فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الله تعالى: {وإن يونس لمن المرسلين} [الصافات: 139] "

باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} -إِلَى قَوْلِهِ- { فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [الصافات: 139] ، -إِلَى قَوْلِهِ- { وَهوَ مُلِيم} قَالَ مُجَاهِدٌ: مُذْنِبٌ.
المَشْحُونَ: الُموقِر.
{ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ} الآيَةَ { فَنَبَذْنَاهُ بِالعَرَاءِ} بِوَجْهِ الأَرْضِ { وَهوَ سَقِيمٌ وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِن يَقْطِين} مِنْ غَيرِ ذَاتِ أَصْل، الدّبّاء وَنَحْوه
{ وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين} [الصافات: 147] .

{ ولا تَكُن كصاحبِ الحُوتِ إذْ نادَى وهوَ مكظوم} [القلم: 48] ، { كظيم} : وهو مغموم.

وهذا الباب كله ثابت في رواية الكشميهني والمستملي فقط كالذي قبله.

(باب قول الله تعالى) الباب ساقط في الفرع ثابت في أصله ({ وإن يونس لمن المرسلين} ) [الصافات: 139] .
أي هو من المرسلين حتى في هذه الحالة (إلى قوله) ({ وهو مليم} ) [الصافات: 142] .
حال.

(قال مجاهد): فيما وصله ابن جرير في تفسير (مليم) أي (مذنب) بفعله خلاف الأولى وقيل مليم نفسه (المشحون) أي (الموقر) بفتح القاف المملوء ({ فلولا أنه كان من المسبحين} ) [الصافات: 143] (الآية) أي الذاكرين الله كثيرًا بالتسبيح مدة عمره أو في بطن الحوت وهو قوله { لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} [الأنبياء: 87] .
للبث في بطنه إلى يوم يبعثون أي حيًّا أو ميّتًا ({ فنبذناه} ) طرحناه ({ بالعراء} ) أي (بوجه الأرض) قيل على جانب دجلة وقيل بأرض اليمن فالله أعلم وأضاف الله تعالى النبذ إلى نفسه المقدسة مع أنه إنما حصل بفعل الحوت إيذانًا بأن فعل العبد مخلوق له تعالى ({ وهو سقيم} ) [الصافات: 145] .
مما حصل له.
قيل صار بدنه كبدن الطفل حين يولد.
({ وأنبتنا عليه شجرة من يقطين} ) [الصافات: 146] .
أي (من غير ذات أصل) بل تنبسط على وجه الأرض ولا تقوم على ساق (الدباء) بالجر بدلاً أو بيانًا (ونحوه) كالقثاء والبطيخ؛ وقال البغوي: المراد هنا القرع على قول جميع المفسرين ({ وأرسلناه إلى مائة ألف} ) هم قومه الذين هرب عنهم وهم أهل نينوى ({ أو يزيدون} ) في مرأى الناظر أي إذا نظر إليهم قال هم مائة ألف أو أكثر، والمراد الوصف بالكثرة ({ فآمنوا} ) فصدقوا ({ فمتعناهم إلى حين} ) [الصافات: 147] .
إلى أجلهم المسمى وسقط لغير أبي ذر قوله: { وهو مليم} إلى آخر قوله (فآمنوا ({ ولا تكن} ) يا محمد ({ كصاحب الحوت} ) يونس ({ إذ نادى} ) في بطن الحوت ({ وهو مكظوم} ) [القلم: 48] .
أي (كظيم) يعني أن مكظوم بوزن مفعول بمعنى كظيم بوزن فعيل أي (وهو مغموم) وسقط قوله "وهو" لأبي ذر.

وكانت قصة يونس أن الله تعالى بعثه إلى أهل نينوى وهو من أرض الموصل فكذبوه فوعدهم بنزول العذاب في وقت معين ففارقهم إذ لم يتوبوا، فلما دنا الموعد أغامت السماء غيمًا أسود ذا دخان شديد فهبط حتى غشي مدينتهم فهابوا فطلبوا يونس فلم يجدوه فأيقنوا صدقة فلبسوا المسوح وبرزوا إلى الصعيد بأنفسهم ونسائهم وصبيانهم ودوابهم وفرّقوا بين كل والدة وولدها، فحنّ بعضها إلى بعض وعلت الأصوات والعجيج وأخلصوا التوبة وأظهروا الإيمان وتضرعوا إلى الله فرحمهم وكشف عنهم، وأما يونس فإنه لم يعرف الحال فظن أنه كذبهم فغضب من ذلك وذهب فركب مع قوم في سفينة فوقفت فقال لهم يونس: إن معكم عبدًا ابق من ربه وإنها لا تسير حتى تلقوه فاقترعوا فخرجت القرعة عليه فقال: أنا الآبق وزج بنفسه في الماء فأرسل الله عز وجل من
البحر الأخضر حوتًا فشق البحار حتى جاء فالتقمه وأوحى الله تعالى إلى ذلك الحوت لا تأكل له لحمًا ولا تهشم له عظمًا فإنه ليس رزقًا وإنما بطنك له سجن فنادى في الظلمات ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل { أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} [الأنبياء: 87] .
وقال عوف الأعرابيّ: لما صار يونس في بطن الحوت ظن أنه قد مات فحرك رجليه فتحركتا فسجد مكانه فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حسًّا فقال: ما هذا؟ فأوحى الله إليه هذا تسبيح دواب البحر فسبح فسمعت الملائكة تسبيحه فقالوا: يا ربنا إنّا سمع صوتًا ضعيفًا بأرض غريبة.
قال: ذاك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت فشفعوا فيه فأمر الله الحوت فقذفه في الساحل وهو كهيئة الفرخ الممعوط الذي ليس عليه ريش.
قال أبو هريرة: وهيأ الله له أروية وحشية تأكل من خشاش الأرض فتتفشخ عليه فترويه من لبنها بكرة وعشية، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين مظلة عليه قيل إنها يبست وبكى عليها فأوحى الله تعالى إليه أتبكي على شجرة ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون أردت أن تهلكهم.


[ قــ :3257 ... غــ : 3412 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي الأَعْمَشُ ح.

وبه قال: (حدّثنا مسدد) أي ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيي) بن سعيد القطان (عن سفيان) الثوري أنه (قال: حدثني) بالإفراد (الأعمش) سليمان (ح).

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ» زَادَ مُسَدَّدٌ «يُونُسَ بْنِ مَتَّى».
[الحديث 3412 - طرفاه في: 4603، 4804] .

(حدّثنا) ولأبي ذر: وحدّثنا (أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن الأعمش عن أبي وائل) بالهمزة شقيق بن سلمة (عن عبد الله) يعني ابن مسعود (-رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(لا يقولن أحدكم إني) يريد نفسه الشريفة أو غيره (خير من يونس زاد مسدد) في رواية (يونس بن متى) بفتح الميم والفوقية المشددة قيل وخص يونس بالذكر لما يخشى على من سمع قصته أن يقع في نفسه تنقيص له فبالغ في ذكر فضله لسدّ هذه الذريعة.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في التفسير وكذا النسائي.




[ قــ :358 ... غــ : 3413 ]
- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ إِنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ».

وبه قال: ( حدّثنا حفص بن عمر) الحوضي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن قتادة) بن دعامة ( عن أبي العالية) رفيع الرياحي ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( ما ينبغي لعبد أن يقول إني خير من يونس بن متى ونسبه إلى أبيه) متى وهو يرد على من قال إن متى اسم أمه وقال ذلك -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-تواضعًا إن كان قاله بعد أن علم أنه سيد البشر.




[ قــ :359 ... غــ : 3414 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: «بَيْنَمَا يَهُودِيٌّ يَعْرِضُ سِلْعَتَهُ أُعْطِيَ بِهَا شَيْئًا كَرِهَهُ، فَقَالَ: لاَ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَامَ فَلَطَمَ وَجْهَهُ.

     وَقَالَ : تَقُولُ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ أَظْهُرِنَا؟ فَذَهَبَ إِلَيْهِ فَقَالَ: أَبَا الْقَاسِمِ، إِنَّ لِي ذِمَّةً وَعَهْدًا، فَمَا بَالُ فُلاَنٍ لَطَمَ وَجْهِي؟ فَقَالَ: لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ؟ فَذَكَرَهُ، فَغَضِبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: لاَ تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ، فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِي أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ، أَمْ بُعِثَ قَبْلِي».




[ قــ :359 ... غــ : 3415 ]
- «وَلاَ أَقُولُ إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى».
[الحديث 3415 - أطرافه في: 3416، 4604، 4631، 4805] .

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة مصغرًا ( عن الليث) بن سعد الإمام ( عن عبد العزيز بن أبي سلمة) بفتح اللام هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون بكسر الجيم بعدها شين معجمة مضمومة المزني نزيل بغداد ( عن عبد الله بن الفضل) بفتح الفاء وسكون الضاد المعجمة ابن العباس بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب الهاشمي المدني ( عن الأعرج) عبد الرَّحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- أنه ( قال: بينما) بالميم ( يهودي) لم يعرف اسمه أو هو فنحاص وضعف ( يعرض سلعته) على الناس ليرغبهم في شرائها ( أعطي بها شيئًا) من الثمن بخسًا ( كرهه، فقال: لا) أبيعها بهذا الثمن البخس.
( والذي اصطفى موسى على البشر فسمعه رجل من الأنصار) .

أخرج سفيان بن عيينة في جامعه وابن أبي الدنيا في كتاب البعث من طريقه عن عمرو بن دينار وابن جدعان عن سعيد بن المسيب قال: كان بين رجل من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبين رجل من اليهود كلام في شيء قال عمرو بن دينار هو أبو بكر الصديق فقال اليهودي: والذي اصطفى موسى على البشر وهذا يعكر على قوله في حديث الباب فسمعه رجل من الأنصار إلا إن كان المراد بالأنصار المعنى الأعم، فإن أبا بكر من أنصار النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قطعًا بل هو رأس من نصره ومقدمهم وسابقهم قاله في الفتح.

( فقام فلطم وجهه وقال: تقول: والذي اصطفى موسى على البشر والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-بين أظهرنا) جمع ظهر ومعناه أنه بينهم على سبيل الاستظهار كأن ظهرًا منهم قدامه وظهرًا وراءه فهو مكنوف من جانبيه إذ قيل بين ظهرانيهم ومن جوانبه إذا قيل بين أظهرهم أو لفظ أظهرنا مقحم كما قال الكرماني ( فذهب) اليهودي ( إليه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقال: أبا القاسم) أي يا أبا القاسم ( إن لي ذمة وعهدًا) مع المسلمين ( فما بال فلان) أبي بكر أخفر ذمتي ونقض عهدي إذ ( لطم وجهي) فدعاه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقال) عليه الصلاة والسلام له:
( لِمَ لطمت وجهه) ؟ مع ما له من الذمة والعهد ( فذكره) أي أمره مع اليهودي ( فغضب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لذلك ( حتى رئي) الغضب ( في وجهه) الشريف ( ثم قال: لا تفضلوا بين أنبياء الله) من قِبل أنفسكم أو تفضيلاً يؤدي إلى تنقيص أو إلى خصومة ونزاع ( فإنه ينفخ في الصور) النفخة الأولى ( فيصعق) أي يموت بها ( من في السماوات ومن في الأرض) ممن كان حيًّا يكون آخر من يموت ملك الموت ( إلا من شاء لله) قيل جبريل وميكائيل وإسرافيل فإنهم يموتون بعد وقيل حملة العرش ( ثم ينفخ فيه) نفخة ( أخرى) للبعث من القبور ( فأكون أول من بعث) من قبره بضم الموحدة وكسر العين المهملة وفتح المثلثة مبنيًا للمفعول ( فإذا موسى آخذ بالعرش) أي بقائمة من قوائمه كما في حديث أبي سعيد ( فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور) لما سأل الرؤية فلم يصعق ( أم بُعث) بضم الموحدة وكسر العين ولأبي ذر عن الكشميهني يبعث بالمضارع المبني للمجهول ( قبلي) .
والظاهر أنه عليه الصلاة والسلام لم يكن عنده علم ذلك حتى أعلمه الله تعالى فقد أخبر عن نفسه الكريمة أنه أول من ينشق عنه القبر، ( ولا أقول أن أحدًا أفضل من يونس بن متى) قاله تواضعًا.
قال ابن مالك: استعمل أحدًا في الإثبات لمعنى العموم لأنه في سياق النفي كأنه قيل لا أحد أفضل من يونس والشيء قد يعطى حكم ما هو في معناه وإن اختلفا في اللفظ فمن قوله تعالى: { أوَلم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن} [الأحقاف: 33] .

( بقادر) فأجرى في دخول الباء على الخبر مجرى أوليس الذي لأنه بمعناه ومن إيقاع أحد في الإيجاب المؤول بالنفي قول الفرزدق:
ولو سئلت عني نوار وأهلها ... إذن أحد لم تنطق الشفتان
فإن أحدًا وإن وقع مثبتًا لكنه في الحقيقة منفي لأنه مؤخر معنى كأنه قال إذن لم ينطق منهم أحد.




[ قــ :360 ... غــ : 3416 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى».

وبه قال: ( حدثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن سعد بن إبراهيم) الزهري أنه ( قال: سمعت حميد بن عبد الرَّحمن عن أبي هريرة) - رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى) قال ابن أبي جمرة: يريد بذلك نفي التكييف والتحديد على ما قاله ابن الخطيب لأنه قد وجدت الفضيلة بينهما في عالم الحس، لأن نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسري به إلى فوق السبع الطباق؛ ويونس نزل به إلى قعر البحر، وقد قال نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة" فهذه الفضيلة وجدت بالضرورة، فلم يبق أن يكون قوله عليه الصلاة والسلام "لا تفضلوني على يونس بن متى" ولا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس إلا بالنسبة إلى القرب من الله والبعد، فمحمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وإن أسري به إلى فوق السبع الطباق واخترق الحجب ويونس وإن نزل به لقعر البحر فهما بالنسبة إلى القرب والبعد من الله على حد واحد انتهى.