فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الله تعالى: {وبث فيها من كل دابة} [البقرة: 164]

باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الثُّعْبَانُ الْحَيَّةُ الذَّكَرُ مِنْهَا، يُقَالُ الْحَيَّاتُ أَجْنَاسٌ: الْجَانُّ وَالأَفَاعِي وَالأَسَاوِدُ.
{ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} فِي مِلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ.
يُقَالُ: { صَافَّاتٍ} بُسُطٌ أَجْنِحَتَهُنَّ.
{ يَقْبِضْنَ} : يَضْرِبْنَ بِأَجْنِحَتِهِنَّ
(باب قول الله تعالى { وبث} ) نشر وفرق ({ فيها} ) في الأرض ({ من كل دابة} ) [لقمان: 10] ما دب من الحيوان (قال ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم (الثعبان) في قوله
تعالى: { فإذا هي ثعبان مبين} [الأعراف: 107] (الحية الذكر منها) وقيد بالذكر لأن لفظ الحية شامل للذكر والأنثى.
قال المؤلّف: (يقال الحيات أجناس: الجان) بتشديد النون الحية البيضاء، (والأفاعي) جمع أفعى وهي الأنثى من الحيات والذكر منها أفعوان بضم الهمزة والعين، (والأساود) جمع أسود.
قال أبو عبيدة: حيّة فيها سواد وهي أخبث الحيات.
وزعموا أن الحية تعيش ألف سنة وهي في كل سنة تسلخ جلدها.
ومن غريب أمرها أنها إذا لم تجد طعامًا عاشت بالنسيم وتقتات به الزمن الطويل، وإذا كبرت صغر جرمها ولا ترد الماء ولا تريده إلا أنها لا تملك نفسها عن الشراب إذا شمته لما في طبعها من الشوق إليه فهي إذا وجدته شربت منه حتى تسكر، وربما كان السكر سبب هلاكها، وتهرب من الرجل العريان وتفرح بالنار وتطلبها طلبًا شديدًا وتحب اللبن حبًا شديدًا ({ أخذ بناصيتها} ) [هود: 56] في قوله تعالى: { ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها} أي (في ملكه) بضم الميم في غير اليونينية والذي في اليونينية كسرها (وسلطانه) قاله أبو عبيدة.
(يقال ْ { صافات} ) أي (بسط) بضم الموحدة والمهملة مرفوع منوّن (أجنحتهن) بنصب التاء ({ يقبضن} ) أي (يضربن بأجنحتهن).
قاله أبو عبيدة أيضًا في قوله تعالى: { أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن} [الملك: 19] .


[ قــ :3148 ... غــ : 3297 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: "أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالأَبْتَرَ، فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ وَيَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ".
[الحديث 3297 - أطرافه في: 3310، 3312، 4016] .

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا هشام بن يوسف) الصنعاني قال: (حدّثنا معمر، هو ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخطب على المنبر يقول):
(اقتلوا الحيات واقتلوا ذا الطفيتين) بضم الطاء المهملة وسكون الفاء تثنية طفية، وهو الذي على ظهره خطان أبيضان (والأبتر) الذي لا ذنب له أو قصيره أو الأفعى التي قدر شبر أو أكثر قليلاً (فإنهما يطمسان البصر) أي يمحوان نوره (ويستسقطان) بسينين مهملتين ساكنتين بينهما فوقية مفتوحة وضبب عليها في الفرع، وفي نسخة به: ويسقطان (الحبل).
بفتح الحاء المهملة والموحدة أي الولد إذا نظرت إليهما الحامل.
ومن الحيات نوع إذا وقع نظره على إنسان مات من ساعته وآخر إذا سمع صوته مات وإنما أمر بقتل ذي الطفيتين والأبتر لأن الشيطان لا يتمثل بهما قاله الداودي وهو متعقب بما سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى.




[ قــ :3148 ... غــ : 398 ]
- "قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَبَيْنَا أَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً لأَقْتُلَهَا، فَنَادَانِي أَبُو لُبَابَةَ: لاَ تَقْتُلْهَا فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ.
فَقَالَ: إِنَّهُ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ، وَهْيَ
الْعَوَامِرُ".
[الحديث 398 - أطرافه في: 3311، 3313] .

( قال عبد الله) بن عمر -رضي الله عنهما- ( فبينا) بغير ميم ( أنا أطارد) أي أتبع وأطلب ( حية لأقتلها) أي لأن اقتلها ( فناداني أبو لبابة) بضم اللام وتخفف الموحدة.
قال الكرماني: اسمه رفاعة على الأصح بكسر الراء وبالفاء ابن عبد المنذر الأوسي النقيب.
وقال الحافظ ابن حجر: صحابي مشهور اسمه بشير بفتح الموحدة وكسر المعجمة، وقيل مصغر، وقيل بتحتية ومهملة مصغرًا وشذ من قال اسمه مروان ( لا تقتلها.
فقلت)
له: ( إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد أمر بقتل الحيات قال) : ولأبي ذر: فقال ( إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت) أي اللاتي توجدن في البيوت لأن الجني يتمثل بها، وخصصه مالك ببيوت المدينة، وفي مسلم: إن بالمدينة جنًّا قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئًا فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه.
فإنما هو شيطان.
قال الزهري: ( وهي العوامر) .
أي سكانها من الجن سمين لطول لبثهن فيها من العمر وهو طول البقاء.




[ قــ :3148 ... غــ : 399 ]
- وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ: فَرَآنِي أَبُو لُبَابَةَ، أَوْ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ.
وَتَابَعَهُ يُونُسُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ وَالزُّبَيْدِيُّ.
.

     وَقَالَ  صَالِحٌ وَابْنُ أَبِي حَفْصَةَ وَابْنُ مُجَمِّعٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: فرَآنِي أَبُو لُبَابَةَ وَزَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ".

( وقال عبد الرزاق) بن همام الصنعاني ( عن معمر) هو ابن راشد أي عن الزهري ( فرآني أبو لبابة أو زيد بن الخطاب) أخو عمر على الشك في اسم الذي لقي عبد الله بن عمر.
( وتابعه) أي تابع معمرًا ( يونس) بن يزيد فيما وصله مسلم ( وابن عيينة) سفيان مما وصله أحمد ( وإسحاق) بن يحيى ( الكلبي) فيما ذكره في نسخته ( والزبيدي) بضم الزاي وفتح الموحدة محمد بن الوليد الحمصي فيما وصله مسلم.
( وقال صالح) هو ابن كيسان مما وصله مسلم وأبو عوانة ( وابن أبي حفصة) محمد البصري مما ذكره في نسخته من طريق أبي أحمد بن عدي موصولة ( وابن مجمع) بميم مضمومة فجيم مفتوحة فميم مشدّدة مكسورة إبراهيم بن إسماعيل الأنصاري المدني مما وصله البغوي وابن السكن في كتاب الصحابة ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن سالم عن ابن عمر: رآني) ولأبي ذر عن المستملي فرآني ( أبو لبابة وزيد بن الخطاب) .
كلاهما من غير شك.

وهذا الحديث أخرجه مسلم.