فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب صفة إبليس وجنوده

باب صِفَةِ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: { يُقْذَفُونَ} : يُرْمَوْنَ.
{ دُحُورًا} : مَطْرُودِينَ.
{ وَاصِبٌ} : دَائِمٌ.
.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ: { مَدْحُورًا} : مَطْرُودًا، يُقَالُ: { مَرِيدًا} : مُتَمَرِّدًا.
بَتَّكَهُ: قَطَّعَهُ.
{ وَاسْتَفْزِزْ} : اسْتَخِفَّ.
{ بِخَيْلِكَ} : الْفُرْسَانُ.
وَالرَّجْلُ: الرَّجَّالَةُ، وَاحِدُهَا رَاجِلٌ، مِثْلُ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ، وَتَاجِرٍ وَتَجْرٍ.
{ لأَحْتَنِكَنَّ} : لأَسْتَأْصِلَنَّ.
{ قَرِينٌ} : شَيْطَانٌ.

( باب صفة إبليس) وهو شخص روحاني خلق من نار السموم وهو أبو الجن والشياطين كلهم وهل كان من الملائكة أم لا.
وآية البقرة وهي قوله تعالى: { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى} [البقرة: 34] .
تدل على أنه منهم وإلاّ لم يتناوله أمرهم ولم يصح استثناؤه منهم ولا يرد على ذلك قوله تعالى: { إلاّ إبليس كان من الجن} [الكهف: 50] .
لجواز أن يقال: إنه كان من الجن فعلاً ومن الملائكة نوعًا، ولأن ابن عباس -رضي الله عنهما- روى أن من الملائكة ضربًا يتوالد يقال لهم الجن، ومنهم إبليس.
ولمن زعم أنه لم يكن من الملائكة أن يقول: إنه كان جنيًا نشأ بين أظهر الملائكة وكان مغمورًا بالألوف منهم فغلبوا عليه، ولعل ضربًا من الملائكة لا يخالف الشياطين بالذات، وإنما يخالفهم بالعوارض والصفات كالبررة والفسقة من الإنس والجن يشملهما، وكان إبليس من هذا المصنف.
وعن مقاتل: لا من الملائكة ولا من الجن بل خلق منفردًا من النار ولحسنه كان يقال له: طاووس الملائكة، ثم مسخه الله تعالى وكان اسمه عزازيل ثم إبليس بعد، وهذا يؤيد قول القائل بأن إبليس عربي، لكن قال ابن الأنباري: لو كان عربيًا لصرف/ كإكليل ( و) في بيان ( جنوده) التي يبثها في الأرض لإضلال بني آدم، وفي مسلم من حديث جابر مرفوعًا: عرش إبليس على البحر فيبعث سراياه فيفتنون الناس فأعظمهم عنده أعظمهم فتنة.

( وقال مجاهد) : فيما وصله عبد بن حميد في قوله تعالى: ( { يقذفون} ) [سبأ: 53] .
ولأبي ذر: ويقذفون أي ( يرمون) وفي قوله تعالى: ( { دحورًا} ) [الصافات: 9] أي ( مطرودين) وفي قوله تعالى: { واصب} ) [الصافات: 9] .
أي ( دائم) .

( وقال ابن عباس) فيما وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عنه في قوله تعالى ( { مدحورًا} [الأعراف: 18] .
أي ( مطرودًا) وفي قوله تعالى: { شيطانًا مريدًا} [النساء: 117] .
( يقال { مريدا} ) أي ( متمردًا) وفي قوله تعالى: { فليبتكن آذان الأنعام} [الأعراف: 18] يقال ( بتكه) أي ( قطعه) وفي قوله تعالى: { واستفزز} [الإسراء: 64] أي ( استخف { بخيلك} ) [الإسراء: 64] .
( الفرسان والرجل) في قوله تعالى: { ورجلك} [الإسراء: 64] ( الرجالة) بتشديد الراء والجيم المفتوحتين ( واحدها راجل، مثل صاحب وصحب وتاجر وتجر) قاله أبو عبيدة وفي قوله تعالى: { لأحتنكن} [الإسراء: 62] أي ( لأستأصلن) من الاستئصال.
وفي قوله تعالى: ( { قرين} ) [الصافات: 51] أي ( شيطان) قاله مجاهد فيما رواه ابن أبي حاتم.


[ قــ :3121 ... غــ : 3268 ]
-
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "سُحِرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
.

     وَقَالَ  اللَّيْثُ: كَتَبَ إِلَىَّ هِشَامٌ أَنَّهُ سَمِعَهُ وَوَعَاهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "سُحِرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ، حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا وَدَعَا ثُمَّ قَالَ: أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا فِيهِ شِفَائِي؟ أَتَانِي رَجُلاَنِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ
رِجْلَىَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ.
قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ.
قَالَ: فِيما ذَا؟ قَالَ: فِي مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ.
قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ.
فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ: نَخْلُهَا كَأَنَّهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ.
فَقُلْتُ: اسْتَخْرَجْتَهُ؟ فَقَالَ: لاَ.
أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا.
ثُمَّ دُفِنَتِ الْبِئْرُ".

وبه قال: ( حدّثنا إبراهيم بن موسى) الفراء الرازي الصغير قال: ( أخبرنا عيسى) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها ( قالت: سحر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بضم السين وكسر الحاء المهملتين مبنيًا للمفعول لما رجع من الحديبية.
( وقال الليث) بن سعد فيما وصله عيسى بن حماد في نسخته رواية أبي بكر بن أبي داود عنه ( كتب إليّ هشام أنه سمعه) أي الحديث ( ووعاه) أي حفظه ( عن أبيه) عروة ( عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها ( قالت: سحر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى كان يخيل) بضم التحتية وفتح الخاء المعجمة مبنيًّا للمفعول ( إليه أنه يفعل الشيء) من أمور الدنيا.
وفي رواية ابن عيينة عند المؤلّف في الطب حتى كان يرى أنه يأتي النساء ( وما يفعله) .
وفي جامع معمر عن الزهري أنه عليه السلام لبث كذلك سنة ( حتى كان ذات يوم) بنصب ذات ويجوز رفعها وقد قيل إنها مقحمة وقيل بل هي من إضافة الشيء إلى نفسه على رأي من يجيزه ( دعا ودعا) مرتين.
ولمسلم من رواية ابن نمير فدعا ثم دعا ثم دعا بالتكرير ثلاثًا وهو المعهود من عادته ( ثم قال) لعائشة:
( أشعرت) أي أعلمت ( أن الله) عز وجل ( أفتاني فيما فيه شفائي) وللحميدي أفتاني في أمر استفتيه فيه أي أجابني فيما دعوته فأطلق عليّ الدعاء استفتاء لأن الداعي طالب والمجيب مستفت أو المعنى أجابني عما سألته عنه لأن دعاءه كان أن يطلعه الله على حقيقة ما هو فيه لما اشتبه عليه من الأمر ( أتاني رجلان) وعند الطبراني من طريق مرجى بن رجاء عن هشام أتاني ملكان.
وعند ابن سعد في رواية منقطعة أنهما جبريل وميكائيل ( فقعدا أحدهما) هو جبريل كما جزم به الدمياطي في السيرة ( عند رأسي) وقعد ( الآخر) وهو ميكائيل ( عند رجلي) بالتثنية ( فقال أحدهما) : وهو ميكائيل ( للآخر) وهو جبريل ( ما وجع الرجل؟) فيه إشعار بوقوع ذلك في المنام إذ لو كان يقظة لخاطباه وسألاه، وفي رواية ابن عيينة عند الإسماعيلي فانتبه من نومه ذات يوم، لكن في حديث ابن عباس بسند ضعيف عند ابن سعد فهبط عليه ملكان وهو بين النائم واليقظان.
( قال) : أي جبريل لميكائيل ( مطبوب) بفتح الميم وسكون الطاء المهملة وموحدتين بينهما واو مسحور كنّوا عن السحر بالطب كما كنّوا عن اللديغ بالسليم تفاؤلاً ( قال) : أي ميكائيل لجبريل ( ومن طبه؟ قال) جبريل لميكائيل: طبه ( لبيد بن الأعصم) بفتح اللام وكسر الموحدة والأعصم بهمزة مفتوحة فعين ساكنة فصاد مفتوحة مهملتين فميم اليهودي ( قال: فيماذا؟ قال: في مشط) بضم الميم وإسكان الشين وقد تكسر أوله مع إسكان ثانيه وقد يضم ثانيه مع ضم أوله فقط واحد الأمشاط الآلة التي يمشط
بها الشعر، وفي حديث عروة عن عائشة أنه مشطه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( ومشاقة) بالقاف ما يستخرج من الكتان ( وجف طلعة) بضم الجيم وتشديد الفاء والإضافة وتنوين طلعة ( ذكر) بالتنوين أيضًا صفة لجف وهو وعاء الطلع وغشاؤه إذا جف ( قال) ميكائيل لجبريل: ( فأين هو؟ قال) جبريل: هو ( في بئر ذروان) بذال معجمة مفتوحة وراء ساكنة بالمدينة في بستان بني زريق بتقديم الزاي المضمومة على الراء من اليهود.
وقال البكري والأصمعي: بئر أروان بهمزة بدل المعجمة وغلط القائل بالأول وكلاهما صحيح، ويأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى في كتاب الطب بعون الله تعالى.

( فخرج إليها) إلى البئر المذكورة ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زاد في الطب في أناس من أصحابه، ويأتي إن شاء الله تعالى ذكر تسمية من سمى منهم ( ثم رجع فقال لعائشة حين رجع نخلها) التي إلى جانبها ( كأنها) أي النخيل ولأبي ذر عن الحموي والمستملي كأنه أي النخل ( رؤوس الشياطين) كذا وقع هنا والتشبيه إنما هو لرؤوس النخل وفي الطب وكأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين أي في قبح المنظر.
قالت عائشة ( فقلت: استخرجته.
فقال)
عليه السلام: ( لا) .
لم أستخرجه ( أما) بفتح الهمزة وتشديد الميم ( أنا فقد شفاني الله وخشيت أن يثير ذلك) استخراجه ( على الناس شرًّا) كتذكر السحر وتعلمه وهو من باب ترك المصلحة خوف المفسدة ( ثم دفنت البئر) بضم الدال وكسر الفاء مبنيًّا للمفعول.

وفي الطب من طريق سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن آل عروة عن عروة: فأتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البئر حتى استخرجه ثم قال: فاستخرج قال فقلت: ألا تنشرت؟ فقال: أما والله قد شفاني وأكره أن أثير على أحد من الناس شرًّا فأثبت استخراج السحر، وجعل سؤال عائشة عن النشرة وزيادته مقبولة لأنه أثبت من بقية من روى هذا الحديث، لا سيما وقد كرر استخراج السحر مرتين في روايته كما ترى فبعد من الوهم وزاد ذكر النشرة وجعل جوابه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عنها، وفي رواية عمرة عن عائشة أنه وجد في الطلعة تمثالاً من شمع تمثال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وإذا فيه إبر مغروزة وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة فنزل جبريل بالمعوّذتين فكلما قرأ آية انحلّت عقدة وكلما نزع إبرة وجد لها ألمًا ثم يجد بعدها راحة.

ومطابقة الحديث لما ترجم به من جهة أن السحر إنما يتم باستعانة الشياطين على ذلك وأخرجه في الطب أيضًا وكذا النسائي.




[ قــ :31 ... غــ : 369 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ -إِذَا هُوَ نَامَ- ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ.
فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ».

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس) اقتصر أبو ذر على قوله إسماعيل وأسقط ما بعده ( قال: حدّثني) بالإفراد ( أخي) عبد الحميد بن أبي أويس ( عن سليمان بن بلال) التيمي مولاهم المدني ( عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( يعقد الشيطان) إبليس أو أحد أعوانه ( على قافية رأس أحدكم) مؤخره ( إذا هو نام ثلاث عقد يضرب على كل عقدة مكانها) في مكان القافية قائلاً باق ( عليك ليل طويل فارقد) قال في المغرب يقال: ضرب الشبكة على الطائر ألقاها عليه وعليك أما خبر لقوله ليل أي ليل طويل عليك أو إغراء أي عليك بالنوم أمامك ليل فالكلام جملتان والثانية مستأنفة كالتعليل للأولى، وقيل: يضرب يحجب الحس عن النائم حتى لا يستيقظ ( فإن استيقظ فذكر الله انحلّت عقدة) واحدة من الثلاث ( فإن توضأ انحلت عقدة) ثانية ( فإن صلّى) فرضًا أو نفلاً ( انحلت عقده) الثلاثة ( كلها) فلو نام متمكنًا ثم انتبه فصلّى ولم يذكر ولم يتوضأ انحلت الثلاثة لأن الصلاة مستلزمة للوضوء والذكر ( فأصبح) لما وفق له من وظائف الطاعة التي تسرع به إلى مقام الزلفى وترقيه إلى السعادة العظمى ( نشيطًا) قد خلص من نفث الشيطان في عقد نفسه الأمارة ( طيب النفس وإلاَّ) بأن ترك الثلاثة المذكورة ( أصبح خبيث النفس كسلان) لبقاء أثر تثبيط الشيطان وظفره به.

وهذا الحديث سبق في التهجد.




[ قــ :313 ... غــ : 370 ]
- حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ: "ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ نَامَ لَيْلَهُ حَتَّى أَصْبَحَ، قَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ، أَوْ قَالَ: فِي أُذُنِهِ».

وبه قال: ( حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) هو ابن محمد بن أبي شيبة واسم أبي شيبة إبراهيم بن عثمان بن عيسى بن عثمان العبسي الكوفي أخو أبي بكر قال: ( حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد الرازي ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة ( عن عبد الله) يعني ابن مسعود ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: ذكر عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجل نام ليله) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ليلة ( حتى أصبح) وقد أخرج سعيد بن منصور هذا الحديث، وفيه أن ابن مسعود قال: وايم الله لقد بال في أذن صاحبكم ليلة يعني نفسه فيحتمل أن يفسر به المبهم هنا ( قال) عليه الصلاة والسلام:
( ذاك رجل بال الشيطان) حقيقة أو مجازًا ( في أذنيه) بالتثنية ( أو قال: في أذنه) بالإفراد، فإن قلت: لِمَ خص الأذن والعين أنسب بالنوم؟ أجاب الطيبي: بأنه إشارة إلى ثقل النوم لأن المسامع موارد الانتباه بالأصوات وخص البول من بين الأخبثين لأنه مع خباثته أسهل مدخلاً في تجاويف الخروق والعروق ونفوذه فيها فيورث الكسل في جميع الأعضاء.

وهذا الحديث مرّ في التهجد أيضًا.




[ قــ :314 ... غــ : 371 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَمَا إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ.

     وَقَالَ : بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا.
فَرُزِقَا وَلَدًا، لَمْ يَضُرُّهُ الشَّيْطَانُ».

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري قال: ( حدّثنا همام) هو ابن يحيى ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن سالم بن أبي الجعد) بفتح الجيم وسكون العين رافع الغطفاني الأشجعي مولاهم الكوفي ( عن كريب) هو ابن أبي مسلم الهاشمي مولاهم المدني مولى ابن عباس ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( أما) بتخفيف الميم ( إن أحدكم إذا أتى أهله) زوجته وهو كناية عن الجماع، ولأبي داود: لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله، وعند الإسماعيلي من رواية روح بن القاسم عن منصور: لو أن أحدكم إذا جامع امرأته ذكر الله ( وقال) بالواو ( بسم الله اللهم جنبنا) أبعِد منا ( الشيطان وجنّب الشيطان ما رزقتنا) من الولد ( فرزقا ولدًا) ذكرًا أو أنثى ( لم يضره الشيطان) بضم الراء المشددة وفتحها في بدنه أو دينه واستبعد لانتفاء العصمة.

وأجيب: بأن اختصاص من اختص بالعصمة بطريق الوجوب لا بطريق الجواز أو لم يفتنه بالكفر أو لم يشارك أباه في جماع أمه كما روي عن مجاهد أن الذي يجامع ولا يسمي يلتف الشيطان على أحليله فيجامع معه، وروى الطرطوشي في باب تحريم الفواحش باب من أي شيء يكون المخنث بسنده إلى ابن عباس، قال: المخنثون أولاد الجن قيل لابن عباس: كيف ذاك؟ قال: إن الله عز وجل ورسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهيا أن يأتي الرجل امرأته وهي حائض فإذا أتاها سبقه إليها الشيطان فحملت فجاءت بالمخنث.

وحديث الباب هذا سبق في الطهارة ويأتي إن شاء الله تعالى في هذا الباب وفي النكاح بعون الله تعالى.




[ قــ :315 ... غــ : 37 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلاَةَ حَتَّى تَبْرُزَ، وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلاَةَ حَتَّى تَغِيبَ».

وبه قال: ( حدّثنا محمد) هو ابن سلام قال: ( أخبرنا عبدة) بفتح العين المهملة وسكون الموحدة ابن سليمان ( عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إذا طلع حاجب الشمس) أي طرفها الأعلى من قرصها ( فدعوا الصلاة) التي لا سبب لها ( حتى تبرز) ، أي تظهر ( وإذا غاب حاجب الشمس فدعوا الصلاة) التي لا سبب لها ( حتى تغيب) .




[ قــ :315 ... غــ : 373 ]
- وَلاَ تَحَيَّنُوا بِصَلاَتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلاَ غُرُوبَهَا، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَىْ شَيْطَانٍ.
أَوِ الشَّيْطَانِ، لاَ أَدْرِي أَىَّ ذَلِكَ قَالَ هِشَامٌ".

( ولا تحينوا) بفتح الفوقية والحاء المهملة وتشديد التحتية وأصله لا تتحينوا بتاءين حذفت إحداهما تخفيفًا أي لا تقصدوا ( بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فإنها تطلع بين قرني شيطان أو الشيطان) جانبي رأسه.
قال الحافظ ابن حجر كالكرماني يقال: إنه ينتصب في محاذاة مطلع الشمس حتى إذا طلعت كانت بين جانبي رأسه لتقع السجدة له إذا سجد عبدة الشمس لها، ولأبي ذر عن الكشميهني: الشياطين بالجمع بدل الشيطان المفرد المعرف.
قال عبدة بن سليمان: ( لا أدري أي ذلك قال هشام) بالتنكير أو بالتعريف.
والحديث مضى في باب: الصلاة بعد الفجر من كتاب الصلاة.




[ قــ :316 ... غــ : 374 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدريِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَىْ أَحَدِكُمْ شَىْءٌ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَمْنَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيَمْنَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو معمر) بفتح الميمين بينهما عين مهملة ساكنة عبد الله بن عمرو المنقري المقعد قال: ( حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد قال: ( حدّثنا يونس) بن عبيد العبدي البصري ( عن حميد بن هلال) العدوي أبي نصر البصري ( عن أبي صالح) ذكوان الزيات ( عن أبي هريرة) ولأبي ذر عن أبي سعيد أي الخدري وضبب في الفرع على أبي هريرة أنه ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إذا مرّ بين يدي أحدكم شيء) آدمي أو غيره ( وهو يصلّي فليمنعه) من المرور ما استطاع ندبًا بالإجماع ( فإن أبى) إلا أن يمر ( فليمنعه فإن أبى فليقاتله) قيل المراد بالمقاتلة قوة المنع من غير أن ينتهي إلى الأعمال المنافية للصلاة أي يرده بأسهل ما يمكن به الردّ إلى أن ينتهي إلى المقاتلة حتى لو أتلف منه شيئًا في ذلك لا ضمان عليه، وقيل: المراد المقاتلة ابتداء لكن لا ينتهي إلى المقاتلة بالسلاح ولا بما يؤدّي إلى الهلاك إجماعًا لأنه مخالف لقاعدة الإقبال على الصلاة والاشتغال بها والسكون إليها وكان محل الإجماع في ذلك في الابتداء وإلاّ فإذا انتهى الأمر إليه جاز ولا قود، وفي الدّية خلاف.
( فإنما هو شيطان) أي معه شيطان أو هو شيطان الإنس أو إنما حمله على ذلك الشيطان أو إنما فعل فعل الشيطان أو المراد قرين الإنسان فيكون شيطانه هو الحامل له على ذلك.

وهذا الحديث سبق في باب يردّ المصلي من مرّ بين يديه من كتاب الصلاة.




[ قــ :316 ... غــ : 375 ]
- وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ؛ فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَقَالَ-: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: صَدَقَكَ وَهْوَ كَذُوبٌ، ذَاكَ شَيْطَانٌ".

( وقال عثمان بن الهيثم) : بالمثلثة بعد التحتية الساكنة مؤذن البصرة فيما وصله الإسماعيلي والنسائي ( حدّثنا عوف) بفتح العين المهملة وبعد الواو الساكنة فاء الإعرابي ( عن محمد بن سيرين) بن أبي عمرة الأنصاري البصري ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: وكلني) بتشديد الكاف، ولأبي ذر: وكلني بتخفيفها ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بحفظ زكاة) الفطر من ( رمضان فأتاني آت فجعل يحثو) بالحاء المهملة والمثلثة يأخذ بكفيه ( من الطعام) أي التمر ( فأخذته) يعني الآتي ( فقلت) له ( لأرفعنك) أي لأذهبن بك ( إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذكر الحديث) بتمامه كما سبق في الوكالة ( فقال) : أي الآتي بعد إتيانه ثلاث مرات وأخذه من الطعام، وقوله: إنه لا يعود في كل مرّة دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها.
قلت: ما هن؟ قال: ( إذا أويت) أي أتيت ( إلى فراشك) للنوم وأخذت مضجعك ( فاقرأ آية الكرسي) زاد في الوكالة { الله لا إله إلا هو الحي القيوم} [البقرة: 55] .
حتى تختم الآية فإنك ( لن يزال من الله حافظ) ولأبي ذر: عليك من الله حافظ ( ولا يقربك شيطان حتى تصبح) بضم الراء والباء الموحدة ولأبي ذر: ولا يقربك بفتح الراء ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لأبي هريرة لما ذكر له مقالته:
( صدقك) بتخفيف الدال فيما ذكره من فضائل آية الكرسي ( وهو كذوب ذاك شيطان) من الشياطين.




[ قــ :317 ... غــ : 376 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبيرِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ».

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) المخزومي مولاهم المصري ونسبه لجده لشهرته به واسم أبيه عبد الله قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن عقيل) بضم العين مصغرًا ابن خالد الأيلي ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عروة بن الزبير) وسقط ابن الزبير لغير أبي ذر ( قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( يأتي الشيطان أحدكم) يوسوس في صدره ( فيقول: من خلق كذا من خلق كذا) التكرار
مرتين ( حتى يقول من خلق ربك فإذا بلغه) أي إذا بلغ قوله: من خلق ربك ( فليستعذ بالله) من وسوسته بأن يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال تعالى: { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله} [الأعراف: 00] ( ولينته) عن الاسترسال معه في ذلك وليبادر إلى قطعه بالإعراض عنه فإنه تندفع الوسوسة عنه لأن الأمر الطارئ بغير أصل يدفع بغير نظر في دليل إذ لا أصل له ينظر فيه.

قال الخطابي: لو أذن -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في محاجته لكان الجواب سهلاً على كل موحد ولكان الجواب مأخوذًا من فحوى كلامه، فإن أوّل كلامه يناقض آخره لأن جميع المخلوقات من ملك وإنس وجن وحيوان وجماد داخل تحت اسم الخلق، ولو فتح هذا الباب الذي ذكره للزم منه أن يقال: ومن خلق ذلك الشيء ويمتدّ القول في ذلك إلى ما لا يتناهى والقول بما لا يتناهى فاسد فسقط السؤال من أصله.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الإيمان وأبو داود في السنة والنسائي في اليوم والليلة.




[ قــ :318 ... غــ : 377 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي أَنَسٍ مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ».

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) المخزومي مولاهم المصري قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عقيل) بضم العين ابن خالد ( عن ابن شهاب) محمد الزهري ( قال: حدّثني) بالإفراد ( ابن أبي أنس) نافع ( مولى التيميين أن أباه) مالك بن أبي عامر ( حدّثه أنه سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول، قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إذا دخل رمضان) في الصيام من رواية غير أبي ذر وابن عساكر شهر رمضان ( فتحت أبواب الجنة) حقيقة علامة للملائكة على دخول رمضان وتعظيم حرمته أو كناية عن تنزل الرحمة ولأبي ذر أبواب السماء ولا تضادّ في ذلك لأن أبواب السماء يصعد منها إلى الجنة ( وغلقت أبواب جهنم) حقيقة أو كناية عن تنزه أنفس الصوّام عن رجس الفواحش والتخلص من البواعث على المعاصي بقمع الشهوات ( وسلسلت الشياطين) مسترقو السمع حقيقة لأن رمضان كان وقتًا لنزول القرآن إلى سماء الدنيا وكانت الحراسة قد وقعت بالشهب كما قال الله تعالى: { وحفظًا من كل شيطان مارد} [الصافات: 7] فزيدوا التسلسل في رمضان مبالغة في الحفظ، وقيل غير ذلك كما في كتاب الصوم.