فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض، وما يصدق النساء في الحيض والحمل، فيما يمكن من الحيض

باب إِذَا حَاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلاَثَ حِيَضٍ
وَمَا يُصَدَّقُ النِّسَاءُ فِي الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فِيمَا يُمْكِنُ مِنَ الْحَيْضِ
لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ( وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ)
وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ وَشُرَيْحٍ إِنِ امْرَأَةٌ جَاءَتْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا مِمَّنْ يُرْضَى دِينُهُ، أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلاَثًا فِي شَهْرٍ.
صُدِّقَتْ.
.

     وَقَالَ  عَطَاءٌ أَقْرَاؤُهَا مَا كَانَتْ، وَبِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ.
.

     وَقَالَ  عَطَاءٌ الْحَيْضُ يَوْمٌ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ.
.

     وَقَالَ  مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ سَأَلْتُ ابْنَ سِيرِينَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى الدَّمَ بَعْدَ قَرْئِهَا بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ قَالَ النِّسَاءُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ.

هذا ( باب) بالتنوين في بيان حكم الحائض ( إذا حاضت في شهر) واحد ( ثلاث حيض) بكسر
الحاء وفتح المثناة التحتية جمع حيضة ( و) بيان ( ما يصدق النساء) بضم الياء وتشديد الدال المفتوحة
( في) مدة ( الحيض) ومدة ( الحمل) ولابن عساكر والحبل بالباء الموحدة المفتوحة ( وفيما) بالفاء ولابن
عساكر وما ( يمكن من الحيض) أي من تكراره، والجار والمجرور متعلق بيصدّق فإذا لم يمكن لم

تصدق ( لقول الله تعالى) وللأصيلي عز وجل ( وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ)
[البقرة: 228] قال القاضي: من الولد والحيض استعجالاً في العدة وإبطالاً لحق الرجعة، وفيه دليل
على أن قولها مقبول في ذلك، زاد الأصيلي ( إن كن يؤمن) ( ويذكر) بضم أوّله ( عن علي) هو ابن
أبي طالب ( و) عن ( شريح) بالشين المعجمة والحاء المهملة ابن الحرث بالمثلثة أي الكوفي أدرك
الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يلقه استقضاه عمر بن الخطاب، وتوفي سنة ثمان وتسعين.
وهذا
التعليق وصله الدارمي بإسناد رجاله ثقات عن الشعبي قال: جاءت امرأة إلى عليّ بن أبي طالب
رضي الله عنه تخاصم زوجها طلقها فقالت: حضت في شهر ثلاث حيض، فقال عليّ لشريح اقضِ
بينهما.
قال: يا أمير المؤمنين وأنت هاهنا؟ قال: اقضِ بينهما، قال: ( إن جاءت) ولكريمة إن امرأة
جاءت ( ببينة من بطانة أهلها) بكسر الموحدة أي من خواصها ( ممن يرضى دينه) وأمانته بأن يكون
عدلاً يزعم ( أنها حاضت في شهر) ولابن عساكر في كل شهر ( ثلاثًا صدّقت) وفي رواية الدارمي
أنها حاضت ثلاث حيض تطهر عند كل قرء وتصلي جاز لها وإلاّ فلا قال في رضي الله عنه:
قالون، قال، وقالون بلسان الروم أحسنت وليس عنده لفظة ببينة وطريق علم الشاهد بذلك مع أنه
أمر باطني القرائن والعلامات، بل ذلك ما يشاهده النساء فهو ظاهر بالنسبة لهن ( وقال عطاء) هو
ابن أبي رباح مما وصله عبد الرزاق عن ابن جريح عنه: ( أقراؤها) جمع قرء بضم القاف وفتحها في

زمن العدّة ( ما كانت) قبل العدّة، فلو ادّعت في زمن الطلاق أقراء معدودة في مدة معينة في شهر
مثلاً معتادة لما ادّعته فإذًا، وإن ادّعت في العدّة ما يخالف ما قبلها لم يقبل، ( وبه) أي بما قال عطاء
( قال إبراهيم) النخعي فيما وصله عبد الرزاق أيضًا.
( وقال عطاء) هو ابن أبي رباح مما وصله
الدارمي أيضًا ( الحيض يوم إلى خمس عشرة) فاليوم مع ليلته والخمسة عشر أكثره، ولابن عساكر وأبي
ذر إلى خمسة عشر.
( وقال معتمر) هو ابن سليمان العابد، كان يصلي الليل كله بوضوء العشاء ( عن
أبيه)
سليمان بن طرخان مما وصله الدارمي أيضًا ( سألت) ولأبي ذر والأصيلي قال سألت: ( ابن
سيرين)
محمد ( عن المرأة ترى الدم بعد قرئها) أي طهرها لا حيضها بقرينة رؤية الدم ( بخمسة أيام.

قال: النساء أعلم بذلك)
.


[ قــ :323 ... غــ : 325 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ.
أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ سَأَلَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ فَقَالَ «لاَ، إِنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاَةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي».

وبالسند قال: ( حدّثنا أحمد بن أبي رجاء) بفتح الراء وتخفيف الجميم مع المد عبد الله بن أيوب
الهرويّ حنفي النسب، المتوفى سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ( قال: حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة
الكوفي ( قال: سمعت هشام بن عروة، قال: أخبرني) بالإفراد ( أبي) عروة بن الزبير بن العوّام ( عن
عائشة)
رضي الله عنها.

( أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت) وفي بعض الأصول فقالت بالفاء
التفسيرية: ( إني أستحاض) بضم الهمزة ( فلا أطهر أفأدع) أي أترك ( الصلاة: فقال) عليه الصلاة
والسلام: ( لا) تدعيها ( إن ذلك) بكسر الكاف ( عرق) أي دم عرق وهو يسمى العاذل بالذال
المعجمة، ( ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي) .
ومعنى
الاستدراك لا تتركي الصلاة كل الأوقات، لكن اتركيها في مقدار العادة.

ومناسبة الحديث للترجمة في قوله: قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها فيوكل ذلك إلى أمانتها
وردّها إلى عادتها، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص، وفيه دلالة على أن فاطمة كانت معتادة،
واختلف في أقل الحيض وأقل الطهر فقال الشافعي: القرء الطهر وأقله خمسة عشر يومًا وأقل الحيض
يوم وليلة، فلا تنقضي عدّتها في أقل من اثنين وثلاثين يومًا ولحظتين بأن تطلق وبقي من الطهر لحظة
وتحيض يومًا وليلة، وتطهر خمسة عشرة يومًا ثم ستة عشر كذلك، ولا بدّ من الطعن في الحيضة
الثالثة للتحقق، وقال أبو حنيفة: لا يجتمع أقل الطهر وأقل الحيض معًا، فأقل ما تنقضي به العدة
عنده ستون يومًا، وعند مالك: لا حدّ لأقل الحيض ولا لأقل الطهر إلا بما بيّنته النساء.
ورواة هذا

الحديث ما بين هرويّ وكوفي ومدني، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والسماع.