قــ :3081 ... غــ : 37 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عمَرو عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "وَعَدَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلاَ كَلْبٌ".
[الحديث 37 - طرفه في: 5960] .

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن سليمان) أبو سعيد الجعفي الكوفي سكن مصر ( قال: حدّثني) بالإفراد ( ابن وهب) عبد الله ( قال: حدّثني) بالإفراد أيضًا ( عمرو) بفتح العين.
قال في الفتح: وظن بعضهم أنه ابن الحرث وهو خطأ لأنه لم يدرك سالمًا، ولأبوي الوقت وذر عن الكشميهني: عمر بضم العين وهو ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وهو الصواب ( عن سالم عن أبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب أنه ( قال: وعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جبريل) أن ينزل فلم ينزل فسأله النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن السبب ( فقال) جبريل عليه السلام:
( إنا) معاشر الملائكة ( لا ندخل بيتًا فيه صورة ولا كلب) .

وأورد المؤلّف هذا الحديث هنا مختصرًا وأورده في اللباس تامًّا وتأتي مباحثه فيه إن شاء الله تعالى بعون الله وقوته.




[ قــ :308 ... غــ : 38 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا قَالَ الإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ .

     قَوْلُهُ  قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) هو ابن أبي أويس ( قال: حدّثني) بالإفراد ( مالك) الإمام ( عن سمي) بضم السين المهملة وفتح الميم وتشديد التحتية مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام بن المغيرة ( عن أبي صالح) عبد الله بن ذكوان ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد) بدون الواو وفي بعضها بالواو والأمران جائزان ولا ترجيح لأحدهما على الآخر في مختار أصحابنا قيل: وفيه دليل لمن قال: لا يزيد المأموم على ربنا لك الحمد ولا يقول سمع الله لمن حمده.
وأجيب: بأنّا لا نسلم إنه لا دليل له إذ ليس فيه نفي الزيادة.
ولئن سلمنا فهو معارض بما ثبت أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جمع بينهما وثبت أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" وفي قوله: "سمع الله لمن حمده" حال الارتفاع "وربنا لك الحمد" حال الانتصاب التفات من الغيبة إلى الخطاب.
( فإنه من وافق قوله) بالحمد ( قول الملائكة) به ( غفر له ما تقدم من ذنبه) .
وهذا نظير ما ثبت في التأمين.

وقد سبق هذا الحديث في صفة الصلاة في باب: فضل ( اللهم ربنا لك الحمد) .




[ قــ :3083 ... غــ : 39 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا دَامَتِ الصَّلاَةُ تَحْبِسُهُ، وَالْمَلاَئِكَةُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، مَا لَمْ يَقُمْ مِنْ صَلاَتِهِ أَوْ يُحْدِثْ».

وبه قال: ( حدّثنا إبراهيم بن المنذر) الحزامي بالزاي قال: ( حدّثنا محمد بن فليح) بضم الفاء آخره حاء مهملة مصغرًا قال: ( حدّثنا أبي) فليح بن سليمان وفليح لقبه واسمه عبد الملك ( عن هلال بن علي) العامري المدني ( عن عبد الرحمن بن أبي عمرة) بفتح العين وسكون الميم الأنصاري ولد في الزمن النبوي قال ابن أبي حاتم: ليست له صحبة ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( أحدكم) ولغير أبي ذر: إن أحدكم ( في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه والملائكة) ما دام في مصلاه ( تقول: اللهم اغفر له وارحمه) زاد في نسخة اللهم ارحمه والمغفرة ستر الذنوب والرحمة إفاضة الإحسان عليه والملائكة جمع محلى باللام فيفيد الاستغراق ( ما لم يقم من) موضع ( صلاته أو) ما لم ( يحدث) .
أي يتنقض وضوءه.
قال ابن بطال: الحدث في المسجد خطيئة يحرم بها المحدث استغفار الملائكة ودعاءهم المرجو بركته.

وهذا الحديث قد سبق في باب: الحدث في المسجد وباب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة.




[ قــ :3084 ... غــ : 330 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ: { وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} قَالَ سُفْيَانُ: فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: وَنَادَوْا يَا مَالِ".
[الحديث 330 - طرفاه في: 366، 4819] .

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن عمرو) هو ابن دينار ( عن عطاء) هو ابن أبي رباح ( عن صفوان بن يعلى عن أبيه) يعلى بن أمية التميمي أنه ( قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ على المنبر: { ونادوا يا مالك} ) [الزخرف: 77] وهو اسم خازن النار ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: يا مال ( قال سفيان) بن عيينة ( في قراءة عبد الله) : هو ابن مسعود ( ونادوا يا مال) مرخم حذفت كافه واللام مكسورة ويجوز ضمها.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في صفة النار والتفسير ومسلم في الصلاة وأبو داود والنسائي في الحروف وزاد النسائي في التفسير.




[ قــ :3085 ... غــ : 331 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ: "أَنَّ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ
مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ , فَانْطَلَقْتُ.
وَأَنَا مَهْمُومٌ، عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَىَّ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمِ الأَخْشَبَيْنِ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا".
[الحديث 331 - طرفه في: 7389] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا ابن وهب) عبد الله ( قال أخبرني) بالإفراد ( يونس) بن يزيد الأيلي ( عن ابن شهاب) الزهري ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عروة) بن الزبير ( أن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وسقط زوج النبي الخ لأبي ذر ( حدّثته أنها قالت للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم) غزوة أحد؟ ( قال) عليه الصلاة والسلام:
( لقد لقيت من قومك) قريش ( ما لقيت وكان أشد) بالرفع ولأبي ذر بالنصب ( ما لقيت منهم يوم العقبة) التي بمنى.
وأشد: خبر كان واسمها عائد إلى مقدر وهو مفعول قوله لقد لقيت، ويوم العقبة ظرف وكان المعنى: كان ما لقيت من قومك يوم العقبة أشد ما لقيت منهم ( إذ) أي حين ( عرضت نفسي) في شوّال سنة عشر من المبعث بعد موت أبي طالب وخديجة وتوجهه إلى الطائف ( على ابن عبد يا ليل) بتحتية وبعد الألف لام مكسورة فتحتية ساكنة فلام ( ابن عبد كلال) بضم الكاف وتخفيف اللام وبعد الألف لام أخرى واسمه كنانة وهو من أكابر أهل الطائف من ثقيف، لكن الذي في السير أن الذي كلمه هو عبد يا ليل نفسه لا ابنه، وعند أهل النسب أن عبد كلال أخوه لا أبوه وأنه عبد يا ليل بن عمرو بن عمير بن عوف ( فلم يجبني إلى ما أردت) .
وعند موسى بن عقبة أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- توجه إلى الطائف رجاء أن يؤووه فعمد إلى ثلاثة نفر من ثقيف وهم سادتهم وهم إخوة عبد يَالِيل وحبيب ومسعود بنو عمرو، فعرض عليهم نفسه وشكا إليهم ما انتهك منه قومه فردوا عليه أقبح ردّ ورضخوه بالحجارة حتى أدموا رجليه.

( فانطلقت وأنا مهموم على وجهي) أي الجهة المواجهة لي وقال الطيبي: أي انطلقت حيران هائمًا لا أدري أين أتوجه من شدة ذلك ( فلم أستفق) مما أنا فيه من الغم ( إلاّ وأنا بقرن الثعالب) بالمثلثة جمع ثعلب الحيوان المعروف وهو ميقات أهل نجد ويسمى قرن المنازل أيضًا وهو بينه وبين مكة يوم وليلة ( فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت) إليها ( فإذا فيها جبريل) عليه الصلاة والسلام ( فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردّوا عليك وقد بعث إليك) ولأبي ذر عن الكشميهني وقد بعث الله إليك ( ملك الجبال) الذي سخرت له وبيده أمرها ( لتأمره بما شئت فيهم) قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( فناداني ملك الجبال فسلم عليّ ثم قال: يا محمد فقال ذلك) كما قال
جبريل أو كما سمعت منه ( فيما) ولأبي ذر عن الكشميهني فما ( شئت) استفهام جزاؤه مقدر أي فعلت.
وعند الطبراني عن مقدام بن داود عن عبد الله بن يوسف شيخ المؤلّف فقال: يا محمد إن الله بعثني إليك وأنا ملك الجبال لتأمرني بأمرك فيما شئت ( إن شئت أن أطبق) بضم الهمزة وسكون الطاء وكسر الموحدة ( عليهم الأخشبين) بالخاء والشين المعجمتين جبلي مكة أبا قبيس ومقابله قعيقعان، وقال الكرماني: ثور ووهموه وسميا بذلك لصلابتهما وغلظ حجارتهما ( فقال) بالفاء ولأبي الوقت قال ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بل أرجو) ولأبي ذر عن الكشميهني: أنا أرجو ( أن يخرج الله) بضم الياء من الإخراج ( من أصلابهم من يعبد الله) أي يوحده وقوله: { وحده لا يشرك به شيئًا} تفسيره وهذا من مزيد شفقته على أمته وكثرة حلمه وصبره جزاه الله عنا ما هو أهله وصلّى عليه وسلم.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في التوحيد ومسلم في المغازي والنسائي في البعوث.




[ قــ :3086 ... غــ : 33 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 9] .
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ".
[الحديث 33 - طرفاه في: 4856، 4857] .

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: ( حدّثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري قال: ( حدّثنا أبو إسحاق) سليمان بن أبي سليمان فيروز ( الشيباني) الكوفي ( قال: سألت زرّ بن حبيش) بكسر الزاي وتشديد الراء وحبيش بضم الحاء المهملة وفتح الموحدة وبعد التحتية معجمة مصغرًا الأسدي ( عن قول الله تعالى: { فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى} ) [النجم: 9] قال: ( حدّثنا ابن مسعود أنه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( رأى جبريل) عليه الصلاة والسلام في صورته التي خلق عليها ( له ستمائة جناح) بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب.

وهذا الحديث يأتي إن شاء الله تعالى في سورة النجم من التفسير.




[ قــ :3087 ... غــ : 333 ]
- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه-: { لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] قَالَ: "رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ سَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ".
[الحديث 333 - طرفه في: 4858] .

وبه قال: ( حدّثنا حفص بن عمر) الحوضي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن الأعمش) سليمان ( عن إبراهيم) النخعي ( عن علقمة) بن يزيد ( عن عبد الله) بن مسعود ( -رضي الله عنه-) في قوله عز وجل: ( { لقد رأى من آيات ربه الكبرى} قال: رأى رفرفًا) بساطًا ( أخضر) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي خضرًا بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين ( سد أفق السماء) أي أطرافها.

وعند النسائي والحاكم من حديث ابن مسعود: أبصر نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جبريل عليه السلام على رفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض.
قال الخطابي: الرفرف يحتمل أن يكون أجنحة جبريل عليه السلام بسطها كما تبسط الثياب.

وهذا الحديث ذكره أيضًا في سورة النجم.