فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب مباشرة الحائض

باب مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ
( باب مباشرة) الرجل زوجته ( الحائض) أي التقاء بشرتيهما لا الجماع.



[ قــ :296 ... غــ : 299 ]
- حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا َالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ كِلاَنَا جُنُبٌ.

وبه قال: ( حدّثنا قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة وفتح الصاد المهملة ابن عقبة الكوفي ( قال: حدّثنا سفيان) الثوري ( عن منصور) أي ابن المعتمر ( عن إبراهيم) النخعي ( عن الأسود) بن يزيد ( عن عائشة) رضي الله عنها ( قالت) :
( كنت أغتسل أنا والنبي) بالرفع عطفًا على الضمير المرفوع في كنت والنصب على أن الواو بمعنى مع أي مصاحبة للنبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من إناء واحد) حالة كوننا ( كلانا جنب) بالتوحيد أفصح من التثنية.




[ قــ :96 ... غــ : 300 ]
- وَكَانَ يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرُ فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ.
[الحديث 300 - طرفاه في: 30، 030] .


( وكان) عليه الصلاة والسلام وللأصيلي فكان ( يأمرني فأتزر) بفتح الهمزة وتشديد المثناة الفوقية وأنكره أكثر النحاة وأصله فاأتزر بهمزة ساكنة بعد الهمزة المفتوحة ثم المثناة الفوقية بوزن افتعل.
قال ابن هشام: وعوام المحدثين يحرّفونه فيقرؤونه بألف وتاء مشددة ولا وجه لأنه افتعل ففاؤه همزة ساكنة بعد همزة المضارعة المفتوحة.
وقطع الزمخشري بخطأ الإدغام، وقد حاول ابن مالك جوازه.
وقال: إنه مقصور على السماع كاتكل، ومنه قراءة ابن محيصن فليؤد الذي اتمن بهمزة وصل وتاء مشددة، وعلى تقدير أن يكون خطأ فهو من الرواة عن عائشة فإن صح عنها كان حجة في الجواز لأنها من فصحاء العرب، وحينئذ فلا خطأ.
نعم نقل بعضهم أنه مذهب الكوفيين، وحكاه الصغاني في مجمع البحرين ( فيباشرني) عليه الصلاة والسلام أي تلامس بشرته بشرتي ( وأنا حائض) جملة حالية، وليس المراد المباشرة هنا الجماع إذ هو حرام بالإجماع فمن اعتقد حلّه كفر.




[ قــ :97 ... غــ : 301 ]
- وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ إِلَىَّ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ.

قالت عائشة: ( وكان) عليه الصلاة والسلام ( يخرج رأسه) من المسجد ( إليَّ) أي وهي في حجرتها ( وهو معتكف) في المسجد جملة حالية ( فاغسله وأنا حائض) جملة حالية أيضًا.

ورواة هذا الحديث كلهم إلى عائشة كوفيون وفيه التحديث والعنعنة ورواية تابعي عن تابعي عن صحابية، وأخرجه المؤلف في آخر الصوم ومسلم في الطهارة وكذا أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.




[ قــ :98 ... غــ : 30 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ -هُوَ الشَّيْبَانِيُّ- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا

فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُبَاشِرَهَا أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا.
قَالَتْ: وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْلِكُ إِرْبَهُ؟ تَابَعَهُ خَالِدٌ وَجَرِيرٌ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا ( إسماعيل بن خليل) وللأصيلي وابن عساكر الخليل باللام للمح الصفة كالحرث والعباس الكوفي الخزاز بالخاء والزايين المعجمات وأولى الزايين مشددة.
قال البخاري: جاءنا نعيه سنة خمس وعشرين ومائتين.
( قال: أخبرنا علي بن مسهر) بضم الميم وسكون السين المهملة وكسر الهاء آخره راء القرشي الكوفي، المتوفى سنة تسع وثمانين ومائة ( قال: أخبرنا أبو إسحاق) سليمان بن فيروز التابعي، المتوفى سنة إحدى وأربعين ومائة ( وهو الشيباني) بفتح الشين المعجمة وإنما قال هو لينبّه على أنه من قوله لا من قول الراوي عن أبي إسحاق ( عن عبد الرحمن بن الأسود) التابعي، المتوفى سنة تسع وتسعين ( عن أبيه) الأسود بن يزيد ( عن عائشة) رضي الله عنها ( قالت) :
( كانت إحدانا) أي إحدى زوجاته عليه الصلاة والسلام ( إذا كانت حائضًا فأراد رسول الله)
وللأصيلي النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يباشرها) بملاقاة البشرة للبشرة من غير جماع ( أمرها أن تتّزر) بتشديد المثناة الفوقية وللكشميهني أن تأتزر بهمزة ساكنة وهي أفصح.
وقال في المصابيح على القياس ( في فور) بفتح الفاء وسكون الواو آخره راء أي في ابتداء ( حيضتها) قبل أن يطول زمنها، وفي سنن أبي داود فوح بالحاء المهملة ( ثم يباشرها) بملامسة بشرته لبشرتها.
( قالت) عائشة: ( وأيكم يملك إربه) بكسر الهمزة وسكون الراء ثم موحدة.
ورواة أبو ذر فيما حكاه في اللامع بفتح الهمزة والراء، وصوبه الخطابي والنحاس، وعزاه ابن الأثير لرواية أكثر المحدثين ومعناه أضبطكم لشهوته أو عضوه الذي يستمتع به ( كما كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-ويملك إربه) فلا يخشى عليه ما يخشى على غيره من أن يحوم حول الحمى، وكان يباشر فوق الإزار تشريعًا لغيره ممن ليس بمعصوم، وبه استدل الجمهور على تحريم الاستمتاع بما بين سرتها وركبتها بوطء أو غيره، وفي الترمذي وحسنه أنه سئل عما يحل من الحائض فقال: ما وراء الإزار وهو الجاري على قاعدة المالكية في سد الذرائع، وذهب كثير من العلماء إلى أن الممنوع هو الوطء دون غيره، واختاره النووي في التحقيق وغيره وقال به محمد بن الحسن من الحنفية، ورجحه الطحاوي واختاره أصبغ من المالكية لخبر مسلم: اصنعوا كل شيء إلا النكاح فجعلوه مخصصًا لحديث الترمذي السابق، وحملوا حديث الباب وشبهه على الاستحباب جمعًا بين الأدلة، وعند أبي داود بإسناد قوي حديث أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا أراد من الحائض ألقى على فرجها ثوبًا، واستحسن في المجموع وجهًا ثالثًا أنه إن وثق بترك الوطء لورع أو قلة شهوة جاز الاستمتاع وإلاّ فلا.
قال في التحقيق وغيره: فلو وطئ عامدًا عالمًا بالتحريم أو الحيض مختارًا فقد ارتكب كبيرة فيتوب والجديد لا غرم ويندب ما أوجبه القديم وهو دينار إن وطئ في قوة الدم وإلا فنصفه، وأما المباشرة فوق السرة وتحت الركبة فجائزة اتفاقًا، وهل يحل الاستمتاع بالسرة والركبة؟

قال في المجموع: لم أر فيه نقلاً والمختار الجزم بالحل، ويحتمل أن يخرج على الخلاف في كونهما عورة.
قال في المهمات: وقد نص في الأم على الحل في السرة.

ورواة الحديث الستة إلى عائشة كوفيون وفيه التحديث والإخبار والعنعنة ورواية تابعي عن تابعي عن صحابية، وأخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجة في الطهارة.

( تابعه) أي تابع علي بن مسهر في روايته هذا الحديث ( خالد) هو ابن عبد الله الواسطي مما وصله أبو القاسم التنوخي في فوائده من طريق وهب بن بقية عنه، ( و) تابعه ( جرير) هو ابن عبد الحميد مما وصله أبو داود والإسماعيلي ( عن الشيباني) أبي إسحاق المذكور أي عن عبد الرحمن إلى آخر الحديث.




[ قــ :99 ... غــ : 303 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَيْمُونَةَ تقول: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَمَرَهَا فَاتَّزَرَتْ وَهْيَ حَائِضٌ".
وَرَوَاهُ سُفْيَانُ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ.

وبه قال: ( حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي المعروف بعارم ( قال: حدّثنا عبد الواحد) بن زياد البصري ( قال: حدّثنا الشيباني) أبو إسحاق ( قال: حدّثنا عبد الله بن شداد) بتشديد الدال ابن أسامة بن الهاد الليثي ( قال) :
( سمعت ميمونة) أم المؤمنين رضي الله عنها ( تقول: كان رسول الله) وفي رواية سمعت ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها تقول كان، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر قالت: كان النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه) رضي الله عنهنّ ( أمرها) بالاتزار ( فاتزرت) كما في فرع اليونينية.
قال ابن حجر في روايتنا بإثبات الهمزة على اللغة الفصحى ( وهي حائض) جملة حالية من مفعول يباشر على الظاهر أو من مفعول أمر أو من فاعل اتزرت.
وقال الكرماني: يحتمل أنه حال من الثلاثة جميعًا.

ورواة الحديث الخمسة ما بين بصري وكوفي ومدني وفيه التحديث والسماع ورواية تابعي عن تابعي عن صحابية، وأخرجه مسلم في الطهارة وأبو داود في النكاح وابن ماجة.

( رواه) أي الحديث وللأصيلي وكريمة ورواه ( سفيان) الثوري مما وصله أحمد في مسنده ( عن الشيباني) أبي إسحاق وعبّر بقوله رواه دون تابعه، لأن الرواية أعمّ من المتابعة فلعله لم يروه متابعة، وقيل: المراد بسفيان هنا ابن عيينة وعلى كل تقدير فلا يضر إبهامه لأنهما على شرطه لكن جزم بالأول ابن حجر وغيره لما عند أحمد كما مر فافهم.