فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذا خليلا»


[ قــ :3506 ... غــ : 3676 ]
- حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا صَخْرٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بَيْنَمَا أَنَا عَلَى بِئْرٍ أَنْزِعُ مِنْهَا جَاءَنِي أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الدَّلْوَ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ.
ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ مِنْ يَدِ أَبِي بَكْرٍ فَاسْتَحَالَتْ فِي يَدِهِ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِي فَرِيَّهُ، فَنَزَعَ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ».

قَالَ وَهْبٌ: الْعَطَنُ مَبْرَكُ الإِبِلِ، يَقُولُ: حَتَّى رَوِيَتِ الإِبِلُ فَأَنَاخَتْ.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( أحمد بن سعيد) بكسر العين الرباطي المروزي ( أبو عبد الله) الأشقر قال: ( حدّثنا وهب بن جرير) بفتح الجيم ابن حازم أبو عبد الله الأزدي البصري قال: ( حدّثنا صخر) هو ابن جويرية مولى بني تميم أو بني هلال ( عن نافع) مولى ابن عمر ( أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( بينما) بالميم ولأبي ذر: بينا ( أنا على بئر أنزع) أي أستقي ( منها) في المنام ( جاءني أبو بكر وعمر فأخذ أبو بكر الدلو فنزع) منها ( ذنوبًا أو ذنوبين) بفتح الذال المعجمة دلوا أو دلوين ممتلئين ماء والشك من الراوي ( وفي نزعه ضعف) إشارة إلى ما كان في زمنه من الارتداد واختلاف الكلمة ولين جانبه ومداراته مع الناس ( والله يغفر له) هي كلمة كانوا يقولونها افعل كذا والله يغفر لك ( ثم أخذها ابن الخطاب) عمر ( من يد أبي بكر) بالإفراد، ولأبي ذر: من يدي أبي بكر ( فاستحالت) أي تحوّلت ( في يده غربًا) بفتح الغين المعجمة وسكون الراء دلوا عظيمة ( فلم أر
عبقريًّا)
سيدًا قويًا ( من الناس يفري فريه) بفتح التحتية وسكون الفاء في الأولى وفتح الفاء وكسر الراء وتشديد التحتية المفتوحة في الثانية أي يعمل عمله البالغ ( فنزع) من البئر ( حتى ضرب الناس بعطن) بفتح المهملتين آخره نون.

( قال وهب) : هو ابن جرير المذكور بالإسناد السابق المذكور ( العطن مبرك الإبل يقول حتى رويت الإبل فأناخت) قال في المصابيح، قيل حق الكلام فأنيخت أي بركت وهذا كله فيه إشارة إلى ما أكرم الله عز وجل به عمر من امتداد مدّة خلافته، ثم القيام فيها بإعزاز الإسلام وحفظ حدوده وتقوية أهله حتى ضرب الناس بعطن أي حتى رووا وأرووا إبلهم وأبركوها وضربوا لها عطنًا وهو مبرك الإبل حول الماء.
يقال: أعطنت الإبل فهي عاطنة، وعواطن أي سقيت وتركت عند الحياض لتعاد مرة أخرى.




[ قــ :3507 ... غــ : 3677 ]
- حَدَّثَنا الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ الْمَكِّيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "إِنِّي لَوَاقِفٌ فِي قَوْمٍ فَدَعَوُا اللَّهَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -وَقَدْ وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ- إِذَا رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي قَدْ وَضَعَ مِرْفَقَهُ عَلَى مَنْكِبِي يَقُولُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنْ كُنْتُ لأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، لأَنِّي كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: كُنْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَفَعَلْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَانْطَلَقْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ.
فَإِنْ كُنْتُ لأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَهُمَا.
فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ".
[لحديث 3677 - طرفه في: 3685] .

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( الوليد بن صالح) النخاس بالخاء المعجمة الفلسطيني وثقه أبو حاتم وغيره ولم يكتب عنه أحمد لأنه كان من أصحاب الرأي، وليس له في البخاري إلا هذا الحديث وسيأتي إن شاء الله تعالى من وجه آخر في مناقب عمر قال: ( حدّثنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي بفتح المهملة وكسر الموحدة أخو إسرائيل قال: ( حدّثنا عمر بن سعيد بن أبي الحسين) بضم العين في الأول وكسرها في الثاني وضم الحاء في الثالث ولأبي ذرّ أبي حسين ( المكي) النوفليّ ( عن ابن أبي مليكة) عبد الله بن عبيد الله بضم عين الثاني ( عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- أنه ( قال: إني لواقف) بلام التأكيد المفتوحة ( في قوم فدعوا الله) ولأبي الوقت يدعوا الله بتحتية بدل الفاء وسكون الدال وضم العين ( لعمر بن الخطاب وقد وضع على سريره) لما مات والجملة حالية من عمر ( إذا رجل من خلفي قد وضع مرفقه على منكبي يقول) : لعمر بن الخطاب ( رحمك الله) بصيغة الماضي، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي: يرحمك الله ( إن كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبي بكر -رضي الله عنه- تدفن معهما ( لأني كثيرًا) اللام للتعليل أو مؤكدة وكثيرًا ظرف زمان وعامله كان تقدم عليه ( مما) بزيادة من أو التقدير أجد كثيرًا مما وللأصيلي: ما ( كنت أسمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( كنت وأبو بكر وعمر) عطف على المرفوع المتصل بدون تأكيد ولا فاصل وفيه خلاف بين البصريين والكوفيين قيل والحديث يرد على المانع ولكن في رواية الأصيلي: كنت أنا وأبو بكر وعمر بالفصل فالعطف حينئذٍ على الضمير بعد تأكيده واستغنى بهذه الرواية عن الإحالة على الرواية الآتية إن شاء الله تعالى في مناقب عمر إذ فيها العطف مع التأكيد، ( وفعلت وأبو بكر وعمر، وانطلقت وأبو بكر وعمر، فإن كنت) كذا في اليونينية وغيرها مما وقفت عليه من النسخ المعتمدة فإن كنت بالفاء وسكون النون، وأما الفرع فالذي فيه وإني كنت بواو وبعد النون المكسورة المشدّدة تحتية ( لأرجو أن يجعلك الله معهما) في الحجرة ( فالتفت فإذا هو) أي القائل ( علي بن أبي طالب) -رضي الله عنه-.

ومطابقة الحديث للترجمة من حيث إنه يدل على فضيلة الصديق كما لا يخفى.




[ قــ :3508 ... غــ : 3678 ]
- حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ أَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُصَلِّي، فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَفَعَهُ عَنْهُ فَقَالَ: { أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} [غافر: 8] .
[الحديث 3678 - طرفاه في: 3856، 4815] .

وبه قال: ( حدّثنا) بالجمع لأبي ذر ولغيره حدّثني ( محمد بن يزيد) من الزيادة البزاز بتشديد الزاي الأولى ( الكوفي) قال ابن خلفون: وليس باب هشام محمد بن يزيد بن رفاعة الرفاعي قاله الكلاباذي والحاكم.
وقال ابن حجر: وفي رواية ابن السكن عن الفريري محمد بن كثير وهو وهم نبه عليه أبو علي الجياني لأنه لا يعرف له رواية عن الوليد انتهى.
قال: ( حدّثنا الوليد) بن مسلم ( عن الأوزاعي) عبد الرحمن ( عن يحيى بن أبي كثير) بالمثلثة صالح اليمامي الطائي ( عن محمد بن إبراهيم) بن الحرث التيمي القرشي ( عن عروة بن الزبير) بن العوّام أنه ( قال: سألت عبد الله بن عمرو) بفتح العين ابن العاص ( عن أشد ما صنع المشركون برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( رأيت عقبة بن أبي معيط) المقتول كافرًا بعد وقعة بدر ( جاء إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يصلّي) زاد في باب ما لقي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه من المشركين بمكة في حجر الكعبة ( فوضع رداءه) أي رداء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولأبي ذر رداء ( في عنقه) الشريف ( فخنقه به) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي بها ( خنقًا) بكسر النون وسكونها في المصدر وفتحها في الماضي وهو فخنقه ( شديدًا فجاء أبو بكر) ولأبي ذر فجاءه أبو بكر ( حتى دفعه) أي دفع بيده عقبة ( عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وزاد ابن إسحاق وهو يبكي ( فقال) لهم: ( { أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم} ) [غافر: 8] قال بعضهم: أبو بكر أفضل من مؤمن آل فرعون لأن ذاك اقتصر حيث انتصر على اللسان، وأما أبو بكر
-رضي الله عنه- فاتبع اللسان يدًا ونصر بالقول والفعل محمدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وهذا الحديث أخرجه في باب ما لقي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه من المشركين بمكة.