فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما جاء في أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم "

باب مَا جَاءَ فِي أَسْمَاءِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} [الفتح: 29] وَقَوْلِهِ: { مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6]
( باب ما جاء في أسماء رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) جمع اسم وهو اللفظ الموضوع على الذات لتعريفها أو تخصيصها من غيرها كلفظ زيد والمسمى بفتح الميم هو الذات المقصود تمييزها بالاسم كشخص زيد والمسمى هو الواضع لذلك اللفظ والتسمية هي اختصاص ذلك اللفظ بتلك الذات.

( وقول الله عز وجل) : ولغير أبي الوقت وقوله تعالى بالجر عطفًا على سابقه: { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم} [الأحزاب: 40] .
هذه الآية ثبتت هنا في رواية أبي الوقت.
( وقوله عز وجل: { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار} ) [الفتح: 29] .
( وقوله) جل وعلا ( { من بعدي اسمه أحمد} ) [الصف: 6] في آي أُخر في التنزيل تكرر ذكره فيها باسمه محمد، وأما أحمد فذكر فيه حكاية عن قول عيسى عليه الصلاة والسلام إذ هما أشهر أسمائه الشريفة صلوات الله وسلامه عليه.


[ قــ :3371 ... غــ : 3532 ]
- حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْنٌ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ:
أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا الْعَاقِبُ».
[الحديث 3532 - طرفه في: 4896] .

وبه قال: ( حدّثنا) بالجمع، ولأبي ذر: حدّثني ( إبراهيم بن المنذر) الخزامي المدني ( قال: حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( معن) بالميم المفتوحة فعين مهملة ساكنة فنون ابن عيسى القزاز ( عن مالك) الإمام ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم ( عن محمد بن جبير بن مطعم) بضم الميم وكسر العين ( عن أبيه) جبير ( -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لي خمسة أسماء) فإن قيل: إن المقرر في علم المعاني أن تقديم الجار والمجرور يفيد الحصر، وقد وردت الروايات بأكثر من ذلك حتى قال ابن العربي: إن له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ألف اسم، أجيب: بأنه لم يرد الحصر فيها فالظاهر أنه أراد أن لي خمسة أسماء أختص بها أو خمسة أسماء مشهورة عند الأمم السابقة.
( أنا محمد) اسم مفعول منقول من الصفة على سبيل التفاؤل أنه سيكثر حمده إذ المحمد في اللغة هو الذي يحمد حمدًا بعد حمد ولا يأكلون مفعل مثل ممدح إلا لمن تكرر منه الفعل مرة بعد أخرى ( وأحمد) منقول من الصفة التي معناها التفضيل؛ ومعناه أنه أحمد الحامدين لربه وهي صيغة تنبئ عن الانتهاء إلى غاية ليس وراءها منتهى.
والاسمان اشتقا من أخلاقه المحمودة التي لأجلها استحق أن يسمى بهما.
قال الأعشى يمدح بعضهم:
إلى الماجد الفرع الجواد المحمد
أي الذي تكاملت فيه الخصال المحمودة أو هو من اسمه تعالى المحمود كما قال حسان:
وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد
وهل سمي بأحمد قبل محمد أو بمحمد قبل؟ قال عياض: بالأولى لأن أحمد وقع في الكتب السابقة، ومحمد في القرآن، وذلك أنه حمد ربه قبل أن يحمده الناس، إليه ذهب السهيلي وغيره، وقال بالثاني ابن القيم، ولأبي ذر عن الكشميهني: وأنا أحمد ( وأنا الماحي) بالحاء المهملة أي ( الذي يمحو الله بي الكفر) أي يزيله لأنه بعث والدنيا مظلمة بغياهب الكفر فأتى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالنور الساطع حتى محاه.

وقيل: ولما كانت البحار هي الماحية للأدران كان اسمه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيها الماحي.

( وأنا الحاشر الذي يحشر الناس) يوم القيامة ( على قدمي) بكسر الميم أي على أثري لأنه أول من تنشق عنه الأرض، وفي رواية نافع بن جبير: وأنا حاشر بعثت مع الساعة ( وأنا العاقب) لأنه جاء عقب الأنبياء فليس بعده نبي.

وفي الباب عن نافع بن جبير، وأبي موسى الأشعري، وحذيفة، وابن عباس، وأبي الطفيل وفيها زيادات على حديث الباب، ففي رواية نافع بن جير أنها ستة فذكر الخمسة التي في حديث
الباب، وزاد الخاتم.
رواه ابن سعد، وفي حديث حذيفة: أحمد ومحمد والحاشر والمقفى ونبي الرحمة.
رواه الترمذي وابن سعد، وقد جمعت فإن أسمائه في كتابي المواهب اللدنية بالمنح المحمدية أكثر من أربعمانة مرتبة على حروف المعجم.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في التفسير، ومسلم في فضائل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.




[ قــ :337 ... غــ : 3533 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَلاَ تَعْجَبُونَ كَيْفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ؟ يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا، وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا، وَأَنَا مُحَمَّدٌ».

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ألا) بالتخفيف للتنبيه ( تعجبون كيف يصرف الله عني شتم) كفار ( قريش ولعنهم) بسكون العين ( يشتمون) بكسر المثناة الفوقية ( مذمّما) بفتح الميم الأولى المشددة كالآتية ( ويلعنون مذمّما) يريد بذلك تعريضهم إياه بمذمم مكان محمد وكانت العوراء زوجة أبي لهب تقول:
مذمم قلينا ... ودينه أبينا ... وأمره عصينا
( وأنا محمد) كثير الخصال الحميدة التي لا غاية لها، فمذمم ليس باسمه ولا يعرف به، فكان الذي يقع منهم مصروفًا إلى غيره.