فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب حديث الغار


[ قــ :3316 ... غــ : 3475 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها- «أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟ ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ.
وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) البلخي وسقط ابن سعيد لأبي ذر قال: ( حدّثنا الليث) هو ابن سعد الإمام ( عن ابن شهاب) محمد ( عن عروة) بن الزبير ( عن عائشة -رضي الله عنها- أن قريشًا أهمهم) أحزنهم ( شأن المرأة المخزومية) وهي فاطمة بنت الأسود ( التي سرقت) حليًا في غزوة الفتح ( فقال) بالإفراد ( ومن) بالواو ولأبي ذر عن الكشميهني فقالوا بالجمع أي قريش من بحذف الواو وله عن الحموي والمستملي فقال بالإفراد من بغير واو ( يكلم فيها) في المخزومية ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالوا) : وعند ابن أبي شيبة أن القائل مسعود بن الأسود ( ومن يجترئ) أي يتجاسر ( عليه) بطريق الإدلال والعطف على محذوف تقديره ولا يجترئ عليه منا أحد لمهابته وأنه لا تأخذه في دين الله رأفة وما يجترئ عليه ( إلا أسامة بن زيد حبّ) بكسر الحاء وتشديد الموحدة أي محبوب ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكلمه أسامة) في ذلك ( فقال) له ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( أتشفع في حد من حدود الله) عز وجل استفهام إنكاري ( ثم قام) عليه السلام ( فاختطب ثم قال: وإنما أهلك الذين قبلكم) هم بنو إسرائيل ( أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله) بوصل الهمزة وقد تقطع اسم موضوع للقسم ( لو أن فاطمة ابنة محمد) ولأبي ذر بنت محمد ( سرقت لقطعت يدها) إنما ضرب المثل بفاطمة -رضي الله عنها- لأنها كانت أعز أهله ثم إنها كانت سميتها.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في فضل أسامة وفي الحدود ومسلم وأبو داود وابن ماجه والنسائي في الحدود.




[ قــ :3317 ... غــ : 3476 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّزَّالَ بْنَ سَبْرَةَ الْهِلاَلِيَّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: «سَمِعْتُ رَجُلاً قَرَأَ آيَةً وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ خِلاَفَهَا، فَجِئْتُ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرْتُهُ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ.

     وَقَالَ : كِلاَكُمَا مُحْسِنٌ، وَلاَ تَخْتَلِفُوا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا».

وبه قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: ( حدّثنا عبد الملك بن ميسرة) ضد الميمنة الهلالي الكوفي ( قال: سمعت النزال بن سبرة) بفتح النون والزاي المشددة وبعد الألف لام وسبرة بفتح المهملة وتسكين الموحدة ( الهلالي عن ابن مسعود) عبد الله ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: سمعت رجلاً قرأ) يحتمل أن يكون هذا الرجل عمرو بن العاصي لحديث عند أحمد يستأنس به في ذلك ( وسمعت النبي) ولأبي ذر عن الكشميهني قرأ آية وسمعت النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ خلافها فجئت به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبرته فعرفت في وجهه الكراهية) للجدال الواقع بينهما ( وقال) :
( كلاكما محسن) في القراءة والسماع ( فلا) بالفاء في الفرع والذي في أصله لا ( تختلفوا) اختلافًا يؤدي إلى الكفر أو البدعة كالاختلاف في نفس القرآن وفيما جازت قراءته بوجهين وفيما يوقع في الفتنة أو الشبهة ( فإن من كان قبلكم) وهم بنو إسرائيل ( اختلفوا فهلكلوا) نعم إذا كان الاختلاف في الفروع ومناظرات العلماء لإظهار الحق فهو مأمور به.

وسبق هذا الحديث في الأشخاص.




[ قــ :3318 ... غــ : 3477 ]
- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي شَقِيقٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، وَهْوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ».
[الحديث 3477 - طرفه في: 699] .

وبه قال: ( حدّثنا عمر بن حفص) قال: ( حدّثنا أبي) حفص بن غياث النخعي الكوفي قاضيها قال: ( حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران ( قال: حدثني) بالإفراد ( شقيق) هو أبو وائل بن سلمة ( قال عبد الله) بن مسعود: ( كأني أنظر إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحكي نبيًّا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه) قيل هو نوح فعند ابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير الليثي أنه بلغه أن قوم نوح كانوا يبطشون به فيخنقونه حتى يغشى عليه ( ويقول) إذا أفاق:
( اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) .
فإن صح أن المراد نوح فلعل هذا كان في ابتداء الأمر ثم لما يئس منهم قال: { ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديارًا} [نوح: 6] وقد جرى لنبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مثل ذلك يوم أُحد.
رواه ابن حبان في صحيحه من حديث سهل بن سعد، والظاهر أن النبي المبهم هنا من أنبياء بني إسرائيل وإلاّ فلا مطابقة بين الحديث وبين ما ترجم به
فإن نوحًا قبل بني إسرائيل بمدة مديدة، وثبت لفظ اللهم للكشميهني في اليونينية وكذا في فرعها.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في استتابة المرتدّين وأخرجه مسلم في المغازي وابن ماجه في الفتن.




[ قــ :3319 ... غــ : 3478 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَنَّ رَجُلاً كَانَ قَبْلَكُمْ رَغَسَهُ اللَّهُ مَالاً، فَقَالَ لِبَنِيهِ لَمَّا حُضِرَ: أَىَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرَ أَبٍ.
قَالَ: فَإِنِّي لَمْ أَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فَإِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي، ثُمَّ اسْحَقُونِي ثُمَّ ذَرُّونِي فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ.
فَفَعَلُوا.
فَجَمَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ؟ قَالَ: مَخَافَتُكَ.
فَتَلَقَّاهُ بِرَحْمَتِهِ».
.

     وَقَالَ  مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: "سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الْغَافِرِ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
[الحديث 3478 - طرفاه في: 6481، 7508] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك قال: ( حدّثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري ( عن قتادة) بن دعامة ( عن عقبة بن عبد الغافر) أبي نهار الأزدي الكوفي ( عن أبي سعيد) الخدري ( -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( أن رجلاً) لم يسم ( كان قبلكم) في بني إسرائيل ( رغسه الله) بفتح الراء والغين المعجمة المخففة والسين المهملة أعطاه الله ( مالاً) ووسع له فيه ( فقال لبنيه لما حضر) : بضم الحاء المهملة وكسر المعجمة بضم الحاء المهملة وكسر المعجمة أي لما حضره الموت ( أيّ أب كنت لكم؟ قالوا) كنت لنا ( خير أب.
قال: فإني لم أعمل خيرًا قط فإذا متّ فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني)
بفتح الذال المعجمة وتشديد الراء، ولأبي ذر عن الكشميهني: ثم اذروني بألف وصل وسكون المعجمة.

وقال في الفتح: أذروني بزيادة همزة مفتوحة أي طيروني ( في يوم عاصف) ريحه ( ففعلوا) ما أمرهم به ( فجمعه الله عز وجل) في حديث سلمان الفارسي فقال الله له: كن فكان في أسرع من طرفة العين رواه أبو عوانة في صحيحه ( فقال) له ( ما حملك) زاد في الرواية الآتية على ما صنعت ( قال) ولأبي الوقت فقال: ( مخافتك) حملتني على ذلك ( فتلقاه برحمته) بالقاف وتعديته بالباء ولأبي ذر عن الكشميهني فتلافاه بألف بعد اللام وفاء بدل القاف رحمته بالنصب على المفعولية.

( وقال معاذ) العنبري فيما وصله مسلم ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن قتادة) بن دعامة أنه ( قال: سمعت) ولأبي ذر: سمع ( عقبة بن عبد الغافر) الأزدي يقول ( سمعت أبا سعيد الخدري عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .
فأفاد في هذه الطريق أن قتادة سمع من عقبة.




[ قــ :330 ... غــ : 3479 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ: قَالَ عُقْبَةُ لِحُذَيْفَةَ: أَلاَ تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ رَجُلاً حَضَرَهُ
الْمَوْتُ لَمَّا أَيِسَ مِنَ الْحَيَاةِ أَوْصَى أَهْلَهُ: إِذَا مُتُّ فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا كَثِيرًا، ثُمَّ أَوْرُوا نَارًا، حَتَّى إِذَا أَكَلَتْ لَحْمِي وَخَلَصَتْ إِلَى عَظْمِي فَخُذُوهَا فَاطْحَنُوهَا فَذَرُّونِي فِي الْيَمِّ فِي يَوْمٍ حَارٍّ -أَوْ رَاحٍ- فَجَمَعَهُ اللَّهُ فَقَالَ: لِمَ فَعَلْتَ؟ قَالَ: خَشْيَتَكَ.
فَغَفَرَ لَهُ».
قَالَ عُقْبَةُ: وَأَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ:
حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ.

     وَقَالَ : «فِي يَوْمٍ رَاحٍ».

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا أبو عوانة) الوضاح ( عن عبد الملك بن عمير) بضم العين مصغرًا اللخمي يقال له الفرسي بفتح الفاء والراء نسبة إلى فرس له سابق ( عن ربعي بن حراش) بكسر الراء وسكون الموحدة وبكسر العين المهملة وحراش بكسر الحاء المهملة بعدها راء فألف فمعجمة أنه ( قال: قال عقبة) هو ابن عمرو وأبو مسعود الأنصاري البدري وليس هو عقبة بن عبد الغافر السابق ( لحذيفة) بن اليمان ( ألا) بالتخفيف ( تحدّثنا ما سمعت من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قال) حذيفة لعقبة: ( سمعته) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( يقول) :
( إن رجلاً) أي من بني إسرائيل كان نباشًا للقبور يسرق الأكفان ( حضره الموت لما) بتشديد الميم ( أيس) بهمزة مفتوحة فتحتية مكسورة ولأبي ذر عن الكشميهني يئس بتحتية مفتوحة فهمزة مكسورة ( من الحياة أوصى أهله) ولأبي ذر في اليونينية لا في الفرع إلى أهله ( إذا مت) ولأبي ذر إذا مات ( فاجمعوا) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فاجعلوا ( لي حطبًا كثيرًا ثم أوروا) بفتح الهمزة وسكون الواو أي اقدحوا وأشعلوا ( نارًا) واطرحوني فيها ( حتى إذا أكلت لحمي وخلصت) أي وصلت ( إلى عظمي) فأحرقته ( فخذوها) أي عظامه المحرقة ( فأطحنوها فذروني) بفتح المعجمة وتشديد الراء في الفرع كأصله وغيرهما وضبطه في الفتح بضم المعجمة أي فرقوني ( في اليم) في البحر ( في يوم) بالتنوين ( حار) كذا بالحاء المهملة والراء المشددة في الفرع وقيده في الفتح بتخفيفها أي شديد الحر ( أو) قال: ( راح) براء فألف فمهملة كثير الريح والشك من الراوي، وللمستملي والحموي: في يوم حاز راح بالحاء المهملة والزاي المخففة في الأولى، وقال العيني بتشديدها أي يحز حره أو برده ( فجمعه الله) عز وجل ( فقال) له: ( لم فعلت) ؟ هذا ( قال: خشيتك) قال الحافظ شرف الدين اليونيني، قال شيخنا جمال الدين يعني ابن مالك: خشيتك بفتح التاء وكسرها والفتح أعلى اهـ.
ووجه الكرماني النصب على نزع الخافض أي لخشيتك ووجه الزركشي الثاني على تقدير من، وقال البرماوي كالكرماني: خشيتك خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ حذف خبره وللكشميهني من خشيتك ( فغفر له.
قال عقبة)
بن عمرو الأنصاري ( وأنا سمعته) أي سمعت حذيفة ( يقول) ما قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
وبه قال: ( حدّثنا موسى) بن إسماعيل التبوذكي ولأبي ذر عن الكشميهني: حدّثنا مسدد بدل موسى، وصوّب الحافظ أبو ذر أنه موسى موافقة للأكثر وبذلك جزم أبو نعيم في مستخرجه وهو الظاهر لأن المؤلّف ساق الحديث عن مسدد ثم بين أن موسى خالفه في لفظة منه قال:
( حدّثنا أبو عوانة) الوضاح قال: ( حدّثنا عبد الملك) بن عمير ( وقال: في يوم راح) .
بدل قوله في رواية مسدد السابقة في يوم حار.
وقوله: حدّثنا موسى الخ ثابت في رواية الحموي.




[ قــ :331 ... غــ : 3480 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، لَعَلَّ اللَّهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا.
قَالَ: فَلَقِيَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي العامري المدني قال: ( حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين القرشي ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن عبيد الله) بضم العين ( ابن عبد الله بن عتبة) بن مسعود ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( كان الرجل) كذا بالألف واللام في الفرع كأصله لكن ضبب عليهما بل شطب عليهما بالحمرة ( يداين الناس فكان يقول لفتاه) أي لصاحبه الذي يقضي حوائجه ( إذا أتيت معسرًا فتجاوز عنه) بالفاء وفتح الواو ولأبي ذر تجاوز بحذف الفاء.
وعند النسائي فيقول لرسوله خذ ما تيسر واترك ما عسر وتجاوز ( لعل الله) عز وجل ( أن يتجاوز عنا قال: فلقي الله فتجاوز عنه) .
وعند مسلم من طريق ربعي عن حذيفة فقال الله تعالى: أنا أحق بذلك منك تجاوزوا من عبدي.

وسبق الحديث قريبًا.




[ قــ :33 ... غــ : 3481 ]
- حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ يُسْرِفُ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي، ثُمَّ اطْحَنُونِي، ثُمَّ ذَرُّونِي فِي الرِّيحِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَىَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا.
فَلَمَّا مَاتَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ، فَأَمَرَ اللَّهُ الأَرْضَ فَقَالَ: اجْمَعِي مَا فِيكِ مِنْهُ، فَفَعَلَتْ , فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ خَشْيَتُكَ حملتني.
فَغَفَرَ لَهُ».
.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ: «مَخَافَتُكَ يَا رَبِّ».
[الحديث 3481 - طرفه في: 7506] .

وبه قال ( حدثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا ( عبد الله بن محمد) المسندي قال: ( حدّثنا هشام) هو ابن يوسف الصنعاني قاضيها قال: ( أخبرنا معمر) هو ابن راشد ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن حميد بن عبد الرَّحمن عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( كان رجل) من بني إسرائيل ( يسرف على نفسه) يبالغ في المعاصي ( فلما حضره الموت قال لبنيه: إذا أنا متّ فأحرقوني) بهمزة قطع ( ثم اطحنوني) بهمزة وصل ( ثم ذرّوني) بفتح المعجمة وتشديد الراء.
وقال العيني بتخفيفها أي اتركوني ( في الريح) تفرّق أجزائي بهبوبها ( فوالله لئن قدر
عليّ ربي)
بتخفيف الدال ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: لئن قدر الله عليّ ضيق الله عليّ كقوله تعالى { ومن قدر عليه رزقه} [الطلاق: 7] أي ضيق عليه وليس شكًّا في القدرة على إحيائه وإعادته ولا إنكار البعثة كيف وقد أظهر إيمانه باعترافه بأنه فعل ذلك من خشية الله تعالى، ولا يقال إن جحد بعض الصفات لا يكون كفرًا لأن الاتفاق على جحد صفة القدرة كفر بلا ريب، وأحسن الأقوال قول النووي: إنه قال ذلك في حال دهشته وغلبة الخوف عليه بحيث ذهب تدبره فيما يقوله فصار كالغافل والناسي الذي لا يؤاخذ بما صدر منه ولم يقله قاصدًا الحقيقة معناه ( ليعذبني عذابًا ما عذبه أحدًا) بفتح الموحدة من ليعذبني وفي اليونينية بجزمها وكذا في الفرع لكنه مصلح على كشط وفي رواية فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبه عذابًا لا يعذبه أحدًا من العالمين ( فلما مات فعل به) بضم الفاء وكسر العين ( ذلك) الذي أوصى به ( فأمر الله تعالى) سقط قوله تعالى في اليونينية ( الأرض فقال اجمعي ما فيك منه ففعلت) فيه رد على من قال إن الخطاب السابق من الله تعالى لروح هذا الرجل لأن ذلك لا يناسب قوله: اجمعي ما فيك لأن التحريق والتفريق إنما وقع على الجسد وهو الذي يجمع ويعاد عند البعث وحينئذٍ فيكون ذلك كله إخبارًا عما سيقع لهذا الرجل يوم القيامة، وفي رواية قال رجل لم يعمل حسنة قط لأهله إذا متّ فحرقوه ثم ذرّ ونصفه وفي البرّ ونصفه في البحر الحديث وفيه فأمر الله تعالى البرّ فجمع ما فيه وأمر البحر فجمع ما فيه.

( فإذا هو قائم) بين يديه تعالى ( فقال) له: ( ما حملك على ما صنعت قال: يا رب خشيتك حملتني) على ذلك وسقط قوله خشيتك لأبي ذر وفي نسخة خشيتك بكسر الشين وسكون التحتية أي خشيتك فصنعت ذلك ( فغفر له وقال غيره) أي غير أبي هريرة ( مخافتك) بدل قوله خشيتك ( يا رب) وهذا أخرجه أحمد عن عبد الرزاق، ولأبي ذر خشيتك بدل قوله مخافتك لأن خشية الأولى ساقطة عنده كما مرّ.




[ قــ :333 ... غــ : 348 ]
- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، لاَ هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلاَ سَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا وَلاَ هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ».

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( عبد الله بن محمد بن أسماء) بن عبيد بن مخراق البصري قال: ( حدّثنا) عمي ( جويرة بن أسماء) بالجيم المضمومة تصغير جارية ابن عبيد بن مخراق ( عن نافع) مولى ابن عمر ( عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( عذبت امرأة) من بني إسرائيل لم تسم ( في) شأن ( هرّة) بكسر الهاء وتشديد الراء وآخره هاء ( سجنتها) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ربطتها ( حتى ماتت فدخلت) أي المرأة ( فيها) أي بسببها ( النار لا هي أطعمتها ولا سقتها إذ حبستها) وهذه ساقطة من الفرع ثابتة في اليونينية ( ولا
هي تركتها تأكل من خشاش الأرض)
بالخاء المعجمة والشينين المعجمتين بينهما ألف أي حشراتها وهوامها.
قال الطيبي: وذكر الأرض هنا كذكرها في قوله تعالى: { وما من دابة في الأرض} [الأنعام: 38] للإحاطة والشمول.

وقال الدميري: كانت هذه المرأة كافرة كما رواه البزار في مسنده وأبو نعيم في تاريخ أصبهان والبيهقي في البعث والنشور عن عائشة فاستحقت التعذيب بكفرها وظلمها.

وقال عياض في شرح مسلم: يحتمل أن تكون كافرة وأبقى النووي هذا الاحتمال وكأنهما لم يطلعا على نقل في ذلك.

وفي مسند أبي داود الطيالسي من حديث الشعبي عن علقمة قال: كنا عند عائشة ومعنا أبو هريرة فقالت: يا أبا هريرة أنت الذي تحدث عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن امرأة عذبت بالنار من أجل هرة؟ قال أبو هريرة نعم سمعته منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فقالت عائشة: المؤمن أكرم على الله من أن يعذبه من أجل هرة إنما كانت المرأة مع ذلك كافرة.
يا أبا هريرة إذا حدثت عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فانظر كيف تحدّث.
نعم في كامل ابن عديّ عنها أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان تمرّ به الهرة فيصغي لها الإناء فتشرب منه، وفي تاريخ ابن عساكر أن الشبلي رئي في المنام فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: أوقفني بين يديه ثم قال لي: يا أبا بكر أتدري بم غفرت لك؟ فقلت: بصالح عملي؟ فقال: لا.
فقلت: إلهي بماذا؟ فقال: بتلك الهرة التي وجدتها في دروب بغداد وقد أضعفها البرد فأدخلتها في فرو كان عليك وقاية لها من أليم البرد فبرحمتك لها رحمتك.

وهذا الحديث سبق في بدء الخلق وفي الصلاة في باب ما يقرأ بعد التكبير وأخرجه مسلم في الحيوان والأدب.




[ قــ :335 ... غــ : 3483 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ عَنْ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ: إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ».
[الحديث 3483 - طرفاه في: 3484، 610] .

وبه قال: ( حدثنا أحمد بن يونس) اليربوعي الكوفي نسبه لجده واسم أبيه عبد الله ( عن زهير) هو ابن معاوية الكوفي أنه قال: ( حدّثنا منصور) هو ابن المعتمر الكوفي ( عن ربعي بن حراش) بكسر الراء وسكون الموحدة في الأوّل وكسر الحاء المهملة وبعد الراء ألف فمعجمة في الثاني أنه قال ( حدّثنا أبو مسعود عقبة) بن عمرو البدري ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إن مما أدرك الناس) بالرفع.
قال ابن حجر: في جميع الطرق أي مما أدركه الناس ويجوز النصب أي مما بلغ الناس ( من كلام النبوة) مما اتفقوا عليه ولم ينسخ فيما نسخ من شرائعهم ولم يبدل فيما بدل منها لأنه أمر قد علم صوابه وظهر فضله واتفقت العقول على حسنه، وزاد أحمد وأبو داود وغيرهما الأولى أي التي قبل نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إشارة إلى اتفاق كلمة الأنبياء من أوّلهم إلى آخرهم
على استحسانه ( إذا لم تستح) بكسر الحاء في الفرع وأصله اسم إن وخبرها من في مما على تأويل أن هذا القول حاصل مما أدرك الناس، ويجوز أن يكون فاعل أدرك ضميرًا عائدًا على ما والناس مفعوله وعليه كلام القاضي أي مما بلغ الناس من كلام الأنبياء المتقدمين أن الحياء هو المانع من اقتراف القبائح والاشتغال بمنهيات الشرع ومستهجنات الفعل وقوله إذا لم تستح الجملة الشرطية اسم إن على الحكاية قاله الطيبي ( فافعل ما شئت) أمر بمعنى الخبر أو أمر تهديد أي اصنع ما شئت فإن الله يجزيك أو معناه انظر ما تريد أن تفعله فإن كان مما لا يستحي منه فافعله، وإن كان مما يستحي منه فدعه أو أنك إذا لم تستح من الله بأن ذلك الشيء مما يجب أن لا يستحي منه بحسب الدين فافعل ولا تبال بالخلق قاله الكرماني ونقله الطيبي عن شرح السنة.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الأدب وكذا أبو داود وأخرجه ابن ماجه في الزهد.




[ قــ :335 ... غــ : 3484 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: سَمِعْتُ رِبْعِيَّ بْنَ حِرَاشٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ، إِذَا لَمْ تَسْتَحِي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ».

وبه قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن منصور) هو ابن المعتمر أنه ( قال: سمعت ربعي بن حراش يحدث عن أبي مسعود) عقبة بن عمرو البدري أنه ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إن مما أدرك الناس من كلام النبوّة إذا لم تستحي) بسكون الحاء وكسر التحتية وفي الفرع كسر الحاء مخففة وعلامة جزمه حذف الياء التي هي لام الفعل يقال استحى يستحي ( فاصنع ما شئت) .
وهذا الحديث ثابت في الفرع وسابقه مكتوب في الهامش من اليونينية ساقط في كثير من الأصول، وفي إثباته فوائد التصريح بسماع منصور من ربعي وكونه من طريق آدم عن شعبة عن منصور وفيه فاصنع بدل قوله فافعل.