فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب


[ قــ :3470 ... غــ : 3638 ]
- حَدَّثَنا خَلَفُ بْنُ خَالِدٍ الْقُرَشِيُّ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: "أَنَّ الْقَمَرَ انْشَقَّ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
[الحديث 3638 - طرفاه في: 3870، 4866] .

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( خلف بن خالد القرشي) مولاهم أبو المهنا أو أبو المضاء قال: ( حدّثنا بكر بن مضر) بميم مضمومة فضاد معجمة مفتوحة فراء القرشي ( عن جعفر بن ربيعة) بن شرحبيل ابن حسنة القرشي ( عن عراك بن مالك) بكسر العين وتخفيف الراء وبعد الألف كاف الغفاري المدني ( عن عبيد الله) بضم العين مصغرًا ( ابن عبد الله) بن عتبة ( بن مسعود) أحد الفقهاء السبعة ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن القمر انشق) وفي رواية عن ابن عباس عند أبي نعيم في الدلائل والفضائل فصار قمرين ( في زمان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وابن عباس أيضًا لم يحضر ذلك لأنه كان بمكة قبل الهجرة بنحو خمس سنين، وكان ابن عباس إذ ذاك لم يولد لكن في بعض الطرق أنه حمل الحديث عن ابن مسعود، وانشقاق القمر من أمهات المعجزات وأجمع عليه المفسرون وأهل السُّنّة وروي عن جماعة كثيرة من الصحابة.


باب

[ قــ :3471 ... غــ : 3639 ]
- حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُعَاذٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ -رضي الله عنه-: "أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَمَعَهُمَا مِثْلُ
الْمِصْبَاحَيْنِ يُضِيئانِ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أَتَى أَهْلَهُ".

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا وفي نسخة وهي التي في اليونينية باب التنوين من غير ترجمة حدّثنا ( محمد بن المثنى) العنزي قال: ( حدّثنا معاذ قال: حدّثني) بالإفراد ( أبي) هشام بن عبد الله الدستوائي ( عن قتادة) بن دعامة قال: ( حدّثنا أنس) ولأبي ذر: عن أنس ( -رضي الله عنه- أن رجلين) أسيد بن الحضير وعباد بن بشر ( من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرجا من عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ليلة مظلمة) بكسر اللام ( ومعهما مثل المصباحين يضيئان بين أيديهما) إكرامًا لهما وإظهارًا لسر قوله: بشر المشائين في الظلم للمساجد بالنور التام يوم القيامة فعجل لهما مما ادّخر في الآخرة ( فلما افترقا صار مع كل واحد منهما) نور ( واحد) يضيء له ( حتى أتى أهله) .

وعند عبد الرزاق في مصنفه أن أسيد بن حضير ورجلاً من الأنصار تحدثا عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى ذهب من الليل ساعة في ليلة شديدة الظلمة، ثم خرجا وفي يد كل واحد منهما عصبة فأضاءت عصا أحدهما حتى مشيا في ضوئها حتى إذا افترقت بهما الطريق أضاءت عصا الآخر فمشى كل واحد منهما في ضوء عصاه حتى بلغ أهله.

وأخرج البخاري في تاريخه عن حمزة الأسلمي قال: كنا عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سفر فتفرقنا في ليلة ظلماء فأضاءت أصابعي حتى جمعوا عليها ظهرهم وما هلك منهم وأن أصابعي لتنير، ويأتي مزيد لما ذكرته هنا في مناقب أسيد وعباد إن شاء الله تعالى بعونه وقوته.




[ قــ :347 ... غــ : 3640 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ يَزَالُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ».
[الحديث 3640 - طرفاه في: 7311، 7459] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن أبي الأسود) هو عبد الله بن محمد بن أبي الأسود واسم أبي الأسود حميد بن أبي الأسود البصري وهو ابن أخت عبد الرحمن بن مهدي قال: ( حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن إسماعيل) بن أبي خالد البجلي أنه قال: ( حدّثنا قيس) هو ابن أبي حازم قال: ( سمعت المغيرة بن شعبة) -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( لا يزال) بالمثناة التحتية ( ناس من أمتي ظاهرين) زاد مسلم عن ثوبان على الحق، وله أيضًا من حديث جابر: يقاتلون على الحق ظاهرين ( حتى يأتيهم أمر الله) وفي حديث جابر بن سمرة عند مسلم حتى تأتيهم الساعة ( وهم ظاهرون) أي غالبون من خالفهم.
وقال النووي: أمر الله هو الريح الذي يأتي فيأخذ روح كل مؤمن ومؤمنة.
واستدل به أكثر الحنابلة وبعض من غيرهم على أنه لا يجوز خلوّ الزمان عن المجتهد، وعورض بحديث ابن عمر المروي في البخاري وغيره مرفوعًا: إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاهموه انتزاعًا، ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون، إذ فيه دلالة على جواز خلوّ
الزمان عن مجتهد وهو قول الجمهور لأنه صريح في رفع العلم بقبض العلماء وترئيس الجهال، وإذا انتفى العلم ومن يحكم به استلزم انتفاء الاجتهاد والمجتهد.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الاعتصام والتوحيد ومسلم في الجهاد.




[ قــ :3473 ... غــ : 3641 ]
- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ».
قَالَ عُمَيْرٌ: فَقَالَ مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ: قَالَ مُعَاذٌ: «وَهُمْ بِالشَّأْمِ».
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا مَالِكٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ: «وَهُمْ بِالشَّامِ».

وبه قال: ( حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي قال: ( حدّثنا الوليد) بن مسلم القرشي ( قال: حدّثني) بالإفراد ( ابن جابر) هو عبد الرحمن بن يزيد بن جار الأزدي ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عمير بن هانئ) بضم العين مصغرًا وهانئ بالنون بعد الألف آخره همزة الشامي ( أنه سمع معاوية) بن أبي سفيان ( يقول: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( لا تزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله) قال التوربشتي: الأمة القائمة بأمر الله وإن اختلف فيها فإن القصد بها الفئة المرابطة في ثغور الشام نصر الله بهم وجه الإسلام لما في قوله بعد وهم بالشام ( لا يضرهم) كل الضرر ( من خذلهم) بالذال المعجمة ( ولا من خالفهم) إذ العاقبة للمتقين ( حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك) .
وفي حديث عقبة بن عامر: لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة.

( قال عمير) : أي ابن هانئ بالسند السابق ( فقال مالك بن يخامر) : بضم التحتية وفتح المعجمة المخففة وكسر الميم بعدها راء السكسكي الحمصي التابعي الكبير ( قال معاذ) : هو ابن جبل ( وهم) أي الأمة القائمة بأمر الله مقيمون ( بالشام.
فقال معاوية)
بن أبي سفيان ( هذا مالك) يعني ابن يخامر ( يزعم أنه سمع معاذًا يقول: وهم بالشام) وفي حديث أبي هريرة في الأوسط للطبراني: يقاتلون على أبواب دمشق وما حولها، وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله لا يضرهم من خذلهم ظاهرين إلى يوم القيامة.

وحديث الباب أخرجه أيضًا في التوحيد ومسلم في الجهاد.




[ قــ :3474 ... غــ : 364 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَيَّ يُحَدِّثُونَ عَنْ عُرْوَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ".

قَالَ سُفْيَانُ كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ جَاءَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ قَالَ: سَمِعَهُ شَبِيبٌ مِنْ عُرْوَةَ،
فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ شَبِيبٌ: إِنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ عُرْوَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَيَّ يُخْبِرُونَهُ عَنْهُ".

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا) والذي في اليونينية أخبرنا ( سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا شبيب بن غرقدة) بفتح الشين المعجمة وكسر الموحدة الأولى وسكون التحتية وغرقدة بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وفتح القاف والدال المهملة السلمي الكوفي أحد التابعين ( قال: سمعت الحي) بالحاء المهملة المفتوحة والتحتية المشددة أي القبيلة التي أنا فيها وهم البارقيون نسبوا إلى بارق جبل باليمن نزله بنو سعد بن عدي بن حارثة فنسبوا إليه ومقتضاه أنه سمعه من جماعة أقلهم ثلاثة ( يحدّثون) ولأبي ذر: يتحدثون بفتح التحتية فزيادة فوقية وفتح الدال ( عن عروة) بن الجعد ويقال: ابن أبي الجعد.
وقيل اسم أبيه عياض البارقي بالموحدة والقاف الصحابي الكوفي وهو أول قاض بها.
وقال الحافظ أبو ذر مما في هامش اليونينية عروة هو البارقي -رضي الله عنه-.

( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعطاه دينارًا يشتري له به شاة فاشترى له به) بالدينار ( شاتين) ولأحمد من رواية أبي لبيد عن عروة قال: عرض للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جلب فأعطاني دينارًا فقال: أي عروة ائت الجلب فاشتر لنا شاة قال: فأتيت الجلب فساومت صاحبه فاشتريت منه شاتين بدينار ( فباع أحدهما) أي إحدى الشاتين ( بدينار وجاءه) ولأبوي ذر والوقت فجاءه بالفاء بدل الواو ( بدينار وشاة فدعا) عليه الصلاة والسلام ( له بالبركة في بيعه) في رواية أحمد فقال: اللهم بارك له في صفقته ( وكان لو اشترى التراب لربح فيه) ولأحمد قال: فلقد رأيتني أقف بكناسة الكوفة فأربح أربعين ألفًا قبل أن أصل إلى أهلي.

( قال سفيان) بن عيينة بالسند السابق ( كان الحسن بن عمارة) بضم العين وتخفيف الميم البجلي مولاهم الكوفي قاضي بغداد في زمن المنصور ثاني خلفاء بني العباس وهو أحد الفقهاء المتفق على ضعف حديثهم، وفي التهذيب قال محمود بن غيلان عن أبي داود الطيالسي، قال شعبة: أتيت جرير بن حازم فقلت له: لا يحل لك أن تروي عن الحسن بن عمارة فإنه يكذب، وقال علي بن الحسن بن شقيق قلت لابن المبارك: لِمَ تركت أحاديث الحسن بن عمارة؟ قال: جرَّحه عندي سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج فبقولهما تركت حديثه.
وقال أحمد بن حنبل: منكر الحديث وأحاديثه موضوعة لا يثبت حديثه.
وقال ابن حبان: كان يدلس على الثقات ما سمعه من الضعفاء عنهم.
وبالجملة فهو متروك لكن ليس له في البخاري إلا هذا الموضع.
( جاءنا بهذا الحديث) المذكور ( عنه) أي عن شبيب بن غرقدة.

( قال) : أي الحسن بن عمارة المذكور ( سمعه) أي الحديث ( شبيب من عروة) البارقي قال سفيان بن عيينة ( فأتيته) أي شبيبًا ( فقال شبيب: إني لم أسمعه) أي الحديث ( من عروة) البارقي بل ( قال) أي شبيب ( سمعت الحي) البارقين ( يخبرونه) أي بالحديث ( عنه) أي عن عروة.

وتمسك بهذا الحديث من جوّز بيع الفضولي ووجه الدلالة منه كما قال ابن الرفعة: أنه باع
الشاة الثانية من غير إذن وأقره عليه الصلاة والسلام على ذلك وهو مذهب مالك في المشهور عنه وأبي حنيفة وبه قال الشافعي في القديم، فينعقد البيع وهو موقوف على إجازة المالك فإن أجازه نفذ وإن ردّه لغا.

وممن حكى هذا القول من العراقيين المحاملي في اللباب وعلق الشافعي في البويطي صحته على صحة الحديث فقال في آخر باب الغصب: إن صح حديث عروة البارقي فكل من باع أو أعتق ملك غيره بغير إذنه ثم رضي فالبيع والعتق جائزان هذا لفظه.
ونقل البيهقي أنه علقه أيضًا على صحته في الأم، والمذهب أنه باطل وهو الجديد الذي لا يعرف العراقيون غيره على ما حكاه الإمام ومن تابعه لحديث حكيم بن حزام لا تبع ما ليس عندك، وحديث واثلة بن عامر لا تبع ما لا تملك، وأجابوا عن حديث الباب على تقدير صحته باحتمال أن يكون عروة وكيلاً في البيع والشراء معًا وبأن البخاري أشار بقوله قال سفيان: كان الحسن إلى آخره إلى بيان ضعف روايته أي الحسن وأن شبيبًا لم يسمع الحديث من عروة وإنما سمعه من الحي البارقيين ولم يسمهم عن عروة، فالحديث بهذا ضعيف للجهل بحالهم.

وأجيب: بأن شبيبًا لا يروي إلاّ عن عدل فلا بأس به، وبأنه أراد نقله بوجه آكد إذ فيه إشعار بأنه لم يسمع من رجل قطٌّ بل من جماعة متعددة ربما يفيد خبرهم القطع به، وأما الحسن بن عمارة وإن كان متروكًا فإنه ما أثبت شيئًا بقوله من هذا الحديث، وبأن الحديث قد وجد له متابع عند الإمام أحمد وأبي داود والترمذي وابن ماجه من طريق سعيد بن زيد عن الزبير بن الخريت بكسر المعجمة وتشديد الراء المكسورة وبعدها تحتية ساكنة ثم فوقية عن أبي لبيد واسمه لمازة بكسر اللام وتخفيف الميم وبالزاي ابن زباز بفتح الزاي وتشديد الموحدة آخره زاي الأزدي الصدوق قال: حدثني عروة البارقي فذكر الحديث بمعناه.




[ قــ :3474 ... غــ : 3643 ]
- حَدَّثَنَا وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «الْخَيْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِي الْخَيْلِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
قَالَ: وَقَدْ رَأَيْتُ فِي دَارِهِ سَبْعِينَ فَرَسًا.
قَالَ سُفْيَانُ: «يَشْتَرِي لَهُ شَاةً كَأَنَّهَا أُضْحِيَّةٌ».

( ولكن) أي قال شبيب بن غرقدة: لم أسمع الحديث السابق من عروة البارقي ولكن ( سمعته يقول سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( الخير معقود) أي لازم ( بنواصي الخيل) المغازية في سبيل الله ( إلى يوم القيامة) وفيه تفضيل الخيل على سائر الدواب ( قال) : أي شبيب بالسند السابق ( وقد رأيت في داره) أي دار عروة ( سبعين فرسًا.
قال سفيان)
بن عيينة بالسند السابق ( يشتري) بفتح أوله وكسر الراء أي عروة البارقي ( له) أي لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( شاة كأنها أضحية) والظاهر أن قوله كأنها أضحية من قول سفيان أدرجه فيه وكذا قال في الفتح، ولم أر في شيء من طرق الحديث أنه أراد أضحية، وقد بالغ أبو
الحسن بن القطان في كتاب بيان الوهم في الإنكار على من زعم أن البخاري أخرج حديث شراء الشاة محتجًا به وقال: إنما أخرج حديث الخيل وانجر به سياق القصة إلى تخريج حديث الشاة.

قال في الفتح: وهو كما قال لكن ليس في ذلك ما يمنع تخريجه ولا ما يحطه عن شرطه لأن الحي يمتنع في العادة تواطؤهم على الكذب لا سيما وقد ورد ما يعضده ولأن الغرض منه الذي يدخل في علامات النبوة دعاؤه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعروة فاستجيب له حتى كان لو اشترى التراب لربح فيه.

وهذا الحديث أخرجه أبو داود والترمذي في البيوع وابن ماجه في الأحكام.




[ قــ :3476 ... غــ : 3644 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن عبيد الله) بضم العين مصغرًا ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( الخيل في نواصيها) ولأبي ذر: معقود في نواصيها ( الخير) .
قال الخطابي: كنّى بالناصية عن جميع ذات الفرس يقال فلان مبارك الناصية ومبارك الغرة أي الذات ( إلى يوم القيامة) .
قال القاضي عياض: فيه من البلاغة والعذوبة ما لا مزيد عليه في الحسن مع الجناس بين الخيل والخير.
وسبق هذا الحديث في الجهاد.




[ قــ :3477 ... غــ : 3645 ]
- حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَس بن مالكٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ».

وبه قال: ( حدّثنا قيس بن حفص) الدارمي البصري قال: ( حدّثنا خالد بن الحرث) الهجيمي البصري قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن أبي التياح) بفتح الفوقية والتحتية المشددة آخره حاء مهملة اسمه يزيد بن حميد أنه ( قال: سمعت أنسًا) ولأبي ذر: أنس بن مالك ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( الخيل معقود في نواصيها الخير) لم يقل إلى يوم القيامة.
وهذا الحديث رواه في الجهاد من طريق مسدّد عن يحيى عن شعبة عن أبي التياح بلفظ: البركة في نواصي الخيل.




[ قــ :3479 ... غــ : 3646 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ.
فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ
شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ أَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهْرٍ فَشَرِبَتْ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَهَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ حَسَنَاتٍ.
وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَسِتْرًا وَتَعَفُّفًا وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَظُهُورِهَا، فَهِيَ لَهُ كَذَلِكَ سِتْرٌ.
وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لأَهْلِ الإِسْلاَمِ فَهْيَ وِزْرٌ.
وَسُئِلَ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْحُمُرِ فَقَالَ: مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا إِلاَّ هَذِهِ الآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ: { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7 - 8] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي ( عن مالك) الإمام ( عن زيد بن أسلم) العدوي ( عن أبي صالح) ذكوان ( السمان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( الخيل لثلاثة لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر) إثم ( فأما) الرجل ( الذي) هي ( له أجر فرجل ربطها) للجهاد ( في سبيل الله) عز وجل ( فأطال لها) في الحبل الذي ربطها به حتى تسرح للرعي ( في مرج) بفتح الميم وسكون الراء بعدها جيم أي موضع كلأ ( أو روضة) بالشك ( وما) بالواو ولأبي ذر: فما ( أصابت) من أكل أو شرب أو مشي ( في طيلها) بكسر الطاء المهملة وفتح التحتية أي حبلها المربوط فيه ( من المرج أو الروضة كانت له) أي لصاحبها ( حسنات) يوم القيامة ( ولو أنها قطعت طيلها) حبلها المذكور ( فاستنت) بفتح الفوقية وتشديد النون عدت بمرج ونشاط ( شرفًا أو شرفين) بفتح الشين المعجمة والراء والفاء فيهما أي شوطًا أو شوطين فبعدت عن الموضع الذي ربطها صاحبها فيه ترعى ورعت في غيره ( كانت أرواثها) بالمثلثة ( حسنات له) أي لصاحبها في الآخرة ( ولو أنها مرت بنهر فشربت) أي منه بغير قصده ( ولم يرد أن يسقيها كان ذلك) الشرب وعدم الإرادة ( له حسنات و) أما الذي هي له ستر فهو ( رجل ربطها تغنيّا) بفتح الغين المعجمة وتشديد النون المكسورة أي استغناء عن الناس ( وتسترًا) بفوقية مفتوحة قبل المهملة في الفرع وغيره وفي اليونينية وغيرها وسترًا بإسقاط الفوقية ( وتعففًا) عن سؤالهم ( لم) ولأبي ذر ولم ( ينس حق الله في رقابها) بأن يؤدي زكاة تجارتها ( وظهورها) بأن يركب عليها في سبيل الله ( فهي له كذلك ستر) تقيه من الفاقة ( و) أما الذي هي عليه وزر فهو ( رجل ربطها فخرًا) لأجل الفخر ( ورياء) أي إظهارًا للطاعة والباطن بخلافه ( ونواء) بكسر النون وفتح الواو ممدودًا أي عداوة ( لأهل الإسلام فهي) عليه ( وزر) أي له.

( وسئل النبي) ولأبي ذر: رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الحمر) هل لها حكم الخيل؟ ( فقال: ما أنزل) وفي اليونينية بغير عزو ما أنزل الله ( عليّ فيها إلا هذه الآية الجامعة) لكل خير وشر ( الفاذة) بالفاء والذال المعجمة المشددة أي القليلة المثل المنفردة في معناها.
( { فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًّا يره} ) [الزلزلة: 7 - 8] .

وهذا الحديث قد مرّ في الجهاد.




[ قــ :3480 ... غــ : 3647 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ
مَالِكٍ -رضي الله عنه- يَقُولُ: «صَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْبَرَ بُكْرَةً وَقَدْ خَرَجُوا بِالْمَسَاحِي، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، وَأَحَالُوا إِلَى الْحِصْنِ يَسْعَوْنَ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَيْهِ.

     وَقَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ».

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا أيوب) السختياني ( عن محمد) هو ابن سيرين أنه قال: ( سمعت أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: صبح رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بتشديد الموحدة بعد الصاد المهملة ( خيبر بكرة وقد خرجوا بالمساحي فلما رأوه قالوا: محمد والخميس) أي الجيش وسمي به لأنه خمسة أقسام الميمنة والميسرة والمقدمة والساقة والقلب ( وأحالوا) بالحاء المهملة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فأجالوا بالفاء بدل الواو وبالجيم بدل الحاء ( إلى الحصن) أي أقبلوا إلى الحصن هاربين حال كونهم ( يسعون، فرفع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يديه) بالتثنية ( وقال) :
( الله أكبر، خربت) أي ستخرب ( خيبر) في توجهنا إليها ( إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين) .
وقد مرّ هذا الحديث في الجهاد.