فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب علامات النبوة في الإسلام


[ قــ :3427 ... غــ : 3591 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: قَالَ إِسْمَاعِيلُ أَخْبَرَنِي قَيْسٌ قَالَ: «أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- فَقَالَ: صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاَثَ سِنِينَ لَمْ أَكُنْ فِي سِنِيَّ أَحْرَصَ عَلَى أَنْ أَعِيَ الْحَدِيثَ مِنِّي فِيهِنَّ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ -وَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ-: بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ، وَهُوَ هَذَا الْبَارِزُ.
.

     وَقَالَ  سُفْيَانُ مَرَّةً: وَهُمْ أَهْلُ الْبَازَرِ».

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( قال: قال إسماعيل) بن أبي خالد ( أخبرني قيس) هو ابن أبي حازم ( قال: أتينا أبا هريرة -رضي الله عنه- فقال: صحبت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثلاث سنين) أي المدة التي لازمه فيها الملازمة الشديدة وإلاّ فمدة صحبته كانت أكثر من ثلاث سنين، فخرج أحمد وغيره عن حميد بن عبد الرحمن الحميري قال: صحبت رجلاً صحب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أربع سنين كما صحبه أبو هريرة: الحديث.
وقد كان أبو هريرة قدم في خيبر سنة سبع وكانت خيبر في صفر وتوفي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ربيع الأول سنة إحدى عشرة، فعلى هذا تكون المدة أربع سنين وزيادة ( لم أكن في سنيّ) بكسر السين المهملة والنون وتشديد التحتية وهي مفتوحة في اليونينية وفرعها والناصرية وغيرها على الإضافة إلى ياء المتكلم أي في مدة عمري، وللكشميهني مما لم يذكره في اليونينية وفرعها في شيء بمعجمة مفتوحة بعدها همزة واحد الأشياء ( أحرص على أن أعي الحديث) أحفظه ( مني فيهن) في الثلاث السنين والمفضل عليه والمفضل كلاهما أبو هريرة فهو مفضل باعتبار ثلاث السنين ومفضل عليه باعتبار باقي سني عمره، و ( سمعته يقول: وقال هكذا بيده) .

( بين يدي الساعة) أي قبلها ( تقاتلون قومًا نعالهم الشعر وهو هذا البارز) بتقديم الراء المفتوحة وتكسر على الزاي المعجمة يعني البارزين لقتال أهل الإسلام أي الظاهرين في براز من الأرض، قيل: هم أهل فارس أو الأكراد الذين يسكون في البارز أي الصحراء أو الديالمة.

( وقال سفيان) بن عيينة ( مرة وهم) أي الذين يقاتلون ( أهل البازر) بتقديم الزاي المفتوحة وتكسر على الراء المهملة والمعروف الأول، وبه جزم الأصيلي وابن السكن.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الفتن.




[ قــ :348 ... غــ : 359 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ، وَتُقَاتِلُونَ قَوْمًا كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ».

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي بالشين المعجمة والحاء المهملة المكسورتين قال: ( حدّثنا جرير بن حازم) بالحاء المهملة والزاي ابن زيد الأزدي البصري قال ( سمعت الحسن) البصري ( يقول: حدّثنا عمرو بن تغلب) بفتح العين المهملة وسكون الميم وتغلب بفتح الفوقية وسكون الغين المعجمة وكسر اللام بعدها موحدة -رضي الله عنه- ( قال: سمعت
رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول)
:
( بين يدي الساعة) قبلها ( تقاتلون قومًا ينتعلون الشعر وتقاتلون قومًا كان وجوههم المجان المطرقة) بفتح الراء اسم مفعول.
قال الحافظ ابن حجر: وقد ظهر مصداق هذا الخبر وقد كان مشهورًا في زمن الصحابة حديث: اتركوا الترك ما تركوكم، فروى الطبراني من حديث معاوية قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول.

وروى أبو يعلى من وجه آخر عن معاوية بن خديج قال: كنت عند معاوية فأتاه كتاب عامله أنه وقع بالترك وهزمهم فغضب معاوية من ذلك ثم كتب إليه لا تقاتلهم حتى يأتيك أمري فإني سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: إن الترك تجلي العرب حتى تلحقهم بمنابت الشيخ.
قال: فأنا أكره قتالهم لذلك، وقاتل المسلمون الترك في خلافة بني أمية وكان ما بينهم وبين المسلمين مسدودًا إلى أن فتح ذلك شيئًا بعد شيء وكثر السبي منهم وتنافس فيهم الملوك لما فيهم من الشدّة والبأس حتى كان أكثر عسكر المعتصم منهم، ثم غلب الأتراك على الملك فقتلوا ابنه المتوكل ثم أولاده واحدًا بعد واحد إلى أن خالط المملكة الديلم، ثم كان الملوك السامانية من الترك أيضًا فملكوا بلاد العجم، ثم غلب على تلك الممالك سبكتكين ثم آل سلجوق وامتدت مملكتهم إلى العراق والشام والروم، ثم كان بقايا أتباعهم بالشام وهم آل زنكي وأتباع هؤلاء وهم بيت أيوب، واستكثر هؤلاء أيضًا من الترك فغلبوهم على المملكة بالديار المصرية والشامية والحجازية، وخرج على آل سلجوق في المائة الخامسة الغز فخربوا البلاد وفتكوا في العباد، ثم جاءت الطامة الكبرى المعروفة بالتتر فكان خروج جنكز خان بعد الستمائة فاستعرت بهم الدنيا نارًا خصوصًا المشرق بأسره حتى لم يبق بلد منه حتى دخله شرهم، ثم كان خراب بغداد وقتل الخليفة المعتصم آخر خلفائهم على أيديهم في سنة ست وخمسين وستمائة، ثم لم تزل بقاياهم يخرجون إلى أن كان اللنك ومعناه الأعرج واسمه تمر بفتح المثناة الفوقية وضم الميم فطرق الديار الشامية وعاث فيها وخرب دمشق حتى صارت خاوية على عروشها ودخل الروم والهند وما بين ذلك وطالت مدته إلى أن أخذه الله وتفرق بنوه البلاد وظهر بذلك مصداق قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.




[ قــ :349 ... غــ : 3593 ]
- حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: تُقَاتِلُكُمُ الْيَهُودُ، فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ، حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ: يَا مُسْلِمُ، هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ».

وبه قال: ( حدّثنا الحكم بن نافع) أبو اليمان قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( سالم بن عبد الله أن) أباه ( عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( تقاتلكم اليهود) الخطاب للحاضرين والمراد من يأتي بعدهم بدهر طويل لأن هذا إنما يكون
إذا نزل عيسى عليه السلام فإن المسلمين يكونون معه واليهود مع الدجال ( فتسلطون عليهم) بفتح اللام المشددة ( حتى يقول الحجر) : ولغير أبي ذر ثم يقول الحجر حقيقة ( يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله) ففيه ظهور الآيات قرب الساعة من كلام الجماد، ويحتمل المجاز بأن يكون المراد أنهم لا يفيدهم الاختباء والأول أولى.

وفي حديث أبي أمامة في قصة خروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام ووراءه الدجال ومعه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلّى وساج فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء وينطلق هاربًا فيقول عيسى عليه السلام: إن لي فيك ضربة لن تسبقني بها فيدركه عيسى عليه السلام عند باب لدّ الشرقي فيقتله وتنهزم اليهود فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء، لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة فقال: يا عبد الله المسلم هذا يهودي فتعال فاقتله إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق.
رواه ابن ماجه مطولاً وأصله عند أبي داود ونحوه من حديث سمرة عند أحمد بإسناد حسن، وأخرجه ابن منده في كتاب الإيمان من حديث حذيفة بإسناد صحيح.




[ قــ :3430 ... غــ : 3594 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَغْزُونَ، فَيُقَالُ: فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ الرَّسُولَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ.
فَيُفْتَحُ عَلَيْهِمْ.
ثُمَّ يَغْزُونَ.
فَيُقَالُ لَهُمْ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ مَنْ صَحِبَ الرَّسُولَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ.
فَيُفْتَحُ لَهُمْ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) البلخي قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن عمرو) بفتح العين ابن دينار ( عن جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري -رضي الله عنهما- ( عن أبي سعيد) بكسر العين سعد بن مالك بن سنان الخدري ( رضي الله عنه عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( يأتي على الناس زمان يغزون) أي فئام أي جماعة ( فيقال فيكم) بحذف همزة الاستفهام ولأبي ذر عن الكشميهني لهم فيكم ( من صحب الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فيقولون: نعم فيفتح عليهم ثم يغزون فيقال لهم) : سقط ( لهم) لأبي ذر ( هل فيكم من صحب من صحب الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي تابعي ( فيقولون: نعم، فيفتح لهم) أي عليهم وحذفت لدلالة الأولى.

وقال في الفتح: وفيه ردّ على من زعم وجود الصحبة في الأعصار المتأخرة لأنه يتضمن استمرار الجهاد والبعوث إلى بلاد الكفار وأنهم يسألون هل فيكم أحد من الصحابة؟ فيقولون: لا، وكذلك في التابعين وأتباعهم، وقد وقع ذلك فيما مضى وانقطعت البعوث عن بلاد الكفار في هذه الأعصار، وقد ضبط أهل الحديث آخر من مات من الصحابة وهو على الإطلاق أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي كما جزم به مسلم في صحيحه، وكان موته سنة مائة أو سبع ومائة أو ست عشرة ومائة وهو مطابق لقوله عليه الصلاة والسلام قبل وفاته بشهر على رأس
مائة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليوم أحد.

وهذا الحديث قد سبق في الجهاد في باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب.




[ قــ :3431 ... غــ : 3595 ]
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ أَخْبَرَنَا سَعْدٌ الطَّائِيُّ أَخْبَرَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: «بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إِلَيْهِ الْفَاقَةَ، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَشَكَا قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَالَ: يَا عَدِيُّ، هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ؟ قُلْتُ: لَمْ أَرَهَا، وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا.
قَالَ: فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لاَ تَخَافُ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ -قُلْتُ: فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي فَأَيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ الَّذِينَ قَدْ سَعَّرُوا الْبِلاَدَ؟ - وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى.
قُلْتُ: كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ؟ قَالَ: كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ.
وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ فَلاَ يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهُ مِنْهُ.
وَلَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ، فَيَقُولَنَّ: أَلَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ رَسُولاً فَيُبَلِّغَكَ؟ فَيَقُولُ: بَلَى.
فَيَقُولُ: أَلَمْ أُعْطِكَ مَالاً وَأُفْضِلْ عَلَيْكَ؟ فَيَقُولُ: بَلَى.
فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ جَهَنَّمَ، وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ جَهَنَّمَ.
قَالَ عَدِيٌّ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ شقٌّ تَمْرَةٍ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ.
قَالَ عَدِيٌّ: فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لاَ تَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ، وَكُنْتُ فِيمَنِ افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكُمْ حَيَاةٌ لَتَرَوُنَّ مَا قَالَ النَّبِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ».

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا سَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُجَاهِدٍ حَدَّثَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ سَمِعْتُ عَدِيًّا: «كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( محمد بن الحكم) بفتحتين أبو عبد الله المروزي الأحول قال: ( أخبرنا النضر) بفتح النون وسكون الضاد المعجمة ابن شميل المازني قال: ( أخبرنا إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي قال: ( أخبرنا سعد) بسكون العين أبو مجاهد ( الطائي) قال: ( أخبرنا محل بن خليفة) بضم الميم وكسر الحاء المهملة وتشديد اللام الطائي ( عن عدي بن حاتم) الطائي أنه ( قال: بينا) بغير ميم ( أنا عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ أتاه رجل) لم يسم ( فشكا إليه الفاقة ثم أتاه آخر) أيضًا ( فشكا إليه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وثبت لفظ "إليه" لأبي ذر ( قطع السبيل) أي الطريق من طائفة يترصدون في المكامن لأخذ المال أو لغير ذلك ولم يسم الرجل الآخر، لكن في دلائل النبوة لأبي نعيم ما يرشد إلى أن الرجلين صهيب وسلمان ( فقال) :
( يا عديّ هل رأيت الحيرة؟) بكسر الحاء المهملة وسكون التحتية وفتح الراء كانت بلد ملوك العرب الذين تحت حكم آل فارس، وكان ملكهم يومئذٍ إياس بن قبيصة الطائي وليها من تحت يد كسرى بعد قتل النعمان بن المنذر ( قلت: لم أرها وقد أنبئت) بضم الهمزة مبنيًّا
للمفعول أي أخبرت ( عنها) عن الحيرة ( قال) :
( فإن طالت بك حياة لترين الظعينة) بالظاء المعجمة المرأة في الهودج ( ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدًا إلا الله) قال عدي: ( قلت فيما بيني وبين نفسي) متعجبًا ( فأين دعار طيئ) بالدال والعين المهملتين لا بالذال المعجمة أي كيف تمرّ المرأة على قطاع الطريق من طيئ غير خائفة وهم يقطعون الطريق على من مرّ عليهم بغير جوار ( الذين قد سعروا البلاد) بفتح السين والعين المشددة المهملتين أي ملؤوها شرًّا وفسادًا، وهو مستعار من استعار النار، وهو توقدها والتهابها والموصول صفة سابقه ( ولئن طالت بك حياة لتفتحن) بفتح اللام وضم الفوقية وسكون الفاء وفتح الفوقية والحاء المهملة وتشديد النون مبنيًّا للمفعول، ولأبي ذر: لتفتحن بفتح التاءين ( كنوز كسرى) قال عدي مستفهمًا ( قلت: كسرى) أي كنوز كسرى ( بن هرمز؟ قال) عليه الصلاة والسلام ( كسرى بن هرمز) ملك الفرس وإنما قال عدي ذلك لعظمة كسرى إذ ذاك ( ولئن طالت بك حياة لترين) بفتح اللام والفوقية والراء والتحتية وتشديد النون ( الرجل يخرج) بضم أوله وكسر ثالثه ( ملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحدًا يقبله منه) لعدم الفقراء حينئذٍ قيل وذلك يكون في زمن عيسى عليه السلام.

وجزم البيهقي بأن ذلك في زمن عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- لحديث عمر بن أسيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال: لما ولي عمر بن عبد العزيز ثلاثين شهرًا لا والله ما مات حتى جعل الرجل يأتينا بالمال العظيم فيقول: اجعلوا هذا حيث ترون في الفقراء فما يبرح حتى يرجع بماله نتذاكر من نضعه فيه فلا نجده قد أغنى عمر الناس.
رواه البيهقي وقال فيه تصديق ما روينا في حديث عدي بن حاتم.

( وليلقين الله أحدكم) بفتح اللام والتحتية وسكون اللام وفتح القاف والتحتية ورفع أحدكم على الفاعلية ( يوم يلقاه) في القيامة ( وليس بينه وبينه ترجمان) بفتح الفوقية وضمها وضم الجيم ( يترجم له فيقولن: ألم) ولأبي ذر فليقولن له بزيادة لام بعد الفاء ولفظة له ألم ( أبعث إليك رسولاً فيبلغك) بصيغة المضارع منصوبًا ( فيقول: بلى) يا رب ( فيقول) جل وعلا ( ألم أعطك مالاً؟) زاد الكشميهني وولدًا ( وأفضل) بضم الهمزة وسكون الفاء وكسر الضاد المعجمة من الإفضال أي وألم أفضل ( عليك) منه ( فيقول: بلى) يا رب ( فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم) ( قال عدي: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول اتقوا النار ولو بشقة تمرة) بكسر الشين المعجمة ولأبي ذر عن الكشميهني والحموي: بشق تمرة بحذف تاء التأنيث بعد القاف ( فمن لم يجد شق تمرة) ولأبي ذر عنهما تمرة يتصدق بها ( فبكلمة طيبة) يرده بها ويطيب قلبه.
( قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف الكعبة لا تخاف إلا الله، وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز) قال عدي أيضًا ( ولئن طالت بكم حياة لترون) بالواو ( ما قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبو القاسم يخرج) أي الرجل ( ملء كفه) أي من ذهب أو فضة فلا يجد من يقبله.

وهذا الحديث قد مرّ في كتاب الزكاة في باب الصدقة قبل الرد.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي وثبت ابن محمد لأبي ذر قال: ( حدّثنا أبو عاصم) بن مخلد أحد مشايخ المؤلّف روي عنه هنا بواسطة.
قال: ( أخبرنا سعدان بن بشر) بالموحدة المكسورة والمعجمة الساكنة الجهني الكوفي قال: ( حدّثنا أبو مجاهد) سعد بسكون العين الطائي قال: ( حدّثنا محل بن خليفة) بضم الميم وكسر الحاء المهملة وتشديد اللام الطائي قال: ( سمعت عديًّا) هو ابن حاتم الطائي يقول: ( كنت عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولفظ متن هذا الإسناد سبق في الزكاة وهو: فجاءه رجلان أحدهما يشكو العيلة والآخر يشكو قطع السبيل فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
"أما قطع السبيل فإنه لا يأتي عليك إلاّ قليل حتى تخرج العير إلى مكة بغير خفير، وأما العيلة فإن الساعة لا تقوم حتى يطوف أحدكم بصدقته لا يجد من يقبلها منه، ثم ليقفن أحدكم بين يدي الله عز وجل ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان يترجم له ثم ليقولن له ألم أُوتك مالاً وولدًا فليقولن: بلى، ثم ليقولن ألم أرسل إليك رسولاً؟ فليقولن: بلى فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلا النار، فليتقين أحدكم النار ولو بشق تمرة فإن لم يجد فبكلمة طيبة، هذا لفظه وقد يوهم إطلاق المؤلّف أنه مثل الأول سواء.




[ قــ :343 ... غــ : 3596 ]
- حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: إِنِّي فَرَطُكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ.
إِنِّي وَاللَّهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ، وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ خَزَائِنَ مَفَاتِيحِ الأَرْضِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ بَعْدِي أَنْ تُشْرِكُوا، وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( سعيد بن شرحبيل) بضم الشين المعجمة وفتح الراء وسكون الحاء المهملة بعدها موحدة مكسورة فتحتية ساكنة فلام منصرف في اليونينية مصحح عليه وغير منصرف في الفرع مصحح عليه أيضًا الكندي قال: ( حدّثنا ليث) هو ابن سعد الإمام ( عن يزيد) بن أبي حبيب ( عن أبي الخير) مرثد بن عبد الله ( عن عقبة بن عامر أن النبي) ولأبي ذر عن عقبة عن النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( خرج يومًا فصل على أهل أُحُد) الشهداء ( صلاته على الميت) أي دعا لهم بدعاء صلاة الميت ( ثم انصرف) حتى أتى ( إلى المنبر فقال) : لأصحابه.

( إني فرطكم) بفتح الراء أي أتقدمكم إلى الحوض كالمهيئ لكم ( وأنا شهيد عليكم إني والله لأنظر إلى حوضي الآن) فيه أن الحوض على الحقيقة وأنه مخلوق موجود الآن ( وإني قد أعطيت خزائن مفاتيح) وفي نسخة: مفاتيح خزائن ( الأرض) فيه إشارة إلى ما ملكته أمته مما فتح عليهم من الخزائن ( وإني والله ما أخاف) عليكم ( بعدي أن تشركوا) أي بالله ( ولكن) وفي نسخة: ولكني ( أخاف) عليكم ( أن تنافسوا) بحذف أحدى التاءين تخفيفًا ( فيها) أي في الدنيا.

وقد وقع ما قاله عليه الصلاة والسلام ففتحت على أمته بعده الفتوح الكثيرة وصبت عليهم الدنيا صبًّا وتحاسدوا وتقاتلوا، وقد مرّ هذا الحديث في باب الصلاة على الشهيد من كتاب الجنائز.




[ قــ :3433 ... غــ : 3597 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: «أَشْرَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أُطُمٍ مِنَ الآطَامِ فَقَالَ: هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ إِنِّي أَرَى الْفِتَنَ تَقَعُ خِلاَلَ بُيُوتِكُمْ مَوَاقِعَ الْقَطْرِ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا ابن عيينة) سفيان ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن عروة) بن الزبير ( عن أسامة) بن زيد ( -رضي الله عنه-) أنه ( أشرف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي نظر من مكان عال ( على أطم) بضم الهمزة والطاء المهملة ( من الآطام) بفتح الهمزة الممدودة، وفي نسخة من آطام المدينة أي على حصن من حصون أهل المدينة ( فقال) لأصحابه:
( هل ترون ما أرى إني أرى) ببصري ( الفتن تقع خلال بيوتكم) أي نواحيها ( مواقع القطر) وجه التشبيه الكثرة والعموم وهو إشارة إلى الحروب الواقعة فيها كوقعة الحرة وغيرها.

وهذا الحديث قد سبق في أواخر الحج.




[ قــ :3434 ... غــ : 3598 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ حَدَّثَتْهَا عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ: فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذَا.
وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ وَبِالَّتِي تَلِيهَا، فَقَالَتْ زَيْنَبُ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم أنه ( قال: حدّثني) ولأبي ذر: أخبرني بالإفراد فيهما ( عروة بن الزبير) بن العوام ( أن زينب ابنة) ولأبي ذر: بنت ( أبي سلمة) ربيبته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( حدّثته أن أم حبيبة) رملة ( بنت أبي سفيان) أم المؤمنين -رضي الله عنها- ( حدّثتها عن زينب بنت جحش) أم المؤمنين -رضي الله عنهن- ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دخل عليها) أي على زينب بنت جحش حال كونه ( فزعًا) بكسر الزاي أي خائفًا مما أخبر به أنه يصيب أمته ( يقول) :
( لا إله إلا الله ويل) كلمة تقال لمن وقع في هلكة ( للعرب) لأنهم كانوا أكثر المسلمين ( من شر قد اقترب) قيل: خص العرب إشارة إلى قتل عثمان أو ما يقع من الترك أو يأجوج ومأجوج ( فتح اليوم) بالنصب ( من ردم يأجوج ومأجوج) بكسر راء ردم في اليونينية والفرع وبفتحها في الناصرية وغيرها ويأجوج ومأجوج من غير همز فيهما أي من سدهما ( مثل هذا) بالتذكير ( وحلق
بإصبعه)
أي بالإبهام ( وبالتي تليها) وسقطت الباء من بالتي بالفرع وثبتت بأصله ( فقالت زينب) : بنت جحش ( فقلت يا رسول الله أنهلك) بكسر اللام ( وفينا الصالحون؟) وهم لا يستحقون ذلك ( قال) عليه الصلاة والسلام ( نعم إذا كثر الخبث) أي المعاصي، وقيل: إذا عزّ الأشرار وذلّ الصالحون.

وسبق هذا الحديث في باب قصة يأجوج ومأجوج من أحاديث الأنبياء.




[ قــ :3435 ... غــ : 3599 ]
- وَعَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتِ: «اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْخَزَائِنِ، وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْفِتَنِ».

( وعن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب بإسناده السابق أنه قال: ( حدّثتني هند بنت الحرث) الفراسية ( أن أم سلمة) هند أم المؤمنين -رضي الله عنها- ( قالت: استيقظ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من نومه ( فقال) :
( سبحان الله) نصبه على المصدر وفي نسخة: لا إله إلا الله بدل قوله سبحان الله ( ماذا أنزل) الليلة وما استفهامية متضمنة لمعنى التعجب والتعظيم ( من الخزائن) أي الكنوز ( وماذا أنزل) زاد في باب تحريض النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على قيام الليل الليلة فالليلة ظرف الإنزال ( من الفتن) من القتال الكائن بين المسلمين هكذا أورده هنا مختصرًا، وتمامه في الفتن بهذا الإسناد، ولفظه: من يوقظ صواحب الحجرات يريد أزواجه لكي يصلّين رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة.




[ قــ :3436 ... غــ : 3600 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: «قَالَ لِي: إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَتَتَّخِذُهَا، فَأَصْلِحْهَا وَأَصْلِحْ رُعَامَهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تَكُونُ الْغَنَمُ فِيهِ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ -أَوْ سَعَفَ الْجِبَالِ- فِي مَوَاقِعِ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن أبي سلمة بن الماجشون) بكسر الجيم وبالشين المعجمة المضمومة آخره نون وأبو عبد العزيز عبد الله واسم أبي سلمة دينار، وصوّب الكرماني إسقاط لفظ ابن بعد أبي سلمة، وكذا هو في التقريب ابن أبي سلمة الماجشون والنون في الفرع وأصله مكسورة فقط صفة لأبي سلمة وقد تضم صفة لعبد العزيز المدني نزيل بغداد وسمي بالماجشون لحمرة وجنتيه ( عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة) هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة ( عن أبيه) أي عبد الله لا عن أبي صعصعة ( عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال لي) أي قال أبو سعيد لعبد الله بن أبي صعصعة ( إني أراك تحب الغنم وتتخذها فأصلحها وأصلح رعامها) بضم الراء وتخفيف العين المهملتين أي ما يسيل من أنوفها، وفي نسخة: رغامها بالغين المعجمة وهو التراب فكأنه قال في الأول: داوِ مرضها، وفي
الثاني أصلح مرابضها ( فإني سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( يأتي على الناس زمان تكون الغنم فيه خير مال المسلم يتبع بها) بإسكان المثناة الفوقية وفتح الموحدة بالغنم ( شعف الجبال) بشين معجمة وعين مهملة وفاء مفتوحات منصوب على المفعولية أي رؤوس الجبال ( أو) قال ( سعف الجبال) بالسين المهملة جرائد النخل ولا معنى له هنا والشك من الراوي، وسقط قوله أو سعف الجبال الأخير من رواية أبي ذر في الفرع، وفي اليونينية علامة السقوط على الجبال فقط؛ وفي نسخة: أو شعف بالمعجمة وإسكان العين المهملة ( في مواقع القطر) أي في مواضع نزول المطر وهي بطون الأودية والصحارى، وقال في شرح المشكاة: والقطر عبارة عن العشب والكلأ أي يتبع بها مواقع العشب والكلأ في شعاف الجبال، وفي نسخة: ومواقع القطر حال كونه ( يفر بدينه) بالفاء المكسورة أي يهرب مع دينه أو بسببه ( من الفتن) طلبًا لسلامته.