فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض

باب الطِّيبِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ
( باب) استحباب ( الطيب للمرأة) غير المحرمة ( عند غسلها من المحيض) وكذا من النفاس تطييبًا للمحل بل يكره تركه بلا عذر كما صرّح به في المجموع وغيره، ولأبي ذر من الحيض بغير ميم.


[ قــ :309 ... غــ : 313 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلاَ

نَكْتَحِلَ وَلاَ نَتَطَيَّبَ وَلاَ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ.
وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا فِي نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ، وَكُنَّا نُنْهَى عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ.
قَالَ: رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
[الحديث 313 - أطرافه في: 1278، 1279، 5340، 5341، 5342، 5343] .


وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن عبد الوهاب) الحجبي البصري ( قال: حدّثنا حماد بن زيد عن أيوب) السختياني ( عن حفصة) بنت سيرين زاد في رواية المستملي وكريمة، قال أبو عبد الله أي البخاري: أو هشام بن حسان بالصرف وتركه من الحسن أو الحسن عن حفصة فكأنه شك في شيخ حماد أهو أيوب السختياني أو هشام بن حسان، وليس ذلك عند بقية الرواة ولا عند أصحاب الأطراف، ( عن أم عطية) نسيبة بضم النون وفتح السين مصغرًا بنت الحرث كانت تمرّض المرضى وتداوي الجرحى وتغسل الموتى.
لها في البخاري خمسة أحاديث رضي الله عنها ( قالت) :
( كنا ننهى) بضم النون الأولى وفاعل النهي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أن تحد) أي المرأة وفي الفرع أن نحد
بضم الأول مع كسر المهملة فيهما من الإحداد أي تمنع من الزينة ( على ميت فوق ثلاث) يعني به الليالي مع أيامها ( إلا على زوج) دخل بها أو لم يدخل صغيرة كانت أو كبيرة حرة أو أمة، نعم عند أبي حنيفة لا إحداد على صغيرة ولا أمة، وفي رواية المستملي والحموي إلا على زوجها، فالأولى وافقة للفظ نحدّ بالنون والثانية موافقة لرواية تحد بالغيبة أو توجه الثانية أيضًا على رواية النون بأن الضمير يعود على الواحدة المندرجة في قولها: كنا ننهى أي كل واحدة منهن تنهى أن تحدّ فوق ثلاث إلا على زوجها ( أربعة أشهر وعشرًا) يعني عشر ليالٍ إذ لو أريد به الأيام لقيل عشرة بالتاء.

قال البيضاوي في تفسير أربعة أشهر وعشرًا وتأنيث العشر باعتبار الليالي لأنها غرر المشهور والأيام، ولذلك لا يستعملون التذكير في مثله قط ذهابًا إلى الأيام حتى إنهم يقولون صمت عشرًا، ويشهد له قوله: إن لبثتم إلا عشرًا ثم أن لبثتم إلا يومًا، ولعل المقتضي لهذا التقدير أن الجنين في غالب الأمر يتحرك لثلاثة أشهر إن كان ذكرًا ولأربعة إن كان أنثى، واعتبر أقصى الأجلين، وزيد عليه العشر استظهارًا إذ ربما تضعف حركته في المبادئ فلا تحس بها.

( ولا نكتحل) بالنصب وهو الذي في فرع اليونينية فقط عطفًا على المنصوب السابق كذا قرّروه، ولكن ردّه البدر الدماميني بأنه يلزم من عطفه عليه فساد المعنى لأن تقديره: كنا ننهى أن لا نكتحل نعم يصح العطف عليه على تقدير أن لا زائدة أكد بها في النهي معنى النفي، ورواية الرفع هي الأحسن على ما لا يخفى.
( ولا نتطيب ولا نلبس ثوبًا مصبوغًا إلا ثوب عصب) بفتح العين وسكون الصد المهملتين في آخره موحدة برود يمانية يعصب غزلها أي يجمع ثم يصبغ ثم ينسج، ( وقد رخص لنا) التطيب بالتبخر ( عند الطهر إذا اغتسلت إحدانا من محيضها) لدفع رائحة الدم لما

تستقبله من الصلاة ( في نبذة) بضم النون وفتحها وسكون الموحدة وبالذال المعجمة أي في قطعة يسيرة ( من كست أظفار) كذا في هذه الرواية بضم الكاف وسكون المهملة، وفي كتاب الطيب للمفضل بن سلمة القسط والكسط والكست ثلاث لغات وهو من طيب الأعراب، وسماه ابن البيطار راسنا والأظفار ضرب من العطر على شكل ظفر الإنسان يوضع في البخور، وقال ابن التين: صوابه قسط ظفار أي بغير همز نسبة إلى ظفار مدينة بساحل البحر يجلب إليها القسط الهندي، وحكي في ضبط ظفار عدم الصرف والبناء كقطام وهو العود الذي يتبخر به.

( وكنا ننهى عن اتباع الجنائز) يأتي البحث فيه في محله إن شاء الله تعالى.
ورواة هذا الحديث بصريون وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلف هنا وفي الطلاق وكذا مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.

( قال: ورواه) أي الحديث المذكور وللأصيلي وابن عساكر: قال أبو عبد الله أي المؤلف وفي رواية لابن عساكر روى، ولأبوي ذر والوقت: وروى ( هشام بن حسان) الذكور مما سيأتي موصولاً عند المؤلف في كتاب الطلاق إن شاء تعالى ( عن حفصة) بنت سيرين ( عن أم عطية) رضي الله عن ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ، ولم يقع هذا التعليق في رواية المستملي وفائدة ذكره الدلالة على أن الحديث السابق من قبيل المرفوع.