فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الله تعالى: {وآتينا داود زبورا} "

باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا} [النساء: 162، الإسراء: 55] {الزُّبُرُ}: الْكُتُبُ وَاحِدُهَا زَبُورٌ.
زَبَرْتُ: كَتَبْتُ.
{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} [سبأ: 10 - 11] : قَالَ مُجَاهِدٌ سَبِّحِي مَعَهُ.
{وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ}: الدُّرُوعَ.
{وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}: الْمَسَامِيرِ وَالْحَلَقِ، وَلاَ يُدِقَّ الْمِسْمَارَ فَيَتَسَلْسَلَ، وَلاَ تُعَظِّمْ فَيَفْصِمَ.
{أفرِغْ}: أنزِلْ.
{بسطةً}: زيادةً وفضلاً.
{وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.

( باب قول الله تعالى: {وآتينا داود}) هو ابن إيشا بهمزة مكسورة وتحتية ساكنة بعدها شين معجمة ابن عوبد بعين مهملة ثم موحدة بينهما واو ساكنة آخره دال مهملة بوزن جعفر بن باعر بموحدة فألف فعين مهملة مفتوحة فراء ابن سلمون بن رياب بتحتية آخره موحدة ابن رام بن حضرون بمهملة مفتوحة فمعجمة ابن فارص بفاء فألف فراء فصاد مهملة ابن يهوذا بن يعقوب ( {زبورًا}) [النساء: 163] .
( الزبر) هي ( الكتب واحدها زبور زبرت) أي ( كتبت) وهذا ثابت للكشميهني والمستملي، وكان فيها التحميد والتمجيد والثناء على الله عز وجل.
وقال القرطبي: كان فيه مائة وخمسون سورة ليس فيها حكم ولا حلال ولا حرام، وإنما هي حكم ومواعظ.

وكان داود حسن الصوت إذا أخذ في قراءة الزبور اجتمع عليه الإنس والجن والوحش والطير لحسن صوته ( {ولقد آتينا داود منا فضلاً}) نبوة وكتابًا أو ملكًا أو جميع ما أوتي من حسن الصوت بحيث إنه كان إذا سبح تسبح معه الجبال الراسيات الصم الشامخات وتقف له الطيور السارحات والغاديات والرائحات وتجاوبه بأنواع اللغات وتليين الحديد وغير ذلك مما خص به ( {يا جبال}) محكي بقول مضمر، ثم إن شئت قدرته مصدرًا ويكون بدلاً من فضلاً على جهة تفسيره به كأنه قيل آتيناه فضلاً قولنا يا جبال وإن شئت قدرته فعلاً، وحينئذ لك وجهان إن شئت جعلته بدلاً من آتيناه معناه آتينا قلنا يا جبال وإن شئت جعلته مستأنفًا وثبت للمستملي والكشميهني قوله: {ولقد آتينا داود} الخ .. ( {أوّبي معه}) .

( قال مجاهد) : فيما وصله الفريابي أي ( سبحي معه) وعن الضحاك هو التسبيح بلغة الحبشة.

قال ابن كثير: وفي هذا انظر فإن التأويب في اللغة هو الترجيع، وقال ابن وهب: نوحي معه وذلك إما بخلق صوت مثل صوته فيها، أو بحملها إياه على التسبيح إذا تأمل ما فيها، وقيل: سيري معه حيث سار والتضعيف للتكثير.

( {والطير}) نصب في قراءة العامة عطفًا على محل جبال لأنه منصوب تقديرًا ويجوز الرفع به قرأ روح عطفًا على جبال وفي هذا من الفخامة والدلالة على عظمة داود وكبرياء سلطانه ما فيه حيث جعل الجبال والطيور كالعقلاء المنقادين لأمره وليس التأويب منحصرًا في الطير والجبال،
ولكن ذكر الجبال لأن الصخور للجمود والطيور للنفور وكلاهما تستبعد منه الموافقة فإذا وافقته هذه الأشياء فغيرها أولى، وروي أنه كان إذا نادى بالنياحة أجابته الجبال بصداها وعكفت عليه الطيور فصدى الجبال الذي يسمعه الناس اليوم من ذلك، وقيل: كان إذا تخلل الجبال فسبّح الله جعلت الجبال تجاوبه بالتسبيح نحو ما يسبح، وقيل: كان إذا لحقه فتور أسمعه الله تسبيح الجبال تنشيطًا له، وثبت للكشميهني والمستملي سبحي معه.

( {وألنا}) عطف على آتينا ( {له الحديد}) حتى كان في يده كالشمع والعجين يعمل منه ما يشاء من غير نار ولا ضرب مطرقة بل كان يفتله بيده مثل الخيوط وذلك في قدرة الله يسير وسقط لأبي ذر: والطير إلى الحديد ( {أن اعمل}) بأن اعمل ( {سابغات) أي ( الدروع) الكوامل الواسعات الطوال تسحب في الأرض وذكر الصفة ويعلم منها الموصوف ( {وقدر في السرد}) [سبأ: 10، 11] .
أي ( المسامير والحلق) أي قدر المسامير وحلق الدروع ( ولا تدق) بضم الفوقية وسكر الدال المهملة ولأبي ذر عن الكشميهني: ولا ترق بالراء بدل الدال ( المسمار) أي لا تجعل مسمار الدرع دقيقًا أو لا تجعله رقيقًا ( فيتسلسل) يقال تسلسل الماء أي جرى، ولأبي ذر عن الكشميهني فيسلس أي فلا يستمسك ( ولا تعظم) بضم أوله وكسر ثالثه مشددًا أي المسمار ( فيفصم) أي يكسر الخلق اجعله على قدر الحاجة، ولأبي ذر عن الكشميهني فينفصم بزيادة نون ساكنة قبل الفاء، وهذا فيه نظر لأن دروعه لم تكن مسمرة، ويؤيده قوله {وألنا له الحديد} والمعنى قدر في السرد أي في نسجها بحيث يتناسب حلقها.
قال قتادة: وهو أول من عملها من الحلق، وإنما كانت قبل صفائح.
وعند ابن أبي حاتم أنه كان يرفع كل يوم درعًا فيبيعها بستة آلاف درهم ألفين له ولأهله وأربعة آلاف يطعم بها بني إسرائيل خبز الحواري، وقوله: الزبر إلى هنا ثابت في رواية المستملي والكشميهني.

( {أفرغ}) بفتح الهمزة وكسر الراء والفاء ساكنة يريد قوله: {ربنا أفرغ علينا صبرًا} [الأعراف: 126] .
أي ( أي أنزل {بسطة}) في قوله: {إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة} [الأعراف: 69] .
أي ( زيادة وفضلاً) وكلتا الكلمتين في قصة طالوت وهذا ثابت في رواية أبي ذر عن الكشميهني والوجه إسقاطه كما لا يخفى.
( {واعملوا}) داود وأهله ( {صالحًا}) في الذي أعطاكم من النعم ( {إني بما تعملون بصير}) [المؤمنون: 51] .
مراقب لكم بصير بأعمالكم وأقوالكم.


[ قــ :3261 ... غــ : 3417 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - الْقُرْآنُ، فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَوَابِّهِ فَتُسْرَجُ، فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ تُسْرَجَ دَوَابُّهُ، وَلاَ يَأْكُلُ إِلاَّ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ».
رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: ( حدّثنا عبد الرزاق) بن همام قال: ( أخبرنا معمر) هو ابن راشد ( عن همام) هو ابن منبه ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه قال:
( خفف على داود عليه السلام القرآن) قال التوربشتي: أي الزبور وإنما قال القرآن لأنه قصد به إعجازه من طريق القراءة، وقال غيره: قرآن كل نبي يطلق على كتابه الذي أوحي إليه، وقد دل الحديث على أن الله تعالى يطوي الزمان لمن شاء من عباده كما يطوي المكان لهم.
قال النووي: إن بعضهم كان يقرأ أربع ختمات بالليل وأربعًا بالنهار.
ولقد رأيت أبا الطاهر بالقدس الشريف سنة سبع وستين وثمانمائة وسمعت عنه إذ ذاك أنه يقرأ فيهما أكثر من عشر ختمات، بل قال لي شيخ الإسلام البرهان بن أبي شريف أدام الله النفع بعلومه عنه: أنه كان يقرأ خمس عشرة في اليوم والليلة، وهذا باب لا سبيل إلى إدراكه إلا بالفيض الرباني، ولأبي ذر عن الكشميهني: القراءة بدل القرآن.
( فكان يأمر بدوابه) التي كان يركبها ومن معه من أتباعه ( فتسرج فيقرأ القرآن) الزبور ( قبل أن تسرج دوابه ولا يأكل إلا من عمل يده) من ثمن ما كان يعمل من الدروع ولأبوي ذر والوقت: يديه بالتثنية.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في التفسير.
( رواه) أي حديث الباب ( موسى بن عقبة) فيما وصله المؤلّف في خلق أفعال العباد.
( عن صفوان) بن سليم ( عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .




[ قــ :36 ... غــ : 3418 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَهُ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو -رضي الله عنهما- قَالَ: «أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنِّي أَقُولُ: وَاللَّهِ لأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ: وَاللَّهِ لأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ؟ قُلْتُ: قَدْ قُلْتُهُ.
قَالَ: إِنَّكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ.
فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ.
قَالَ: قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ: فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ وَهْوَ أعَدْلُ الصِّيَامِ.
قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: لاَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ».

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) المصري قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد بن عقيل بفتح العين الأيلي ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( أن سعيد بن المسيب) بفتح التحتية المشددة ( أخبره وأبا سلمة) أي وأخبر أبا سلمة ( بن عبد الرَّحمن) بن عوف أيضًا ( أن عبد الله بن عمرو) بفتح العين ابن العاص ( رضي الله تعالى
عنهما)
أنه ( قال: أخبر) بضم الهمزة وكسر الموحدة ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إني أقول والله لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشت) أي مدة حياتي ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( أنت الذي تقول والله لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشت) قال عبد الله بن عمرو ( قلت قد قلته) زاد في الصيام من طريق أبي اليمان عن شعيب عن الزهري بأبي أنت وأمي ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( إنك لا تستطيع ذلك) الذي قلته من صيام النهار وقيام الليل لحصول المشقّة ( فصُم وأفطر) بهمزة قطع ( وقم) متهجدًا في بعض الليل ( ونم) في بعضه ( وصم من الشهر ثلاثة أيام) لم يعينها ( فإن الحسنة بعشر أمثالها) تعليل لكونها ثلاثة ( وذلك مثل صيام الدهر) في الثواب.

قال عبد الله: ( فقلت إني أطيق أفضل) أكثر ( من ذلك) أي صوم ثلاثة أيام من كل شهر ( يا رسول الله.
قال)
عليه الصلاة والسلام: ( فصم يومًا وأفطر يومين) بقطع الهمزة ( قال) عبد الله: ( قلت: إني أطيق أفضل) أكثر ( من ذلك.
قال)
عليه الصلاة والسلام: ( فصم يومًا وافطر يومًا وذلك صيام داود وهو عدل الصيام) بفتح العين وسكون الدال المهملة، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: أعدل الصيام، وفي الصيام: وهو أفضل الصيام.
قال عبد الله: ( قلت إني أطيق أفضل) أكثر ( منه يا رسول الله.
قال)
عليه الصلاة والسلام: ( لا أفضل من ذلك) .
أي بالنسبة لك وذلك لما علم من حاله ومنتهى قوّته وإذا ما هو أكثر من ذلك فإنه يضعفه عن الفرائض ويقعد به عن الحقوق والمصالح، والذي عليه المحققون أن صوم داود أفضل من صوم الدهر، وتحقيق ذلك قد سبق في كتاب الصوم وليس كل عمل صالح إذا زاد العبد منه ازداد تقربًا من ربه تعالى، بل رب عمل صالح إذا زاد منه كثرة ازداد بُعدًا كالصلاة في الأوقات المكروهة.




[ قــ :363 ... غــ : 3419 ]
- حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَلَمْ أُنَبَّأْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ.
فَقَالَ: فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتِ الْعَيْنُ، وَنَفِهَتِ النَّفْسُ، صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ، أَوْ كَصَوْمِ الدَّهْرِ.
قُلْتُ: إِنِّي أَجِدُ بِي -قَالَ مِسْعَرٌ: يَعْنِي قُوَّةً- قَالَ: فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -، وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلاَ يَفِرُّ إِذَا لاَقَى».

وبه قال: ( حدّثنا خلاد بن يحيى) بن صفوان السلمي المقري الكوفي سكن مكة قال: ( حدّثنا مسعر) بكسر الميم وسكون السين وفتح العين المهملتين ابن كدام بكسر أوله وتخفيف ثانيه الهلالي الكوفي قال: ( حدّثنا حبيب بن أبي ثابت) بفتح الحاء المهملة واسم أبي ثابت قيس الكوفي ( عن أبي العباس) السائب الأعمى الشاعر ( عن عبد الله بن عمرو بن العاص) أنه ( قال: قال لي رسول الله) ولأبي ذر: النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ألم أنبأ) بضم الهمزة وفتح النون وتشديد الموحدة ( أنك تقوم الليل) كله ( وتصوم النهار) ثبت لفظ النهار لأبي ذر عن الكشميهني ( فقلت: نعم) .
سقط لفظ نعم لأبي ذر ( فقال) عليه
الصلاة والسلام: ( فإنك إذا فعلت ذلك هجمت العين) بفتح الهاء والجيم والميم أي غارت وضعف بصرها ( ونفهت النفس) بفتح النون وكسر الفاء تعبت وكلّت ( صم من كل شهر ثلاثة أيام) ثالث عشره وتالييه ( فذلك صوم الدهر) لأن الحسنة بعشر أمثالها ( أو كصوم الدهر) شك الراوي.
قال عبد الله ( قلت: إني أجد بي.
قال مسعر يعني قوة)
على ذلك ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: أجدني بالنون بدل الموحدة ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( فصم صوم داود عليه السلام كان يصوم يومًا ويفطر يومًا) وهو أفضل لما فيه من زيادة المشقّة، وأفضل العبادات أشقها بخلاف صوم الدهر فإن الطبيعة تعتاده فيسهل عليها.
وفي اليونينية: وكان يصوم بإثبات الواو وأسقطها في الفرع ( ولا يفر إذا لاقى) العدوّ لأنه يستعين بيوم فطره على صومه فلا يضعفه ذلك عن لقاء عدوّه.