فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الله تعالى: {وهل أتاك حديث موسى} [طه: 9] {وكلم الله موسى تكليما} [النساء: 164]

باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} { وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}
( باب قول الله تعالى { وكلم الله موسى تكليمًا} ) [النساء: 164] مصدر مؤكد رافع للمجاز.
قال الفراء: العرب تسمي ما يوصل إلى الإنسان كلامًا بأي طريق وصل، ولكن لا تحققه بالمصدر فإذا حقق بالمصدر لم يكن إلا حقيقة الكلام، وقال القرطبي: مصدر معناه التأكيد وهو يدل على بطلان قول من قال خلق الله لنبيه كلامًا في شجرة فسمعه موسى بل هو الكلام الحقيقي الذي يكون به المتكلم متكلمًا.
وقال النحاس: أجمع النحويون على أنك إذا أكدت الفعل بالمصدر لم يكن مجازًا وزاد في نسخة وهو الذي في اليونينية لا في فرعها قبل وكلم الله ( { وهل أتاك حديث موسى} ) [النازعات: 15] أي وقد أتاك كما مرّ قريبًا.


[ قــ :3240 ... غــ : 3394 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ رَأَيْتُ مُوسَى وَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ رَجِلٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ رَبْعَةٌ أَحْمَرُ كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ، وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهِ.
ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ وَفِي الآخَرِ خَمْرٌ فَقَالَ: اشْرَبْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ، فَقِيلَ: أَخَذْتَ الْفِطْرَةَ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ».
[الحديث 3394 - أطرافه في: 3437، 4709، 5576، 5603] .

وبه قال: ( حدّثنا إبراهيم بن موسى) الفراء الرازي الصغير قال: ( أخبرنا هشام بن يوسف) الصنعاني قال: ( أخبرنا معمر) هو ابن راشد ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن سعيد بن المسيب) بن حزن القرشي المخزومي أحد الأعلام الأثبات ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال رسول الله) ولأبي ذر قال النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ليلة أسري بي) ولغير أبي ذر به بدل بي ( رأيت موسى وإذا رجل) ولأبي ذر: وإذا هو رجل ( ضرب) بضاد معجمة مفتوحة فراء ساكنة فموحدة نحيف خفيف اللحم ( رجل) بفتح الراء وكسر الجيم دهين الشعر مسترسله أو غير جعد ( كأنه) في الطول ( من رجال شنوءة) بفتح الشين المعجمة وضم النون وبعد الواو الساكنة همزة مفتوحة ثم هاء تأنيث حي من اليمن ينسبون إلى شنوءة وهو عبد الله بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد لقب بشنوءة لشنآن كان بينه وبين أهله، ( ورأيت عيسى) ابن مريم عليه السلام ( فإذا هو رجل ربعة) بفتح الراء وسكون الموحدة وقد تفتح أي المربوع ومراده أنه ليس بطويل جدًّا ولا قصير جدًّا بل وسط ( أحمر كأنما) وفي نسخة بالفرع كأصله كأنه ( خرج من ديماس) بكسر الدال المهملة وسكون التحتية وبعد الميم ألف فسين مهملة، وزاد في باب واذكر في الكتاب مريم من رواية عبد الرزاق عن معمر يعني الحمام.
وقال في القاموس: الديماس الكن والسرب والحمام وزاد غيره الحمام بلغة الحبشة.
وقيل: ولم يكن
لهم يومئذٍ ديماس والحمام من جملة الكن والمراد وصفه بصفاء اللون ونضارة الجسم وكثرة ماء الوجه حتى كأنه كان في موضع كن حتى خرج منه وهو عرقان ( وأنا أشبه ولد إبراهيم) الخليل زاد أبو ذر عن الكشميهني -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( به ثم أتيت) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول ( بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر خمر) قبل تحريم الخمر لأن الإسراء كان بمكة وتحريم الخمر كان بالمدينة ( فقال) جبريل: ( اشرب أيهما) الخمر أو اللبن ( شئت فأخذت اللبن فشربته فقيل) : وفي رواية: فقال جبريل ( أخذت الفطرة) أي الإسلام والاستقامة ( أما) بفتح الهمزة وتخفيف الميم ( إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك) لأنها أم الخبائث وجالبة لأنواع الشرور بالشين المعجمة في الحال والمآل.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الإيمان والترمذي في التفسير.




[ قــ :341 ... غــ : 3395 ]
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ -يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى.
وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ».
[الحديث 3395 - أطرافه في: 3413، 4630، 7539] .

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( محمد بن بشار) بموحدة ومعجمة مشددة العبدي البصري أبو بكر بندار وسقط لأبي ذر ابن بشار قال: ( حدّثنا غندر) هو محمد بن جعفر قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن قتادة) بن دعامة ( قال: سمعت أبا العالية) رفيعًا الرياحي قال: ( حدّثنا ابن عم نبيكم يعني ابن عباس) -رضي الله عنهما- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس) أي ليس لأحد أن يفضل نفسه أو ليس لأحد أن يفضلني على يونس ( بن متى) وهذا منه على سبيل التواضع ( ونسبه إلى أبيه) وهو بفتح الميم وفتح المثناة الفوقية وبالألف وكان رجلاً صالحًا من أهل بيت النبوّة.




[ قــ :341 ... غــ : 3396 ]
- وَذَكَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ فَقَالَ: «مُوسَى آدَمُ طُوَالٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ.
.

     وَقَالَ : عِيسَى جَعْدٌ مَرْبُوعٌ، وَذَكَرَ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ، وَذَكَرَ الدَّجَّالَ».

( وذكر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليلة أسري به) وللكشميهني: مما ذكره في فتح الباري ليلة أسري به على الحكاية ( فقال) :
( موسى آدم) بالمد أي أسمر ( طوال) بضم الطاء وتخفيف الواو ( كأنه من رجال شنوءة) في الطول ( وقال) في ( عيسى جعد) شعره بفتح الجيم وسكون العين وهو خلاف السبط ( مربوع) لا طويل ولا قصير، ( وذكر مالكًا خازن النار) وفي اليونينية وفرعها مالك بغير ألف مع المنصب والتنوين مصححًا عليه ( وذكر الدجال) .

وهذا الحديث أخرجه في باب قول الله تعالى: { وإن يونس لمن المرسلين} [الصافات: 139] وفى التفسير والتوحيد ومسلم في أحاديث الأنبياء وأبو داود في السنة، وهو
عند الأكثرين حديث واحد وبعضهم جعله حديثين ما يتعلق بيونس حديثًا والآخر بباقيه.




[ قــ :34 ... غــ : 3397 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ عَنِ ابْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما-: «أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا -يَعْنِي يومَ عَاشُورَاءَ- فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وَهْوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى، وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ.
فَقَالَ: أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ».
[الحديث 3397 - أطرافه في: 004، 3943، 4680، 4737] .

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا أيوب) بن أبي تميمة كيسان ( السختياني) بالسين المهملة المفتوحة وسكون الخاء المعجمة وفتح الفوقية والتحتية وبعد الألف نون البصري ( عن ابن سعيد بن جبير) عبد الله ( عن أبيه) سعيد ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما) ولأبي ذر قال لما ( قدم المدينة) من مكة مهاجرًا فأقام إلى يوم عاشوراء من السنة الثانية ( وجدهم) يعني اليهود ( يصومون يومًا يعني عاشوراء) بالمد عاشر المحرم على المشهور فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ما هذا الصوم"؟ ( فقالوا هذا يوم عظيم وهو يوم) بالتنوين ( نجى الله) عز وجل ( فيه موسى) وقومه من عدوّهم ( وأغرق آل فرعون) في الميم وفي رواية وأغرق فيه فرعون وقومه ( فصام موسى) بإسقاط ضمير النصب ( شكرًا لله) وعند المؤلّف في الهجرة: ونحن نصومه تعظيمًا له ( فقال) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( أنا أولى بموسى منهم) أي من اليهود ( فصامه وأمر) الناس ( بصيامه) .
وقد سبق هذا الحديث في الصيام.