فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة


[ قــ :3104 ... غــ : 3250 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا».

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن أبي حازم) سلمة بن دينار الأعرج ( عن سهل بن سعد الساعدي) -رضي الله عنه- أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها) لأن نعيم الجنة دائم لا انقضاء له مع ما اشتمل عليه من البهجة التي يعجز الوصف عنها وخص السوط بالذكر.
قال التوربشتي: لأن من شأن الراكب إذا أراد النزول في منزل أن يلقي سوطه قبل أن يترك معلمًا بذلك المكان الذي يريده لئلا يسبقه إليه أحد.




[ قــ :3105 ... غــ : 351 ]
- حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا».

وبه قال: ( حدّثنا روح بن عبد المؤمن) بفتح الراء وبعد الواو الساكنة حاء مهملة البصري المقرئ قال: ( حدّثنا يزيد بن زريع) بتقديم الزاي مصغرًا البصري قال: ( حدّثنا سعيد) هو ابن أبي عروبة ( عن قتادة) بن دعامة أنه قال: ( حدّثنا أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( إنَّ في الجنة لشجرة) هي طوبى كما عند أحمد والطبراني وابن حبان من حديث عتبة بن عبد السلمي ( يسير الراكب) الجواد المضمر السريع ( في ظلها) أي ناحيتها ( مائة عام لا يقطعها) .

وليس في الجنة شمس ولا أذى.




[ قــ :3106 ... غــ : 35 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: { وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} ».
[الحديث 35 - طرفه في: 4881] .

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن سنان) العوقي بفتح الواو وبعدها قاف قال: ( حدّثنا فليح بن سليمان) الخزاعي المدني قال: ( حدّثنا هلال بن علي) العامري المدني وقد ينسب إلى جدّه أسامة ( عن عبد الرحمن بن أبي عمرة) بفتح العين وسكون الميم الأنصاري النجاري ( عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( إن في الجنة لشجرة) اسمها طوبى يذكر أنه ليس في الجنة دار إلاّ فيها غصن من أغصانها ( يسير الراكب في ظلها) ناحيتها ( مائة سنة) زاد في الأولى لا يقطعها ( واقرؤوا إن شئتم { وظل ممدود} ) [الواقعة: 30] .
وعند ابن جرير عن أبي هريرة قال: إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة اقرؤوا إن شئتم { وظل ممدود} [الواقعة: 30] .
فبلغ ذلك كعبًا فقال: صدق والذي أنزل التوراة على موسى والفرقان على محمد لو أن رجلاً ركب حقة أو جذعة ثم دار بأصل تلك الشجرة ما بلغها حتى يسقط هرمًا إن الله غرسها بيده ونفخ فيها من روحه وإن أفنانها لمن وراء سور الجنة وما في الجنة نهر إلاّ وهو يخرج من أصل تلك الشجرة.
وفي حديث ابن عباس موقوفًا عند ابن أبي حاتم: فيشتهي بعضهم ويذكر لهو الدنيا فيرسل الله ريحًا من الجنة فتحرك تلك الشجرة بكل لهو في الدنيا.
قال ابن كثير: أثر غريب وإسناده جيد قوي.




[ قــ :3106 ... غــ : 353 ]
- «وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَوْ تَغْرُبُ».

( ولقاب قوس أحدكم) أي قدره ( في الجنة خير مما طلعت عليه الشمس) في الدنيا من متاعها ( أو تغرب) عليه.




[ قــ :3107 ... غــ : 354 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ هِلاَلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّذِينَ عَلَى آثَارِهِمْ كَأَحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لاَ تَبَاغُضَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَحَاسُدَ، لِكُلِّ امْرِئٍ زَوْجَتَانِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِنَّ مِنْ وَرَاءِ الْعَظْمِ وَاللَّحْمِ».

وبه قال: ( حدّثنا إبراهيم بن المنذر) بن إسحاق الحزامي قال: ( حدّثنا محمد بن فليح) قال: ( حدّثنا أبي) فليح بن سليمان ( عن هلال) هو ابن هلال العامري ( عن عبد الرحمن بن أبي عمرة) الأنصاري ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( أول زمرة) جماعة ( تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر) في الحسن والإضاءة ( والذين) يدخلونها ( على آثارهم كأحسن كوكب دريّ في السماء إضاءة) بضم الدال وتشديد الراء والتحتية مضيء متلالئ كالزهرة في صفاته وزهرته منسوب إلى الدر أو فعيل كمرّيق من الدرء بالهمزة فإنه يدفع الظلام بضوئه ( قلوبهم على قلب رجل واحد لا تباغض بينهم ولا تحاسد) لطهارة قلوبهم عن الأخلاق الذميمة ( لكل امرئ) زاد في السابقة منهم ( زوجتان من الحور العين) سبق قريبًا من طريق همام بن منبه عن أبي هريرة بلفظ: ولكل واحد منهم زوجتان ولم يقل فيه من الحور العين، وفسر بأنهما من نساء الدنيا لحديث أبي هريرة مرفوعًا في صفة أدنى أهل الجنة: وإن له من الحور العين لاثنتين وسبعين زوجة سوى أزواجه من الدنيا فلينظر ما في ذلك.
وعند عبد الله بن أبي أوفى مرفوعًا: إن الرجل من أهل الجنة ليزوج خمسمائة حوراء وأربعة آلاف بكر وثمانية آلاف ثيب يعانق كل واحدة منهم مقدار عمره في الدنيا.
رواه البيهقي وفي إسناده راو لم يسم.

( يرى مخ) بضم الياء مبنيًّا للمفعول.
ولأبي ذر: يرى أي المرء مخ ( سوقهن) أي ما في داخل العظم ( من وراء العظم واللحم) من الصفاء.
وفي حديث أبي هريرة مرفوعًا من طريق محمد بن كعب القرظي عن رجل من الأنصار عند أبي يعلى والبيهقي: وإنه لينظر إلى مخ ساقها كما ينظر أحدكم إلى السلك في قصبة الياقوت كبده لها مرآة وكبدها له مرآة.
الحديث.




[ قــ :3108 ... غــ : 355 ]
- حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ أَخْبَرَنِي قَالَ: "سَمِعْتُ الْبَرَاءَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ: إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ".

وبه قال: ( حدّثنا حجاج بن منهال) السلمي مولاهم البصري قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( قال: عدي بن ثابت) الأنصاري الكوفي التابعي ( أخبرني) بالإفراد ( قال: سمعت البراء) في باب ما قيل في أولاد المسلمين من طريق أبي الوليد هشام بن عبد الملك حدّثنا شعبة عن عدي بن ثابت أنه سمع البراء ( -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال لما مات إبراهيم) ابن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قال) عليه السلام:
( إن له مرضعًا في الجنة) وعند الإسماعيلي مرضعًا ترضعه في الجنة ولم يقل مرضعة بالهاء لأن المراد التي من شأنها الإرضاع أعم من أن تكون في حالة الإرضاع.




[ قــ :3109 ... غــ : 356 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَيُونَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَرَاءَيُونَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الأُفُقِ مِنَ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ، لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ.
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تِلْكَ مَنَازِلُ الأَنْبِيَاءِ لاَ يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ؟ قَالَ: بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ».
[الحديث 356 - طرفه في: 6556] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) القرشي الأويسي ( قال: حدّثني) بالإفراد ( مالك بن أنس) الإمام وسقط لأبي ذر: ابن أنس ( عن صفوان بن سليم) بضم السين وفتح اللام المدني ( عن عطاء بن يسار) بالتحتية والمهملة المخففة ( عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( إن أهل الجنة يتراءيون) بفتح التحتية والفوقية فهمزة مفتوحة فتحتية مضمومة بوزن يتفاعلون ( أهل الغرف من فوقهم كما يتراءيون) بفتح التحتية والفوقية والهمزة بعدها تحتية مضمومة ولأبي ذر تتراءون بفوقيتين من غير تحتية بعد الهمزة ( الكوكب الدريّ) بضم الدال والتحتية بغير همز الشديد الإضاءة ( الغابر) بالموحدة بعد الألف أي الباقي في الأفق بعد انتشار ضوء الفجر وإنما يستنير في ذلك الوقت الكوكب الشديد الإضاءة وفي الموطأ الغائر بالتحتية بدل الموحدة يريد انحطاطه من الجانب الغربي.
قال التوربشتي: وهو تصحيف، وفي الترمذي الغارب بتقديم الراء على الموحدة ( في الأفق) أي طرف السماء ( من المشرق أو المغرب) .

قال في شرح المشكاة، فإن قلت: ما فائدة تقييد الكوكب بالدري ثم بالغابر في الأفق؟
وأجاب: بأنه للإيذان بأنه من باب التمثيل الذي وجهه منتزع من عدّة أمور متوهمة في المشبه شبه رؤية الرائي في الجنة صاحب الغرفة برؤية الرائي الكوكب المستضيء الباقي في جانب المشرق أو المغرب في الاستضاءة مع البعد فلو اقتصر على الغائر لم يصح لأن الإشراق يفوت عند الغؤور اللهم إلا أن يقدر المستشرق على الغؤور كقوله تعالى: { فإذا بلغن أجلهن} [البقرة: 34] .
أي شارفن بلوغ أجلهن لكن لا يصح هذا المعنى في الجانب الشرقي نعم.
على التقدير كقولهم: متقلدًا سيفًا ورمحًا.
وعلفتها تبنًا وماء باردًا أي طالعًا في الأفق من المشرق وغابرًا في المغرب.

( لتفاضل ما بينهم قالوا: يا رسول الله تلك) الغرف المذكورة ( منازل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يبلغها غيرهم.
قال)
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( بلى والذي نفسي بيده) أي نعم هي منازل الأنبياء بإيجاب الله تعالى لهم، ولكن قد يتفضل الله تعالى على غيرهم بالوصول إلى تلك المنازل، ولأبي ذر فيما حكاه السفاقسي: بل التي للإضراب.
قال القرطبي: والسياق يقتضي أن يكون الجواب بالإضراب، وإيجاب الثاني أي بل هم ( رجال آمنوا بالله) حق إيمانه ( وصدّقوا المرسلين) حق تصديقهم وكل أهل الجنة مؤمنون مصدقون لكن امتاز هؤلاء بالصفة المذكورة.

وفي حديث أبي سعيد عن الترمذي: وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما.
وعنده أيضًا عن عليّ مرفوعًا: أن في الجنة غرفًا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها".
فقال أعرابي: لمن هي يا رسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قال: "هي لمن ألان الكلام وأدام الصيام وصلّى بالليل والناس نيام".
وقال الكرماني: المصدقون بجميع الرسل ليس إلا أمة محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيبقى مؤمنو سائر الأمم فيها اهـ.

فالغرف لهذه الأمة إذ تصديق جميع الرسل إنما يتحقق لها بخلاف غيرهم من الأمم وإن كان فيهم من صدق بمن سيجيء من بعده من الرسل فهو بطريق التوقع قاله في الفتح.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في صفة الجنة.